|
مستقبل اقتصاد التأثير : مواطنة الشركات ....وخلق القيمة المشتركة
محمد العزاوي
اكاديمي وباحث في مجالات ادارة الاعمال والشؤون الجامعية
(Mohammed Alazzawi)
الحوار المتمدن-العدد: 7319 - 2022 / 7 / 24 - 11:33
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مستقبل اقتصاد التأثير: مواطنة الشركات وخلق القيمة المشتركة The Future of Impact Economy: Corporate Citizenship & Creating Shared Value مقدمة بغية فهم ما التطورات التي وصل له الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة وتحوله إلى ما يعرف باقتصاد التأثير. لا بد من استعراض المراحل التي ميّزت تطور المجتمعات البشرية. فمن المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي إلى المجتمع المعرفي، وصولاً لاقتصاد التأثير كانت عمليات الانتقال كما يلي: التحول الأول: المجتمع الزراعي أو اقتصاد الطبيعة: هي مرحلة الانتقال من صيد الحيوانات والاسماك وجمع النباتات إلی الزراعة. على ضفاف الأنهار الكبرى في اسيا وأفريقيا حيث التربة الخصبة، حيث تشكلت لدى تلك المجتمعات ظروف تلائم المجتمع الزراعي والتي سماها المؤرخون بثورة العصر الحجري الحديث من حوالي 9000 سنة قبل الميلاد. وأدت إلی نشأة المنظومة العالمية وانتقال البشرية من المرحلة ما قبل الزراعية إلی مرحلة المجتمعات الزراعية وزيادة نسبة النمو السكاني وتسارع التطور الاجتماعي بصورة عامة. ويُعتبر الانتقال من مرحلة الالتقاط والصيد إلى مرحلة الزراعة والرعي وتربية الحيوانات ثورة في عالم الحضارة والاقتصاد. التحول الثاني: المجتمع الصناعي أو اقتصاد الآلة: تُجمع الكثير من الدراسات التاريخية أن عملية الانتقال الى مرحلة التصنيع تعود الى زيادة عدد السكان ومحدودية المصادر الطبيعية والتمايز الشديد للمناطق السكانية من حيث المزايا الطبيعية المتوفرة، وتعقد أنماط الحياة، وظهور العديد من مصادر الطاقة الجديدة. التحول الثالث: المجتمع المعرفي أو اقتصاد المعرفة: شكلت الحرب العالمية الثانية نقطة انعطاف في مسيرة البشرية، فبمجرد وصفها حرباً فقد تسببت في تغيير الكثير من وقائع ومظاهر العالم، ويعتبرها الكثير من المختصين نقطة التحول الثالث، متمثلة بالثورة العلمية أو التكنولوجية أو المعرفية. ومن أهم ما ميز هذا التحول أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. حيث تعتمد اقتصادات المعرفة على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار، والانتقال من مرحلة الإبداع الفردي إلى مرحلة الإنتاج الجماعي والمؤسساتي. وكان من معالمها غزو الفضاء، ونشر الأقمار الصناعية، والاستخدام الواسع لشبكات المعلومات والاتصال. التحول الرابع: إنعكاسات الازمة المالية واقتصاد التأثير ومع بداية العقد الثاني من الالفية الثالثة اشارت جميع الشواهد الى ان الدول المتقدمة تدخل مرحلة جديدة في مسيرة نموها الاقتصادي خلال السنوات الخمس الماضية، حيث بدأت صياغة معالم إقتصاد جديد أطلق عليه إسم إقتصاد التأثيرImpact Economy بعد انتهاء حقبة اقتصاد المعرفة والمعلومات. وقد توقعنا ان تهتم القوى الكبرى والقيادات السياسية والإقتصادية في كل دول العالم وخاصة المتقدم منه تحقيق الاستقرار السياسي والاهتمام بالمستوى المعيشي لسكان الأرض من خلال تسخير الاختراعات والتكنولوجيا الحديثة لسكان هذا الكوكب وتحقيق حلم الرفاهية. كما حلمنا ان يتسم القادة بالصدق والصراحة والالتزام بالقيم في كل نواياهم. كشفت الأزمة المالية العالمية 2008 عن تخلي النظام الرأسمالي عن العمود الفقري لهذا النظام، وهو عدم تدخل الدولة في النظام الاقتصادي، وقد عصفت الأزمة المالية بالجميع (أفراد، مؤسسات، دول)، مما دعى للتفكير في إعادة النظر بتفعيل القوانين والقواعد والممارسات وضرورة تضافر الأطراف الاقتصادية والسياسية للإسراع في معالجة الأزمة. لذلك أكد الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد السابع عام 2015 على أهمية الإقتصاد النامي، والعجز المتقلص، والصناعة المتعافية، وإنتاج الطاقة المزدهر مؤكداً بالقول: لقد خرجنا من ركود من شأنه أن يكتب مستقبلنا أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض، ونملك الآن أن نختار من نريد أن نكون خلال السنوات الخمس عشرة القادمة، والعقود القادمة. (Whitehouse, Gov., Press January 20, 2015) ما هو اقتصاد التأثير: Impact Economy؟ إن ما يتناوله إقتصاد التأثير، يؤكد عليه منذ مدة صناع السياسة في العالم وهو إن توسيع الفرص الإقتصادية يعد أمراً أساسياً لتحقيق المصلحة الوطنية وأهمية توسيع الدور الحكومي، وبناء مستويات متقدمة من الشراكة والتعاون ودعم القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ليكون أكثر فعالية. وخلق الفرص وتقليص البطالة وتحسين التعليم ومعالجة مشكلات البيئة وزيادة دور مؤسسات القطاع الخاص في رسم السياسات الحكومية لتعزيز وتوسيع إقتصاد التأثير. ولذلك تعرضت الشركات وخاصة الكبيرة في الولايات المتحدة الى موجة قوية من الانتقادات نتيجة للمشاكل الاجتماعية والبيئية والاقتصادية التي واجهتها امريكا وباقي دول العالم. وتؤكد هيلاري كلينتون في خطابها عام 2012 بحضور 250 من المستثمرين ورجال الأعمال والعلماء والأكاديميين وصناع القرار في منتدى إقتصاد التأثير العالمي