أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار














المزيد.....

حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 10:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن حكومات دول الصفّ العالمي الثالث، بمعنى الدول غير تلك الحائزة على العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي وغير تلك المصنّفة بأنها مصنّعة أو متقدّمة اقتصادياً، أي الغالبية العظمى من دول العالم، حنّت إلى زمن الحرب الباردة بُعيد زواله إذ كان زمناً ملائماً لاستقلالها النسبي. فإن تصارع المعسكرين العالميين بقيادة الولايات المتحدة من جهة والاتحاد السوفييتي في الجهة المقابلة، خلق هامشاً واسعاً من الاستقلالية استفادت منه دول الصف الثالث غير الخاضعة لسيطرة مباشرة من إحدى دول الصفّين الأول والثاني، أي غير دول أوروبا الشرقية التي تحكمت موسكو بمصيرها وغير الدول الخاضعة لسيطرة مباشرة استعمارية الطراز من إحدى الدول الغربية.
فإن تصارع القوتين العظميين في لعبة عالمية ذات مجموع صفري، أي في تنافس يشكّل فيه أي مكسب يحققه أحد الخصمين خسارة يُمنى بها الآخر والعكس بالعكس، إن ذلك التصارع كان من شأنه أن يجيز لدول الصف الثالث أن تناور بين الخصمين وتستفيد من استعداد كل منهما على تحمّل ما لا يروقه من أي من دول الصف الثالث ما دامت لم تنتقل إلى معسكر الخصم. لا بل تمكّنت تلك الدول من أن تخوض في اللعبة ذات مجموع صفري تلك بحيث انتزعت من كلتا القوتين العظميين تنازلات جمّة لقاء عدم تعاونها مع الخصم.
ومع انهيار الاتحاد السوفييتي دخل العالم في ما أسماه أحد المعلقين الأمريكيين «البرهة أحادية القطبية» إذ لم يبق في ساحة القوة العظمى سوى قطب واحد، ألا وهو الولايات المتحدة. وقد عرفت البرهة أوجّها خلال العقد الأخير من القرن المنصرم، بما تجلّى في المنطقة العربية، على سبيل المثال، بانهيار النظام «الشيوعي» في اليمن الجنوبية واندماجها بالشطر الشمالي على غرار انهيار النظام «الشيوعي» في ألمانيا الشرقية واندماجها بألمانيا الغربية. والحال أن الاندماج الأخير وحده يأتي في بال معظم الناس عندما يفكّرون بنهاية الحرب الباردة وانهيار المنظومة السوفييتية بينما تنتمي الحالة اليمنية إلى السياق ذاته.

