أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عطا درغام - إسكندرية من تاني















المزيد.....


إسكندرية من تاني


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 7328 - 2022 / 8 / 2 - 10:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


احتلت مصر بحضارتها وحكمتها وعلومها مكانة هائلة في العالم القديم، وكذلك مثلت اليونان وبلاد الإغريق بفنونها ومسرحها وأساطيرها وفلسفتها، ومن هنا امتلك المقاتل الفذ الإسكندر الأكبر(356- 323 ق م)- تلميذ أرسطو – حلم تغيير العالم، بدمج الحضارتين العظيمتين الشرقية أو الجنوبية في مصر مع الغربية أو الشمالية اليونانية معًا في حضارة واحدة يعيش في ظلها العالم بأسره؛ فتنتهي حروبه ومآسيه والتي أُطلق عليها" الحضارة الهلينيستية" أو حضارة أبناء هيلين،وتقدم الأسكندر الأكبر من مقدونيا ليبسط سيطرته علي بلاد اليونان كلها ، ويبسط سيادته علي هضبة الأناضول ثم يتجه جنوبًا إلي بلاد الشام ،ثم يدخل مصر فاتحًا ويغتبط المصريون بقدومه إذ إنهم يعانون منذ أكثر من قرنين من غزوات الفرس ووحشيتهم وهمجيتهم واحتقارهم لحضارتهم وثقافتهم وآلهتهم، بينما كان اليونانيون علي العكس يحترمون مصر والمصريون ،وينظروا إليها بكل الإعجاب والإكبار كما يبدو جليًا من خلال أدبهم كالإلياذة والأوديسة أو رحالتهم إليها كهيرودوت، وقد تتلمذ أفلاطون وغيره من فلاسفتهم وعلمائهم علي المصريين في مدينة أون القديمة وجامعتها،كما عاش مواطنوهم في ود ووئام مع المصريين في مستعمرات خاصة بهم كمدينة "نقراطيس" أو نقراش في محافظة البحيرة الحالية
لقد دخل الإسكندر مصر 322 ق م فاتحًا ، ووصل إلي منف فاستقبله كهنهتها بترحاب، ولذلك فقد احترم آلهة مصر وأخبت لها،وواصل تقدمه في مصر ليعبر الصحراء الواسعة ،ويصل إلي سيوة البعيدة التي هرب إليها خوفًا من بطش كهنة آمون وعاشوا في معبدها يمارسون طقوسهم التاريخية.
وصل الإسكندر ليطلب إلي كهنة آمون الاعتراف ابنًا للإله العظيم ليكون له شرعية حكم مصر العظيمة بعد أن يستكمل ؛ فتوجه في الشرق ويعود ليستقر فيها ملكًا علي العالم كله، وينصَّب الإسكندر فعلًا ابنًا لآمون، ويتجه شمالًا إلي ساحل البحر المتوسط، وفي مكان قرية صغيرة للصيادين تُدعي راقودة تقبع أممها جزيرة فاروس، وعلي حافة الموج وقف الإسكندر لينظر إلي السماء الصافية وصفحة الماء الفيروزية تمتد علي مرمي البصر وخلفها تقبع أرضه وأرض أجداده في شبه جزيرة البلقان.
ويستدعي قادته ومهندسيه ،ويُشير إلي الأرض التي يقف عليها قائلًا:هنا ،أريدكن أن تبنوا لي هنا عاصمة الدنيا، ويستبقي في المكان العشرات من مهندسيه ومعاوونيه ليشرعوا فورًا في تنفيذ أمر الإسكندر الذي لا تُرد أوامره.
