كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7324 - 2022 / 7 / 29 - 01:32
المحور:
كتابات ساخرة
من أجمل إيحاءات سورة (القمر): أن كلَّ أمرٍ له مستقر، حيث يستقر بكل عامل عَمله، وبكل سياسي عمله، فالخير مستقرٌ بأهله، والشر مستقرٌ بأهله، وكلٌ أمرٍ ينتهي إلى غاية أو نهاية. .
سورة رائعة خصصها رب العزة في محكم كتابه للقمر، فقال: ((اقتربت الساعة وانشق القمر))، والقمر قدّره الخالق العظيم منازل حتى عاد كالعرجون القديم، لكننا في العراق بدلاً من ان نتدبر آيات القرآن، ونتفكر في منازل القمر، ونطيل التأمل فيها، وبدلا من ان نستخرج ما فيها من خير متجدد لا يزول ولا يحول، ابتكر بعضنا تلسكوبا فضائيا من تلسكوبات سوق مريدي لمشاهدة صور زعماءنا التي التصقت على سطح القمر عند اكتمال البدر، فالعراقيون أول من رسموا صور زعماءهم فوق سطح القمر، وكانوا اول المحتجين على رحلة المركبة الفضائية (ابولو 11) التي يقال انها هبطت هناك عام 1969، ذلك لأنها لم تعثر هناك على صورة عبد الكريم قاسم، ولا على صورة عبد السلام عارف، ولا صورة ابو هيثم، ثم جاءت المفاجأة في سبعينيات القرن الماضي عندما زعم البعض انهم شاهدوا صورة المصارع عدنان القيسي في حلبة القمر، وزعموا أيضاً انهم شاهدوا صورة صدام تتحرك بين القمر والنجم القطبي الشمالي. ثم تكررت اللقطات القمرية، وتكاثرت بعد عام 2003، وتحول القمر الى استوديو مفتوح لاستعراض صور قادة العراق من سياسيين ورجال دين. .
ففي الوقت الذي تنشغل فيه وكالة ناسا للفضاء بإطلاق التلسكوب هابل، ومن بعده التلسكوب (جيمس ويب) لسبر أغوار الكون، وتفحص المجرات البعيدة، اطلق العراقيون العنان لمخيلتهم لكي يرسموا صوراً قمرية لقادتهم وزعماءهم. فعندما يتنامى الاحساس بالدونية، ويرتبط بعقدة الصنمية، تتجمد عقول المغفلين والجهلة لتتحول إلى مراصد فلكية معطوبة، لكنها تتخبط في الظلام لتكرس فكرة العبودية التي آمنت بها. .
ما الذي تغير الآن في تصوراتهم ؟, بعد أن تكاثرت علينا الصور القمرية واللافتات الدعائية البراقة, حتى غطت الشوارع كلها, وانتشرت في الأزقة الضيقة, وتسللت داخل دور العبادة, وما الذي تبدل في حياتنا بعد أن صنع المغفلون أكثر من دكتاتور ؟, وبعد أن رفعوهم إلى مراتب سامية في معابد التمجيد والتخليد, التي التصقت نماذجها المتخلفة بحياتنا البائسة, وشوهت صورتنا بين الشعوب والأمم ؟؟. .
والحديث ذو شجون. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