أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد محمد الشريف - سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (2)- قراءة نقدية في رواية حتى يطمئن قلبي















المزيد.....



سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (2)- قراءة نقدية في رواية حتى يطمئن قلبي


أحمد محمد الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 7311 - 2022 / 7 / 16 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


أثارت رواية "حنى يطمئن فلبي" للكاتب / السيد حافظ, فكر العديد من الكتاب والباحثين مما دفعهم لإصدار عدد من الدراسات النقدية والرسائل الجامعية والأبحاث عنها.
وإذ نعرض لعدد منها خدمة للقارئ, نستعرض اليوم هنا دراسة بقلم:
د. أفكار أحمد زكى
قراءة نقدية في رواية حتى يطمئن قلبي
تبدو رواية أو مسرحية أو مسرواية (حتى يطمئن قلبي) للكاتب الأديب السيد حافظ لمن يقرأها لأول نظرة أنها رواية تاريخية تسير على نهج من كتبوا الرواية التاريخية في العصر الحديث مثل جرجي زيدان؛ الذي كان يهدف من خلال كتابته الرواية التاريخية تعليم التاريخ لأنصاف المثقفين، فكتب الرواية التاريخية التعليمية الترفيهية. أما السيد حافظ فإنه يصرح في بداية عمله الأدبي الذي يمزج فيه بين القص الروائي والمشاهد المسرحية، بقوله (أنا لا أحكي التاريخ ولا أروي لكم بل أصححه..)( )، ولكن القارئ الناقد المتريث حين يغوص في مسرواية (حتى يطمئن قلبي) يجدها تحمل قضايا الواقع المعاصر السياسية والاقتصادية من خلال أحداث التاريخ في نهاية الدولة الفاطمية وبداية الدولة الأيوبية في مصر. لأنه كما تقول ندى حجازي في دراستها، عن "رضوى عاشور.. حين يتحول النص إلى سلاح مقاومة" : (تعمل النصوص الأدبية أحيانا كسلاح دفاعي ضد تحريف التاريخ أو تحييده، تلك السياسة التي غالبا ما تؤدي إلى تهميش الآخر وتشويه صورته..)( )، ولكني أعترف بنظرة الناقد والقارئ لهذا العمل، أنه عمل أدبي فيه من الثراء والعمق ما يجعلك لا تترك فيه سطرا دون إضافة أو قيمة، أو رؤيا نقدية. رغم ما يبدو من المقدمات التي يكتبها الكاتب ويبثها بين ثنايا عمله تبدو بسيطة، فالكاتب يفضل أن يمارس لعبة الذكاء مع قارئه، (لأن القارئ الثقافي في حاجة إلى المتلقي الثقافي، والوعي المشترك بينهما هو الذي يصعد بالنص من الأدبية إلى الثقافية، وهو الذي يربط الإشباع المعرفي بالمتعة الجمالية..)( )
رغم إيماني أن كاتب التاريخ غير كاتب الرواية، فإن الرواية مهما كانت تعتمد على الخيال في أحداثها و وقائعها، فإنها لا تكتب تاريخا منفصلا عن الحقائق التاريخية الثابتة والمعروفة والحقيقية، خاصة إذا كان كاتبها صاحب رؤيا و وعي. لذا نرى الكاتب السيد حافظ يسير في روايته في اتجاهين متوازيين يلتقيان عند هدف واحد في نهاية العمل، انطلاقا من القول (إن كل استدعاء للتراث في العمل الفني لا يعني البتة استدعاء المعاودة و التكرار بقدر ما يعني المغايرة وإعادة البناء)( ). فتبدو الأحداث التاريخية في العمل الأدبي (حتى يطمئن قلبي) في نسيج موازٍ لما يدور في واقعنا المعاصر من تطورات وصراعات سياسية واجتماعية على المستويين المصري والعربي. فحين يغترب "فتحي رضوان" المصري الشخصية الرئيسية في القصة المعاصرة، عن بلاده للعمل في الإمارات أو العراق للحصول على مصدر الرزق وتوفير سبل الحياة، يرفض ابن مماتى - رمز البطولة والصمود والعلم والثقافة والقيم والمبادئ في القصة التاريخية- البعد عن مصر إذ يعفو عنه قراقوش ويأمره بترك البلاد. ويقول ابن مماتي في نبرة ألم وأسى (ضوء المكان باعنى لقراقوش.. كيف.. أفهم؟ جاء الزمان الذي يترك فيه المصرى بلاده ويرحل بعيداً عنها ويهرب من حكامها الظالمين الذين هم ليسوا مصريين.. آه يا بلدى.)( )، وهذ هي القضية الرئيسية التي يمكن تتبعها في المسرواية وهي قضية الحاكم الفاسد والحكم القهري الظالم، الذي لا يهتم بالرعية واحتياجاتها وحقوقها، مما يجعل أبناء الوطن المحبين له كما يقول فتحي (مصر ليل لا ينتهى.. شعب لا يرى الصبح أبدًا.. إن الله يحب المصريين حبًا خاصًا أرسل لهم الكثير من الأنبياء.. أكثر شعوب العالم الذين جاءهم أنبياء.. إن الله ينظر إلى المصريين برحمة تفوق الخيال.. أحن للبكاء على صدر الوطن فلا أجده..)( ) يبحثون عن مكان آخر تتوافر فيه سبل الحياة إما برغبتهم مثل فتحي أو قهرا وعنوة مثل ابن مماتى. حيث يجمع بينها رغم اختلاف الزمان ووحدة الوطن، حب مصر الوطن والأهل، كما يجمع بينهما حب العلم والثقافة والمعرفة التي تبحث عن الحق والحقيقة في مواجهة الجهل، وإن كان ابن مماتى حاول التأثير في العامة وتغييرهم وتعليمهم ولو بالفرقة المسرحية التي مثل فيها فريق القراقوز حتى يصل إلى الناس، بينما اكتفى فتحي بالكتابة الصحفية بعيدا عن الوطن، وما يعبر به من تغريدات تقطر حبا للوطن وأسى على حاله وحال أهله وبلاده. فيبدو الشعور بالغربة عن الوطن، فالوطن هو المحبوبة أو الأم التي نبحث عنها و عن صدرها وحنانه حين تحيط بنا الأحزان وتملأ قلبنا الهموم.
الكاتب وفكره وما ينتجه من فكر في كتاباته التي تمثل روحه، ووطنه الذي هو أيضا روحه، ثلاثية الإنسان والفكر والوطن يكملهم ضلع رابع هو الحب، وفي هذا الإطار تدور مسرواية "حتى يطمئن قلبي"، من هنا يأتي قول الكاتب في مقدمته عن حضور الوطن النادر الذي لا يرى حقيقة ما يكتب الكاتب، وغيابه غالبا عن التاريخ الذي يخرج منه ثم يعود له الوعي وقد لا يعود، فهي رؤيا الكاتب الرابط القوي بين التاريخ والوعي لدى الوطن - ويعني بهم أبناء الوطن - وربما يلقي الكاتب هذه العلاقة بين الوطن والتاريخ في مقدمته، لأنه سوف يغوص داخل الوطن من خلال التاريخ في الصفحات التالية من الرواية.
رغم الحب للوطن الذي يعيش بداخل البطل والكاتب معا، فإن الكاتب غاضب من هذا الشعب أو عاتب عليه عتاب الأم إذ تقسو على ابنها حين يصدر منه ما يغضبها.
فتبدو صورة الشعب والناس في نظر الكاتب من مقدمته التي يصدر بها روايته، صورة غير محببة، مثال ( اكتشفت أن مصر لونها رمادي.. والبشر مشاعرهم أغلبها اصطناعي..)( )، ( ما إن اجتزت عتبة الصفحة الأولى من الرواية حتى هاجمتنى ذكريات شعب فاجر).( ) ولا أدري سبب هذا، هل هو عدم رضا الكاتب عن الشعب أم عدم رضاه عن واقعه وما يعانيه، أم هي عبارات يستفز بها قارئه حتى يدخل إلى عالم الكاتب وعمله ليبحث عن حقيقة مشاعره نحو هذا الشعب؟
في الفصل الخامس من الرواية حين يعاتب نفسه حزنا على موقفه من سهر يعود مرة أخرى إلى مصر وشعبها فيقول (أنا ابن هذا الشعب الجاهل المتعصب)( )، فهو يقر بمسؤوليته عن هذا الوطن وعن شعبه رغم ما فيه من عيوب و سلبيات.
يبدأ الكاتب بمقدمة كأنه يدافع عن مهمة الكاتب، حين يقول(..الكاتب ليس وظيفته أن يتدخل في كل شئ بل يترك المساحة للأبطال أن يتحركوا، ينفعلوا ، أن يمارسوا الحياة أو يحتلوا الموت ، أن يمارسوا الفضيلة أو يدنسوا براءتهم بالرذيلة لأنهم بشر وليسوا ملائكة.. أبناء الحياة والحياة ورطة فهم وطنيون وخونة شرفاء وفاسدون . ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)( )، فالكاتب يحمل أبطاله المسئولية فيما يقولون أو يفعلون، حتى لا يأتي أحد المتربصين بالأدباء لمحاسبته عما يقول الكاتب على لسان شخصياته، وكأن الأصوات التي تحاسب مؤلف العمل الفني "المسرواية"، لما فيها من صراع بين الخير والشر والرذيلة والفضيلة- قد صارت تهدد الكتاب.
وعلى الجانب الآخر قد تكون المقدمة التي يصدر بها الكاتب عمله الأدبي صادمة لقارئه- رغم إتاحته الفرصة أمام القارئ ليشارك في العمل؛ لأنه حين يصرح بعدم سعيه للجمهور أو سعي الجمهور له، قد يترك انطباعا سلبيا لدى قارئ أعماله، وقد تكون لفتة ذكية من الكاتب يجذب بها القارئ حتى يبحث عن سبب هذا الإعراض المتبادل بين الكاتب و قارئه. والكاتب لهذا لا يعبأ بالجوائز لأنه لا يكتب ما يرضي مانحي هذه الجوائز، لكنه يكتب ما يرضي ضميره ورؤيته بقدر ما يرضي الحق.
في الفصول الأولى من العمل الأدبي – وهي الفصول الخاصة بالأحداث التاريخية- يزاوج الكاتب بين القضية الاقتصادية وأزمة المواطن البسيط، وبين الأزمة السياسية والحربية التي تعاني منها البلاد، حيث إهمال الحاكم، وضياع الدولة والسعي خلف الملذات والمتع الشخصية.
وتحتدم القضية حين يدخل قائد الجيش على الآمر بأحكام الله، ويخبره بما آلت إليه البلاد من سقوط المدن والاعتداء عليها من جيوش الفرنجة، وبما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية حيث ترتفع الأسعار، خاصة السلعة الرئيسية لطعام الشعب وهي "القمح"، وبعد كل هذا يطلب من قائد الجيش أن يدخل إليه الراقصين والراقصات، وكأن مهمة قائد الجيش أن يتحول إلى صاحب ملهى، وليس الدفاع عن البلاد والحرمات.
تستمر المقابلة بين حال الحاكم (الآمر بأحكام الله) ولهوه و بحثه عن النساء والعروس الاستثنائية من ناحية، و حال البلاد من سقوط الولايات واحدة تلو الأخرى. وعدم إدراكه الفرق بين المرأة والولاية حين تسقط في يد الأعداء. ويستمر الكاتب في رسم الأزمة التي تتمثل في غفلة الحاكم الآمر بأحكام الله رغم علمه بالكارثة التي لحقت بالبلاد من سقوط العديد من الولايات، والكارثة الأخرى التي تعم العباد من كساد وارتفاع في الأسعار، و تزداد الكارثة وضوحا حين يدخل وفد من العلماء للخليفة، وينتظرونه حتى يفرغ من لهوه وحمامه و طعامه، والأكثر من هذا حين يقول له كبير العلماء (ونحن معكم يا مولاي في السراء والضراء.
الآمر : لا.. لستم معنا.. أنتم ما شاء الله علماء البلاد لكم أمور الدين ونحن لنا أمور الدنيا.)( )
وتستمر غفلة الآمر بأحكام الله في حواره مع رسول عمانويل، الذي ينذر الخليفة بقدوم جيش عمانويل فيجيبه أنه مقدم على الزواج، فيقول الآمر بأحكام الله:
(فلتحضروا الجنود والفرسان.
الرسول : للحرب:
الآمر : لا للاحتفال وإقامة الأفراح لزواجي من الأميرة العالية)( )
تبدو صورة الحاكم الضعيف المتراخي في حل المشكلات المهمل لرعيته وأزماتها، المهتم فقط بالمتع الملذات، كما تبدو صورة ضعف الحاكم في تركه كل قضايا البلاد في يد وزيره، الذي يشارك التجار وأصحاب الأعمال في مالهم على سبيل الإتاوة. ثم يتركه يزو حقيقة النصر المزيف على الفرنج وجيش عمانويل، وتزداد صورة فساد الحاكم وضعفه حين يترك زوجها (العالية)
يستمر الكاتب في تشكيل صورة الحاكم الضعيف المهمل لرعيته من خلال الضحكات التي تصحبه في كل المواقف الهزلية منها والجادة.
تتكرر المواقف التي ترسم صورة الحاكم الضعيف المتراخي حين يقف الشاعر "طراد" أمام الآمر بأحكام الله و المأمون، فيقول الشاعر (ينحني- أنا خادمك شاعر بني طيء.. جئت لأمدح مولاي .
المأمون: ليس لدى مولاي أي وقت.
أحمد : يا إلهي.. دع مولانا يتكلم.
الآمر : تحب الشعر والخمر والنساء؟
طراد : نعم يا مولاي .
الآمر : إذا سأشرب معك أو أتحدث معك فأنت ضيفي وسأقابلك هذا المساء.
أحمد : وأنا يا مولاي .
الآمر : أنت شاعر.
أحمد : لا أنا صديق الشاعر.
المأمون:إنه حمال في البستان.
طراد : إنه صديقي.
الآمر : في الكأس يلتقي الكبار والصغار.. لذلك أدعوه أيضاً.)( )
يستمر الكاتب في رسم صورة الحاكم الفاسد ضعيف الشخصية باعترافه الذي يقوله لوزيره المأمون فيقول له
(المأمون: الديوان والأعيان.. الكل يسأل عنك منذ عام وأنت هنا والناس والوشايا والإشاعات.. اختفاء الخليفة.. صارت الحكاية سخيفة.
الآمر : هم السخفاء ماذا يريدون من الخليفة؟ الدولة تسير نفسها بنفسها.. الوزيريعرف ما دوره ورئيس الشرطة وكل موظف يعرف دوره ما المطلوب مني..؟ دعوني مع العالية.)( )
نجح الكاتب في رسم صورة الحاكم الضعيف المهمل الذي لا يهتم بأمور الرعية أو البلاد حتى في أصعب الأوقات وقت الحرب فطلب الجنود و الجيش لا للحرب بل لحفل الزفاف، في حين يقف جيش عمانويل على مقربة من القاهرة استعدادا لاحتلالها.
(مأمون البطايحي لم يسلمنا الراتب.
زعتر : هذا الرجل غير معقول كل تجار مصر يشاركهم في مشاريعهم حتى مرتبات العاملين المساكين يأخذها في بطنه.)( )
يبدو ضعف شخصية الحاكم في كل مواقفه سواء مع الوزير أو مع العلماء أو مع قائد الجيش، أو مع "العالية" التي كانت تفرض رأيها على الآمر بأحكام الله، لأنه كان دائم الاسترضاء لها وبالتالي كان مطيع لرأيها.
و هذا ما بدا في شخصية قراقوش في الدولة الأيوبية، حيث يرضخ لطلب لامار التي أحبها وتعلق بها رغم عدم قدرته الجنسية، وتنفيذه لطلباتها حين طلبت منه الإعفاء عن المسجونين و الإفراج عن ابن مماتى.
وفي القصة المعاصرة-قصة سهر وفتحي وشهر زاد ومنقذ-نجد منقذ ينفذ لسهر كل ما تطلب رغم علمه بخيانتها إياه، بل أكثر من هذا يحتفظ بالطفل الذي يشك في نسبه.
تستمر صورة الحاكم الفاسد بعد تولي صلاح الدين وتغير الدولة بانتهاء الحكم الفاطمي ونهاية شاور الوزير الفاسد المستبد، فنجد صورة أخرى من شاور الذي أحرق القاهرة لمدة خمس عشرة يوما، في وزير جديد هو قراقوش وزير صلاح الدين الذي يسير على نفس النهج، وهذا ما جعل المصريين يضربون المثل بظلمه واستبداده في تولي أمرهم. ورغم هذا يستغل الحاكم الظالم الفاسد جهل واحتياج العامة في تزوير الحقيقة حين خرج الناس بالأجر لاستقبال قراقوش بعد فك أسره.
يقابل الكاتب بين معاناة الشعب وحال الفقر والجوع الذي يعانيه من ناحية، بين حياة الترف والبذخ التي يحياها الوالي "الآمر". ويتضح في الحوار بين سنية وأحمد حين يطلب منها أن تساعده كي يعمل في القصر، فيسير الحوار على هذا الطريق الذي يؤدي الوضوح حال المعانة التي عليها عامة الناس في القاهرة الفاطمية:
(أحمد : أنا موافق.. أحمل زبالة البستان وزبالة الخليفة.. وزبالة كل الأغنياء.)
سنيه : سأذهب للقصر.
أحمد : تطبخين للسلطان.. محظوظة.. هاتى لنا ما لديه من بقية الطعام.)( )
فهذا التناقض بين أحوال الراعي والرعية، أبرز دلالات فساد الحاكم وسوء ولايته للرعية.
يأتي الكاتب بقراءة مستقبلية، حين يتحدث عن العلاقة بين الأغنياء والفقراء، فيقول الكاتب متوجها للقارئ – الذي اعتاد على أن يتوجه له بالخطاب المباشر منذ بداية الرواية- كنوع من توجيه الصحوة أو التنبيه، من خلال الفقرات التي يقطع بها الخط الدرامي للعمل الروائي (يا أول الغرباء، وأول من فهم أن الإسلام دين الفقراء قبل الأثرياء و دين المساواة و ليس المحاباة بعد قرن و مايزيد ظهر ثائر جديد مثلك اسمه جيفارا رفض المنصب و رفض الجاه و كره الأغنياء ، سامحنا فنحن الجهلاء و كان أكثرنا لا يعقلون و يفقهون و لا يفهمون. طوبى لك و لهم.)( )
الإسقاطات التي يقوم بها الكاتب من حين لآخر في الرواية، لربط بين أحداث ووقائع الرواية، وبين الواقع الذي يعيشه المجتمع العربي عامة والمصري خاصة، مثال؛( من 2500 سنة قبل الميلاد اتجه المصريون إلى بناء المقابر الضخمة التي تسمى الأهرامات وكتبوا لنا في كتب التاريخ عظمة مصر في الأهرامات ونسوا أن يكتبوا أن عظمة مصر كلها تحويل الشعب إلى عبيد بأهداف كانت ترمى جميعها إلى حماية ووقاية جثمان واحد هو رئيس الدولة فرعون داخل مبنى فخم ضخم.. عقيدة رجل واحد.. وظلت مصر على هذا الحال حتى الآن.. ومن هنا صعوبة الديمقراطية واستعادة ثقة الشعب في نفسه)( )
الكاتب أو المفكر يحلم بعالم مثالي يبغي إسعاد جميع الناس لذا فقضية الحكم والحاكم وعلاقته بالرعية من القضايا الهامة التي تشغل المفكرين ابتداء من أفلاطون في جمهوريته، إذ (من الواجب ألا يمسك بزمام الحكم إلا من كان مؤهلا لذلك. و للإنسان في داخل نفسه القدرة على توجيه حياته على نحو من شأنه تحقيق غاياته الأساسية. تلك هي قدرة العقل، أعني معرفة ما هو خير بحق للإنسان، أن تنقذنا من أنواع الاختيارات العمياء، القصيرة النظر، التي تهدم نفسها بنفسها آخر الأمر، و التي نقوم بها في سعينا من أجل السعادة. و إذن فليحكم الدولة أولئك الذين توافرت لهم معرفة عقلية بما هو خير لها)( )، وهذا ما جعل الكاتب يرسم لنا صورة للحاكم الأحمق الذي يفقد القدرة على التفكير السليم الصحيح في معالجة قضايا الدولة العسكرية و القضائية و الاجتماعية، فغاب العدل حين تولى الجدال مدعي العلم مرتكب المعاصي القضاء، و تولى الوزارة من لا يهتم بالرعية واحتياجاتها، ويرى القوة هي أداة الحاكم التي تبطش بالعامة، هكذا كانت صورة شاور في الحكم الفاطمي وكان قراقوش في الدولة الأيوبية.
تتصل بقضية العلاقة بين الراعي والرعية، والحاكم المستبد الأحمق، قضية العدل المفقود، وحين يكون الحاكم ظالما يكون ميزان العدل غير صالح، وهذا ما وصفه الكاتب بميزان العدل المقوس الذي يوضع في واجهة المحكمة التي يقف فيها عثمان ولامار، (.. اليوم محكمة قراقوش.. ويتقدم أصناف من الناس تشكو حالها وظروفها وضيق أحوالها.. تظهر لافتة في الخلف كتب عليها محكمة قراقوش.. كرسى في المستوى الثالث للقاضى.. كرسيان يميناً لمستشارى اليمين، وكرسيان يساراً لمستشارى اليسار.
في المستوى الثانى يميناً يوجد قضبان سجن وقد وقف القاضى عثمان ولامار. خلفها شرطيان يقفان أمام القفص وميزان العدل مقوس وظاهر الإعوجاج.. كتبت لافتة في الخلف بخط جميل.. محكمة قراقوش.)( ) فلا يمحو الخط الجميل ظهور الاعوجاج في ميزان العدل القوس في محكمة قراقوش.
ومن القضايا التي ترد في ثنايا العمل الأدبي خاصة الفصل الخامس، وما يتصل بأمر حكم صلاح الدين، وحواره مع ابنه في أمور الحكم وإدارة شئون الدولة، ما يوضح حقيقة القضاء وعمله من ناحية، وكتابة التاريخ من ناحية أخرى، مثال: (أنت أجرِ محاكمته أمام الناس حتى تأخذ المهابة ويخافوك واقتله بالقانون أتحب أن أرسل لك قضاة من مصر لدينا فيها الكثير فهم سلاحنا في الحكم.
- عندنا كثيرون متوفرون يطلبون الود..)( )
يزاوج الكاتب بين القضية الشخصية المتمثلة في علاقة الحب المحرم، وقضايا الوطن بكل ما تحمله من هموم سياسية واقتصادية، في أكثر من موضع في هذا العمل الأدبي، مثال:
(خرجت رائحة قهوتك من شرفتك ومرت في الفضاء والمدن والحارات انتعش ورد الحدائق وقلوب الرجال في كل المدن انتعشت انتبهت أما النساء فمن غيظهن كسرن الفناجين غيظا وغضبا أما قلبي فانكسر لأنك لازلت هناك وأنا هنا غدا صباحا سألقاك صباح القهوة بالحب والهيل والقبلات.. سأصارع حتى الموت أمواج بحر اليأس حتى وأنا أغرق مع الوطن.)( )
ويتضح هذا من خلال تعليقات الكاتب التي تأتي في شكل منولوج داخلي بين فتحي ونفسه أو بين الكاتب ونفسه حين يقول في إحدى تغريداته، ( همس الروح):
(أقسم بالله وبغبار الوحدة وحمراء الخد لأجعلها هي وكلماتي وطنا، والكتابة كفنا.. فالشعوب التي تبحث عن رغيف الخبز لاتعرف للحب ولا للشعر ثمناً.. لا ألومك حبيبتي فإن قلبي في محارة العشق لؤلؤة على صدرك فهل تقدرين الثمن.. صباحك ومساؤك لي القهوة التي أحبها مُرَّة وأعرف أنك مهرة أركبها وأطير على مدن الصفحات البيضاء أكتبها بدقات قلبك وعطرك لأخطط مخطوطات العشق لأهديها لك)( )
ولا يقف مفهوم الوطن لديه عند مصر بل يتعداه إلى الوطن الأكبر (أما ماتبقى من جيشنا ورجال الدين وأفكارنا وشعبنا والنظرات الضيقة تماما والرقص فوق جثة الوطن هل اسمه مصر أو بغداد أو سوريا أو اليمن أو تونس أم ليبيا أو البحرين .؟ لا أعرف أمة بلا عقل وضعت أحلامها في السراويل المظلمة والشهوات المحرمة...)( )
ويزداد الأمر أكثر من هذا، فالمزاوجة تكون بين المرأة والوطن والكتابة. هذه العناصر التي تشكل محاور الحب في حياة شخصية مثقفة مهمومة بهموم الوطن عاطفية تقع في الحب بكل ما تملك، حيث تمثل المحاور الثلاثة في حياة الشخصية البطل في الرواية محورا واحدا هو الإنسان المعاصر.مثال قول الكاتب:
(- كل دا في راجل واحد.. ياراجل إلى أين توصلني أريدك أن تجنني مو هيك ؟
أنت شو أزمتك وأزمة الوطن معاك.؟
قلت لها لسنا في أزمة خطاب ديني فقط بل في أزمة خطاب إيديولوجي.. ورؤية اقتصادية.. وأزمة أخلاق وعدالة وضمير.. العالم يسير ونحن نتكلم كثيرا دون أن يسمع أحد منا الآخر.. اسمعيني جيدا ياسهر نحن في أزمة ضمير..)( ) حيث يناقش فتحي مع سهر قضية تغيير العالم بالكتابة، فلا تؤمن سهر بما يراه فتحي ممكنا فتقول له:
(مجنون أنت تحب الخطيئة وتريد تغيير الأمة ؟
- ولم لا؟
- لن يحدث أن تتغير الأمة، الناس لاتقرأ فتغيير الناس بالكتابة وهم
- وأظل أحلم وحلمي أن أضع في كلّ عقل مصباحا..بي وجد وبي غربة الأنبياء وبي حكمة الفلاسفة وجنون الرجال العاشقين.. أنا رجل بي بساطة غاندي و سقراط أنا المشاء وأنا دفء الشتاء والحكاء وأعرف سرّ خرافة الأشياء.)( )
وهنا تقف سهر على هذا التناقض الظاهر في شخصية فتحي - رغم حبها له - الذي يحلم بالمثالي وتطبيق المثل العليا بينما يرتكب كبيرة من الكبائر.
من القضايا الهامة التي يناقشها الكاتب في أكثر من موضع، قضية العلم والفكر وأهمية الكتاب وعلاقة كل هذه الأمور بالحكم وأمور الحكم والرعاية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أهميتها للعامة وللناس واعتبار الكتب كنوز أهم من كل المعادن النفيسة والمجوهرات. هذا في رؤيا مفكر يحمل كنوز من الكتب في جوال ويجب به كل مكان، أما الحاكم "صلاح الدين" الذي يصب جل اهتمامه على التصدي للعداء من صليبيين وغيرهم، فلا يرى قوة غير القوة العسكرية لذا يجعل وزيره من العسكر، ويرى أنه خير من يصلح، دون إدراك للعلاقة بينه وبين الناس، وكيف يدبر أمور العامة. ويتضح هذا التوجه في حوار يحمل معنى التحقيق والتهديد من صلاح الدين لابن مماتي:
(يا ابن مماتى.. أنا لا أحب الثقافة لأنها سخافة ولا أحب المثقفين لأنهم مثل دود الأرض يأكلون كل شئ.. الإنسان والنبات والحيوان.
يا مولاى السلطان الناصر العظيم.. الأدباء والشعراء والعلماء هم ذراعك.
العسكر هم ذراعى، هل سأحارب الأعداء الصليبيين.. ريتشارد قلب الأسد وملك أسبانيا وملك ألمانيا بالقصائد والشعر والكتب؟ هه؟
(يرتعد.. يسقط منه السروال.. يرفعه بسرعة) لا يا مولاى.. طبعاً ستحارب بالسيف والسهام والمجانيق.
إذن لا يصلح لمنصب الوزير إلا العسكر والجنود والفرسان.. صح؟
صح يا مولاى (يسقط السروال ويرفعه)
نحن الثلاثة هنا.. بالنهار جنب بعضنا البعض، وعندما نأخذ أجازة نظل معاً.. ما هذا؟ أليس غريبا..)( )
وفي النهاية تتوزع التهم ضد الثلاثة بالتساوي، و لا يستثنى واحد منهم من تهمة تضعه في القيود أو تودي بحياته.
وحين يأتي الشاعر طراد بن المهلهل لمدح الخليفة ويلتقي بالعالية تحدثه في أمر الناس في الشارع وفي الحارات ومدى إحساسه بهم ومشكلاتهم ومعاناتهم فتقول له :
(العالية : بماذا تمدحني .أنت تمدحني والزمان يرجمني ويجرمه.
طراد : لم أفهم.
العالية : أنت شاعر الخلفاء والأثرياء؟
طراد : نعم.
العالية: وهل للناس نصيب من شعرك؟
طراد :لم أفهم.
العالية : الناس في حواري مصر.. شاهدتهم؟
طراد : عاشرتهم أكثر من عام.
العالية : أكثر من عام لتعرفهم أم لتقابل الخليفة؟
طراد : يا أميرتي وسيدتي لقد شاهدت العجب والعجاب. في هذه البلاد
العالية : شاهدت ماذا؟
طراد : شاهدت القاهرة.. الناس.. الحارات.. القاهرة العامرة التي تضئ بأجمل سيدة في هذا الزمان..العالية)( )
فتضع يديها على قضية من قضايا الواقع المعاصر وعلاقته بالفن عامة، وهي أن يعرف الفنان الناس ويشعر بما يعانون ويصور معاناتهم حين تقول له عاشرتهم أكثر من عام لتعرفهم أم لتقبل الخليفة؟
إذا كان الكاتب يناقش من خلال عمله، الذي يمزج فيه بين القصة المعاصرة والرواية التاريخية، قضية الحاكم الذي يتولى أمر مصر وشعبها، فإنه لا يغفل دور الشعب وقيمته(على كل حال يصبح تحقق الجماعة مصدرا مهما من مصادر تحقق الفرد، وقد يكون هو المصدر الوحيد و الكافي في الوقت نفسه للحصول على الإشباع الذاتي والرضا: فحين تنتصر الجماعة خلال معركة ما، يؤخذ النصر على محمل شخصي، و كأنما انتصر الفرد في معركته الخاصة، و الأمر عينه يحدث عند تلقي الهزيمة)( ) فتكون ضرورة أن يحكم مصر أحد أبنائها الذين يرتوون من ماء نيلها، فيقول :
(وقراقوش.. ماذا يفعل بالضبط؟
(يظهر في البرواز) أنا الحاكم الفعلى لمصر والسلطان صلاح الدين له المجد وأنا لي الشعب.. المصريون أقودهم وأحكمهم.. وأحرق وأبنى وأهدم وأعمر.. هذه هى بلادى..
وأين الناس؟
(يظهر في البرواز) حسرتى عليك يا شعب مصر.. حسرتى عليك يا بلد.. للآن لم يأت لك الولد.. يحكم أرضك وناسك.. شارب من ماء نيلك.. مولود من أب مصرى وأم مصرية... حتى صلاح الدين الكردى ترك الصقلى يتحكم في العباد.. حسرتى عليك يا بلد.)( )
وتثبت القضايا التي ينظرها قراقوش ويحكم فيها مدى الظلم الذي يقيم عليه قراقوش حكمه، مع جهله بالعديد من مجريات الأمور التي تخص العباد.
يأتي الكاتب برؤية فلسفية للحياة والمكان الذي يحيا الإنسان فيه على لسان أحمد زوج سنية حمال زبالة القصر، حين يقول للخليفة الآمر:
(أنا لا أحتمل العيش في القصر.. فأنا ابن الحارة وابن الضجيج والزحام ، والقصور هادئة لا تنفع.. زوج أختي قنديل يسكن القبور وهي هادئة تماما، ويشكو من الهدوء...
الآمر : القبور كالقصور؟
أحمد : نعم يا مولاي .في الهدوء وأنا أحب الضجيج والزحام.)
فالشعب والإنسان البسيط الذي يعيش في الحارة أو في البادية له وجود ودور في الحياة .
يبدو الكاتب مهموما بالأمة العربية من شرقها إلى غربها، من خلال سرده الأحداث، ووصفه المكان الذي تدور فيه أحداثه سواء في التاريخ أو في الحاضر، و ما لحق بها من تمزق وفرقة بين مواطنيها الذين يشتركون في لسان واحد ولغة واحدة وثقافة وتاريخ واحد لكن الوطن ليس واحدا، فأنت لست حرا في التجول والانتقال بين ربوعه إلا في الخيال، ومن أمثلة هذا قول الكاتب في إحدى منولوجاته التي تأتي على لسان بطله "فتحي":
(حيث ظننت أنى قادر على أن أشرب القهوة في مقهى باريس في تونس مع الأصدقاء وجريدة الصباح التونسية.. حيث ظننت أنى قادر على المرور في شارع الرشيد في بغداد وشراء سمك مسجوف. حيث ظننت أنى قادر على السير في السالمية في الكويت ذات صباح حيث ظننت أنى قادر على السير في الشارقة في شاطىء القصبة فجرا.. حيث ظننت أنى قادر واكتشفت أنى غير قادر على الرحيل فجيوبى خاوية معظم العمر وقلبى محتشد بألف حلم بسيط... أغوص في شفتيك عندما يغمض الحزن عينيه عنى وعندما يتوارى ظلم الجهالة لحظة إفاقة تاريخ العشق في أمسيات ليس لها عنوان في مدينتى التي تسكن حلمى.. هل نحن نملك أخلاقاً حقيقية.. أم أخلاقا من حلوى رخيصة؟)( ) فالصراع الذي يدور في نفس بطله بين قدرته على الانتقال عبر مدن العالم العربي باختلافها وبين عدم قدرته التي تتحكم فيها السياسات و المادة والمال، الذي يملكه البعض ويحرم منه الكثيرون ويسعى إليه أغلب الناس، لأنه أداتهم للمقدرة على الفعل من ناحية، ولأنه موزع بشكل غير عادل من ناحية أخرى.
في الجزء الثاني من هذا العمل الأدبي، ينتقل الكاتب ما بين العلاقات الاجتماعية بين شخصياته - مثل قصة الحب التي تقع بين سهر وفتحي رغم حرمة هذه العلاقة- وبين الواقع السياسي العربي والاقتصادي، فيسجل موقفا قديما يقع من فتحي يتذكره حين يبول الرجل أمام الناس، فيذكر فتحي تبوله على باب جامعة الدول العربية في التحرير (ووقف في الطريق العام يتبول والناس تضحك والشرطة تنتظره حتى يفرغ ويقبض عليه.. تذكرت حين تبولت على بوابة جامعة الدول العربية وأنا أسير بالسيارة في ميدان التحرير ليلا وأنا خارج من كازينو الجريون وشعرت برغبة في التبول فوقفت بالسيارة أمام باب جامعة الدول العربية وتبولت ، هذه المنظمة التي تتحدث أكثر من 70 سنة ولا تفعل شيئا..)( ) فيبث الكاتب بعض آرائه في واقعنا الحاضر وموقفه من بعض الهيئات الدولية أو العربية ومدى جدواها.
من القضايا الثانوية التي يتطرق إليها الكاتب في روايته قضية الوحدة المصرية والعلاقة بين المصريين رغم اختلاف الديانة و قضية الوحدة الوطنية وحب الوطن(أنت تعيش على أرض مصر.. أنا مصري.. مثلي مثل المسيحين ومثل المسلمين كلنا في نفس البلاء.. هل تعتقد أن المسيحين سينحازون ويقفون مع الصليبيين كرهاً في المسلمين.. هههههههه يا صديقي حب مصر أقوي منا.. نحن كلنا في مركب واحد لاتصدق الإشاعات)( )
ثم يستمر في تأكيد معنى هذه العلاقة التي تميز بين دين وآخر، وأن الشر لا علاقة له بالدين حين يقول في الحوار الدائر بين رشيد ويعقوب الحاخام (الشر ليس له دين يا رشيد وعلى أية حال اتفقنا هذا المال للحراسة 5 سنوات)( )
ويؤكد على هذا من خلال الحوار الدائر بين رشيد ويعقوب بقوله :
( - طيب ولكن أنصحك نصيحة غالية يا رشيد لا تحاول أن تكون مثل شاور وصلاح الدين؟
- كيف ؟
- تقبض على الناس وتحاكمهم وتقتلهم في ساعة واحدة
- أه فهمت تتحدث عن محمود المسلم ووليم المسيحي ولوي اليهودي .
- نعم
- خونة الثلاثة خونة تعاونوا مع العدو الصليبي فقبضت عليهم وحاكمتهم وشنقتهم وعلقتهم على أبواب الحارات وقلت هذا مصير الخونة أنت تريدني أن أترك الخونة؟)( )
فيساوي في العقاب بين الشخصيات أيا كانت ديانتهم، ليتحقق العدل المفقود، كما يؤكد على هذا التساوي حين يعترف رشيد للحاخام حين يسأله: (هل صحيح أنك متزوج من ثلاث نساء مسلمة ويهودية ومسيحية
هههههههه نعم وكلهن مصريات وكل واحدة على دينها تمام)( )
ويبث الكاتب حكمته التي تؤكد على عدم التمييز بين المصريين على أساس الدين. من خلال الحوار الدائر بين يعقوب الحاخام ورشيد سيد الجبل حيث يخبره رشيد بقوله (على فكرة العصابة هذه ليست مسلمة ؟
نعم..ماذا تقول ؟
مكونة من مسيحيين ومسلمين ويهود
الشر ليس له دين يا رشيد)( )
من الشواهد التي تؤكد على الوحدة بين المصريين بصرف النظر عن دينهم، كونه يجعل عثمان حين يفر هاربا من شاور يختبئ عند يعقوب الحاخام اليهودي( )
من القضايا الجانبية التي تأتي في ثنايا حوار "العامة" عن الأزمة الاقتصادية في البلاد، قضية مياه النيل التي تروي القمح في مصر، حيث يقول على لسان شهبندر التجار في حواره مع أحمد : (القمح من الأرض، والأرض تحتاج مياه النيل ومياه النيل علمها عند الله.. ادعوا الله حتى يفتح لنا أبواب الخير بدلاً من الهجوم على التجار يا سي أحمد يا حمال.)( )
يستمر الكاتب في الانتقال من تناول القضية العاطفية وقصة علاقة الحب المحرم بين سهر وفتحي، وما تبعها من مشكلات، إلى قضايا الوطن وعامة الناس والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتحول عامة الناس إلى قدر من السذاجة تجعلهم يقبلون بغير المعقول (العوام هم قوة المستبد وقوته بهم عليهم يصول ويطول، يأسرهم، فيتهللون لشوكته، ويغتصب أموالهم فيحمدونه على إبقائه حياتهم، ويهينهم فيثنون على رفعته، ويغرى بعضهم على بعض فيفتخرون بسياسته، وإذا أسرف فى أموالهم يقولون كريم، وإذا قتل منهم ولم يمثل بهم يعتبرونه رحيمًا، ويسوقهم إلى خطر الموت فيطيعونه حذر التوبيخ، وإن نقم عليه منهم بعض الشرفاء قاتلهم كأنهم بغاة.. والحاصل أن الجماهير يذبحون أنفسهم بأيديهم بسبب الخوف الناشئ عن الجهل والغباوة..
