أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - رسائلهم_ثرثرة














المزيد.....

رسائلهم_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:50
المحور: الادب والفن
    


صحيح بعد الأنترنيت والبريد الإلكتروني, فقدت الرسائل الكثير من حميميتها, اللمس والنظر إلى الورقة نفسها مع كل الانفعالات المرافقة والمرفقة, جملة الأثر الشخصي انحسرت إلى الحدّ الأدنى, التشطيب والانقطاعات بين الكلمات والجمل, التردد من جهة وترك النفس على سجيّتها أحيانا, حدود العلاقة التي تثبّتها الرسالة أو تلك التي تفتحها أحيانا كلمة واحدة.....
كل ذلك انتهى ومأسوف عليه كثيرا, ولا يعوّضه وضوح الأحرف والكلمات وسهولة القراءة, لكنها تبقى أفضل من القطيعة والفراق, تبقى أفضل من فراغ الموت والعدم بين اثنين على اختلاف درجات العلاقة والحرارة, الاختلاف أو الاتفاق, تتكثّف الحياة كلّ الحياة, في هذا الحيّز الخاص بين البشر, وفيه يقيم الشعر والحب والفلسفة والمعرفة وربما الإيمان نفسه.
تفرحني كل رسالة تصل, وتبعدني عن شبح العدم, موضوعها أفكارها فضاء المشاعر فيها, درجة ثانية من الأهمية, هي أولا فعل اهتمام حقيقي على النقيض من جماد الإهمال وقسوته.
أن يأتي الجواب على رسالة مفرح بدرجة أقلّ, أما أن يتذكّرك أحدهم فجأة, أو يقوم بتلك المأثرة ويكتب لك بدون سابق معرفة أو تواصل, إنها الهدية الأكبر والأجمل وتحدث هزّة انفعالية وكيانية نادرة.
التكنولوجيات وسّعت المشاركة والتواصل على حساب الحميميّة.
بعد قليل أذهب إلى التوليدو_مقهى دوار الزراعة سابقا_ المكان جميل واستثنائي بالفعل, مع كل سوء الخدمة فيه, لايرون في الحاضرين سوى أجرة الكرسي والطاولة وبشكل فظ ومباشر, تشتهي المجاملات فقط في هذا المكان.
*

مشكلة الرسائل في الإدمان, بالتدريج تزيح ما عداها.
لم أعد أقرأ في الكتب والروايات سوى في حالات خاصّة, أخذني عالم الأنترنيت بعيدا .
لا أذكر آخر رسالة تلقّيتها من محبوبة وبخطّ اليد, مضى على ذلك أكثر من عشر سنوات.
أما الرسالة الأولى وتوصلني معها عشرات السنين, كأنني أقرأها الآن بوضوح تام, مع خط مرتّب وجميل:
ظلام فنور
نور فظلام
هكذا هي الحياة.
كانت العبارة الافتتاحية في الرسالة, وقد ظننتها من كتابة المراهقة الشقراء نفسها, ما زلت أصدق ما أراه وأسمعه, حتى بعدما يثبت العكس يتعذّر علي فهم كيف يكذب البشر ولماذا خارج حالات الذعر والخطر.
تذكّري
قبل أن يمتلئ قلبك بالحزن
وتختلط الصور في عينيك
تذكّري أنني أحببتك
مرّ الصيف والشتاء
كنت حزينا
وأنفاسي تتكسّر في الداخل
ولا أقوى على إخراج الزفرات
أعرف مثلك كيف يدمّرنا الألم
كنت سأناديك
بكلّ الأسماء

