زراعة وترسيخ جذور الجودة وأسسها لدى الموارد البشرية

محمد العزاوي
اكاديمي وباحث في مجالات ادارة الاعمال والشؤون الجامعية
(Mohammed Alazzawi)

الحوار المتمدن-العدد: 7334 - 2022 / 8 / 8 - 19:32
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

زراعة وترسيخ جذور الجودة وأسسها لدى الموارد البشرية
Quality Grassroots
الأستاذ الدكتور محمد عبد الوهاب العزاوي
مقدمة
يستهدف هذا المقال الترويج لمصطلح جديد في علم الجودة وتصويب مسار الجودة وترسيخ وتقوية أسس الجودة. تنطلق فلسفة تصويب المسار من المصطلح الأجنبي (Grassroots) والتي تعني الأسس والجذور. ويتناول المبادئ والممارسات التي تجعل من الجودة حق وواجب على كل الموارد البشرية في المنظمة خاصة العاملون في خطوط الانتاج، ومقدمي الخدمة للزبائن مباشرة فهم الاساس العملي والواقعي للجودة. وهم الشعب الاساسي للمنظمة الذين علينا كقادة ومفكرين أن نوفر الادوات التي تجعلهم يهتمون بثقافة الجودة كحركة تخص الجميع، والتي تتجاوز جهود الادارة العليا في التدريب ونشر ثقافة الجودة ومنح الحوافز المادية، والتي تتطلب الانتقال الى تطبيقات تجعل الموظفين يشعرون بأهميتهم في المساهمة ببناء ثقافة الجودة في منظمتهم وصولاً للتميز.
مبادئ جذور واسس الجودة:
يمكن للمؤسسات أن تحقق قفزات كبيرة تخرج عن المألوف التقليدي عندما تتبنى مجموعة من الاسس والمبادئ التي يجري تثقيف وتطوير الموظفين، مستفيدة من التجارب العالمية خاصة في تلك الدول التي لم تمتلك غير الموارد البشرية مورداً للوصول الى التميز والعالمية في صناعاتها وفي تحقيق الرفاه الاقتصادي. والتي تبنت طيف واسع من الممارسات لبناء ثقافة الجودة وضمان مشاركة القاعدة الواسعة من الموظفين والعمال في خطوط الانتاج من خلال تبني هذه المبادئ.

ولعل أبرز مبادئ أؤسس قواعد الجودة واسسها ما يلي:
1. بناء المفاهيم: يتطلب ان تركز الحركة على الموظفين الجدد، وضرورة البدء منذ اليوم الاول لالتحاقهم بالعمل مع التركيز على ما يلي:
• قيم بناء علاقات جيدة مع الزملاء والاقران.
• دور الابداع كقيمة في مجال التخصص تحقيقا للتحسين المستمر.
• تطوير القدرات والمعارف الاوسع والإحداث في مجال التخصص.
2. بناء قيم العمل: ضرورة ان تركز الحركة على مجموعة من المبادئ والضوابط الأخلاقية التي تسود جو العمل وتوجه سلوك الموظفين بها لتحقيق الأهداف ومنها قيم الصدق والاخلاص والابداع في العمل والموضوعية، والعدالة والمساواة، والحزم.
3. العناية بالمبدعين: تبني برنامج مرن قابل للتغير يمنح الموظفين الموهوبين فرصاً لدعم ورعاية موهبتهم وتطوير قدرات التفكير الابداعي لديهم.
4. التكامل والتنسيق: تحقيق التعاون والتنسيق بين الادارات والمستويات المختلفة، وتبادل الأدوار وتقاسمها عن طريق الاتصال الفعال، داخل المنظمة وخارجها بما يضمن رقع كفاءة الاداء وتحقيق التكامل بين اصحاب المصلحة.
5. القناعة بأهمية الجودة: ضرورة تطوير اساليب جديدة تخرج عن نطاق الأدوات التقليدية ومنها تبني فلسفة إدارة الجودة الشاملة التي كانت مناسبة قبل عقدين من الآن، والتي لم تعد كافية في عالم التميز والميزة التنافسية العابرة. إن جهود الادارة يجب أن تركز على خلق القناعة بأهمية الجودة والمحافظة عليها في عقول الموظفين، وجعلهم متحمسين باعتبارها قيمة شخصية يسعون لها وليست تنفيذاً لأوامر الادارة العليا.