هكذا يقول عبد الرحمن الكواكبى فى طبائع الاستبداد.. )( )
أما عن الشخصيات في المسرواية فأولى الشخصيات التي تلفت انتباهنا في هذا العمل الأدبي هي شهرزاد التي تذكرنا بها في حكايات "ألف ليلة وليلة" حيث تقوم_بجانب دورها كصديقة لسهر وكاتمة أسرارها ومعرفتها حقيقة العلاقة التي تربط بين سهر وفتحي_ فالاسم يحمل نفس الدلالة الموروثة له، فهي تقوم بدور الراوية للقصة التاريخية، مثل شهرزاد "ألف ليلة وليلة" التي تحكي أغرب القصص والحكايات.
ثم يجعل لها الكاتب بعض السمات الخاصة بها التي تجعلها تشبه شهرزاد "ألف ليلة وليلة"؛ منها هذه الوحدة الوصفية التي يصفها بها كلما استعدت لحكي كل حكاية، هذه الوحدة المتمثلة في قول الكاتب لوصف سهر (..ابتسمت شهرزاد وارتشفت القهوة رشفة رشفتين ترتدى فستانا لونه أسود وبه نقط بيضاء بياقة حمراء..تفتح حقيبة يدها تخرج منديلا أسود به نقط بيضاء يشبه منديل أم كلثوم يشع بحكايات حب معطرة تنتشر فتغطى الخليج تمسح أطراف شفتيها.. تطويه مرة.. مرتين ثم تحتفظ به في يدها اليسرى و تخفيه بين النهدين تنظر يمينا شمالا أماما خلفا ثم تهمس:...)( )
وفي كل مرة يتغير لون المنديل من الأبيض إلى الأحمر إلى الأسود إلى البني، وهذه الألوان لا ترد دون مبرر، ففي كل مرة يتسق الموقف في القصة مع لون المنديل الذي يحمل دلالة مع مضمون الفصل، مثال المنديل بلونه الأسود يأتي في حكاية شهرزاد بعد مأزق سهر وحملها التي لا تعرف أباه هل هو زوجها منقذ أو حبيبها وعشيقها فتحي. وحين تتجه الأحداث وجهة بين بين لا انفراج للأزمة التي وقع فيها كل من فتحي وسهر حين انكشف أمر علاقتهما لزوجيهما، تمزج شهرزاد ألوانها بين الأبيض والأسود. مع تغيير في الزي الذي ترتديه (جيب سوداء باريسية)( )، مع الاحتفاظ ببقية خواصها من حركات وتصرفات شخصية. يضفي الكاتب على شهرزاد بعض الصفات العصرية للشخصية، منها قوة الشخصية التي تجعلها تأخذ موقفا من فتحي فتبدو كارهة له وللمصريين. و موقفها من زوجها حيث تترك له البيت لمجرد شكها فيه حين عاد في إحدى الليالي سكران، ولا ترضى أن تعود معه حين ذهب لها عند سهر ابنة أختها يسترضيها.
أما الراوي والبطل في أحداث القصة المعاصرة فهو "فتحي" الصحفي المصري الذي يعمل في دولة الإمارات المتزوج من تهاني الزوج المثالية التي تقيم معه في الإمارات وفي ذات الوقت تكون صديقة غير مقربة من سهر عشيقة فتحي، وسهر ابنة أخت شهرزاد الراوية للأحداث التاريخية التي تتخللها قصة لامار وضوء المكان وما بينها من علاقة.
وشخصية فتحي الراوي البطل الذي يحمل كثيرا من صفات الكاتب حيث العمل الصحفي و الاغتراب عن الوطن من أجل الرزق، رغم الحب الشديد الذي يحمله للوطن، فهو منتقد له ولسلبياته واستكانة شعبه، و ما يحمله تاريخ الوطن من تزييف للحقائق.
وفتحي رغم حبه لزوجه تهاني يعيش قصة حب وهيام وعشق يصل إلى العلاقة الجسدية مع سهر السورية المتزوجة. وهذه الازدواجية في شخصية فتحي هي نفسها الازدواجية في حبه للوطن رغم بعده عنه وعيشه الذي يكاد أن يكون مستقرا في بلد آخر هو الإمارات، وحياة فتحي تكاد تكون غير مستقرة لأنه يتلقى عرضا للعمل في العراق، ولما لهذا العمل من مزايا فإنه يتردد في قبوله، هذا التردد يعطي دلالة عدم الاستقرار مهما كانت المغريات المادية بعيدا عن الحب الكبير الوطن الذي نحزن ونتألم من أجله ونحمل همومه في كل مكان ننتقل إليه، فليس معنى حل القضية الاقتصادية المادية لأحدنا ترك الوطن يعاني وحده.
عثمان أحد الشخصيات في القصة التاريخية التي تدور في عصر صلاح الدين وهو شخصية تتدعي العلم بالدين حيث لم يكمل تعليمه الأزهري، ويدعي قدرته على صرف الجن وفك أعمال السحر(مأذون وإمام مسجد ومعالج بالقرآن وأعالج النساء من الجنّ والعفريت)( )، وهو من يدعي تدينه في حين أنه يرتكتب المعاصي، وظل حتى سنحت له الفرصة ليصير قاضيا على القاهرة في عهد صلاح الدين، وهذه إحدى العلامات الدالة على الفساد، فإذا كان القاضي الذي يقيم العدل ويحميه فاسدا فلا رجاء من صلاح البلاد أو العباد. لذا يبدو ميزان العدل مائلا في نهاية المسرواية.
أما العالية و لامار ففي كل منهما صفات مشتركة تجعل كلا منهما قادرة على أن تدير دفة الحاكم وتؤثر على قراراته؛ فالعالية ابنة البادية فائقة الجمال والذكاء يتزوجهاالآمر بأحكام الله ويحاول استرضائها بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة(الآمر : وإذا أردت أن أعيش أنا وأنت في خيمة في البادية سأعيش معك ياالعالية وأترك هذا القصر في الحال.)( ) ، حتى بعد علمه بحبها لابن عمها ابن مباح فإن الآمر يظل يحبها. والعالية امرأة تتسم بسمات الشعب من حبها للعامة من الناس ومحاولة تغيير القرارات الظالمة التي يتخذها الآمر ضدهم بتأثير من وزيره.
أما لامار فإنها تشبه العالية في جمالها وشخصيتها غير أنها لم تتزوج قراقوش الذي يعجب بها ويسمع رأيها، وينفذ كل طلباتها فقط من أجل أن تبقى بجو اره، فحين طلبت منه الإفراج عن من ألقي القبض عليهم من عامة الشعب يستجيب لطلبها، وكذلك تطلب لامار من قراقوش الإفراج عن العدو الأول لقراقوش وهو ابن مماتى، فيستحيب لها بشرط أن يترك ابن مماتى مصر.