ويرحل الإسكندر إلي الشرق حيث يسحق الفرس، و ويدمر إمبراطوريتهم ويواصل تقدمه إلي بلاد الأفغان فالهند. وعندها يعود أدراجه ويتوقف قليلًا في بابل ليموت فجأة سنة 323 ق م بأسباب مازالت تحير العلماء، ويقتسم قادته مملكته العظيمة لتقع مصر من نصيب قائده المحنك بطليموس ، الذي يسرع إلي المدينة التي أمر الإسكندر ببنائها ويجد العمل الذي يجري فيها علي قدم وساق ؛ فيطلق فيتخذها عاصمة لمملكته بعد أن يسميها باسم سيده والآمر ببنائها "الأسكندرية"، مؤسسًا دولة البطالمة(323- 30 ق م) وسرعان ماتعمَّر الإسكندرية ،ويعظم بناؤها ويتزايد عدد سكانها من مختلف الأعراق والأجناس،حتي لتصبح بالفعل عاصمة الدنيا،ويهتم حكامها من أولهم بطليموس الأول إلي آخرتهم كليوباترا السابعة العظيمة بمكتبتها الكبيرة التي تضم كل علوم وفنون عصرها والعصور الوسطي التي سبقته، ويحرص ملوكها علي شراء كل ما يمكن شراءه مهما كانت أثمانها باهظة، من الكتب واللفائف من الشرق والغرب، حتي بلغ نصيب المواطن مالم يبلغه نصيب المواطن في مكتبة بلده أي مكان من العالم حتي وقتنا هذا.
فعندما وصل عدد سكانها مائة ألف كانت مكتبتها تضم ثلاث مائة كتاب ولفافة، بواقع ثلاكتب لكل مواطن،وواصلت مكتبة الإسكندرية دورها التاريخي في زمن الرومان الذين أزالوا دولة البطالمة وزادت قيمتها التاريخية بعد أن اتخذها الرسول"مرقص" أحد تلامذة المسيح مقرًا لبشارته وأسس فيها أول كنائس مصر وإفريقية تلك الكنيسة التي دافعت عن هؤية مصر القومية في مواجهة سعي الرومان للهيمنة وطمس هويتها القومية.
وعلي الرغم من أن الإسكندرية لم تعد عاصمة البلاد بعد الفتح العربي والإسلامي علي يد عمرو بن العاص 636 الذي أسس الفسطاط لتكون عاصمة لمصر بدلًا من الإسكندرية ، إلا أن الإسكندرية حافظت علي دورها التاريخي كنافذة رئيسية لمصر في الحفاظ علي وضعها الإداري المتميز في العصور الوسطي الإسلامية، زمن المماليك والعثمانيين؛ لتعود في العصر الحديثث لتلعب دورها كواحدة من أهم مدن العالم"الكوزموبوليتانية" بعد أن فتحت أسرة محمد علي الأبواب لمختلف أجناس العالم للاستقرار والاستثمار.
وكتاب " إسكندرية من تاني" للأستاذة سهير عبد الحميد .حكايات الأولياء والخواجات والجدعان هو كتاب فريد في بابه ؛ فهو ليس كتابًا في التاريخ ولا في الآثار ولا في السير والتراجم، ولكنه حالة من العشق والوله بالإسكندرية:المكان والتاريخ والعمارة والناس.
ويبدأ الكتاب بما يشبه السيرة الذاتية للكاتبة التي تقص بداية تعلقها بالإسكندرية عبر حكيها عن جدتها زينب، وسرعان ماتنتقل إلي قصص أولياء الله الصالحين في الإسكندرية كسيدي العجمي والقباري والشاطبي والطرطوشي وسيدي جابر وسيدي كرير والمرسي أبو العباس في أسلوب حكي فريد يمزج التاريخ بالفلكلور.
وهي لا تتوقف عند اولياء الله الصالحين المسلمين، ولكنها تواصل تأملها في سير أولياء الله المسيحيين كالقديس مرقص الرسول والقديس إستيفانو ومارمينا العجائبي.
ثم تتناول خواجات الإسكندرية منذ أسسها الإغريق وشكلوا أهم عناصر سكانها زمنًا طويلًا، وتتناول أنطونيادس وجاناكليس والكاتب الأشهر لورانس داريل عاشق الإسكندرية والذي كتب أجمل كتبه عنها ، ثم تتحدث عن الأرمن والشوام واليهود وأبرز عائلاتهم.
