مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 7329 - 2022 / 8 / 3 - 01:37
المحور:
الادب والفن
لي حبيبة مضى عيد ميلادها دون أن أقدم لها هدية، من يحمل هديتي إلى بيتها، ويخبرها أنني لم أعد يتيمًا، ويحضر لها هدية تقول لها إنني لم أنسَ، لكنها الدنيا التي تفرم أفكارنا وتأخذ من انتباهنا أكثر مما يجب.
لي حبيبة قضت عيد ميلادنا الأول وحيدة، وأنا هنا مثلها وحيد، إذ تعذر الاتصال بيننا، فحبيبتي انطوائية حد الموت، ولا تحب ضوضاء الشارع، لكنها تنام على حكاياتي معها كل ليلة، والليلة عيد ميلادها في بلد بعيد عني، فمن يحمل لها توقيعي على هدية يقول فيها، هذا الغريب لم ينسَ، هذا الغريب لن ينسى، هذا الغريب كيف ينسى؟ الغرباء لا ينسون، ويجدولون كل المواعيد على الهواتف وفي ورق أصفر عند باب الخروج.
من يحمل عني هديةَ حبيبٍ إلى حبيبته، فإذا عدتُ يوما إلى بلادي، قبلتُ الأرض بين قدميه محبة في صنيعه هذا؟
حبيبتي تسكن في قرب النيل، في مواجهة نجم المشترى، وعلي يمين بيتها حكاية تحكيها مأذنة مسجد قديم، وخلف البيت ديك دائمًا أسمعُه يصيح، تسمعه يمامات هنا في وسط جزيرة "مادر دي ديوس"، فتنغم بصوتها تلك ال(برووووو برووووو)، ومدخلُ شارعها برجٌ أبيض للحمام، يحبُ الصور النهارية حين ينفرد زوجين يغنيان الحب والسلام.
من يحمل هدية إلى حبيبتي، وأسمح له أن يرى عينيها، شرط ألا يغرق في نهر العسل، وألا يعود فاقدًا للروح مثلي كلما كنت أزور مقرها السري حيث تنام الأميرة ست الحسن والجمال وكل أبطال الحواديت البريئة؟
من صاحب القلب الشجاع الذي يجرؤ على الوصول إلي بابها، ويقرؤها سلامًا، ثم يهديها راحة البال، ويعود دون جرح واحد، أو سؤال واحد عن نسبة الجمال في الكون مقارنة بهذا الجمال، وألا يسألني كيف دخل في حلم وهو لا ينام؟
من يحمل هدية إلى حبيبتي، وله ما يشاء من الدموع، والأفكار عن سرّ الشقاء في العالم إذ لم تأته هذي الملاك؟
من يحمل عنى كلماتٍ ساذجةً لمحبٍ يرى الدنيا من جديد، وكيف اكتشف سذاجة الناس الذين لم ينتهوا إلى النور هناك، واستبدلوا الذي هو أدني بالذي هو خير، ولا خير بلا إيمان؟
من يحمل عني هدية إلي حبيبتي، ويقول لها عام سعيد أيتها الملاك؟ من يحمل عني وله مني كل ما يشاء.
سالفادور، 2019.
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