على جانب آخر من المسرواية، تتسق شخصية لامار التاريخية مع شخصية سهر المعاصرة في الحمل الذي يشكل قضية لها، فحمل سهر لا تعرف له أبا هل هو ابن زوجها السوري منقذ أم ابن حبيبها المصري فتحي. بينما لامار تعرف أب من في داخلها، وهو ضوء المكان الذي اعتدى عليها، وأحبته لكنها لا تقبل به أبا لطفلها فتبحث له عن أب بديل، فيكون عثمان القاضي الذي يتصف بالكثير من الصفات غير المقبولة، ولكن لامار قادرة بقوة شخصيتها وثقتها بنفسها و بجمالها على أن تغيره فيقبل بالتغيير. فشخصية لامار قادرة على التأثير في كل من يلتقي بها أو يحبها، فهي قوية بجمالها، وهي امرأة استثنائية مثل العالية ومثل سهر. فالمرأة عند السيد حافظ تتخذ من جمالها دعما لقوة شخصيتها وقدرتها على التأثيرلافي مجريات الأمور بل والحكم.
تتسم اللغة التي يعتمد عليها السيد حافظ في سرد مسرواية "حتى – يطمئن قلبي" بأنها لغة تكاد تقترب من اللغة الشعرية في الحوار على لسان بعض الشخصيات والأمثلة على هذا كثيرة؛ منها:
قول العالية (يا ابن مياح يا ابن الخيمة.. يا فقيراً مثل الماء وثرياً مثل الهواء وقلبك الكبير يتسع كالصحراء..)( ).
وفي الحوار الدائر بين طراد الشاعر وبين أحمد فيقول طراد (المدينة خالية) ويجيب أحمد (الجيوب خاوية)( ) حيث تؤثر الأزمة الآية والاقتصادية على حياة الناس في المدينة وعلى حركتهم داخل السوق. و مثله الحوار بين الشاعر طراد و أحمد (- جئتَ للتجارة؟ - جئتُ للإمارة)، وقول العالية لابن مياح (إلى الدار.. والليل غدار)( )
وقول العالية لابن مياح (يا فقيراً مثل الماء وثرياً مثل الهواء وقلبك الكبير يتسع كالصحراء)( )
الحوار الدائر بين العالية ومأمون البطايحي، فيقول مأمون (أنت بلبل من فضاء السماء.
العالية : ما الذي يجري في هذا المساء؟)( )
ومثله قول مأمون للعالية: (ستأكلين وتشربين وتلعبين في أشياء من ذهب
العالية : عقلك قد ذهب.)
وفي هذا العمل الأدبي المتميز لغة شعرية تحتاج إلى دراسة منفصلة للوقوف على ما تحمله من دلالات وتوظيف في سياق العمل. ولا تقتصر اللغة على الحوار بل تأتي اللغة التي تكاد تقترب من الشاعرية على لسان الكاتب في بعض مواضع السرد التي يأتي بها البطل فتحي الصحفي الذي يكتب تغريدته لنشرها في الجريدة فتأتي في صورة تغريدة كما يسميها الكاتب، منها قوله: (أكتب مقالى تغريدة للوطن سجل أنى مزقت الهوية واللهجة الغبية ونسيت الهتافات المسروقة من جيب الجنرالات سجل منذ زمن مضى وأنا أصيح وفى الحنجرة ديك سجين فصيح.. لغته غير كل اللغات.. سجل أنا لا أحب الدخلاء ومروجى الإشاعات بأن عصر الانبياء مضى وأنا الرائى أرى طابورا من الأنبياء قادما يبسط على الأرض النور وأنا العصفور الذى يرى من فوق الأرض ما يجرى فى الغيب هناك... لا أعرف.) وهو هنا يبدو متأثرا بما كتبه الشاعر الفلسطيني محمود درويش (سجل أنا عربي) وما يتعلق بهذا التسجيل من قضايا معاصرة يعاني منها العربي، خاصة من فقد الهوية.
فيبدو إدراك الكاتب لحقيقة بطله الصحفي الكاتب الذي يدرك قيمة الكلمة والفكرة ، فلا يبدو غريبا أن تكون لغته التي يتحدث فيها مع نفسه (المونولوج الداخلي) مقطوعات أدبية تكاد تقترب من الشعر في لغته وصوره وموسيقاه في بعض الأحيان، وهذا ما كان يسميه الكاتب "تغريدة".( )
تتكرر هذه "التغريدات"، وما يسميه الكاتب "همس الروح" التي تأتي في شكل قصيدة شعر إن جاز لنا استخدام مصطلح "قصيدة النثر". مثال:
(وسمعت صوتك في الخيال يسرى في روحى في دمى في حروفى في صخرى وسحبى في حنايا الروح والأرض يغوص بى يلفنى يحاصرنى لأعود طفلا يحمل زهرة أو مجنونا يحمل قيثارة على بوابة عشاق التاريخ وعشقك المستحيل سيدة القصور يولد في قلبي ومشاعرى حنينا أن أغنى بين يديك تحت شجرة أو بحر أو في محراب.. النساء هبة السماء للرجال وأنت هبتى في ليلة القدر.. أسالك بحق الصمت والدلال والاقتراب والابتعاد وبكل حنان النساء المباح وغير المستباح بحق أغانى القمر لحظة الفرح والشجن افتحى قلبك الآن ستجدين قلمى وتنهيدة لي وورقة كتبتها و عطرا أرسلته لك أو بعض الكلمات و حنينا لقهوتى و رؤية وردتى البنفسجية ومعطفى في الشتاء أصرخ في ضلوعك وفى كلماتك وفى تنهيداتك الآن.. ستجدين حروفا نقشت أحبك أحبك..)( )
من الفقرات الاعتراضية التي تتخلل نسيج العمل الأدبي ما يسميه الكاتب (ومضة) وهذه الومضات التي يختلف على حجمها وبعض سماتها الكتاب والنقاد إلى الآن، و إن كان كتابنا هنا يحاول من خلال سردها في ثنايا فصول عمله الأدبي أن يقول رسالة ما، فتبدو للقارئ الواعي المتأمل رسالة تضيء له بعض الطريق في سبيل الوصول للهدف من هذا الشكل الأدبي الجديد، الذي يحاول المزج بين الرواية والمسرحية، مع هذه المداخلات المتمثلة في الومضات والركعات والدعاء وغيرها.
أما عن الومضات فإن مثالا منها يوضح أن الكاتب لم يأتِ بها بشكل عشوائي أو من قبيل المصادفة، ولكنها تعد مردودا لأحداث العمل الأدبي، مثال الومضة التي يقول فيها :
(انتهيت من كتابة رسالة إلى الوطن ووضعتها فى ظرف وأمسكت القلم لأكتب العنوان فلم أتذكره فوضعت الخطاب فى سلة المهملات)( )
حيث يأتي بهذه الومضة التي توحي بارتباطه بالوطن وحنينه إليه، ورغم ذلك فهو يتوه عن عنوان الوطن في غربته، وينسى عنوانه الذي لم يكن له أن ينسى أبدا(و أمسكت القلم لأكتب العنوان فلم أتذكره). وكان أقسى ما يمكن أن يفعله الإنسان المحب أن يلقي مشاعره وحنينه في سلة المهملات. وإنما جاء هذا بعد فصل تدور. أحداثه في دبي الصحفي مصري يعمل هناك، ويتلقى عرضا للعمل في العراق، ويدور الصراع في نفس فتحي بين قبول ورفض هذا العمل. هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى، وجود حمل غير شرعي من علاقة محرمة بين فتحي المصري وسهر السورية أثناء الوجود في دبي. هذه القضية التي يحمل همها فتحي مع هم العمل مع هموم الوطن وقضاياه التي تمتلئ بها روحه، قد تكون مبررا لومضة ينسى فيها عنوان الوطن رغم الحنين إليه، وهذا هو الضياع نفسه.