أسس وجذور الجودة والقيادة الادارية:
تؤكد التجارب على إن المؤسسة الرائدة والقيادة الادارية يساهمان معاً في بناء شعبية الجودة. ويبدو دور القادة مهماً في وجود ثقافة حقيقية للجودة وان لا نكتفي بمتابعة المبادئ التوجيهية لتطبيق الجودة بل قيام جميع الادارات وباستمرار باتخاذ الإجراءات التي تركز على الجودة والاستماع لصوت الآخرين وآرائهم عن الجودة، لغاية أن يشعر الجميع بالجودة من حولهم. ولا بد من توفر مجموعة من المواصفات العملية التي تمكن المنظمات من اشاعة اسس الجودة وتجذير أسسها كما يلي:
1. الادوار والمسؤوليات: يعد إستعداد القيادات الادارية لتكون جزء من شعبية الادارة من أهم المتطلبات. فالموظفون يرون في قيادتهم النموذج الملهم، ولكن الصورة تكون ضبابية لهم عندما تكون هناك فجوة بين ما يقولون وما يفعلون. وكلما اتسعت هذه الفجوة انحسرت شعبية الجودة وقل انتشارها حيث انه كلما اتسعت الفجوة تضعف جهود الموظفين من المشاركة بجهود نشر ثقافة الجودة. والعكس عندما يتيقن الموظفون من مصداقية القيادة في المنظمة تجد ان الموظفين يضربون المثل على التضحية والايثار.
2. المصداقية: القادة المميزون يدركون أن رسائل الجودة تشبه الحملات العسكرية، فهي تحتاج لإعادة النظر فيها مع مرور الزمن، حيث لا بد من اختيار رسائل توجه للموظفين في المستويات الادارية الدنيا وتنسجم مع العادات والقيم والطقوس، والاستفادة من التغذية المرتدة لضمان التواصل بواقعية.
3. التشجيع والمساندة: ضرورة اهتمام القادة بتشجيع الموظفين على مشاركة اقرانهم بالعمل بالمعلومات وتمكينهم لزيادة معارفهم، لإشاعة الشعور بالفخر لدى الجميع والعمل سوية للارتقاء بالجودة، ومساندة وتشجيع المبادرات ذات المشاركة الواسعة انطلاقاً من أن الجودة مسؤولية كل العاملين.
4. تمكين القاعدة الاساسية من الموظفين: تعد الحرية الممنوحة للموظفين في المستويات الادارية الدنيا من السمات المميزة للمنظمات التي تطبق ثقافة للجودة بشكل حقيقي من خلال منحهم الحرية في اتخاذ القرارات ومعالجة المشكلات والحالات الاستثنائية التي لم تنص عليها الاحكام والقواعد والاجراءات، فضلاً عن تبني عقد جلسات العصف الذهني لمعالجة الأخطاء واتخاذ الإجراءات التصحيحية.
ترسيخ جذور الجودة والبناء المؤسسي:
يعتمد تحقيق شعبية الجودة على كفاءة البناء المؤسسي للمنظمة وتمكينها لتكون أكثر فعالية لتحقيق الاهداف الاستراتيجية، مما يدعم قدرتها وميزتها التنافسية وتزداد ثقة العاملين فيها وبدورهم في تحقيق رؤيتها ورسالتها.
تساهم عمليات البناء المؤسسي في بناء وتعزيز ثقافة الجودة من خلال ما يلي:
1. المشاركة المخلصة للعاملين في تحقيق الاهداف المتفق عليها بالكفاءة المطلوبة بضوء الموارد والامكانيات المتاحة.
2. تساعد عمليات البناء المؤسسي على تمكين جميع الموظفين لان يصبح لهم صوتا مسموع في تقرير سياسات الجودة.
3. قدرة المنظمة على استمرارية تقديم خدماتها بالاعتماد على قدراتها الذاتية.
4. تبني مفهوم المسآءلة من خلال مشاركة القاعدة الشعبية في صناعة قرارات الجودة، وعدم حصرها بالقيادة العليا، والمسئولية في استخدام الموارد لتحقيق الكفاءة والفعالية.
5. تقوية نظم المعلومات لقياس احتياجات المجتمع وتلبيتها بصورة سلع وخدمات.
6. اشاعة روح التميز لتصبح المنظمة نقطة مؤثرة لنشر الخبرات والمعارف للمنظمات الاخرى في نفس المجال.

#محمد_العزاوي (هاشتاغ)       Mohammed_Alazzawi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات