|
ركود ثقافي أم ثقافة ركود
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 1683 - 2006 / 9 / 24 - 10:17
المحور:
الادب والفن
ما زالت الثقافة العراقية تخضع لنظام السخرة نفسه الذي ابتزها طوال الحقبة الماضية، سواء عن طريق ثقافة الموروث الاجتماعي (الثقافة الاجتماعية) أو لصالح ثقافة التعبئة المؤدلجة التي فرضتها ثقافة الانظمة السياسية.تنسحب هذه السخرة ، بابتزازها ، على عملية انتاج السؤال الفكري، وعملية بلورة الانتاج الفكري في انسقة فكرية خلاقة (فلسفية وسياسية واجتماعية) كمناهج مستقلة تعكس خصوصية الفكر وهوية المجتمع العراقي الفكرية، وبالتالي صورة ثقافته المستقلة، واذا ما سلمنا بما تقدم فإننا سنصل الى الفرضية التي تقول: الثقافة العراقية ثقافة توصيف لا ثقافة انتاج - فكري - بل ولا حتى ثقافة تثوير. وبالتالي فإننا سنصل الى النتيجة القائلة بأن الثقافة العراقية ما زالت تعيش حالة ركود عقدي الثمانينات والتسعينات عينها عند عتبة (وضع) الثقافة، لاجترار اوراقها القديمة دون انتاج أو اضافة صفحات جديدة أو حتى تطوير القديم منها. هذه الافتراضات تقودنا الى مجموعة من الاسئلة المحفزة لعل اهمها :كيف نوزع خارطة تقصير هذا الركود على مفاصل انتاجها في العملية الاجتماعية ؟ أو بصياغة أكثر دقة وخصوصية! ما هو نصيب المثقف من ذنب هذا الركود؟ هناك عملية مهادنة تقترب من حدود التغليب أو التسليم للفعل السياسي على ميكاتزم انتاج الثقافة الجديدة أو تطوير الفعل الثقافي القائم . كما ان هناك عملية تغييب أو تهميش مقصودة من قبل صناع القرار السياسي - المؤدلج على وجه الخصوص - للفعل الثقافي وصناعه ، لما يشكله الاثنان من خطر قد يهدد باعادة رسم معالم الخارطة السياسية أو توزيعها من خلال انتاج الثقافات الرصينة او التمدد على (تابوات) الفعل السياسي ورهبة قياداته المحصنة بسطوة القوة التي تتيحها مواقع السلطة لها.
لقد تخلى المثقف العراقي عن دوره الاساسي (كمشروع) أو منتج لثقافة وأساليب حياة المجتمع والتي تشكل عملية اغناء وتطوير الفكر السياسي أحد فروعها ، لصالح رجال السياسية المتحكمة -عن طريق سطوة السلطة - بمصير وحياة المجتمع ، وبهذا فانه يكون قد مهد لعملية تغييبه واقصائه دون رحمة! ليست هذه تضحية تحسب للمثقف من أجل الوصول الى حالة ما - وان كانت حالة استقرار سياسي - بل هي خيانة منه لواجبه تجاه المجتمع كعنصر محفز ومقلق لحالة الركود الحياتي ، سواء كان ثقافياً أو سياسياً أو اجتماعياً ، من أجل اغناء وتطوير سيرة حياة المجتمع ووضعها على الصيرورة الطبيعية لمسيرة الحياة. ان حالة العجز عن انتاج الفكر الخلاق التي يعيشها المثقف العراقي هي المسؤولة عن حالة اهماله وازاحته وقولبته ضمن حالة الركود المزمن التي تعيشها الثقافة العراقية ، وبالتالي فإن حالة العجز تتحمل مسؤولية ركود المجتمع وخنوع افراده لهيمنة الطبقة السياسية والكارزمات الاجتماعية الاخرى، والتي لا يعنيها شيء اكثر من هدوء اسماك المستنقع الدافئ تحت اقدامها المسترخية في دفء مياهه الهادئة! ان ثقافة الركود او سياستها - ديدن الطبقات السياسية في كل زمان ومكان- يقابلها للاسف - ركود ثقافتنا المنتجة، لانها ثقافة مهادنة - كما اسلفنا - وتجهل لغة فعل الصدام الخلاق الذي ينهض عليه فعل التغيير النهوضي في حياة المجتمعات على مر الازمان .
ولكن كيف نصف حالة المهادنة هذه ، هل هي حالة مهادنة أم مسايرة نتيجة ضغط؟ أم هي حالة ركود ثقافي نتيجة ظرف أو عامل قهري ، أم هي ثقافة ركود أفرزتها حالة الكسل التي خلفتها عوامل القهر النفسي والسياسي ؟ اعتقد انها ثقافة ركود فرضها طغيان الطبقات والانظمة السياسية التي توالت على حكم العراق، طبقاً لنهجها المتوارث والقائم على رؤية المحافظة والمهادنة للطبقات الاجتماعية - الوجوه والشخصيات الاجتماعية الفاعلة في المجتمع- والقائمة على مبدأ : دع سطح المستنقع راكداً وان مج ماءه أو أسن! ولكن، وهذا هو السؤال الاهم والأخطر لم تفرز حالة الضغط والقهر السلطوي رد فعل معاكس رافض وتمردي ، وهذا ما يناسب - من الناحية التكتيكية على الاقل - طبيعة الفعل الثقافي ومنتجيه في كل زمان ومكان ثقافيين، باعتبار ان فلسفة الفعل الثقافي الخلاق تقوم، اول ما تقوم عليه، على التمرد على القديم ومحاولة تقويضه لافساح المجال لقيام الثقافة الجديدة ، والتي تكون بطبعها طاردة لما قبلها على طريق الحلول والتأسيس ؟ هذا سؤال موجه لجميع المثقفين ، والامانة الفكرية والحاجة الثقافية ، تفرض علينا جميعاً الاجابة عليه امام مسؤولية الجميع على حالة الركود الثقافي التي يعيشها مجتمعنا.
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعبة صناعة الاهداف
-
المشروع الامريمالكي يتارجح على قرن ثور
-
المصالحة .. سياسية ام وطنية؟
-
حكومة المالكي...المصيرالمجهول
-
دور بريمر في تهميش القوى الديمقراطية والليبرالية
المزيد.....
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|