نداء من أجل بناء القيم المشتركةCreated Shared Value في الإقتصاد العالمي. (The Secretary’s Global Impact Economy Forum, Washington, DC April 26-27, 2012) حيث أكدت في عالم اليوم هناك واحد من كل ثلاثة أشخاص في العالم اليوم يعيش على أقل من دولارين يومياً، وترى إن توسيع الفرص الإقتصادية أمر أساسي لتحقيق مصلحة امريكا الوطنية. حيث ان لدى الولايات المتحدة الفرصة للتلاقي والاعتراف من جانب الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وبأنه يمكن أن يكون ذلك أكثر فعالية العمل معا وخلق الفرص لتعزيز وتوسيع إقتصاد التأثيرImpact Economy مواطنة الشركات مقدمة: يمثل مفهوم مواطنة الشركات تطوراً مهماً في دور المنظمات في مجتمعاتها. هذا التطور يعكس تغيير ايديولوجي في النظر الى تحول هذه المنظمات الى لاعب مؤثر في تنمية وتطوير المجتمع بوصفها مواطنأ لها حقوق وعليها واجبات. مفهوم مواطنة الشركات: تعرف مواطنة الشركات بانها مجموعة من الاستراتيجيات والانشطة التي تصورالعلاقة بين المنظمة والمجتمع. كما أنها عرفت على أنها امتداد لمفاهيم اخرى لتصوير العلاقة بين المنظمة والمجتمع. من ناحية اخرى، فان مواطنة الشركات هي مفهوم يقوم بربط الانشطة التشغيلية للمنظمة بانشطة المجتمع لغرض تعزيز فكرة ان المنظمة هي مواطن يمتلك حقوق وتترتب عليه مجموعة من الواجبات. ووفقاً للمركز الدولي لمنظمات القطاع الخاص فان مفهوم مواطنة الشركات يعرف بأنه مفهوم ينظر الى ما وراء الارباح المتحققة في المدى القصير والأخذ بعين الاعتبار مصالح اصحاب الحقوق ووجود معايير الاخلاقية عالية لخلق بيئة جيدة للتجارة والاستثمار. أما المنتدى الاقتصادي العالمي فقد عرف هذا المفهوم عام 2003 بأنه عملية دمج سياسات وتطبيقات الشركة التي تؤثر في البيئة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. وقد عرف ايضاً بأنه ذلك المفهوم الذي يتجلى في استراتيجيات وتطبيقيات الشركات لتطوير مفهوم تشغيلي يؤثر على مصالح اصحاب الحقوق وعلى البيئة الطبيعية. وضمن نفس السياق عرف المفهوم بانه محفظة من الانشطة الاجتماعية- الاقتصادية التي تقوم بها الشركات حيث تدرك واجباتها كعضو في المجتمع.
خصائص مواطنة الشركات: لمفهوم مواطنة الشركات عدة خصائص منها: 1- يتغلب المفهوم على الصعوبات التشغيلية والتنفيذية لمفاهيم اخرى ذات علاقة مثل المسؤولية الاجتماعية، وهذا يعني ان هذا المفهوم اكثر عملية من المفاهيم الاخرى. ان هذه الصفة تعد من الصفات الاساسية لهذا المفهوم بسبب الصعوبة المرتبطة بعمليات قياس كلف ومنافع الانشطة الاجتماعية. ومن هنا فقد اصبح مفهوم المواطنة اكثر تحديداً وارتباطاً بالجوانب التشغيلية لانشطة الشركات، كما أن المفهوم تضمن جوانب مادية ملموسة قابلة للقياس. 2- ان هذا المفهوم اعاد بناء علاقة الشركات بمجتمعاتها،فالفضائح المالية للشركات زادت حدتها آواخر القرن العشرين مما حتم على الشركات ضرورة إعادة بناء علاقاتها مع المجتمع وزيادة مستوى الثقة بأعمالها و انشطتها. ولم يعد مفهوم المسؤولية الاجتماعية كافياً لاعادة بناء هذه العلاقات والثقة وبالتالي فان تبني مفهوم جديد يظهر مدى ولاء الشركات لمجتمعاتها اصبح ضرورة حتمية وقد وجدت هذه الشركات ضالتها في مفهوم مواطنة الشركات, 3- يركز هذا المفهوم على فكرة ان الشركات لديها حقوق وعليها واجبات وحالها في ذلك كحال المواطن الفرد الطبيعي. إن مفهوم مواطنة الشركات يوسع دائرة العلاقة بين الشركة ومجتمعها ويصور هذه العلاقة على ان الشركات وكأنها مواطناً طبيعياً من حيث تحمله للواجبات وحصوله على الحقوق. وبهذا فإن مفهوم المواطنة لم يقتصر على مجموعة محددة من الاتشطة وإنما يمتد ليشمل كل ما من شأنه ان يعزز علاقة الفرد بمجتمعه بإعتباره مواطناً ذا حقوق وعليه إلتزامات. 4- يتضمن المفهوم القضايا الاخلاقية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية معاً. حيث يمزج مفهوم مواطنة الشركات القضايا الاخلاقية والبيئية والتعليمية والاقتصادية والسياسية وغيرها مزجاً يؤدي الى تحول في طريقة تفكير الشركات في علاقتها بمجتمعاتها ويعزز فكرة الشركة المواطن. وعلى هذا فان إنشطة مواطنة الشركات تمتد لتشمل انشطة التعليم والصحة ومكافحة الجوع والفقر والقضايا المرتبطة بتحسين طويل الامد في البيئة وغيرها. 5- ان هذا المفهوم يركز على تلبية حاجات اصحاب الحقوق (Stakeholders) بدلاً من المساهمين (Stockholders)لقد هيمن مفهوم المساهمين على الفكر الاداري والمالي والمحاسبي لفترة زمنية طويلة. يشير هذا المفهوم أن على الشركات ان تخدم مصالح ملاكها بالدرجة الاولى عن طريق تعظيم مصالحهم الشخصية وزيادة مستويات الارباح. لقد أثرت وجهة النظر هذه على الفكر المحاسبي بشكل واضح من حيث تبني وجهة اظر المساهمين في تسجيل وتقويم العمليات المحاسبية واعداد الكشوفات المالية لتوفير معلومات لهذه الفئة تحديداً. وفي ثمانينيات القرن العشرين برز دور مفهوم أصحاب الحقوق كوجهة نظر بديلة لتفسير سلوك المنظمة. يركز هذه المفهوم على وجود مجموعات اخرى تؤثر وتتأثر بأنشطة الشركات ولكن ليس لديها القدرة على توجيه المنظمة كما تريد ومثلما يفعل المساهمون. ومن هنا فان مفهوم أصحاب الحقوق جاء ليعكس التغير في نمط دور الشركة في مجتمعها، ذلك ان الشركة عليها ان لا تتجاهل وجود هذه المجموعات التي بدا تأثيرها واضحاً في تلك الفترة التي شهدت تحولاً اجتماعياً نحو زيادة الاهتمام بالمجتمع. 6- أن هذا المفهوم يتضمن استراتيجيات وسياسات وتطبيقات لربط الشركات بالمجتمع. ويتم ذلك عن طريق بناء استراتيجية طويلة الامد لعلاقة الشركة بمجتمعها. إن أنشطة مواطنة الشركات تعد ضمن خطة استراتيجية تتضمن مجموعة من الاهداف الملزمة للشركات وضمن مدى زمني معين. هذه الاهداف تترجم ضمن خطة تشغيلية الى مجموعة من السياسات والاجراءات والتطبيقات التي تصبح دليل عمل يلتزم بها موظفوا الشركة وتؤخذ بالحسبان عند إتخاذ القرارات المتعلقة بالشركة. 7- لا يركز هذا المفهوم على عملية توزيع الارباح على أصحاب الحقوق وأنما يركز على مسألة الاستثمار في المجتمع. مع تطور مفهوم أصحاب الحقوق وإنخفاض أهمية مفهوم الارباح كقوة محركة وحيدة للشركات، أصبح من الضروري تحويل الانتباه الى ما تقدمه الشركة الى المجتمع نظير حصولها على الارباح بحيث تتمكن الشركة تبرير ارباحها ومستويات الارباح المختلفة بسبب مجموعة انشطة مواطنة الشركات المحتلفة. لقد اوضحت أحدى الدراسات أن المستهلكين في السويد مستعدون لشراء السلعة بزيادة 20% في ثمنها اذا تأكدوا ان هذه السلعة تتضمن مزايا ومواصفات تحافظ على البيئة. إن الدور الاساسي للشركات ينبغي ان يتحول من مجرد استثمار لتحقيق ارباح في المدى القصير الى استثمار اجتماعي يمكن ان يحقق الارباح في المدى الطويل عن طريق زيادة ولاء الشركات لمجتمعاتها. ان الشركات تستطيع استثمار تطبيقات المواطنة الاجتماعية بشكل كبير عن طريق ما يسمى "بالمنتجات الاخلاقية". هذه المنتجات تتضمن عدداً من منتجات الاستثمار في البيئة كتمويل الاستثمار الاخضر والتي أدت في النهاية الى ظهور شركات الاستثمار الاخضر كما في هولندا في تسعينيات القرن العشرين مثل Biogrond Beleggingsfonds والمدرجة في بورصة امستردام. وتشير بعض الدراسات في هذا المجال الى ان على الشركات ان تفصح أكثر عن هذه المنتجات لان الاعتبار الاخلاقي أصبح أحد محددات القرار بالنسبة للمستهلك عند شراء منتجات الشركات بشكل أصبح يضع ضغطاً أكبر على الشركات لترويج المنتجات الاخلاقية وتقديمها بشكل يحقق متطلبات الاستثمار في المجتمع. 8- يوضح هذا المفهوم أن الحكم النهائي على تصرفات الشركات هو مدى ولائها للمجتمع. حيث يرتبط الولاء للمجتمع بمدى قدرة الشركة على الالتزام بتعهداتها تجاه المجتمع. فطالما أصبحت أنشطة مواطنة الشركات واقعاً ملموساً للشركات، فان هذه الانشطة ستمثل قياساً لمدى ولاء الشركة لمجتمعاتها حيث ينظر المجتمع بشكل او بأخر الى مدى مساهمة الشركة في قطاعات غير محددة ولا يقتصر الامر على مجرد مساهمات متناثرة هنا وهناك، بل أن تكون هذه المساهمات طريق عمل للشركة وتعكس مدى التزامها بتقديم هذه الانشطة للمجتمع بشكل مستمر.
9- يعكس هذا المفهوم الصورة الاجتماعية للشركة. هذه الصورة تتجسد من خلال قبول الشركة رقابة المجتمع (الرقابة الاجتماعية). أن مفهوم مواطنة الشركات يوسع من دائرة الرقابة على انشطتها ويضيف اليها رقابة المجتمع والتي تمثل قدرة المجتمع على تنفيذ اعمال رقابية لاجبار الشركات على العمل لمصلحة المجتمع. ان هذه الرقابة الاجتماعية تمثل وجود آليات رقابية تضمن تحقيق توافق الاهداف بين المجتمع والشركات. يعود السبب في ذلك الى تعارض المصالح بين الشركات ومجتمعاتها. فالشركات تروم تحقيق أعلى مستوى من الارباح بأقل التكاليف، في حين يسعى المجتمع للاستفادة من انشطة وعمليات الشركات دون تدمير لموارده وبما يحقق أعلى قيمة مضافة للمجتمع. وبسبب هذا التعارض فقد ينشأ صراع بين الشركة ومجتمعها، وبالتالي تصبح هناك ضرورة قصوى لازالة هذا التعارض عن طريق الرقابة الاجتماعية. إن ما يعزز خاصية الرقابة الاجتماعية هو مدى قبول الشركة لرقابة ومسائلة المجتمع وقيامها بوضع الآليات المناسبة لذلك، ومن ثم اعداد خطة التحسين في ضوء التغذية العكسية القادمة من المجتمع حول نشاط الشركة، وفيما اذا كانت هذه الاخيرة قد اوفت بالتزاماتها تجاه المجتمع وحققت الاهداف المنشودة. التطور التأريخي لمفهوم مواطنة الشركات: لا يعد عمر مفهوم مواطنة الشركات (كمصطلح) طويلاً مقارنة بمفاهيم الفكر الاداري الاخرى وحتى بالمفاهيم البديلة المرتبطة بالمجتمع. بشكل عام، فان مسؤولية الشركات تجاه المجتمع مرت بحقب زمنية مختلفة وطويلة. إذ أن هناك الكثير من الشواهد التي تشير الى ان المسؤولية الاجتماعية موجودة في زمن حمورابي في العراق. ومروراً بالحضارات المختلفة ووصلاً الى عهد الحضارة الاسلامية حيث نمت المسؤولية الاجتاماعية بشكل مثير وتجسدت في تعاليم الدين الاسلامي الحنيف من خلال الايات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة والعديدة في هذا الصدد. وقد نمت المسوؤلية الاجتماعية وتطورت في احضان الشركات المساهمة بشكل كبير. فيعزو بعض الباحثين ظهور مفهوم المسؤولية الاجتماعية بالمعنى الحديث الى الشركات المساهمة التي ظهرت منذ اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث اعتبر ظهور المفهوم وكأنه تحول في نمط العلاقة بين الشركات المساهمة والمجتمع. ومع ازدياد حجم الشركات وكبر الاستثمارات فيها وظهور الملكية العامة للجمهور ظهر وتطور اتجاه لمسوؤلية الشركة نحو المجتمع وضرورة الاخذ بنظر الاعتبار مصالح اطراف متعددة فيه نحو طريقة عمل واهداف الشركة المساهمة. وقد ظل هذا المفهوم محل صراع بين الاقتصاديات الرأسمالية والاشتراكية حيث يمكن تشخيص أربعة مراحل اساسية لتطور هذا المفهوم: المرحلة الاولى: تمتد منذ 1945 لغاية آواخر ستينيات القرن العشرين نما مفهوم المسؤولية الاجتماعية بعد الانهيار الاقتصادي الكبير في بداية ثلاثينيات القرن العشرين حيث وصفت الشركات بأنها "شيطان" تتركز القوة بيديها، وما لبث ان انهار الاقتصاد العالمي بسبب تحكمها وقوتها. بعد ذلك وخاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كانت الشركات حريصة على تحسين صورتها امام المجتمع وقد وجدت في تبني مفهوم المسؤولية الاجتماعية املاً في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في تلك الفترة. وقد شهدت هذه الفترة تطوراً في هذا المفهوم وخاصة بعد ظهور الاتحاد السوفيتي "سابقاً" كقوة عالمية امام الرأسمالية الغربية المتمثلة بالولايات المتحدة الامريكية حيث اعتبر الاتحاد السوفيتي قوة مؤثرة ليس فقط سياسياً وانما اجتماعياً حيث شكل تحدياً امام نمط الحياة الغربية والفكر الرأسمالي. وعلى هذا الاساس قدمت العديد من وجهات النظر حول اهمية أن تأخذ الشركات دورها ليس فقط في مجال المسؤولية تجاه أصحاب رأس المال وإنما تجاه المجتمع. وقد زاد الاهتمام بهذا المفهوم بعد أن قدم Howard R. Bowen كتابه المشهور عام 1953 والذي يحمل عنوان " Social Responsibilities of the Businessman" حيث اعتبرت الفترة التي قدم فيها الكتاب وكأنها فترة الادبيات والنظريات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية. بالاضافة الى ذلك فقد ساعدت الحرب الباردة على شيوع هذا المفهوم وتبنيه من قبل الشركات. العامل الاخر الذي ساعد في نمو هذا المفهوم في تلك الفترة هي تضاؤل دور الحكومات في خدمة المجتمع وضعف الثقة بها من قبل الجمهور مما حدا بالشركات الى الاضطلاع بالمسؤولية الاجتماعية للمجتمع وخاصة في المجال التي عجزت فيها الحكومة عن القيام بدورها. لقد تزامن هذا الاهتمام الاكاديمي بمفهوم المسوؤلية الاجتماعية مع اهتمام مماثل من قبل رجال الاعمال والشركات. ففي عام 1951 صرح احد مدراء الشركات الامريكية وهو Frank Abrams وهو مدير شركة Standard Oil of New Jersey بأن وظيفة الشركة هي الحفاظ على علاقات عادلة ومتوازنة مع اطراف متنوعة ومتعددة في المحيط الخارجي مثل المساهمين، العاملين ، الزبائن والحمهور بأكمله. وقد اعطى هذا التوجه زحماً كبيراً لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات في تلك الحقبة. المرحلة الثانية: تمتد من آواخر الستينات الى آواخر سبعينيات القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت النظرية الكنزية اكثر قبولاً واستخداماً وتبنياً من قبل الحكومات. هذه النظرية تدعو الى تدخل الدولة في ادارة شؤون الاقتصاد و إعادة تعريف دور الشركات في المجتمع، وبالتالي فقد أصبح هناك حيز كبير لمفهوم المسوؤلية الاجتماعية. من جهة اخرى فقد زاد الاهتمام بموضوع المصلحة العامة كدليل عمل للشركات والمجتمع على حد سواء. فقد شكل موضوع المصلحة العامة أساساً للنظريات والادبيات في حقول معرفية متعددة كالاداره والمحاسبة. فعلى سبيل المثال، أستخدمت فكرة المصلحة العامة في بعض النظريات المحاسبية المعروفة بأسم النظريات المحاسبية الوضعية والمعيارية، حيث يرى رواد النظرية الوضعية في المحاسبة ان فكرة المصلحة العامة استخدمتت لتبرير الكثير من التطبيقات المحاسبية. العامل الاكثر اهمية في بروز دور المسؤولية الاجتماعية هو التوجهات الاشتراكية للكثير من الدول وخاصة خلال فترة السبيعنيات من القرن العشرين. ففي 1975 قدمت هيئة الاوراق المالية في الولايات المتحدة تقريراً يفيد بضرورة الافصاح عن القضايا الاجتماعية والبيئية في التقارير المالية للشركات. وفي نفس الفترة قدمت لجنة المعايير المحاسبية في انكلترا تقريرها حول المحاسبة حيث ناقشت مفهوم المسؤولية الاجتماعية وضرورة تبنيه من قبل الشركات في تحسين مستوى الافصاح عن المعلومات. من جهة اخرى، فقد قامت العديد من المجلات العالمية والهيئات بتخصيص جائزة تقدم لافضل شركة في مجال تحسين مستوى البيئة والانشطة الاجتماعية كما هو الحال مع جائزة مجلة PW لافضل تقرير عن المسؤولية الاجتماعية. وقد نما في تلك الفترة ما يعرف بالمحاسبة الاجتماعية والبيئية والتدقيق البيئي والاجتماعي والاداء الاجتماعي وطرق قياسه والافصاح عنه بشكل كبير حتى ان العديد من الادبيات المحاسبية أفردت فصولاً عدة لهذه المواضيع في مولفاتها. المرحلة الثالثة: تمتد من آواخرالسبيعينات الى آواخر تسعينيات القرن العشرين في هذه المرحلة بدأت هناك العديد من الانتقادات للنظرية الكنيزية وخاصة بعد ازمة عام 1976 في انكلترا حيث عاد الى الواجهة الصراع بين التوجهات الاجتماعية للشركات وبين الفكر الرأسمالي الجديد. لقد ايقنت حكومة بريطانيا في ذلك الوقت عدم جدوى افكار المدرسة الكينزية وضرورة تبني الفلسفة اليبرالية الجديدة. في فترة الثمانينات انخفض الاهتمام بهذا المفهوم بشكل كبير ولم يعد هناك إجماع على هذا المفهوم أو ضرورة تبنيه او إعتماده بالنسبة للشركات، وإنما حل محله مفهوم مواطنة الشركات والنظرية الاخلاقية للشركات. في هذه الحقبة أنخفض الاهتمام بمفهوم المسؤولية الاجتماعية ايضاً بسبب العولمه وإنهيار الاقتصاديات الاشتراكية التي تهتم بالمسؤولية الاجتماعية. هذا الانهيار جاء في مصلحة الاقتصاديات الرأسمالية التي تتصارع مع مفهوم المسؤولية الاجتماعية وترفضه بشكل صريح. برز مفهوم مواطنة الشركات كبديل لمفهوم المسؤولية الاجتماعية في التسعينات من القرن العشرين. هذا المفهوم جاء ليعيد تصوير العلاقة بين الشركات والمجتمعات التي تحتويها بحيث تظهر الشركة وكأنها مواطناً يتمتع بالحقوق ويتحمل الواجبات. المرحلة الرابعة: من آواخر التسعينات لغاية الوقت الحاضر مع تزايد استخدام تقنيات المعلومات والانترنيت وتوسع العولمه وامتدادها خارج افق القارات وتوسع الاتفاقات الدولية وتحرير التجارة والسوق العالمي وزيادة عدد مساهمي الشركات، عادت ظاهرة الانهيارات الى الظهور من جديد في الاقتصاديات الرأسمالية، وتم الاستنتاج بأن الفكر الرأسمالي هو المسؤول عن هذه الانهيارات، وظهر مفهوم المسؤولية الاجتماعية الى حيز المناقشة من جديد كأحد المفاهيم المهمة. لقد اجرت شركة KPMG احدى شركات التدقيق الاربعة الكبار عام 2005 دراسة حول المسؤولية الاجتماعية في العالم. وقد أظهرت الدراسة أن 19% من الشركات العالمية قد شهدت زيادة في تقارير الافصاح عن المسؤولية الاجتماعية، في حين ان 18% من 100 شركة عالمية في 16 بلداً قد شهدت زيادة في تقارير الافصاح عن المسؤولية الاجتماعية تتصدرها اليابان ومن ثم المملكة المتحدة. وقد ظهر من نتائج الدراسة ان المحفزات الاساسية التي تدفع الشركات نحو الافصاح عن المسؤولية الاجتماعية هي: - الاعتبارات الاقتصادية - الاعتبارات الاخلاقية - الابداع والتعلم - تحفيز العاملين - ادارة المخاطرة - زيادة القيمة لحملة الاسهم - السمعة (الشهرة) - تحسين المركز السوقي للشركة - تقوية العلاقات مع الموردين - إدخار الكلفة - تحسين العلاقة مع الهيئات الحكومية. ومع زيادة الاهتمام بهذا المفهوم، ظهر اتجاه جديد نحو ما يسمى بالاستثمار الاجتماعي والذي يمثل احد الابعاد الاساسية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية ومواطنة الشركات. هذا الاستثمار (الذي يسمى أحياناً الاستثمار الاخلاقي) يركز على فكرة أن على الشركات أن تتجنب الاضرار بالمجتمع وتلتزم بالتنمية المستدامة وان علاقة الشركة بالمجتمع ينبغي ان تقوم على أساس علاقة شراكة طويلة الامد وليس مجرد مشروعات مبعثرة لغرض التحسين أو التطوير. وفي عام 1999 أنشأ مؤشر داو جونز للتنمية المستدامة كدليل مهم على الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وخاصة فيما يتعلق بالاستثمار طويل الامد. وقد أظهرت بعض الدراسات أن التركيز على التنمية المستدامة والاستثمار الاجتماعي يمثل عامل جذب لرأس المال وزيادة القيمة لحملة الاسهم، فقد قفزت الاصول الاجتماعية المستثمرة في الشركات من 639 بليون دولار عام 1995 الى 2.71 ترليون دولار عام 2007 أي بزيادة مقدارها 324%. من جهة اخرى، فأن أحد مظاهر الاهتمام الحالي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية هو ظهور عدد من المعايير والادلة المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات كما هو الحال في تقارير المسؤولية الاجتماعية في استراليا والتي تتضمن أدلة ومعايير بعضها طوعي والاخرى الزامية للافصاح عن جوانب هذه المسؤولية. الحاجة الى مواطنة الشركات: Corporate Citizenship يقصد بمواطنة الشركات مسؤولية الشركات إتجاه المجتمع والذي مر بحقب زمنية مختلفة وطويلة. إذ أن هناك الكثير من الشواهد التي تشير الى إن المسؤولية الاجتماعية موجودة في زمن حمورابي في العراق. ومروراً بالحضارات المختلفة وصولاً الى عهد الحضارة الإسلامية، حيث نمت المسؤولية الاجتماعية بشكل مثير. لقد نمت المسؤولية الاجتماعية وتطورت في احضان الشركات المساهمة بشكل كبير. ويعزو بعض الباحثين ظهور مفهوم المسؤولية الاجتماعية بالمعنى الحديث الى الشركات المساهمة التي ظهرت منذ آواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إذ أعتبر ظهور المفهوم وكأنه تحول في نمط العلاقة بين الشركات المساهمة والمجتمع. ومع ازدياد حجم الشركات وكبر الاستثمارات فيها وظهور الملكية العامة للجمهور ظهر وتطور اتجاه مسؤولية الشركة نحو المجتمع وضرورة الأخذ بنظر الاعتبار مصالح أطراف متعددة فيه نحو طريقة عمل وأهداف الشركة المساهمة. عموماً ظل المختصون يعتقدون أن الشركات تزدهر على حساب مجتمعاتها. خلق القيمة المشتركة: Creating Shared Value يمكن تعريب Creating Shared Value إلى عدد مختلف من الترجمات منها: إنشاء قيم مشتركة أو خلق قيم مشتركة أو إيجاد القيم المشتركة. ويقصد بالقيمة المشتركة السياسات والممارسات التي تنتهجها الشركات لتعزيز القدرة التنافسية، وفي ذات الوقت النهوض بالظروف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع التي تعمل فيه. وتمثل القيمة المشتركة التطور التالي في الرأسمالية، وسيكون الاهتمام بقضايا المجتمع سمة مميزة في مرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية التي بدأت 2008. ويمكن للشركات خلق فرص قيم مشتركة مع مجتمعاتها أو بيئة عملها بثلاث طرق: 1.إعادة ابتكار منتجاتها وأسواقها: يمكن للشركات تلبية احتياجات المجتمع في حين تخدم الأسواق القائمة بشكل أفضل بينما تسعى للوصول إلى أسواق جديدة أو عن طريق تخفيض التكلفة من خلال الابتكار. 2.إعادة تعريف الإنتاجية في سلسلة القيمة: ويمكن للشركات تحسين النوعية والكمية، والتكلفة، والموثوقية للمدخلات وللتوزيع في حين تعمل بصفة دائمة على الإهتمام بالموارد الطبيعية الأساسية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. 3. تطوير المجتمعات المحلية: لا يمكن للشركات أن تعمل في عزلة عن محيطها من أجل النجاح والتنافس والنمو، فعلى سبيل المثال، عليها الإعتماد على الموردين المحليين الموثوقين، وعلى البنية التحتية والطرق والاتصالات. وبسبب إنخفاض الثقة في تلك الشركات فقد عمل المسؤولين الحكوميين إلى وضع سياسات تقوض القدرة التنافسية وتؤدي إلى النمو الاقتصادي. وقد سعت الحكومة الامريكية ومنظمات متخصصة منها Global Social Enterprise Initiative) (GSEI) لعقد لقاءات ومناظرات لمناقشة هذا الموضوع منذ عام 2011 وبدأت تظهر في الافق معالم توجهات جديدة للاقتصاد العالمي وممارسات جديدة لمنظمات الأعمال ومنها مصطلح القيمة المشتركة Shared Value الذي نحاول تسليط الضوء عليه. ولعل المتتبع للتطورات العلمية يمكنه أن يرى بوضوح جهود إدراج قضايا المجتمع ضمن استراتيجية المنظمات وعملياتها، وهو التحول الرئيسي المقبل في التفكير الإداري. دور منظمات الأعمال في الازدهار والتنمية: بدأت منظمات الأعمال في مختلف دول العالم التوجه نحو تطبيقات اقتصاد التأثير والاستفادة من نتائجه لخدمة المجتمع. ويمكن القول إن منظمات الأعمال قادرة لوحدها في النظام الرأسمالي من المساهمة في الازدهار الاقتصادي. (Michael Porter, 100 Best Corporate Citizen, New York: 2011) 1. ينظر المجتمع إن الشركات المساهمة تزدهر وتتطور على حساب المجتمع. 2. ينظر لمنظمات الأعمال على نحو متزايد على أنها سبب رئيسي للمشكلات الاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية. 3. غالباً ما تحاول الحكومة والمجتمع معالجة قضايا المجتمع على حساب الشركات. ولكل تلك الاسباب تراجعت شرعية الشركات في ممارسة أعملها. بناء الشراكة بين منظمات الأعمال والمجتمع (Porter:2011) 1. يتم التعامل مع قضايا المجتمع على أنها خارج نطاق عمل الشركات، لكن دورها في المسؤولية الاجتماعية يساهم في تحسين سمعتها. 2. تركز الشركات على تحقيق الايرادات من خلال تلبية الحاجات التقليدية، وكثيرا ما تتجاهل الحاجات الأساسية للمجتمع. 3. هيمن موضوع تحسين الأرباح على سلوك الشركات وتحاول ذلك بوسائل عدة منها الاستعانة بمصادر خارجية، أو تقليل حجم أنشطتها، أو اعادة توزيع اماكن عملها والعولمة. 4. أصبحت الشركات أقل ارتباطاً بمواقع الانتاج وتقديم الخدمة وقد عزز هذا النهج قصر الافاق الزمنية للعمل. كل ذلك أدى لمعاناة أكبر في النمو والابتكار. تجارب بناء القيمة المشتركة: يمكن تلخيص بعض التجارب في بناء القيمة المشتركة كما يلي: (Porter:2011) أ. في الدول المتقدمة: 1. توفر بطاقة التأمين الصحي(Intuit Health Debit Card) لأصحاب المشاريع الصغيرة الذين لا يستطيعون توفير التأمين الصحي لدعم موظفيهم تحسم من الربح الخاضع للضريبة. 2. توفير خدمة (Snap Tax)لمساعدة ذوي الدخل المنخفض لاحتساب الضرائب عبر الهاتف. ب. في الدول النامية: 1. يوفر تطبيق (Mobile Bazaar) معلومات عن أسعار السوق المحلية للمزارعين عبر الهواتف النقالة. 2. يسهل تطبيق (TxtWeb) للمواطنين الحصول على بعض الخدمات بدون وجود خدمة الإنترنت من خلال الهاتف الخليوي والوصول إلى الكثير من الخدمات باستخدام SMS. 3. تمكين الطلاب والمزارعين من سكان الريف من الحصول على المعلومات من خلال Google عن جداول القطار وحالة الطقس ومعلومات اخرى. تجربة شركة نستلة Nestle شرعت العديد من الشركات المعروفة ومنها شركة نستلة تصميم عمليات شراء القهوة، من خلال العمل بشكل مكثف مع صغار المزارعين في المناطق الفقيرة الذين كانوا يعانون من مستويات الإنتاجية المنخفضة وضعف الجودة والتدهور البيئي. حيث قدمت شركة نستلة المشورة بشأن الممارسات الزراعية وساعدت المزارعين على تأمين مخزون من الحبوب والأسمدة والمبيدات الحشرية، وقد أدى ذلك الى إرتفاع معدلات الانتاجية والجودة وبالتالي زيادة دخل المزارعين، وتحسنت الاوضاع البيئية للمناطق الزراعية، كما تحسنت عملية توريد البن لشركة نستلة وبشكل خاص ارتفاع درجة الموثوقة بجودة البن بشكل ملحوظ. وكل ذلك ساهم بإنشاء قيمة مشتركة. ترتبط فرص خلق القيمة المشتركة بشكل وثيق مع الأعمال الخاصة بالشركة، فقد تأثرت سلسلة القيمة بمجموعة من القضايا الاجتماعية ومنها الموارد الطبيعية واستخدام المياه والصحة وظروف العمل والأمن والمساواة في التعامل في مكان العمل. ولذلك فأن فرص خلق القيمة المشتركة ظهرت بسبب المشكلات الاجتماعية والتي يمكن أن تخلق مشكلات اقتصادية في سلسلة القيمة للشركة. وفيما يلي بعض الطرق في تحويل القيمة المشتركة لسلسة القيمة وهي ليست مستقلة بل متبادلة: (Porter:2011) 1. تعزيز عمليات الشراء لقدرات المورد وكفائته. 2. تحسين كفاءة موارد الطاقة والمياه عبر سلسلة القيمة. 3. تقليل الكثافة اللوجستية. 4. تحسين صحة وامن العاملين. 5. زيادة الإنتاجية والأجور لذوي الأجور المنخفضة. 6. تشغيل يضمن التنوع في المجتمع من المستهلكين.
تطوير المجتمعات المحلية: يمكن القول ان تحسين واقع البيئة المحلية يساهم بشكل رئيسي بزيادة انتاجية منظمات الأعمال العاملة فيها. (Porter:2011). فعلى سبيل المثال ، يؤدي زيادة كفاءة الموردين المحليون الى زيادة كفاءة سلسلة الامداد ، كما يسهم في تقليل التأثر (الأثر )البيئي. كما يمكن للشركات، التي تعمل بشكل تعاوني، أن تحفز انشطة التحسينات الرئيسية في البيئة المحلية وبيئة الأعمال. ونستنتج من كل ذلك ان تنمية المجتمعات المحلية سيرفع من مستويات نجاح الشركة والمجتمع. رؤى مستقبلية في القيمة المشتركة: ظل المنهج الضيق لمنظمات الأعمال لعقود طويلة يركز على موضوع الارباح وخلق القيمة، والتركيز على تحسين الأداء المالي في المدى القصير، مع تجاهل واضح وعدم مبالات لرفاه العملاء والمستفيدين، ونضوب الموارد الطبيعية، ومخاطر استمرار الموردين، والتي انعكست ملامحها بالضائقة الاقتصادية للمجتمعات التي تعيش الشركات فيها. وقد حفزت الازمة المالية الشركات لتبني عدة طرق للمعالجة منها.
أولاً: إعادة ابتكار المنتجات والاسواق: يجرى اعادة النظر بالمنتجات واسواقها كما يلي: 1. تصميم المنتجات والخدمات لتلبية احتياجات المجتمع، مع مراعاة التأثير البيئي، والسلامة، والصحة، والتعليم، والمعوقين، والسكن، الامن المالي. 2. زيادة قدرة الشركات لتكون أكثر فعالية في التعاون مع الحكومات والمنظمات غير الربحية في ايجاد حلول للمشاكل الاجتماعية. 3. فتح أسواق جديدة من خلال تلبية الاحتياجات غير الملباة سابقاً في المجتمعات المحرومة في الدول النامية. ويتطلب غالبا إعادة تصميم المنتجات أو تبني أساليب توزيع المختلفة، وخدمة احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية. 4. توفير الاحتياجات الجديدة في الاسواق الجديدة لتعزيز النمو والابتكار، والتميز. 5. قيام الجيل الجديد من رواد الأعمال باستثمار هذه الفرص، بشكل أسرع من الشركات القائمة. ثانياً: الابتكار والانتاجية: تساهم القيمة المشتركة في اعادة بناء الاقتصاد وتطوير العلاقة مع المجتمع. حيث يمكن أن يساهم نمو الابتكار والإنتاجية في التطور الاقتصادي وبشكل خاص منظمات الأعمال الصغيرة من خلال زيادة مساهمتها في النشاط الاقتصادي. ثالثاً: دور القادة في تلبية الاحتياجات: تساهم جهود القيمة المشتركة الى تبصر المدراء بالاحتياجات البشرية الكبيرة التي يتطلب تلبيتها، والأسواق الجديدة الكبيرة التي يتعين دخولها، وكلف معالجة القدرات الاجتماعية (العمر والذكاء والحالة المادية) وتعزيز القدرة التنافسية لمعالجتها. التطور الحضاري وإقتصاد التأثير: يبدو ظاهرياً إن أهداف السياسة الامريكية هو تعزيز تنمية إقتصاد التأثير، وفي سبيل ذلك يجري ربط مساعدات التنمية الأميركية مع مساعدات الجهات المانحة لتحقيق الاستثمار المحفز في العديد من دول العالم التي تحضي بالمساعدات الامريكية. وقد دعت وزيرة الخارجية لتبني الحوكمة للوصول إلى ما وراء دولة التفاعلات التقليدية والاستفادة من الموجودات وأدوات العمل لتعزيز الجهود الدبلوماسية لتحقيق الاهداف الظاهرة والباطنة. نريد مجتمعات أكثر ازدهاراً وأن يتوجه المجتمع للطبقة الوسطى. وان نرى روح والإبداع وريادة الأعمال تحقق النمو وتعزيزه وتقويته. كما ركزت على بذل المزيد من الجهد للتواصل مع القطاع الخاص والتنسيق مع المؤسسات غير الربحية، وكل ن يمتلك قيمة مضافة، والعمل مع القطاع الخاص لدعم جهود التنمية. حيث إن خلق القيمة المشتركة يستهدف خلق نظام بيئي إقتصادي شامل يعززه هذا النوع من الاستثمار. (Global Impact Economy Forum: 2012) مفهوم مواطنة الشركات ومفهوم المسؤولية الاجتماعية: على الرغم من ان مفهوم المواطنة ظهر متأخراً في المرحلة الثالثة من مراحل تطور مفهوم المسؤولية الاجتماعية، الان ان القارئ المتتبع لهذا الموضوع يجد ان الادبيات تناقش المفهومين وتستخدمانه بشكل مترادف. وعلى الرغم من صعوبة التمييز بين المفهومين وقلة الدراسات المتعلقة بمفهوم المواطنة بحد ذاته، إلا انه امكن تمييز بعض الاختلافات المهمة بين المفهومين وكالآتي: 1- النظرة الشمولية: إن مفهوم المواطنة أوسع من مفهوم المسؤولية الاجتماعية فهو يتضمن جوانب إقتصادية وأخلاقية وإجتماعية وتعليمية وثقافية والتنمية المستدامة. 2- الشركة كمواطن: يركز مفهوم المواطنة على مسألة الولاء والانتماء للوطن وان الشركة حالها في ذلك كحال المواطن الفرد الطبيعي لها ما له من الحقوق وعليها ما عليه من الالتزامات. 3- علاقة الشراكة: يركز مفهوم المواطنة على إقامة علاقات شراكة طويلة الامد مع المجتمع تبرز من خلال الاستثمار في أصول إجتماعية تهدف الى تحقيق تنمية مستدامة في المجتمع المحلي والدولي على حد سواء. 4- الرقابة الاجتماعية: ضمن مفهوم المواطنة تبرز فكرة الرقابة الاجتماعية وان الشركات تقبل عملية المسائلة والمحاسبة الموجهة من قبل المجتمع. وكما ذكر سابقاً، فان المفهومين يستخدمان بشكل مترادف في الادبيات الادارية والمحاسبية ذات العلاقة. عرض تجارب في مواطنة الشركات: يختص هذا الجزء من الفصل بعرض تجارب بعض الشركات الرائدة في مجال مواطنة الشركات: 1- تجربة شركة Panasonic اليابانية: تعد تجربة شركة Panasonic من التجارب الرائدة في مجال مواطنة الشركات. توضح الشركة فلسفتها في هذا الجانب كالاتي: " تروج شركة Panasonic لانشطة مواطنة الشركات وتعمل على حل المشاكل حول العالم على أساس التعليم والتعايش وهي تركز على مجالين اساسيين هما: البيئة والاجيال القادمة" ترى الشركة أنه يجب الحفاظ على علاقات متوازنة بين الأنشطة التشغيلية وأنشطة مواطنة الشركات بحيث تصبح وكأنها (الدواليب الاربعة للسيارة) تسير بشكل متوزان نحو تحقيق اهدف الشركة والمجتمع. إن شركة Panasonic تلتزم بتقديم أنشطة مواطنة الشركات في دول مختلفة فضلاً اليابان، فهي تنفذ هذه الانشطة في روسيا وتنزانيا ورومانيا والنمسا، وتشتمل تطبيقات المواطنة على تنفيذ انشطة متعددة في مجالات التعليم والتنمية المستدامة والبيئة والصحة ومكافحة الجوع والفقر وما سواها.