كما تجلّت «البرهة أحادية القطبية» في المنطقة العربية بالتحاق نظام حافظ الأسد، حليف موسكو القديم، بالبيت الأمريكي لبعض الوقت في التسعينيات، إثر مشاركته بالحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق. شهد ذلك العقد الأخير من القرن العشرين ذروة الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط، بما سمح لإدارة بوش الأب أن تتحدّث في عام 1992 عن «نظام عربي جديد» يندرج في إطار «النظام العالمي الجديد» الذي أعلنه قُبيل انقضاضه على العراق. وحتى النظام الإيراني، ولو بقي مستعصياً على الهيمنة الأمريكية، إنما ارتاح لتدمير خصمه العراقي وتصرّف بحذر شديد، بل وتودّد، طوال تلك المرحلة التي توّجها تعاون المعارضة العراقية الموالية لطهران مع واشنطن وعودتها إلى بغداد ومشاركتها بالحكم في العراق تحت إشراف المحتلّ الأمريكي.
ثم أخذت الأوضاع العالمية والإقليمية تتبدّل في السنوات اللاحقة مع صعود القوة العسكرية الروسية بفضل عودة أسعار النفط إلى الصعود، وصعود قوة الصين الاقتصادية بفضل وتائر النموّ المذهلة التي شهدتها منذ التسعينيات وخلال العقد الأول من قرننا الراهن. وقد انعكس ذلك التبدّل انعكاساً ساطعاً في منطقة الشرق الأوسط يحكمه فارقٌ عظيم يميّزه عن زمن الحرب الباردة وثنائية القطبية، فارقٌ يكمن في أن نظام روسيا ما بعد السوفييتية لم يعد متعارضاً بطبيعته مع أنظمة الدول الخليجية، العربية منها كما والإيرانية، مثلما كانت الحال في زمن «الشيوعية». وينسحب الأمر ذاته على الصين التي باتت منفتحة انفتاحاً كاملاً على السوق الرأسمالية، وإن كان اسم حزبها الحاكم لا يزال «شيوعياً».
أما نتيجة هذا الفارق فهي مفارِقة للنمط العالمي إذ إن هامش المناورة تعاظم لدى الدول الخليجية عمّا كان عليه زمن الحرب الباردة. ذلك أن تلك الدول باتت قادرة على الدخول في لعبة المجموع الصفري أكثر بكثير مما كان الأمر عليه عندما كانت موسكو «مكّة الشيوعيين» كما كان يُقال. فعندما انتهى شهر العسل بين واشنطن وطهران، بعد أن بلغ أوجّه تحت رئاسة باراك أوباما، وانحطّت العلاقات بينهما مع اعتلاء دونالد ترامب سدّة الرئاسة الأمريكية، تمكّنت طهران من شدّ أواصر تعاونها مع كلّ من روسيا والصين.
جرى ذلك بينما روسيا والصين تشدّان كلتاهما أواصر علاقاتهما بدول الخليج العربية في الوقت ذاته، بما أتاح لهذه الأخيرة توسيعاً كبيراً لدائرة استقلال قرارها عمّا كانت عليه في القرن العشرين. وقد رأيناها تناور بين الأقطاب العالمية بعدما حلّ جو بايدن محلّ ترامب وهو يعد بمواصلة سياسة أوباما القائمة على الازدراء بعرب الخليج، بل أن يفاقمها في ضوء ما ترتّب على قضية اغتيال جمال خاشقجي.
وها أن شنّ روسيا لعدوانها الغاشم على أوكرانيا أجّج الصراع العالمي إلى ما عادل أكثر مراحل الحرب الباردة حدّةً أو كاد يفوقه، بحيث باتت الدول الخليجية كافة مستفيدة رئيسية، لاسيما أن ظروف الحرب أدّت إلى ارتفاع في أسعار المحروقات التي هي مصدر أهمّية الخليج الاقتصادية الأوحد، مع ازدياد حاجة أوروبا الغربية إلى استيرادها من غير روسيا بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية.
وقد انجلى تصاعد أهمية الدول الخليجية في مشهدين لم يكنا بالممكنين لولا الحرب الدائرة في أوكرانيا: رئيس أمريكي يبلع المرّ ويزور المملكة السعودية بعد أن وعد بمعاملة وليّ عهدها معاملة المنبوذ، ورئيس روسي يزور طهران في ثاني زيارة له خارج بلاده منذ جائحة كوفيدـ19 بعد زيارته لبكين قُبيل اجتياح قواته لأوكرانيا.
والحال أن تغلّب فلاديمير بوتين على هاجسه الأقصى من الوباء بذهابه إلى بلد انتشر فيه هذا الوباء خلافاً للصين، إنما يشير بذاته إلى احتياج روسيا لمعونة إيران مثلما تحتاج أمريكا لمعونة عرب الخليج.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ
- روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس
- ملك بلجيكا يعرب عن «أسفه»
- في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا
- في سبر غور أردوغان
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة
- أسئلة مصيرية حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية
- عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها
- شبحٌ ينتاب العالم – شبح الفاشية الجديدة
- في ارتكاب الفظائع والمحاسبة عليها
- رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون
- ستّةُ أسئلة بشأن مناهضة الإمبريالية اليوم والحرب في أوكرانيا
- روسيا واليسار في المنطقة العربية
- مذكرة حول الموقف المناهض للإمبريالية بصورة جذرية إزاء الحرب ...


المزيد.....




- معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف: ...
- مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر.. ...
- نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
- -نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل ...
- بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية ...
- -معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد ...
- شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11 ...
- صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا ...
- بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي ...
- -إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار