|
السورييون لن يتحملوا المزيد من المفاجآت
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7341 - 2022 / 8 / 15 - 14:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تواصلت ردود الفعل على تصريحات وزير الخارجية التركي بشان مصافحته ( السريعة !) لنظيره وزير خارجية الأسد ، وحول ماتداولته وسائل الاعلام عن قرب تطبيع العلاقات التركية السورية بالكامل بوساطة روسية ، ومن بينها تجمعات السوريين في بعض المدن التركية ، والمناطق ، ومخيمات النزوح والهجرة ، ومن بين هؤلاء المحتجين من ذوي النوايا الصافية ، ومن قدموا التضحيات ، ويعيشون بالمعاناة ، في حين كان عليهم توجيه جام غضبهم على من تصدر صفوف (المجلس والائتلاف ) ثم اجهض الثورة وباعها ، واغتنى على حساب دماء ودموع الاخرين ، وحقق مكاسب مادية شخصية وعائلية ، بعد ان اخفوا الحقائق التالية عن الشعب : أولا – في كل علاقات ، ولقاءات ( المجلس ) كاول كيان ( معارض ) ومن بعده ( الائتلاف ) مع المسؤولين في دول النظام الرسمي العربي ، والإقليمي ، والعالمي التي تعاطفت مع االشعب السوري ، والتي بلغت نحو ستين بلدا ، وبينها تركيا ، لم تظهر او تنشر وثيقة رسمية تلتزم بها تلك الأطراف عبر وزارات الخارجية ، وتتضمن التاييد الصريح ، والواضح لاهداف الثورة السورية ( اسقاط نظام الاستبداد ، واجراء التغيير الديموقراطي ، وتحقيق الحرية والكرامة ، وحل جميع قضايا الشعب السوري ، بإرادة السوريين ، وحسب اختياراتهم ، ومن دون التدخل بشؤونهم ...) ، ولم يلتزم أي طرف بقطع العلاقات بالكامل مع نظام الأسد او باحلال ممثلين عن الثورة بدلا من ممثلي النظام لا بالسفارات والقنصليات ، ولا بالجامعة العربية ، ولا بالمؤتمر الإسلامي ، ولا بمؤسسات هيئة الأمم المتحدة ، مع العلم ومن الطبيعي ان هذه المهام لن ينجزها احد بالنيابة عن الشعب السوري . ثانيا – ان جميع أنظمة تلك الدول الصغيرة ، والكبيرة ، والعظمى ، لها مصالح استراتيجية مع إقليم الشرق الأوسط قبل اندلاع الثورة السورية وخلالها ، وبعدها ، ولن تتوقف ، وتعاملت مع موجات ثورات الربيع بدقة وبعد دراسة ، وتمحيص ، وبكثير من الحذر ، كان العنوان الرئيسي لتناول الجميع : استيعاب هذه الثورات ، ولجم اندفاعاتها الشعبية الثورية ، والاستفادة منها للحفاظ على مصالحها ، واستخدامها ضد مناوئيها في ساحات الصراع الإقليمية ، والدولية ، وكذلك الحفاظ على التوازن القائم بالمنطقة من دون هزات عنيفة ، او ظهور تحديات جديدة لايمكن السيطرة عليها ، فافساح المجال وتوفير شروط الانتصار بمايتعلق بالعوامل الخارجية ، من اجل ان تحقق تلك الثورات وفي مقدمتها الثورة السورية كامل أهدافها ، كان يعني تهديد استقرار معظم تلك الدول ، وانتظار دورها واحدة تلو الأخرى لان شعوب غالبيتها تعاني من الاستبداد ، وانعدام الديموقراطية ، لذلك أقول بان مسؤولي ( المجلس والائتلاف ) استغبوا السوريين وضللوهم عندما صوروا الوضع عكس ذلك . ثالثا – صحيح ان تركيا كدولة جارة لسوريا ، وبحدود تقارب الالف كيلومتر ، فتحت أبوابها لملايين اللاجئين السوريين ، واستقبلت المعارضين ، وسمحت في البداية بكل أنواع النشاطات السياسية ، والعسكرية ، ضد النظام السوري ، فلها حساباتها الخاصة تجاه سوريا منذ مشكلة لواء الاسكندرون ، وتواجد اوجلان في سوريا ، وتشعبات اتفاقية أضنة عام ،١٩٨٩ ولكنها فعلت ذلك خدمة لمصالحها ، ولأمنها القومي حسب رؤيتها هي أولا