أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهى نعيم الطوباسي - أزمة الجسر: الاحتلال والقهر والكرامة














المزيد.....


أزمة الجسر: الاحتلال والقهر والكرامة


نهى نعيم الطوباسي

الحوار المتمدن-العدد: 7327 - 2022 / 8 / 1 - 20:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



" تحت شمس الظهيرة في البقعة الأكثر انخفاضا في الدنيا، كانت دموع الناس وهتافاتهم تحيل العالم إلى جمرة"، هذا الوصف الذي قدّمه الكاتب إبراهيم نصر الله في رواية "تحت شمس الضحى"، لمشهد عودة الفلسطينيين عن طريق الجسر إلى فلسطين المحتلة، بطريقة مؤثرة، وتحاكي واقع الحال وما يعيشه الفلسطيني من قهرٍ خلال السفر، وكأنه حدثٌ ومشهدٌ آنيٌّ، توقف عنده الزمن، وسُمع فيه الصراخ والألم، والأنين المخنوق الذي يكاد يتفجّر من ضلوع المسافرين.
فالأزمة التي عاشها ومازال يعيشها المسافرون الفلسطينيون على الجسر، والتي كانت حديث الناس على مدار الأسابيع الماضية، تستدعي الوقوف عندها من ظروف السفر وإجراءاته، والمعاملة التي لا ترتقي إلى الحد الأدنى من شروط معاملة البشر، ومن النادر أن تحصل مع أي مسافر عند أية تقطة عبور بين الدول في العالم، سواء كانت برية أو جوية أو بحرية. فالأزمة ليست عابرة، ولا يجب نسيانها لمجرد انتهاء الموجة الحالية، وإنما هي جزء من قضية جرى التعتيم عليها لسنوات طويلة، ومرتبطة بحق أساسي هو حق السفر بكرامة. ولكن الأزمة كانت بمثابة الشرارة لإثارة الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان وكرامته في فلسطين، عند السفر، وهو موضوع يجب إثارته على المستويات كافة، وأمام المجتمع الدولي، والضغط على الاحتلال لكي يتحمل مسؤولياته كاملة، ولكي يفي بالالتزامات المترتبة عليه وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بتوفير الحماية للمدنيين وضمان المعاملة الانسانية لهم. فما يحصل من انتهاك لحقوق الإنسان أثناء السفر وعبور الجسر في الاتجاهين، أشبه بعقوبات جماعية ضد الشعب الفلسطيني وهو ما يخالف القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.
فلماذا هذه الأزمة القاتلة في الوقت الحالي بالذات؟ حسب العديد من التحليلات، فإن الأزمة مفتعله، وهي تعبّر عن سياسات الاحتلال الساعية إلى تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني، بهدف تركيعه ودفعه إلى الاستسلام، فإسرائيل من خلال هذه الأزمة أرادت تحقيق عدة أهداف، من بينها إجبار المواطن الفلسطيني على استخدام مطار رامون الفاشل اقتصاديا لإنقاذه وإنعاشه من جهة، وللتخلي عن حقوقنا في مطاراتنا مطار القدس الدولي في قلنديا، ومطار ياسر عرفات في رفح الأن إسرائيل تسعى لتكريس الانقسام والانفصال بين الضفة وغزة، وأيضا لضرب العلاقات الأردنية الفلسطينية، فمطار الملكة علياء الدولي جنوب عمان لا يبعد عن مدننا الرئيسية سوى ربع المسافة التي تفصلنا عن مطار رامون المقترح، ولطالما كانت الأردن هي الأقرب إلى فلسطين، ليس فقط بالجغرافيا، بل أيضا من تجانس وانسجام وتماسك، بين الفلسطينيين والأردنيين قيادة وشعبا، فحالة الإذلال والقهر والانتظار بالساعات بالشوارع حتى الاضطرار إلى المبيت بالسيارات وعلى الأرصفة، على الجانب الأردني، لم تكن عفوية ولا طبيعية بل هي تهدف للوقيعة بين الشعبين، وخلق البلبلة والارتباك في العلاقة بين البلدين.
وهذا ما كان يجب أن يتحمل مسؤوليته كافة الجهات المسؤولة من جميع الأطراف. أولا لأن الأزمة ليست مفاجئة، والمبررات التي قدمها بعض المسؤولين من الأردن الشقيق، يفترض أنها كانت متوقعة، لكافة الأطراف التي تعمل على الجسر.والحجج والذرائع سواء من تدافع الناس على السفر بعد انقطاع طويل بسبب أزمة كورونا، وعودة المغتربين، وعطلة المدارس والأعياد، وموسم الحج، ولم شمل نحو 5000 فلسطيني، فكل ماذكر يفترض أنه معروف، فلماذا لم يتم أخذ التدابير اللازمة والضغط على اسرائيل لفتح الجسر 24 ساعة، لتفادي الأزمة قبل حدوثها وتعطيل افتعالها، ورفع حالة التأهب والاستعداد لتوفير ظروف سفر أمنة وبكرامة وإنسانية. ووضع آليات لتظيم السفر قبل الأزمة.
ما عاشه المسافرون على الجسر ذهابا وإيابا، كان كابوسا يتوقف عنده الزمن، تعرّض فيه الفلسطيني للقهر والإذلال أمام كل العالم بحجة الأعداد الكبيرة التي تدافعت على الجسر، ناهيك عن تعريض حياة الأطفال وكبار السن والمرضى للخطر.
اللافت والمثير للقهر والاستفزاز هو الدلال والاحترام الذي حظي به السائح الأجنبي على جانبي الجسر، وهو مؤشر آخر من مؤشرات اللامساواة وانتهاك مبادئ حقوق الإنسان، أمام كل العالم. فالسائح يمر سريعا، يملؤه الشعور بالاستعلاء والتفوق على جموع البشر المتكدسين في حفرة العذاب تلك، قابضين على الجمر كاظمين الغيظ في انتظار الفرج.
لقد آن الآوان لدق جدران الخزان ورفع القيود المفتعلة التي يضعها الاحتلال على الحركة والسفر بكرامة، ووقف سياسات الإذلال والقهر الممنهجة، التي تزيد مرارة العيش في فلسطين، وتُفاقم آثار الاحتلال الخطيرة على كافة مناحي حياة الفلسطينيين. وما حصل يستدعي حراكا فلسطينيا وعربيا ودوليا لرفع الحصار عن قطاع غزة وعودة العمل بمطار ياسر عرفات الدولي في رفح، ووقف الاحتلال الإسرائيلي لخططه الاستيطانية، وإعادة تسليم مطار القدس الدولي في قلنديا للفلسطينيين لإعادة تشغليه. وأيضا ضمان السفر بكرامة وبإجراءات سهلة وتكاليف معقولة، ووقف الاستغلال بحمل الفلسطينيين على دفع تكاليف سفر باهظة الثمن لمسافات قصيرة جدا، سواء عبر السفر من خلال ما يسمى VIP، أو من خلال السفر العادي. كلتا الحالتين استغلال وتعقيد لحياة الفلسطينيين، ومص لدمائهم وإرهاقهم ماديا ومعنويا.
إن مشهد الانتظار على جسر تنهال فيه كل قسوة العالم على رؤؤس الفلسطينيين وكرامتهم، مشهد يستحق الوقوف عنده، فهي معركة من معارك الوجود التي يخوضها الفلسطيني على أرضه مع الاحتلال، وربما يصعب على السائح أو المحتل وعلى كل المراقبين استيعاب كيفية احتمال الفلسطينيين لكل هذا العناء والمتاعب على طريق الآلآم، للوصول إلى أوطان أشبه بالزنزانة يتحكم فيها الاحتلال بكل مفاتيح الحياة. لكنه الحب والانتماء لوطن مُزِّق بالجغرافيا والاحتلال، وتوحد في قلوب كل الفلسطينيين، لذلك سيبقى شعبنا الفلسطيني عظيما بصموده الأسطوري، وسيبقى الاحتلال عاجزا أمام شعب أبدع في انتزاع الحياة من براثن الموت. وهذا الاحتلال والنفق المظلم سينتهي ليرى شعبنا الفلسطيني نور الحرية لا محالة.



