|
عنوان الموضوع: رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب المقدس (6)
محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث
(Mohamed Mabrouk Abozaid)
الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 00:31
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
... هذه القبيلة الإسرائيلية العربية خرجت من أدغال الجبال اليمنية لتنتشر انتشاراً عنكبوتياً في منطقة الشرق بالكامل وتسيطر عليها بأفكارها أولاً وبخططها الاستراتيجية المنظمة، فهذه المنطقة يسكنها شعوب مدنية غالباً ما يُصفون بالسذاجة والطيبوبة إذا ما قُرنوا بأحد أفراد الفصيلة الإسرائيلية، فقد نجدت بالفعل في توجيه أفكار هذه الشعوب جميعها، وجعلتها تفكر بعقل إسرائيلي جمعي، أو على الأقل عقول مُسخّرة للتفكير في المصالح الإسرائيلية، ولا نستغرب من نجاح هذه العصابة في السيطرة على هذه المناطق الشاسعة من العالم، خاصة أن اليهود يعملون بنظام التسويق الشبكي، فيكونون شبكات من المعارف والعصابات أو التكتلات المترابطة ثقافياً وتجمعها رؤية سياسية واحدة، وكل شبكة تتبع خطة معينة لغرس اسم هنا أو حكاية هناك تربط تاريخ يهودي بالجغرافيا المحلية (ليصبح لليهود بعد ذلك شراكة في الجغرافيا بحكم الشراكة في التاريخ) ويكفي أن يلتقط أحد أفراد هذه المجموعات طرف الخيط ليلقيه لمجموعات أخرى تعيش في مناطق أخرى وهكذا تنتشر المسميات اليهودية والحكايات التوراتية بين شعوب المنطقة دون أن يدري أحد، خاصة وأن اليهود لا يسمحون بدخول أحد دينهم من غير السلالة، فبرغم أنهم أول الموحدين على الديانات الإبراهيمية، إلا أنهم تركوا التديّن للشعوب المغبونة ومارسوا سياسة هذه الشعوب في الخفاء، واستطاعوا قيادتها ثقافياً وفكرياً على مدار آلاف السنين ! وما مكنهم من ذلك أنهم متفرغين للسياسة، في الوقت ذاته الذي تتفرغ فيه الشعوب للرهبنة والتصوّف والزهد والاستسلام التام لظروف الحياة.
فالكاتب والصحافي الإسرائيلي بوعاز عيفرون، في كتابه الحساب القومي ، أشار إلى دراسات وضعها باحثون يهود إسرائيليون وغير إسرائيليين وباحثون غربيون، يؤكدون فيها على أن بني إسرائيل تبنوا يهوى إله الحرب الوثني، إلى جانب عبادة عدد من الآلهة، وأن يهوى تحول إلى مرادف للرب في فترة متأخرة، ويتجلى هذا بشكل واضح في التوراة. أي أنهم انتهجوا بالتوراة نهجاً حربياً استعمارياً ولم تعد منهج عبادة كما يتوقع الآخرون. بل إن اليهود خرّجوا حركة سياسية من رحم التوراة هي الحركة الصهيونية العالمية، وبرغم أن الصهيونية هي حركة علمانية، إلا أنها بنت نفسها بالاستناد إلى التوراة. واعتاد كبار قادة الحركة الصهيونية ومؤسسو دولة إسرائيل، أمثال دافيد بن غوريون، التأكيد باستمرار أن التوراة هي الكوشان الذي يثبت ملكيتنا للبلاد ، أي لفلسطين.
يقول الدكتور كمال الصليبي: إن الزعران حركوا التاريخ، أو بعضه. فهناك أناس جمعوا الثروة، وأنشأوا دولاً وأنظمة تسمّى جمهوريات أو سلطنات أو ما شابه، والمثل على ذلك الفايكنغ (Vikings)، والدانوا (Danois)، والنورفاجوا (Norvegeois). هذه قبائل قراصنة سكنت شمال أوروبا وصار أفرادها ملاحي أنهار، وصعدوا من أعلى نهر درينا (البلطيق) حتى وصلوا إلى روسيا (نسبة إلى جماعة الروس)، وهناك فصيلة النورمان التي احتلت مناطق النورماندي، التي صار اسمها مع الوقت (Les Ducs). وأحد هؤلاء النورمان مع مجموعة تابعة له احتلوا إنكلترا. وملكة إنكلترا هي إحدى حفيدات هؤلاء واسمه (Guillaume Le Conquerant) ، وهذا حصل عام 1066م.