وأخيرا ، خصوصا بعد اتفاقية ( آصف شوكت – قرايلان ) ( وهي الاتفاقية بنسختها الثانية ) نهاية ٢٠١١ وبداية ٢٠١٢ ، وجلب مسلحي ب ك ك من قنديل ، وانتشارهم طول الحدود السورية التركية خصوصا في جيايي كرمانج . رابعا – وجدت تركيا – حزب العدالة والتنمية – ذو التوجه الإسلامي في تنصيب جماعة الاخوان المسلمين السورية على رأس المعارضة السورية بالرغم من حجمها المتواضع ، وعدم اهليتها لقيادة معارضة مجتمع متعدد الاقوام ، والأديان ، والمذاهب ، ضمانة للاستيعاب ، واللجم ، والالتزام بعدم تجاوز الخطوط الحمر ، خصوصا وان مرحلة ( المجلس الوطني ) شهدت نشاطات ، ومحاولات إقليمية محمومة ، لتحقيق مشروع اسلمة ، وأخونة ثورات الربيع ، بدلا من تثوير ودمقرطة المنطقة ، ولم يكن المشروع بمعزل عن رضا إدارة أوباما ، ومعظم الدول الأوروبية . خامسا – نشرت سابقا في عدة مناسبات انني شخصيا وخلال دعوتي الى وزارة الخارجية التركية عام ٢٠١٠ كشخصية وطنية كردية مستقلة ، ولقائي مع وكيل الوزارة السيد – سنرلي اوغلو ومسؤول الملف السوري خالد جيفيك – آنذاك ، صارحتهما بالقول ان هناك عتب من جانب سوريي المعارضة لانحيازكم الى جماعة الاخوان وهي لاتستحق بل تشكل عامل تفرقة واستفزاز للمجتمع السوري المتعدد الاطياف ، فكان الجواب انهم كدولة علمانية ليسوا كذلك ولكن قد يكون لحكومة حزب العدالة موقف آخر ؟ ولم اكن بحاجة لمن يخبرني عكس ماكنت اتصوره وهو ان تركيا أيضا تعمل من اجل مصالحها ، وليست اجيرة لدى البيانوني والشقفة . سادسا – وبسبب الصراعات بين محاور دول الخليج ، والتنافس بين اطراف النظام العربي الرسمي ، وكذلك الاقليمي ، وبعد تلكؤ مشروع الاسلمة والاخونة ، حيث واجهته الدول الخليجية الرئيسية ، استعيض عنه بحل وسط ، بتشكيل ( الائتلاف ) على انقاض ( المجلس ) ، كتحالف مستجد بين الإسلام السياسي ، والوافدين من مؤسسات النظام الإدارية ، والحزبية ، والأمنية ، وكتسوية لادارة الازمة السورية ، وليس دعم المعارضة لتحقيق اهداف الثورة . سابعا – جميع الدول ، والأطراف التي تعاملت مع الملف السوري مابعد الثورة ، وبدون استثناء ، لم تقطع العلاقات مع النظام السوري فحسب ، بل وسعت معه وعمقت وتيرة العلاقات الأمنية تحت ذرائع متعددة مثل تحرير او تبادل السجناء ، والمختطفين ، او المساعدات الإنسانية ، وقد شملت ذلك حتى ميليشيات حزب الله ، وجماعات أخرى متهمة بالإرهاب ، واكثر من ذلك واصل بعضها تقديم الأموال لها حتى يومنا هذا ، وذلك خدمة لمصالحها ، فهل سمع احد يوما ان ( المجلس والائتلاف ) طرحا هذا الموضوع ، او توقفوا عنده ، او وجهوا النقد الى تلك الدول ، والأطراف ؟ . ثامنا – حتى عشية اندلاع الثورة السورية ، وقبلها باعوام ، كانت جماعة الاخوان المسلمين السورية تتواصل مع أجهزة الامن السورية ، وتستجدي تركيا للقيام بدور الوسيط ، ( وقد تاكدنا من ذلك عام ٢٠٠٦ خلال احد اللقاءات للامانة العامة لجبهة الخلاص في بروكسل حيث واجهنا البيانوني بمعلومات حولها ) ، فاذا كانت من قادت الثورة والمعارضة منذ قيام ( المجلس ) تقترف العمل الشنيع المناقض لمصالح السوريين ، بل اكثر من ذلك كان الايرانييون وسطاء في عدة مراحل فلماذا معاتبة غير السوري ؟ اليست مسؤولية هذه الجريمة السياسية تقع أولا على عاتق ( الاخوان ) ومن عمل تحت رايتهم كملحقين من مدعي اليسار ، والليبرالية ، وتمثيل الكرد السوريين ؟ الى درجة ان احد هؤلاء المنافقين كتب قبل أسبوع مقالة تحت عنوان ( القضية السورية في بازار الصفقات الدولية ) ؟! ملمحا ان ذلك حصل مابعد ( مجلسه ) ؟؟!. تاسعا – لكل تلك الأسباب ، ومن اجل طي صفحات الحقائق ، وطمس قرائن وآثار الجريمة ، وقفت قيادات ( المجلس ) أساسا ، و( الائتلاف ) ضد أي عملية مراجعة منذ أعوام ، ومساعي عقد مؤتمر وطني سوري شامل الذي سيتكشف فيه المستور ، وسيصدر فيه حكم الشعب على كل من تآمر ، واستغل الدماء ، والمعاناة لمصالح حزبية ، وآيديولوجية ، وشللية ، وفردية ، وبالاخير فان أعداء شعبنا وخصومهم بالخارج معروفون ، مذ ماقبل الثورة وحين نحرها ، ومابعدها حتى الان ، وماهو غير واضح حتى الان لعامة الشعب مسؤولية السوريين من متصدري المعارضة ، ولكن لااعتقد ان الهروب الى امام ، ورمي القذارات على العامل الخارجي فقط لن يفيد هؤلاء ولن ينقذهم من لعنة الأجيال . وهنا لن نتفاجأ ابدا بتصريحات المسؤولين الاتراك لانها لا تحمل جديدا ، وانها لن تقدم ولن تؤخر المعادلة الراهنة المتحكمة بالمصير السوري ، كما لن نتفاجأ ابدا بنفاق ، ومزايدات متصدري ( المعارضة ) الذين اجهضوا ثورتنا المغدورة وهي في ريعان الشباب ، مانحن بحاجة اليه هو مؤتمر وطني سوري بالرغم من صعوبته في ظل الظروف الراهنة ، وعلى السوريين ان يتاكدوا للمرة الالف ، ان الارادات الإقليمية ، والدولية ( وبسبب انحراف المعارضة وضعفها ) تميل منذ البداية لمصلحة استمرارية نظام الاستبداد ، وإعادة سيطرته على كامل المناطق ، الى جانب رغبة العديد من الفصائل ، والميليشيات ، والأحزاب ، والتيارات لتحقيق ذلك ، وبينها اطراف حزبية كردية معروفة ، وذلك بعد ان اوصلوا الشعب الى وضع يترحم على الماضي بكل مساوئه .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عود على بدء : التوازن بين القومي والوطني
-
الحدث الذي أعاد تعريف وتجديد الحركة الكردية السورية
-
تأملات في دروس التجربة التونسية
-
الخيار الشعبي هو الحل للازمة
-
الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
-
دفاعا عن الحقيقة
-
- قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
-
إشكاليات التمثيل الحزبي
-
حوارات وطنية
-
وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
-
- حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
-
- الناتو - - - ب ك ك - - كرد سوريا
-
حروب - المجال الحيوي العنصري - روسيا بوتين مثالا
-
سياسة النأي بالنفس كرديا
-
الحركة الكردية السورية واستقلالية القرار
-
- احمدي خاني - : رائد النهضة القومية الكردية
-
نبحث عن شركاء ...ولانريد اوصياء
-
في القضية القومية
-
نعم نحن شركاء المصير
-
حان وقت التغيير
المزيد.....
-
ترامب يكشف موعد اتصاله مع رئيس وزراء كندا ويؤكد: -سيدفعون-
-
الصين لديها ورقة رابحة في مواجهة رسوم أمريكا الجمركية.. ما ه
...
-
أمراض يشير إليها تضخم الغدد اللمفاوية
-
روسيا تنشئ أنظمة تبريد تساعد على تطوير أجهزة الكمبيوتر الكمو
...
-
روسيا تستخدم الدرونات لمراقبة مسارات السكك الحديدية
-
روسيا تختبر منظومة جديدة مضادة للدرونات
-
البول الأسود.. اضطراب نادر يسبب مشاكل صحية خطيرة
-
الدنمارك.. اكتشاف نوع جديد من الفطريات تحوّل العناكب إلى زوم
...
-
روسيا تنتج بطاريات الليثيوم الأيونية للطائرات المسيرة
-
أمراض تسمى -القاتل الصامت-.. ما هي وكيف نكتشفها مبكرا؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|