|
عندما سألت الفيلسوف...عن أفضل برامج الأحزاب- العصابات
طلال الشريف
الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:56
المحور:
القضية الفلسطينية
عندما سألت الفيلسوف: عن أفضل برامج الأحزاب ( العصابات ) !!! فقال الفيلسوف: عن أي عصابات تسأل؟ فقلت عن الأحزاب التي تحولت إلي عصابات. فقال: تقدمت كل الأحزاب ببرامج براقة للجمهور في حملتها الانتخابية، وخدعت الجمهور بكلام معسول عن المصلحة العامة، وعلاج المشاكل السياسية، وخططها لإنهاء الفلتان، التي كانت هي صانعته، وعن خطط الصمود لديها، وعن نقاء شخصيات قوائمها، وكان الغريب في الأمر، هو الجمهور، الذي كان يعرف الكثير عن المرشحين الفاسدين، ولم يقدم أحد اعتراض علي أي شخصية منها، بعد أن قامت الدنيا، ولم تقعد في السنتين الأخيرتين قبل الانتخابات عن الفساد والفاسدين، ورغم تقدم الكثير ممن كان حديث الفساد عنهم إلي لوائح المرشحين.
فقلت وما دخل ذلك ببرامج الأحزاب؟ فقال الفيلسوف: نعم الأشخاص هم الذين يصوغون البرامج، وهم الذين يقومون بتنفيذها، فكل البرامج كانت تحرض الجمهور عن السياسات السابقة، وادعت امتلاك الحلول لذلك. فانظر ماذا جري:
الأغلبية ( حماس ) التي فازت تدعي عدم خلو الفضاء لتطبيق برنامجها، وأنها حوصرت، وكأن العمل السياسي، لأي حزب حاكم، يحتاج إلي فضاء خال من الشوائب، والمعيقات، والحصار، والمعارضة، وعلي الآخرين مساعدته لتنفيذ مهامه. وكأن الفهم كان مغلوطاً، فممن يطلب الحزب الحاكم إخلاء الفضاء إليه؟ من إسرائيل؟ أم من أميركا؟ أم من أوروبا؟ أم من العرب؟ أم من الكتل الفلسطينية المعارضة؟ وكلهم أصلاً، لا يريدون حماس حزباً حاكماً، أم كانت حماس تفهم شيئاً آخراً !! أم كانت تتصور أنه تجاه العدوان الإسرائيلي فقط، يجب أن يكون الجميع لها داعمين في تطبيق برنامجها؟ ونسيت أن لكل رؤيته، وبرامجه، وقناعاته في مفهوم الأدوات النضالية، وطريقة حل القضية الفلسطينية، وثقافة المجتمع الفلسطيني، وأن مجموع الأحزاب الفلسطينية بعد أوسلو، أصبحت تطمع في السلطة، والمواقع، والوظائف، رضينا أم لم نرض، وبما فيها حماس، وهذا أصبح واقعاً ملموساً. ورغم ذلك تعاون الجميع وعلي رأسهم كتائب فتح المسلحة للتصدي مع إخوانهم من جميع الأحزاب للاجتياحات الإسرائيلية، ومعهم حماس، حتى إن عدد شهداء فتح، قد كان في اجتياحات كثيرة، يفوق كل العناصر الأخرى.
فقلت لم تجب مرة أخري يا فيلسوف، كيف أصبحت الأحزاب عصابات؟ فقال انظر ما يجري في مجتمعنا قبيل وبعد الانتخابات، فقد كان الجميع قبل الانتفاضة، يبحث عن مصالحه الخاصة أولاً، ثم مصالح أعضاء حزبه، إذا كان مخلصاً لهم، وانظر كيف كانوا يتقاضون رواتبهم، ومخصصاتهم من أموال الشعب الفلسطيني، متواطئين جميعاً بمفهوم النضال، الذي كان قبل هذه الانتفاضة مجمداً، لأنه ببساطة لم يكن أحد ممن هم في الضفة الغربية أو قطاع غزة في هذه الأثناء مطلوباً لإسرائيل، أو قد قتل إسرائيليا واحداً، وإلا، لاعتقلته أو قتلته إسرائيل، أما بعد الانتفاضة، فقد وجدت كثير من الأحزاب، والحركات فرصة للعمل، بعد أن كانوا عاطلين عن العمل، وكانوا جميعاً متفرغين في أجهزة ووزارات السلطة، أو في مؤسسات تملكها الأحزاب المعارضة والمشاركة في السلطة، وكان ومازال لدي هذه المؤسسات ميزانيات ضخمة.
سألته: كنت تريد أن تقول شيئاً يا فيلسوف، عما جري بعد، وأثناء انتفاضة الأقصى.
قال الفيلسوف: نعم تضافر الجميع في كيفية مقاتلة الإسرائيليين فترة من الزمن، فاهتز أمن، واقتصاد، وسياحة إسرائيل، فقلت له: تعني بأنهم عملوا بجد في النضال الوطني، فقال: نعم، لكنهم كانوا متفرقين، ولم تشهد الساحة أوقاتاً للهدوء في الصراع بينهم، إلا قليلاً، فقال: نعم. ورغم ما قدموه من تضحيات، إلا أن العمل كان دائماً تنقصه الوحدة، لأن لكل منهم رؤية، وإيديولوجيا، وأداة نضالية مختلفة، ولكل منهم داعم له أجندته، حيث مقدار التدخل في شئوننا الداخلية، والتأثير علي قراراتنا، كان أكثر من أي بلد ممزق مثل الصومال. كنا نتوقع أن يأتلفوا في وقت لاحق، ولكن، كانت الكارثة التي بدأت بالفلتان، والعناد، والنوايا المبيتة والغامضة والسلوك الغريب، والتربص، لبعضهم البعض، وإهمال الجميع لقضايا الجمهور، والانتباه فقط لقضايا حزبه، فازداد الفلتان، واتسعت دائرة الفوضى بمساهمتهم بسلاحهم، وبعناصرهم جميعاً، وأصبح منطق القوة يفرض نفسه علي الشارع الفلسطيني، ونخرت العائلية، والقبلية، في نخاعنا، حتى بدأت تري الشرطي، سابقا ولاحقاً، والمنوط به، حفظ أمن المواطن، بغير قادر علي حفظ أمنه، وعمله.