فلا يكون مستغرباً أن تتحكم قبيلة إسرائيل في منطقة الشرق بكاملها، ولا يكون مستغرباً أن تصبح بلاد العراق القديمة اسمها أيضاً يعود إلى آشور ابن نوح ...ولا يكون مستغرباً أن نقرأ على لسانهم بالحرف:" الآشوريون من سلالة سام أب آشور، وهو مذكور في سفر التكوين الفصل العاشر (سام ابن نوح). والإمبراطورية الأشورية هزمت الكثير من الجيوش ومنحت حضارتها إلى الكثير من الأمم الأخرى..." ثم تنطلق المسرحية ليقوم مسمى "نمرود" العربي الآرامي من جنوب جزيرة العرب ليصبح اسماً لمدينة بابلية كبيرة، ومعه يقوم اسم نهر "فُرت" في جزيرة العرب ليصبح اسماً لنهر بابلي عريق هو نهر "الفرات" وبجواره نهر دجلة الذي نجد أصوله في التوراة (هـدقلة) ويعني النخلة، ويقوم مسمى رفديم ليصبح اسماً لحضارة العراق القديمة ويصبح اسمها "بلاد الرافدين" وبلاد ما وراء النهر، ويقوم مسمى قرية "النهارين" من جنوب غرب الجزيرة ليصبح اسماً لإمبراطورية عظيمة، فيكون اسم " بلاد النهرين" أي العراق ! ثم لا نعرف هل يكون اسمهم التاريخي "آشور" مشتق من الاصطلاح الأصلي "آشاور" الأكدية التي تعني البداية (بداية الخلق) وهذا كان اسم (الله) بالآشاورية كونه بداية كل شيء، وإلى هذا الاسم انتسب الشعب الذي عرف هذا الإله غير المنظور، أم أنهم أبناء أشور ابن نوح وينتمون إلى عشيرة آشوريم التي كان لها مضرب خيام في وهاد وجبال جزيرة العرب جنوباً !! فأولاد نوح جاؤا بعد الطوفان الذي سجله الأشاوريين العراقيين القدامى في مدوناتهم، فكيف يكون هؤلاء المدونين من أبناء آشور ابن نوح الذي كتبوا عنه قبل نزوله من السفينة !!
وهو ذات الوضع نجده في التسمية البديلة لدولة العراق، فالإخوة العراقيون إلى اليوم حائرون فيما إذا كانت الكلمة عربية فتعني الشاطئ في لغة أهل الحجاز أو سفوح الجبل، وإذا كانت فارسية فيرى الخوارزمي أن أصل اسمه أيراك ومنه أتت عراق وإذا كانت من عهد السومريين أو غيرهم من السابقين فهي أوروك أو أونوك وتعني المستوطن، ويرى المؤرخ اومسند أن كلمة اريغا موجودة في وثيقة تاريخية تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد، لكنهم لا يريدون أن يصارحوا أنفسهم ويعترفوا بأن كلمة عراق هي كلمة عربية متينة نقلها اليهود وأطلقوها اسماً لبلادهم كما حدث في (إيجبت-مصر) كي تصبح بذلك ركيزة للمخطط التوراتي الجديد ... أما أول ذكر للعراق الصريح فقد جاء على لسان معاوية ابن أبي سفيان في عهد بني أمية.. ثم توارى الاسم وأعيد في العصر الحديث من قبل الرحالة كان بيركهارت عام (1822م)، ثمّ سيتزن عام (1859م)، كما سجله نيلسون جلوك وكانوفا وكلاين وموز (1)
ونقرأ على لسان العراقيين اليوم بالحرف:" بغض النظر عن أصل كلمة العراق فإن معظم المنطقة التي تسمى بالعراق حاليا كانت تسمى ببلاد ما بين النهرين (بيت نهرِين Beth-Nahrain بالآرامية وتشمل الأرضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات. وفـي المدونات الكلاسيكية اللاحقة ظهرت تسمية (ميزوبوتاميا) الجغرافية في زمن يقع بين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد ولاسيما في استعمالات الكتبة الكلاسيكيين اليونان والرومان، ومعناه (بلاد الرافديــن) أو (ما بين النهرين) . ويتألف الاسم من مقطعيـن: ميزو Mesoمعناه بين أو وسط . وبوتاميا potamia بمعنى نهر، وهو لفظ ينحدر عن الإغريقية، بمعنى الماء أو النهـر. ولـم تلبث هذه التسمية (ميزوبوتاميا) أي (ما بين النهرين) و (بلاد الرافدين) عند الكتاب والمؤرخين والرحالة الأوروبيين لإطلاقه على البلاد كلها أو على جزء منها. ولا يزال يستعمل حتى بعد شيوع استعمال العراق. وشبيه بهذه التسمية ما استخدمه الكتاب العرب في العصور الحديثة حيث استخدموا تسمية (وادي الرافديـن) (2).
وجدير بالتنويه إلى أن اصطلاح ما بين النهرين أو (بيت نهرين) هي في الأصل اصطلاح عربي آرامي صرف يطلق على منطقة مطلة على نهر فُرت بجنوب جزيرة العرب، ولكن بعدما نقلت التوراة هذا النهر إلى بلاد السومريين نقلت معه مرافقه بمسمياتها أيضاً..فمن الواضح أن تسمية(بيت نهرِين) الآرامية هي اصطلاح ثابت وكتلة صوتية واحدة لا تقصد أبداً الجمع بين نهرَين وإنما تقصد منطقة نهارينا أو النهرِين التي ذكرها تحتمس باشا ضمن قوائمه على جدران معبد الكرنك وسجل أنها كانت ضمن المواقع العسكرية التي انتصر فيها في البلاد الأسيوية جنوب غرب جزيرة العرب. فبيت نهرين لا يمكن صرفها بأي حال إلى دلالة على الجميع بين نهرَيْن بل إلى منطقة نهارينا جنوب مكة قبل أن تتحول توراتياً إلى النهرَيْن (دجلة والفرات) .. وهكذا نجد جميع المصادر تعود إلى أصول يونانية وتحديداً بعد مرحلة ترجمة التوراة وتذكر ذات المسميات التوراتية.
أما تسمية مدينة "بابل" فلها حكاية أخرى.. فقد أطلق العراقيين القدامى على لغتهم اسم اللغة الأكادية "الأكّدية"، وذلك لأن منطقة بابل ككل كانت تُدعى عندهم "أكّاد" كما يُلاحظ في نقوش كثيرة وردت فيها أسماء ملوك بابل كـ "ملك أكّاد" أو "ملك ( أكّاد وسومر) ولم يكن هناك أي وجود لكلمة بابل إطلاقاً. بل إن كلمة بابل عربية متينة من لغة جنوب الجزيرة العربية.. وبالبطع يتساءل القارئ كيف طارت من جنوب الجزيرة إلى العاصمة " أكّاد " ليصبح اسمها " بابل " ؟! ربما طارت على جناح هدهد سليمان.. فالإخوة العراقيون لم يختاروا اسم بلدهم ولا عاصمتهم لا القديمة لا الحديثة على ما يبدوا ! وإنما اليهود هم من اختاروا لهم اسم بلدهم وعاصمتهم واسم حضاراتهم (البابلية) كما اختاروا لنا اسم حضارتنا (الفرعونية) !
إن مسمى " بابل" هو بالنطق اليوناني) بابِلُون (Βαβυλών وباللاتيني (بابِلُونBabylon) هو تصحيف للاسم العربي والعبراني (بابل) كما ورد بالتوراة حرفياً والتوراة لم تنزل باللغة الأكدية السومرية إنما بالسريانية (العبرانية القديمة)، وربما كان معنى بابل ختصار لكلمة (باب إيل) والتي تعني بالعبرية (باب الله) على غرار (بيت إيل= بيت الله)، لكن التوراة تقول لنا شيئاً آخر... أن أولاد العم سام ابن نوح بعد أن هبطوا من السفينة وبدأوا تشييد عشش ومساكن لهم في المنطقة، قرروا إحداث طفرة معمارية، بأن يستخدموا طريقة حديثة في أعمال البناء وهي شوي الطين؛ أي حرقه لصناعة الطوب الأحمر بدل الأحجار والضخور، ولم يكملوا بناء المدينة والبرج وبدد الله بنيانهم وبددهم الرب فكفوا عن البناء ولذلك دعى اسمها "بابل" لأن الرب هناك بلبل ألسنتهم. وعلى ما يبدو أن الله انتقم منهم فجاء أحفادهم اليهود ليبلبلوا ألسنتنا نحن، بل إنهم بلبلوا أفكارنا وعقولنا بكاملها بأفكار من نوعية الغراء المصنوع من عظام الحيوانات النافقة !
تقول التوراة (سفر التكوين 11): 1. وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً. 3 وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نصنع لَبِناً ونشويه شيّاً ». 4. وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. 6. وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ... وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7. هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ».8. فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ،9 . لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. 10. هذِهِ مَوَالِيدُ سَامٍ: لَمَّا كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ، بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ."
ولما كانت عشائر العرب من سلالة نوح انتشرت بعد الطوفان في منطقة وسط وجنوب الجزيرة العربية، وكانت هناك عزبة أسموها (بابل) وبها حصن خرب بالطوب اللبن، وبعدما تهدم الحصن انتشر سكانه إلى الجنوب وكان من سكان هذا الحصن الذين خرجوا هو مصرايم ابن نوح، وأقام بعضهم ممالك مثل مصرايم ابن نوح بنى مصرايم تقع إلى جوار ويهوذا وبابل والشامرا وإرم ذات العماد وأورشليم والقدس ممالك سليمان وداود في جنوب غرب الجزيرة، وبابل هي التي ورد ذكرها في القرآن قرينة بحكايات سليمان، يقول تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) 102/البقرة. وواضح أن أسماء هاروت وماروت عبرية على غرار أوزان الأسماء العبرانية وليست سومرية أكدية بأي حال مثل نابورياش وكدشمان إنليل..إلخ. أي أن مضمون الآية واضح أن بابل لها علاقة بسليمان والجن الذين سخرهم الله له والملكين هاروت وماروت، فلو كانت مملكة سليمان بفلسطين الحالية، فما علاقتها ببابل العراقية الحالية !
في الحقيقة كانت عزبة بابل هذه وممالك سليمان وداود ومصرايم وإرم متجاورة في ذات الإقليم الذي صبت فيه سفينة نوح أحمالها، وهو نطاق الطوفان، أما قول اليهود بأن أولاد نوح انتشروا في بقاع العالم انتشاراً عنكبوتياً ليعمروا العالم فهذا محض كذب مفضوح لأن الذي دمره الطوفان هو إقليم الجزيرة العربية 5000 سنة ق.م أي كانت الحضارة الأكدية والآشورية والقبطية قائمة، فهل يترك أبناء نوح الإقليم الذي خلا من الحياة بفعل الطوفان وينتشرون في أقاليم عامرة بالسكان لتعميرها !! فهناك في هذا الإقليم تركزت عشائر أولاد نوح ومصرايم وبابل التي وردت بنص التوراة والقرآن قرينة بسيرة الملك سليمان. وبعدما انهار حصن بابل خرجوا منه وانتقلوا جهة الجنوب.. هذا كل شيء عن بابل، أما حكاية انتقال اسمها إلى الدولة الأكدية السومرية فهي ذات الحكاية التي انتقل بها اسم مصرايم إلى إيجبت في التوراة السبعونية، لكن بآلية منعكسة، بمعنى أنه تم تجريح نص التوراة وغرس اسم إيجبت في نص التوراة نفسه لأن إيجبت كانت عاصمة البطالمة وغير ممكن طمس اسمها، أما بابل التي وردت في نص التوراة فقد تم إطلاقها اسماً للإمبراطورية الـ" أكادية " فصارت بابل عاصمة لها ضمن مشروع الانتشار العنكبوتي للخرائط التوراتية!
ولم يتوقف الأمر على حدود هذه الشعوب المجاورة لوكر الثعالب من كل جانب، بل نجده في أسبانيا أيضاً ! حيث كان المشروع السبعوني أضخم مما نتصور! حين نقرأ في كتاب التاريخ للمؤرخ اليهودي يوسيفوس (القرن 3 ق.م)، يقول: أن أهل الأرض بعد الطوفان اجتمعوا وكانت لغتهم واحدة فاختلفوا وتفرقوا في البلاد، وذهب بنو كتيم إلى أسبانيا وأقاموا بها، ومضو بنو توبال إلى أرض يوسينا وأقاموا بها وشيدوا مدينة أسموها أسبانيا باسم البنّاء الذي بناها وكانوا يرغبون في مصاهرة أعمامهم بني توبال(3). فبرغم أن مسمى" أسبانيا لم يرد في نصوص التوراة إلا أن كتب اليهود التاريخية أكملت من نقص في هذا النص.. وهذا ما يعني في عرف اليهود أن الطوفان لم يكن يكتسح الأمم والشعوب والبلاد، بل كان يتقافز مثل العنكبوت ليحط بيضاته في بؤر معينة ستعتبر محور ارتكاز مهم لليهود فيما بعد أن يفقس البيض.
أما الوضع في بلاد الإغريق فكان مختلفاً نسبياً، فلم يرد اسم " الإغريق Greek " في نصوص التوراة لكن التوراة اخترعت لهذه البلاد اسماً من ثوبها، فصار " اليونان" وهذه الكلمة لا يوجد لها جذر في لغة بلادها الإغريق، إنما هي كلمة عربية آرامية متينة، لكن التصقت ببلاد اليونان كاسمٍ لها تلبية لرغبة اليهود.. وتبنت الثقافة العربية والعقل العربي بالكامل وجهة الرغبة اليهودية ! على الرغم من أن الإغريق أطلقوا على بلادهم اسم" هيلاس أو إلادا (اليونانية: Ἑλλάς أو Ελλάδα) واسمها الرسمي هو Greek ، باللغة الإنجليزية وتعني الإغريق بالعربي.
وتقول المصادر أن تسمية اليونان تعود نسبةً لقبيلة الإيوانيين الإغريقية (: (Ἴωνες وهم من أهم القبائل الإغريقية من سكان منطقة إيوانية في غرب الأناضول. لكن كما حدث في ليبيا أن قامت السبعونية باختراع رابط واشتقاق لغوي بين "شعب ليبيا- ليبوس" وقبيلة (لابان) العربية في أدغال عسير، قاموا أيضاً باختراع رابط مشابه للإغريق فقالوا أن تسمية هذه القبيلة الإغريقية (الإيوانيين- (Ἴωνες ترجع إلى لیاوان بن یافث (حسب سفر التكوين، وفي النهاية تم تحوير الاسم الإغريقي ليتلاءم مع اسم نبي من بني إسرائيل اسمه "يونان" .. وهكذا يتم خلق قواعد ثقافية توراتية متشعبة في كل مكان وفي كل الشعوب... أليس شيئاً غريباً أن ترتبط جميع أسماء الدول بأسماء عشائر وأشخاص ذوي خلفية توراتية ؟! هل جاء ذلك بحسن نية من اليهود! يُتبع ... (قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ) (رابط الكتاب على نيل وفرات): https://tinyurl.com/25juux8h (رابط الكتاب على أمازون) : https://2u.pw/124aO #مصر_الأخرى_في_اليمن #ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني.
الهوامش: 1- مقال بقلم ليلى طارق الناصري بعنوان " معنى اسم العراق" منشور بتاريخ 9"11/2016 - رابط الموضوع: https://tinyurl.com/2p8ndyz7 2 - كتـاب: اسم العـراق، أصله ومعناه عبر العصور التاريخيـة، تأليف: سالم الالوسي، ط1، منشورات المجمع العلمي العراقي، بغـداد، 2006 . 3- المؤرخ اليهودي يوسيفوس: الفصل الأول ص 4 رابط الكتاب: https://www.mediafire.com/file/ejen1x3nan8rigz/tari5_yosifos.pdf/file
#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)
Mohamed_Mabrouk_Abozaid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب
...
-
إيچبت ... ليست هي مصر (3)
-
إيچبت ... ليست هي مصر (2)
-
إيچبت ... ليست هي مصر (1)
-
قراءة في كتاب؛ ( مصر الإسرائيلية ) - 2
-
قراءة في كتاب؛ مصر الإسرائيلية
-
حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (5)
-
حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (4)
-
حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (3)
-
حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (2)
-
حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (1)
-
كيف أصبح تاريخ العرب ديناً للشعوب ! (3)
-
كيف أصبح تاريخ العرب ديناً للشعوب ! (2)
-
كيف أصبح تاريخ العرب ديناً للشعوب ! (1)
-
بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (6)
-
بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (5)
-
بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (4)
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|