أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد علم الدين - بث حي من ساحة الانتصار الإلهي















المزيد.....

بث حي من ساحة الانتصار الإلهي


سعيد علم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1681 - 2006 / 9 / 22 - 10:26
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما الجثث تتكلم تفرض علينا الاستماع والسكوت. الهدوء التام. الرصانة إلى أبعد الحدود. التأمل بما كان وما قد يكون. إنها لحظة الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الشهداء، لكي نغرق نحن الأحياء في التفكير العميق بسكون. فهل ماتوا من أجل أن نحيا؟ أم سنلحقهم في جولة قريبة أخرى! على كل حال هم أدرى منا بكثير، كيف لا وقد دخلوا عالم الكشف والراحة الأبدية والموت، ونحن ما زلنا نتخبط في عالم النفاق والبؤس العقيم والغموض.
لقد أصاب المثل العربي الهدف عندما قال "شر البلية ما يضحك".
إلا أننا لن نضحك بل سنتألم على ما حل بوطن الأرز من بلايا ومصائب بالجملة. كنا في غنى عنها، وكان من الممكن تفاديها لو أن الشيخ حسن نصر الله روقها شوي ولم يكن هدفه في الأساس جر البلاد إلى هذه النكبة الماثلة أمام العيون، خدمة في الدرجة الأولى للمصالح الإيرانية النووية والبعثية السورية.
غدا الجمعة 06.09.22 هو يوم مشهود في التاريخ اللبناني القديم والحالي والمستقبلي، حيث ستشهد ضاحية بيروت انتصارا إلهيا على العدو الصهيوني والاستكبار الأمريكي قل مثيله في تاريخ العالم.
وهل ممكن أن تتكلم الجثث؟
نعم، بواسطة الوسيط دكتور ن. المصري، خاصة عندما تكون الانتصارات إلهية. فعندها كل شيء يصبح حقيقة لا ريب فيه، ومن يشكك في الأمر هو خائن سفيه.
كنت قد نشرت مقالة بعنوان "نصر إلهي، كيف ؟" وجاءني تعليقا على مقالي من د. ن. المصري هذه التحفة الإبداعية الأدبية. وبما أنها شيقة السرد، غنية الخيال، حية الوصف، ومن أرض الواقع. وجدت أن الواجب يفرض علي نقلها إلى أكبر عدد ممكن من القارئات والقراء الأعزاء. وسأقدمها لكم كما وصلتني فقط مع بعض التغييرات الطفيفة وتوضيح بعض جمل وكلمات اللهجة اللبنانية لفصحنتها عربيا، لكي تصبح مفهومة لجميع الإخوة العرب وأحباء الضاد.
النص بالكامل:
استعراض النصر وفدا إجر المئاومي( وفداء رجل المقاومة) والسيد حسن
نرحب بكم أعزائي المستمعين في هذا اليوم الكبير، يوم النصر العظيم الذي حققه القائد العظيم حسن نصرالله. حتى اسمه فيه نصر!
اليوم و منذ ساعات الصباح الأولى تشهد ساحة الشهداء في بيروت حركة دؤوبة واستعدادات كبيرة لبدء العرض الكبير لجنود لبنان الذين صنعوا هذا النصر الكبير على قوى الامبريالية والصهيونية والاستغلالية والاستكبارية العالمية. هذا النصر الذي أهداه القائد نصرالله لشعوب العالم العربي و الإسلامي وشعوب العالم الثالث ودول عدم الإنحياز وإلى كافة المستضعفين في كل أرجاء المجموعة الشمسية.
أعزائي بدأ الآن الإستعراض الكبير. وأرى على المنصة الرئيسية كل من السيد حسن نصرالله و معه عدد من كبار المناضلين والقادة المحنكين في مقدمتهم الرئيس السوري بشار الأسد و الإيراني أحمدي نجاد و هوغو شافيز و فيدل كاسترو و كيم جونغ إيل. أعزائي أشاهد الموجودين على المنصة يقفون و يلوحون بأيديهم للمشاركين في الاستعراض الكبير استعراض النصر العظيم و هم يرفعون أيديهم ملوحين بإشارة النصر.
بدأت أول أفواج المشاركين بالمرور أمام المنصة, أرى جمعا من بضعة ألوف من المواطنين اللبنانيين المعاقين وهم يرفعون أيديهم بإشارات النصر و يمرون أمام المنصة الرئيسية.
ماشاء الله! كافة أنواع الإعاقات والإصابات تظهر على المشاركين. أرى عميانا ومشوهين ومقطوعي الأيدي والأرجل والمشلولين. منهم من يمشي على رجليه، ومنهم من يدب على العكاكيز، ومنهم من يدفع الكراسي ذات العجلات، ومنهم من يحمل على المحفة ويركض بهم أربعة. معاقين كبار. مشوهين صغار. نساء مصابات. الجميع يلوحون للقائد البطل ويشيرون إلى إعاقاتهم و يرفعون شارات النصر. اقترب مراسلنا من أحد هؤلاء المعاقين و هو رجل في متوسط العمر فقد عينه ورجله ويده اليسرى: ما اسمك؟ سليم الحفيين ( الحافي). من أي منطئة (منطقة)؟ من لبنين (لبنان). ما سبب إعاقتك ؟ صاروخ طيارة بس فدا إجر السيد حسن و المئاومي (يلوح بإشارة النصر) . شكرا لمراسلنا في ميدان الإستعراض.
أرى بعد هذا الفوج الأول من المشاركين فوج آخر يقترب. إنهم يبدون بملامح غريبة. إنهم يقتربون أكثر. يبدون الآن واضحين. مجموعة كبيرة جدا من التوابيت المحمولة على عجلات. توابيت مفتوحة كبيرة وصغيرة ومن مختلف الأحجام. توابيت تحتوي جثث مقطعة، أخرى فيها جثث ناقصة. توابيت أخرى فيها جثث متفحمة. توابيت فيها جثث أطفال. توابيت فيها جثث كبار. جثث نساء. جثث رجال. جثث عجائز. التوابيت كثيرة، كثيرة جدا وهي تمر أمام المنصة وسط تصفيق حار من الحضور على المنصة، ومن الجمهور في الشارع. غريب ما أرى هذه الجثث كلها تشير إلى اتجاه المنصة بعلامة النصر. وها هو مراسلنا يقترب من أحد هذه التوابيت.
أترككم مع حواره مع أحد المشاركين: اسمك ؟ المرحومة منتوفة المشحرة. كيف انتقلت إلى رحمته تعالى؟ بكزيفي من بيرجي اسريئليي(بقذيفة من بارجة إسرائيلية) بس فدا السيد حسن و فدا إجر المئاومي (إنها تشير من تابوتها بيدها المحترقة بإشارة النصر وتضم في الأخرى جثة طفل مشوهة ومحروقة تماما).
شكرا لمراسلنا على الأرض. الحضور جميعا وقوف. أحدثكم وأنا واقف احتراما لهذه الجثث التي تمر ببطء أمام المنصة. أرى بعد التوابيت التي تمر أمام المنصة فوجا آخر من المشاركين و هو يصطف على مسافة طويلة جدا. إنهم يقتربون. أرى أكواما كثيرة من الركام تتقدم إلى أمام المنصة: أعمدة مكسرة، سقوف مدمرة، أبواب محطمة، أبنية نصف مهدمة، أبنية كبيرة، أبنية من ذات الطوابق الكثيرة، أبنية متوسطة، أبنية صغيرة، مؤسسات تجارية محترقة، محلات محطمة، جسور مدمرة، الكثير جدا من الجسور المدمرة، مئات الجسور المدمرة وألوف من المباني المهدمة وأكوام الركام تتالى أمام المنصة: ركام مصانع وفنادق ومزارع و مشافي وكافة أنواع المباني شاركت في الإستعراض والكل مدمر ومهدم و يقف السيد نصرالله و معه بقية الحضور يحيون هؤلاء المشاركين. طابور طويل جدا من هذه المباني يمر أمام المنصة.
أعزائي وقت طويل فات وأفواج الركام لا تزال تمر أمام المنصة. وجميع هذه الأكوام تعلوها إشارة النصر. و أخيرا تلوح وراء طوابير الركام طوابير أخرى.
أعزائي المستمعين أرى من وراء طوابير الركام، طوابير من الناس. كثيرين من الناس: أطفالا، نساء، كبار، صغار، عجائز. الجميع يبدون بحالة رثة جدا، ثيابهم قذرة مهترئة. وجوههم كئيبة يظهر عليها البؤس والإعياء. يقترب منهم مراسلنا على الأرض من أنتم ؟ نحن المهجرون كثيرون، شي مليون وشوي من أي المناطق ؟ نحنا أصحاب العمارات المهدومة والبيوت المخروبة اللي مرت قبلنا. شكرا لمراسلنا. هذا الفوج كبير جدا, هم يمرون أمام المنصة بشكل غير منظم بالمرة ذلك أن الكثيرين منهم يسقط على الأرض من الإعياء و يحمله بعض الناس الذين يمرون من حوله. وقت طويل استغرقه مرور هذا الفوج. أكثر من مليون إنسان بائس. جميعهم يلوحون بإشارة النصر على الرغم من منظرهم المزري للغاية و البائس جدا. أرى أعزائي وراء هذا الفوج الطويل جدا أفواجا أطول. أطول بكثير. أناسا كثيرين. أعتقد أنهم بالملايين. أناسا من جميع فئات الأعمار. رجالا. نساء كثيرين، كثيرين جدا. هؤلاء الناس يسيرون بنشاط أكثر من سابقيهم. و لكن مهلا، أعزائي المستمعين أرى هؤلاء الناس يلبسون سراويل جيوبها مقلوبة ظهرا لبطن. جيوب بيضاء تلوح على جوانب سراويلهم، بأيديهم جوازات سفر يلوحون بها بيد وباليد الأخرى يرفعون إشارة النصر. يقترب مراسلنا على الأرض منهم:
مرحبا! أهلين مين إنتو؟ نحنا الشعب اللبناني. وليش عاملين جيوبكم هيك مطلعينهم لبره؟ لأنو فاضيين ما فيهن شي. لا فلس ولا بارة. و ليش معكم جوازات السفر؟ لأنو الحمدلله أخدنا فيز و بدنا نسافر. لوين ؟ أنا خدت فيزا لبنغلاديش، الحمدلله! وخيي هيدا بدو يروح على موزمبيق.
ليش بدكن تسافرو؟ من شان نحمل رسالة لبنان الحضاريي للدنيي كلها و نعمم التجربي اللبنانيي الفريدي للتعايوش. شكرا لمراسلنا. هذا الطابور طويل جدا بل هو أطولها. استمر مروره طويلا جدا حتى أن الشمس شارفت على الغروب في هذا اليوم الصيفي الطويل. أعزائي المستمعين الجميع هنا أصابه الإعياء في نهاية هذا الاستعراض الطويل. الطويل جدا! ونحن بانتظار مرور آخر الطابور الأخير من المشاركين الذين يمرون أمام المنصة التي جلس الحاضرون فيها من التعب.
ولكن مهلا، مهلا! أرى الموجودين على المنصة ينهضون ثانية ويصفقون. المارين في نهاية الطابور الأخير يلتفتون إلى الوراء بينما يتابعون المرور. ما الذي ينظرون إليه؟. أعزائي أتصل بمراسلنا على الأرض: نشيط ماذا ترى ؟ أجل أرى في نهاية الاستعراض رجلا يأتي وحيدا. إنه يجر عربة صغيرة، عليها كيس أبيض كبير ومنفوخ. أنتظر حتى يقترب. أجل أعزائي المستمعين إنه منوشهر متكي أجل منوشهر متكي. و لكن ماذا لديه في الكيس؟
أعزائي المستمعين يبدو أن هناك كتابة على الكيس. أجل أعزائي المستمعين مكتوب: (مال شريف وحلال وطاهر ونظيف لإعادة إستعمار لبنان).
أجل أعزائي يبدو أن منوشهر متكي يحمل ما وعد به السيد حسن نصرالله. الله أكبر!
أعزائي ها أنا أهبط إلى أرض ميدان ساحة الشهداء، وأقترب من أحد الذين شاركوا في هذا الإستعراض الكبير. مرحبا. أهلين. فيني إسألك؟ طبعا تفضل. ليش عم تلوح إنت والمشاركين بإشارة النصر؟ يا خيي هيدي مش شارة النصر. لكن شو هيدي؟ هيدا الرقم سبعة. وليش عم تلوحوا بالرقم سبعة؟ لأنو لبنان دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية. وصار مهدوم سبع مرات بتلاتين سنة. وهيدي بتصير أول مرة بتاريخ البشرية. ونحنا من شان هيك فرحانين كتير. كتر خير الله! الدكتور ن المـصري. انتهى النص.
هذه التحفة الإبداعية التي أتحفنا بها د. المصري تعبر أعمق تعبير عن الأدب الملتزم مع أحاسيس الناس المستضعفين ومعاناتهم. فشكرا له. 06.9.21