2- شركة Mercedes-Benz الالمانية تقوم فكرة مواطنة الشركات لهذه الشركة الالمانية العالمية العملاقة على اساس الرسالة الاتية: رعاية عالم الغد. ومن اجل تحقيق هذه الرسالة تقوم الشركة بتنفيذ انشطة مواطنة الشركات في خمس مجالات متميزة هي: - حماية البيئة - التعليم - الرياضة والاداب والموسيقى - الثقافة - الاغاثة في حالة الكوارث فعلى سبيل المثال، فقد نفذت الشركة مشروعاً في مجال التعليم تضمن بناء مدرسة ابتدائية في الصين وبناء 125 صفاً للموسيقى في مدارس مختلفة في هذا البلد. 3- تجربة شركة Samsung الكورية الجنوبية تعتبر تجربة هذه الشركة من التجارب الرائدة في مجال انشطة مواطنة الشركات، ذلك ان الشركة لم تنجح على مستوى انشطة الاعمال التشغيلية وإنما لقيت نجاحاً كبيراً في تنفيذ انشطة مواطنة الشركات. ترى الشركة انها مسؤولة عن حماية موارد كوكب الارض وصنع الفارق في حياة البشرية وتعزيز ثقة المجتمع بالشركات واعتبار الشركة كمواطن جيد. لذلك فان شركة Samsung تنفذ أنشطة المواطنة في مجالات متعدةة محلياً ودولياً. شملت هذه المجالات: - الرفاهية الاجتماعية - الثقافة والاداب - التعليم - الخدمات التطوعية ففي مجال الرفاهية الاجتماعية، قامت الشركة بإستحداث فكرة الاستثمار للمراهقين (الاطفال) لغرض مساعدتهم على إكمال تعليمهم ومساعدة عوائلهم في تحسين الدخل ومستوى المعيشة وقد تم ذلك من خلال إنشاء 8 مراكز لتسجيل الاطفال الراغبين بهذه الخدمات. كما أن لدى الشركة مركزاً لرعاية الاطفال الموهوبين من خلال تقديم تكنولوجيا متطورة تساعدهم على الابداع والابتكار بما يعزز مهارات التعامل مع شؤون الحياة المختلفة. وفقاً لذلك يمكن تحديد أن مفهوم مواطنة الشركات ظهر وكأنه يشير الى تحول أخلاقي في طريقة عمل الشركات. فمع تزايد ضغوط المجتمع على الشركات، إيقنت هذه الاخيرة ان تحولاً مهماً ينبغي ان يحدث في علاقة الشركات بالمجتمع لأن سر نجاح الشركة قد يكمن في مدى قدرتها على إدامة علاقة طويلة الامد بين الشركة والمجتمع أساسها المصلحة العامة لهذا المجتمع. خاتمة: لا يزال مفهوم القيمة المشتركة في بداية نشأته، وسيتطلب تحقيقه قيام المديرين بتطوير مهارات ومعارف جديدة، كما لابد من مشاركة حكومية فاعلة لتعلم كيفية تنظيمها بطرق تبني وتنشئ القيمة المشتركة بدلا من معارضتها أو العمل ضدها. وهناك فرصة لتحويل التفكير والممارسة حول دور منظمات الأعمال في المجتمع، باستخدام مفهوم القيمة المشتركة من خلال: • زيادة مساهمة القيمة المشتركة في تبني منهج واسع النطاق لخلق القيمة الاقتصادية. • سيؤدي التفكير في القيمة المشتركة إلى دفع الموجة التالية من ابتكار، وتعزيز الإنتاجية، والنمو الاقتصادي. • إن المنظمات تعمل بهدف الربح، وليس بمنهج المؤسسة الخيرية، لذلك ستكون أكثر قوة لمعالجة العديد من القضايا الملحة التي تواجه المجتمع. • إن تحویل ممارسات الشركات المتعلقة بالقیمة المشترکة سیمنح المنظمات خصوصاً والفكر الرأسمالي عموماً، فرصة أفضل لإضفاء الشرعیة علی الأعمال مرة أخرى.
ولا زلنا نأمل ان تكون الموجة الرابعة موجة الرؤى المستقبلية التي تتسم بالوعي، والايمان بالقوة الذاتية الكامنة للإنسان، والعودة للمبادئ، والديمقراطية الاقتصادية للنهوض بواقع واقتصادات الدول النامية وتحقيق مطالبها بالعدالة الإقتصادية.
#محمد_العزاوي (هاشتاغ)
Mohammed_Alazzawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤية العراق الوطنية 2040
المزيد.....
-
فايننشال تايمز: الدولار القوي يضغط على ديون الأسواق الناشئة
...
-
وزير الاقتصاد الايراني يشارك في مؤتمر الاستثمار العالمي بالس
...
-
بلومبيرغ: ماليزيا تقدم نموذجا للصين لتحقيق نمو مستدام بنسبة
...
-
توقف بطاقات مصرف -غازبروم بنك- عن العمل في الإمارات وتركيا و
...
-
السعر كام النهاردة؟؟؟ تعرف على سعر الذهب فى العراق اليوم
-
الاحتياطي الفدرالي: عبء الديون يتصدر مخاطر الاستقرار المالي
...
-
الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد
-
صندوق النقد يرحب بالإصلاحات المصرية
-
مدفيديف: الغالبية العظمى من أسلحة العملية العسكرية الخاصة يت
...
-
-كلاشينكوف- تنفذ خطة إنتاج رشاشات -آكا – 12- المطورة لعام 20
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|