وكانت الطامة الكبرى بعد الانتخابات، التي أهدرت فيها الملايين من الدولارات، رغم أننا لا نملك آبار بترول ولا مصانع تصدر بالمليارات، والتي كان من الأولي الحفاظ عليها لوقت الحصار الذي نحن نعاني منه الآن، وعندما سمعت الحكام الجدد يطمئنون الشعب، بأن لديهم طرقهم الخاصة في توفير الأموال بعد ظهور مواقف العالم المناهضة لنتائج الانتخابات، ووقف الدعم. يومها تصورت أنهم قد خططوا مسبقاً، فأدخلوا براميلاً من الدولارات، وخبأووها بالداخل، لتقديرهم بمدي الحصار المرتقب، وحزنت حزناً كبيراً، عندما بدءوا يتهمون الآخرين، بأنهم السبب في تأخير الأموال، وفهمت أنهم لم يخططوا جيدا لدعم صمود الناس، وكنت قلت لهم في اجتماع المثقفين، والكتاب، والصحفيين، بأن يقدموا مبادرة، وإلا سيتوهون في مواجهة مطالب واحتياجات الجمهور، ولم يستجيبوا. وحيث بدأ المعارضون مؤخراً يعملون علي إفشال الحكام الجدد عل خلفية معاناة الجماهير وجمود الحال، بدأ الحكام الجدد، يناكفون ينتقمون من الحكام السابقين، وكليهما يحاول أخذ شعبنا رهائن لمواقفهم. وقد بذرت الانتخابات في القوائم الأخرى، الفرقة، والاستحواذ، لعدم رضي أعضائها عن كيفية ترتيب القوائم، وترشيح الأفراد، التي تمت بطرق غير ديمقراطية، لعدم وجود نهج ونظام داخلي ديمقراطي فيها، وكذلك عدم حصول القوائم الأخرى علي عدد مناسب من المقاعد، يمكنها من الفعل المستقل لموازنة الصراع بين القطبين الكبيرين، والذي قد يمكنها من النهوض بتنظيماتها، وتجمعاتها، فغلبت عليهم المصالح الشخصية، والاستفراد، والقمع في داخل تجمعاتهم، وضعفوا، بدل أن يلملموا فرقتهم، المتأصلة، بحكم الفردية، والأنانية، والاستحواذ علي المناصب المتعددة، وأصبح الجميع في أزمة وعلي رأسهم حماس.
فقلت لم تجبني بعد يا فيلسوف كيف أصبحت الأحزاب عصابات؟
فقال: ما هذا القتل خارج القانون؟ وما هذا الجوع الذي يعاني منه الشعب؟ وما هي هذه التعبئة العمياء في إذاعات الأحزاب؟ وما هي هذه البيئة المليئة بالتهديدات ليلاً ونهاراً؟ وما هذه البنادق المشرعة للقتل في كل مكان؟ وما هي هذه الاستعراضات للقوة والاستحكامات ؟ وما هذه الاختطافات للأجانب، والاعتداءات علي الصحفيين والمعتصمين؟ وما هي هذه الدولة، التي تصحو علي القتل والزعرنة بين المواطنين المنتمين، وغير المنتمين لهذه الأحزاب؟ وكيف نسميها أحزاباً، ولم ينجح أحد منهم في نقل المواطن إلي الشعور بالأمان للحظات؟ انظر للشباب والمواطنين وأمنياتهم بأن يفتح المعبر أو أن يجدوا طريقاً للهجرة من البلد. هل هذه أحزاب، أم عصابات مسلحة، والتي نتيجة ممارساتها، تجعل المواطنين ينوون الرحيل من بلادهم، التي أمضت إسرائيل خمسة عقود من الضغط عليهم، ولم تستطع إجبارهم علي الرحيل.
فكيف تقول لي إنها أحزاب ولها برامج، وتسألني عن أفضل البرامج بينها، انه عمل عصابات مسلحة لا تدري ماذا تفعل، ولا إلي أين تسير بشعبها، ولا يهما إلا الغنائم والكراسي، وفقدت الإحساس بنبض الجماهير.
فقلت له يا فيلسوف ماذا عن الرئيس؟ وهل يتحمل مسئولية فيما جري؟ فقال سأجيبك في الحلقة القادمة. 24/9/2006م
#طلال_الشريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن (السياسيين) اللئام !!!
-
نفسي أشوفك يوم !!!
-
بين قبرين !!!
-
الحب الأول لا يغيب !!!
-
كله يفوق !!
-
التوحش !! قصة قصيرة
-
أباتشي اتنين وزنانتين !!!!
-
سنذهب الي بحرنا كل يوم يا جاك !!!!
-
ياشيخه هقوشتيني !!!!
-
رنا يا حلوة الحلوات!!!!
-
إن الحرب تشتعل !!!
-
لا تبك يا طيب !!
-
أبد أبد !!!
-
مريدون ... للنذل والحرامي والديوث !!!
-
المنجليط .. والمنجلوط !!
-
اخلاص حتي اللحظات الأخيرة !!
-
اصابات متكررة .. بنيران صديقة !!!
-
قدر !!
-
من تخرج السين .. ثيين
-
هل كان فوز حماس ... خير لابد منه ؟!!
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|