أما عن جدعان الإسكندرية فقد بدأت حديثها "الجدعان" وهو تعبير مصري خالص يشير إلي الأقوياء في الحق والمحبوبين من الناس في وقت واحد،وتُعتبر الفيلسوفة والفلكية وعالمة الرياضيات الشهيرة" هيباتيا" التي تحدت الغوغاء الذين اتهموها بالهرطقة،وأصرت علي ماتراه حقًا حتي قتلوها وسحلوها وسلخوا جلدها بأصداف البحر ،، ثم تتحدث عن بطولة محمد كريم في مواجهة بونابرت ثم محرم بك، وتختتم بالحديث عن تلك الشخصيات النبيلة من أسرة محمد علي ، الأمير عمر طوسون وعباس حليم.
وتذكر الكاتبة أثر كتاب"مصر من تاني" لمحمود السعدني الذي تأثرت به وفكرت في كتاب عن الإسكندرية مدينتها الأثيرة التي قضت بها جزءًا من طفولتها في بيت جدتها،لتُعيد عبر سطور هذا الكتاب قراءة تاريخ المدينة بصورة مختلفة لا تعتمد علي بغة الأرقام والتواريخ، بقدر ماتعتمد علي تقديم صورة لروح المدينة بالغوص في أعماقها السيكولوجية ،ومن واقع تجربة ذاتية وحكايات سمعتها وأشياء رأتها.
في الإسكندرية حواديت لا تنضب ،حكايات الأولياء والقديسين الذين هم في وجدان المصريين وسيلة من وسائل مجابها الظلم والظالمين والذين حلوا محل الآلهة المصرية القديمة.
وكان للسكندريين نصيب كبير من أولئك الأولياء المغاربة غالبًا، وأشهرهم رأس الأولياء المرسي أبو العباس حيث يوجد بالمدينة نحو 27 مولد تقام في شهر رمضان وحوالي 75 ضريح.
حواديت الإجريج والطلاينة واليهود..القصور المنيفة والأحياء العتيقة، حكايات البحر والمينا والفنار وزنقة الستات وبئر مسعود والترام وريا وسكينة..حكايات النبي دانيال ومقبرة الإسكندر، بحري والأنفوشي وأبي قير وغيرها من قصص سترد في بطون هذا الكتاب.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة
- حرية الفكر في الإسلام
- جذور الأصولية الإسلامية في مصرالمعاصرة: رشيد رضا ومجلة المنا ...
- الشعر العراقي الحديث
- مع الباحثة والمؤرخة الأرمنية السورية ..دكتورة هوري عزازيان
- نظرية البنائية في النقد الأدبي
- وحدة تاريخ مصر
- الارتجال للمسرح
- الشعر المسرحي في الأدب المصري المعاصر
- الأزهر في ألف عام
- جماليات فن الإخراج
- قضايا الفلاح في البرلمان المصري-1924-1936
- الجامعة الأهلية بين النشأة والتطور
- فن الدراما عند رشاد رشدي
- عصر الصورة من الفوتوغرافيا إلي الأقمار الصناعية
- قضايا المشرق العربي كما يراها الشعراء الأسبان
- يوسف الشاروني وعالمه القصصي
- حكايات أندرسن
- الغيم والمطر: الرواية الفسطينية ..من النكبة إلي الانتفاضة
- المرأة والتغير الاجتماعي 1919-1945


المزيد.....




- ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
- -هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص ...
- زلزال قوي يضرب جنوب شرق جزيرة هونشو اليابانية
- قتلى في غارات إسرائيلية على اليمن استهدفت مطار صنعاء ومواقع ...
- كارثة بيئية في البحر الأسود: إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق ...
- اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء وال ...
- -تلغراف-: على ترامب أن يعرض على بريطانيا صفقة الانضمام إلى ا ...
- فنلندا تحقق في -تخريب- كابل كهرباء بحري يربطها بإستونيا وسط ...
- اتهامات للسلطات التونسية بالتنكيل بقيادي في حركة النهضة
- كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عطا درغام - إسكندرية من تاني