كنت مجنونك
وكنت عذابي
*
تذكّري أن كل يوم يصلح كبداية.
كلّ مرّة كنت أظنه حبّي الكبير, وينتهي ....قبل أن يبدأ.
بعد تكرار الخيبة, صرت أفكر فقط بحماية نفسي من الألم, لجأت إلى المجون, وسخرت من الحبّ والعواطف, وبدأت رحلة فقدان الثقة, ولا أعرف كيف ستنتهي.
من كليّة العلوم في الصليبة مشينا إلى كلية الهندسة في المشروع الأول, كنت تلبسين قميصا بكاريوهات عريضة ومربّعات أنيقة, أصابع قدميك الصغيرة مزيّنة بالطلاء القرمزي, طلعة الطابيات التي تحدّث عنها عبد الله عبد, سمعتها منك قبل أن أقرأها, وبالأصحّ قبل أن أفتّش صفحات الكتاب, لأستعيد تلك الذكريات اللذيذة. حدث ذلك قبل قراءتي ل دينو بوتزاتي وخصوصا شريط التسجيل. بعد ذلك كتبت ليلة ناعمة لك أو لها, ثم " الآخر"

أسلك الطريق إلى البيت الذي تسكنه امرأة
تشبه المرأة التي أحبّ
أضع على بابها وردة
ورسائل تأخرت في تحضيرها
سأكرّر المحاولة حتى تنجح
وأقول لها
ما عجزت عن قوله لشبيهتها
ستفرح المرأة بالهدية
وتتسلّى بقراءة الرسائل
وتظنني شبيها بالرجل الذي تحبّ
لمرّة واحدة
يكون الرجل هو الموجود في الصورة
وكلامه ذلك المكتوب في الرسائل
ويكفي للمرأة الجديدة
أن تفتح صندوق الذكريات بذلك الصبر والدأب
الذي يميّز نبل جنسها
لتكون الصورة والكلام
لرجل واحد
*

أنهيت زجاجة البيرة الوحيدة لدي, وفكّرت ماذا سأفعل, لحسن الحظ يوجد ثلاث ليمونات وزجاجة فودكا سوري, ممتازة, سهرتي عسل, أنا أعتبر الله صديقي, في طفولتي كنت عبدا له وفي شبابي خاصمته بضراوة ووحشية كبيرتين, نحن الآن صديقان نقبل الاختلاف ونحترم الخصوصية,ومأخذي الوحيد عليه عدم قابليته للتأنيث, وأظن ذلك سببه سوء الفهم وسوء القراءة ليس إلا.
كتبت رسائلهم وليس رسائلهن, أنا ألآخر غبي وبليد, عجزت عن إيجاد لغتي الخاصّة وتعبيري الشخصي, أحب صديقاتي على ندرتهنّ أكثر من أصدقائي مع وفرتهم. ما زال العنف في ثقافتي وبلادي ذو طابع ذكوري صراحة, مع أن الذكورة في هذا الحيّز ثقافية وليست عضوية.

لشدّة غبائي لا أحتفظ برسالة واحدة بخطّ اليد, حقيقة الأمر لم أنجح في الحفاظ على شيء في حياتي, ولا أعرف مصير عشرات وربما مئات الرسائل التي كتبتها بخطّ يدي, على الأرجح سلّة المهملات, هناك سنتكوّم جميعا بعد سنة أو عقد أو قرن..لم يتبقى إلا الضحك.
سأقوم لأعدّ لنفسي كأس فودكا سورية, واشرب, بانتظار عودتي إلى العرق أو عودة العرق إلي في رأس السنة, وبصحتكم ....يا صديقاتي وأصدقائي...وصلت رسائلكم.
اللاذقية



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل الشعر_ثرثرة
- إني أستسلم_ثرثرة
- الغراب الأبيض -مسودة ثانية-
- كيف أثبت براءتي_ثرثرة
- كيف ينتهي الماضي_ثرثرة
- الفرح السوري_ثرثرة
- كلامنا المسروق_ثرثرة
- الجوار القاتل_ ثرثرة
- الغراب الأبيض_ مسودة أولى
- خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ثرثرة
- حصن الدفاع الأخير_ثرثرة
- سقف التوقع_ ثرثرة
- زكام صيفي_ ثرثرة
- مجتمع الأنترنيت مرة ثانية_ثرثرة
- الانسان المهدور_ثرثرة
- اليوم الأخير_ثرثرة
- مثل بئر مهجور_ثرثرة
- زائد عن الحاجة_ثرثرة
- بين عدميين_ثرثرة
- شخصية الزعيم _ثرثرة


المزيد.....




- الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - رسائلهم_ثرثرة