#نهى_نعيم_الطوباسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة بايدن: مكاسب لأميركا وإسرائيل وخيبات للعرب
- بوصلة الفلسطينيين جميعا تتّجه صوب القدس
- المسجد الأقصى وخطة التهويد
- استهداف أطفال فلسطين.. جيل النصر
- عن الحرب والإنسانية
- الهدف 14 للتنمية المستدامة وحقوق فلسطين في بحرها ومياهها
- الهدف 13 للتنمية المستدامة وخطر الاحتلال على البيئة والمناخ
- فلسطين والهدف 12 للتنمية المستدامة: الانتاج والاستهلاك
- الهدف الحادي عشر: استدامة المدن في فلسطين والاحتلال
- الهدف العاشر للتنمية: المساواة والقضاء على التمييز
- الهدف التاسع للتنمية وحال الصناعة في فلسطين
- كيف حال العمل اللائق في فلسطين؟
- قطاع الطاقة وفرص الانفكاك عن الاحتلال
- سياسة تعطيش الفلسطينيين وأهداف التنمية المستدامة
- واقع المرأة بين المساواة والمواساة
- التعليم والحرية وأهداف التنمية المستدامة
- من أهداف التنمية المستدامة: الصحة الجيدة
- الهدف الثاني للتنمية المستدامة: القضاء التام على الجوع
- الاحتلال والفقر أصل الشرور الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين
- المرأة الفلسطينية بين المطرقة والسندان


المزيد.....




- ترامب يكشف موعد اتصاله مع رئيس وزراء كندا ويؤكد: -سيدفعون-
- الصين لديها ورقة رابحة في مواجهة رسوم أمريكا الجمركية.. ما ه ...
- أمراض يشير إليها تضخم الغدد اللمفاوية
- روسيا تنشئ أنظمة تبريد تساعد على تطوير أجهزة الكمبيوتر الكمو ...
- روسيا تستخدم الدرونات لمراقبة مسارات السكك الحديدية
- روسيا تختبر منظومة جديدة مضادة للدرونات
- البول الأسود.. اضطراب نادر يسبب مشاكل صحية خطيرة
- الدنمارك.. اكتشاف نوع جديد من الفطريات تحوّل العناكب إلى زوم ...
- روسيا تنتج بطاريات الليثيوم الأيونية للطائرات المسيرة
- أمراض تسمى -القاتل الصامت-.. ما هي وكيف نكتشفها مبكرا؟


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهى نعيم الطوباسي - أزمة الجسر: الاحتلال والقهر والكرامة