أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - نَهِيق














المزيد.....

نَهِيق


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7333 - 2022 / 8 / 7 - 21:03
المحور: الادب والفن
    


دخل الأيلُ مجلس القاضي ينتحب شاكيا جريمة الحمار في حق خشفه الصغير:
_حفظ الله مولانا القاضي..إن آبني الصغير قد خُرمَتْ طبلةُ أذنيْه ولمْ يَعُدْ_واحسرتاه_يسمع شيئا جراء أنكر الأصوات...
فآستفسر القاضي:
_كيف وقع ذلك ؟؟
_لقد نهق بصوته النشاز في أذنيه المرهفتين فأودى للتو بهما..والآن_ياسيدي_الأمر كله بين يديكم، وأنا لا أطلب إلا الانصاف...
استدعَى القاضي المتهمَ، ولما جيئ به، سأله في الموضوع، وبعد تردد وحمحمة أجاب بنبرة خضوع وخنوع:
_أنا بين يدي عَدالتكم تفعل بي ما تراه صائبا...
فخاطبه القاضي بصرامة:
_هيا تكلم..قل ما عندك !
_ياسيدي ومولاي المبجل..ما ذنبي إنْ كان صوتي يُزعج الآخرين..الأمر ليس بيدي أو بيد صوتي..هكذا خُلقتُ تلك فطرتي التي جَبلني عليها الله سبحانه خالق آلأنام والأنعام، فهل أعترض على مشيئته يا سيدي؟؟
_ لكن ما الذي دَهَاكَ لأن تخرم أذني الخشف؟
_ ياسيدي هذا الصغير أراد أَنْ يلعب معي لعبة العصفور وورقة التوت...
ولما آستفهم القاضي عن سر هذه اللعبة أجاب الحمار وقد آستعاد رباطة جأشه:
_ ببساطة يا سيدي، إن ورقة التوت آستدعت يوما العصفور وهو على فَنَن بالقرب منها ليشدوَ لها ملء ألحانه الجميلة نغما يهدئ أعصابها المتوترة في فصل الخريف..فلما لم تسمع الورقة شيئا، لأنها ببساطة كانت تعاني من وَقْرٍ في سمعها، آقترحتْ أَنْ يُلْصِقَ العصفورُ منقارَه بكمامتها وينشدها ما يُتقن من ألحان عذاب.. وكذلك كان...
فقاطعه القاضي حانقا:
_ وبكل صَفاقة جَعَلْتَ من نفسكَ عصفورا...
_لا ياسيدي،إنه آقتراحه هو...
فقاطعه القاضي مرة أخرى وقد آستشاط غضبا معلنا رفع الجلسة بعد أن أمر الحراسَ بخلع صوت الحمار ورميه في قُمقم مغلق محروس ودفع تعويض للضحية...ولما كان هذا الصوت هو وسيلة الحمار الوحيدة في مخاطبة الآخرين والتواصل معهم، فقد وجد صعوبة في إيصال ما يريده إليهم، وبعد تأمل وتمعن كبيريْن آرتأى أنْ يُعوضَ نهيقه المسجون بالتعبير كتابةً مستعملا غرموله..وكذلك كان..إلا أن أتَانَه في الأيام الأخيرة أخذتْ تضجرُ تتبرم منه شاكيةً ضعف بَاهه، لأن مجهوده في آستعمال عضوه الحساس في رسم الأشكال والأصوات يَحُولُ دون تجميع قوة الفحولة لديه،فنفرتْ منه وشطتْ وعَيّرَتْهُ، فما كان من المسكين وقد عِيلَ صبرُه إلا أن لجأ إلى القاضي ثائبا مستغفرا ...
_ يا سيدي لقد مَرّ وقتٌ غيرُ يسير وصوتي بَعيد عني مُلْقًى في غيابات الجُب لا أعلمُ عنه خبرا..حالتي تقهرقتْ أمستْ مُزريةً فآنظرْ بعَيْن الرحمة إليَّ أرجوكم...
نصحه القاضي باللجوء الى الأيل وطلب الصفح منه لأنه هو صاحب الشكوى،فلما فعل، أحاله الأيل على الخشف الصغير لكونه المتضرر الأول في القضية...
ولما كان الخشف مرهف الاحساس بآلام الآخرين، ولا يضمر حقدا لأحَد، فإن قلبه المُسالم سرعان ما لانَ ورأف لحال الحمار فصفح عنه...
وآلتقى الجمع في مجلس القاضي ذات ضُحى لإغلاق هذا الملف نهائيا، ولَكُمَ أنْ تتصوروا فرحة الحمار وهو يستعيد صوتَه الأثير، فَقَدْ طفق يسلم على الحضور شاكرا ممتنا، ولم يتمالكْ نفسه حتى آحتضن الخشف الصغير يُقَبله بوُد وآمتنان صادقيْن، ولما كانت عواطفه الجياشة أكبر من آحتماله فإنه رفع عَقيرته بالإنشاد تاركا لأزمنة مَديدة من الضغط والسجن والنفي الفرصةَ للتعبير والتحليق في الأجواء بلا ضفاف ودون حصار؛ ولما كان الخشف لازال بين أحضانه فإن صوته القوي آخترقه وزلزل جسمه الرّجيف فسقط لهول الصدمة من بين يديْه في شكل ورقة توت ذابلة ميتة قبل مجيئ الخريف ...
أسرع الحراس يقبضون على المتهم في حالة تلبس وأودعوه السجن حتى يَبُتّ القاضي في أمره، بعد أنْ وُجّهَتْ له تهمة:القتل مع سبق الاصرار والترصد...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تِيمُورَانَّغْ بَيْنَ فِطْرَةِ بَانْجِي وجَشَعِ جاسنْ
- ثُمّ يَقُولُ آلْعَاثرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ صَوَابَا
- تَتَّوفْتْ/مَمْسُوسَة
- ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء
- العالم الذي هناك..(بخصوص فيلم:-vivre sa vie-لجون لوك غودار)
- فِي آلْعَاشِرةِ أَوْ يَزِيدُ
- لِطَنْجَةَ غَوْرٌ أحِنُّ إلَيْهِ
- هَا أَنَذَا !!
- بَلْدَاتُ أعْمَاقِ آلْعِنَادِ
- ثُمَّ تَنْسَحِبُ ...
- مُطْلَقُ آلجنون وكفى
- مُطاردة
- غِياب
- مُولايْ عَبقادرْ جيلالي تَزَكَّا
- شُمُوسٌ سُود
- أُوَار...(قصة)
- ضرورة آلثقافة
- رَجُلٌ يَنَامُ
- حُلْمٌ بَارِد
- عِيدٌ لَا يشبه باقي آلأعياد


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - نَهِيق