#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصر إلهي، كيف ؟
- وماذا يعني الحصار يا أهل الانتصار؟
- حزب الله يضع لبنان على كف عفريت. ومن جديد!
- لبنان في رعاية الأسرة الدولية وسيبقى
- حكومة السنيورة الراقية باقية، يا أهل الرابية
- الذي يلعب مع القط عليه بتحمل خراميشه
- فرسان الشرق الأوسط الثلاثة
- نصر أم دمار -استراتيجي- ياشيخ نصر الله؟
- السنيورة يبكي ونصرالله يُمَنِّنْ
- لبنان ليس سوريا ولا إسرائيليا يا سيد حسن نصر الله
- خمسمئة يوم مرت، والجريمة لن تمر دون عقاب
- لا تَحْزَنَّ أيها الكويتيات!
- ضرورية العلمانية بالنسبة للدولة الحديثة
- العلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة
- الأوطانُ تُنْهِضُها الهامات وليس التهديد والعنتريات أيها الع ...
- الصوت أمانة شراؤه وبيعه خيانة
- أيها اللبنانيون البسوا ما يفصل لكم حزب الله وأنتم الناجون!
- إلى أين يريد حزب الله أخذ لبنان ؟
- فتح الانتفاضة، انتفاضة على من ؟
- ثورةُ الأَشجارُ


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد علم الدين - بث حي من ساحة الانتصار الإلهي