يقدم الكاتب بعض الأفكار التي تمثل رؤيا فلسفية تلخص فكره ورؤيته للحياة والواقع والإنسان. يصب فيها حكما عاما على موقف ما أو ما يشبه الحكمة الخالصة مثال :
(الأفكار لاتموت فى الكتب ولا بالقوانين ولا بالجلادين الأفكار تطير وتطير .الأديان فكرة وأفكار والسياسة فكرة وأفكار لا أحد يوقف النهار...)( )
و( القلب المكسور لا يرى النور.. وقلوب البشر أغلبها مكسور إما من ضياع الأحلام أو غياب العدالة، وانتشار الظلم أو من الحب والشجن)( ) حين كان يتحدث عن بحث والد لامار عنها ويأس من العثور عليها. ثم عقب بقوله ( الحلم هو دواء خفى لجروح الروح ونورٌ بهىٌّ يسكن أعماقنا .علاج الله لنا حتى نهرب من بشاعة الواقع) )( )
و(الأيام حبلى بالدسائس.. الأيام ليست جميلة.. القاهرة دامعة محروقة.. كل الأيام مزدحمة بالجوع.. الفرح قليل على أرض مصر؛ لذلك اخترع المصريون الكثير من الأعياد ليس لها أساس ؛ فالعيد يعني الفرح.)( )
و(الحكم مصير والعمر قصير والدول مثل كأس نبيذ يشربه التاريخ رشفة رشفة وتنتهي.. ويبقى الكأس أقصد الأرض - لله.. )( )
و (فحُكمُ مصر الضعيفة الواهنة العجوز كان مطمحاً لكل الحكام منذ فجر الضمير)( )
و(السلطان الحقيقى هو من يطلب المستحيل ويأتيه المستحيل ، ولكل سلطان وخليفة حلم وهدف وأمل ، وأنا هدفى الحب ، والحب يعنى بصريح العبارة النساء. أحب اللهو.. أحب الطرب.. أدفع للمطربين والمطربات والنساء الجميلات.. لا يهم المال، المهم أن تزن رأسك)( )
حيث تعد كل فقرة أو عبارة منها قطعة أدبية ذات قيمة فكرية وجمالية تحتاج إلى دراسة تحليلية جمالية كقصيدة شعرية، لما تحمله من مغزى و دلالات.
يتميز أسلوب السيد حافظ في مسرواية "حتى- يطمئن قلبي" بظهور المؤثرات التراثية الدينية والشعبية في كتابته، فالتأثير القرآني يبدو في مواقف عديدة من عمله، من أمثلة هذا؛
(قال إنه سيبحث عنها في كل بلاد الدنيا حتى يعود بها إلى فطيمة ويلقي بفستانهاعلى وجهها لترتد بصيرة)( ) فقد البصر عند أم فطيمة حين فقدت ابنتها لامار مثل أبي يوسف يعقوب الذي ابيضت عيناه من الكباء لفقده ابنه يوسف، فيقول (أما أمها فطيمة فقد أصبحت عمياء من شدة البكاء على فراقها أمَّا أبوها أبو بكر فقد أخذ عهداً على نفسه أمام القبيلة ألَّا يعود أبدًا إلا ومعه لامار وأن يبحث عنها بنفسه دون رفقة أحد من الأولاد أو الأصحاب وقال إنه سيبحث عنها في كل بلاد الدنيا حتى يعود بها إلى فطيمة ويلقي بفستانها على وجهها لترتد بصيرة....)( )فيأخذ الكاتب من قصة يوسف عليه السلام العديد من السمات منها فقد البصر وقميص يوسف الذي يلقى على وجه أبيه فيرتد بصيرا.
قصة هدهد سليمان و وجه الشبه بين العالية حين تزوجت الخليفة الآمر بأحكام الله والهدهد، حيث يقع العقاب على كليهما بالحبس.( العالية تعيش عذاب هدهد سليمان حين فرق بينه وبين إلفه وحشره سليمان مع غير أبناء جنسه ونتف ريشه وألقى به في مدارج النمل لأنه تأخر عن موعد لقاء الملك سليمان.. )( )
ويأتي تأثر الكاتب بقصة سليمان مرة ثانية حين ينتقل إلى الجزء الثاني من عمله، الذي يترك فيه التاريخ والدولة الفاطمية، لينتقل إلى قصة فتحي وسهر في دبي، فيقول في منولوج يدور في خلد فتحي حين يتذكر سهر (جلست أدخن سيجار على السرير لم أكن أفكر في شيء إلا مصر التي تحاصرني شكلا وموضوعا.. جرس الهاتف.. رفع السماعة
الو الو
لم يتكلم أحد.. هي سهر نعم هي سهر لقد سمعت صوت العصفور الذي اشتراه منقذ لها.. هي الوحيدة التي تخاطب الطيور وأنا لا أجيد حديث الطيور فأنا مثل سليمان النبي في عشق النساء ولكن لا أجيد مخاطبة الطيور والحيوانات.. )( )
ويتكرر الأثر القرآني في الرواية حين يقول في المنولوج الداخلي لفتحي بعد اتصال سهر وعدم رده عليها، فحين يريد أن يعود إلى الحق يرجع إلى قول الحق في كتابه الكريم، العلاقة القوية بين البصيرة ومعرفة الحق لذا لجأ إلى قوله تعالى "أفلا يبصرون":
(وافتح كتاب الله لتقرأ.. وأكثرهم للحق كارهون.. وأكثرهم للحق منكرون.. أفلا يبصرون...)( )
أما التراث الشعبي : فغالبا ما يأتي الكاتب بهذه العبارات المستمدة من التراث الشعبي على لسان أهل الحارة المصرية؛ مثال ما جاء على لسان أحمد في حواره مع "زعتر" العطار، حيث يقول له: (:غداً ستموت يا "زعتر" يا عطار ويسير خلفك أهالى حارة "برجوان" والشيخ "شعبان" و"قنديل" يحفر لك قبرا.. والطبل والمزمار والنساء النائحات خلف نعشك الغالى..يصحنَ : يا سبعى يا جملى..)( )، (اليد قصيرة والعين بصيرة يا حمالة.) على لسان سنية. ، في حوار أحمد مع بكري أخي العالية عند قدومه القاهرة أول مرة (:لا.. سأجعلك تمر بين الحراس كالشعرة من بين العجين.)( )، وقوله على لسان رشيد الحداد الذي يصنع السلاح لصلاح الدين وجيشه، موجها حديثه لعثمان قاضي صلاح الدين مقرا حقيقة يستسلم لها المصريون (نحن المصريون من يتزوج أمي أقول له ياعمي)( ) للدلالة على استسلام العامة للأمر الواقع. والقول الشعبي الشهير بين المصريين:
(ابقى مع عمك عثمان (يهمس في أذنها) إنه لا يهش ولا ينش.)( )
في أكثر من موقف ، فيقال على المستوى الشخصي وعلى المستوى السياسي، حيث تقال عن قراقوش بعد عودته من الأسر وبحثه عن ابن مماتى، كما تقال عن عثمان القاضي كبير السن في علاقته بلامار. للدلالة على عدم القدرة على فعل أي شيء له قيمة أو تأثير، وبالتالي انعدام خطورته.
أما عن السرد والحوار فقد افتتح الكاتب روايته بالعبارة التقليدية التي تفتتح بها الحكايات الشعبية والحواديت، وهي عبارة (كان يا ما كان) وهو في هذا يتسق مع سرده القصة على لسان "شهرذاد" وكأنه يحكي لنا قصة من حكايات (ألف ليلة وليلة).
يعتمد هذا العمل الأدبي على الحوار، لأن السرد فيه يكاد ينعدم، إلا ما كان مما جاء من سرد في بدايته، في صورة حوار بين سهر وهوى، واكتفى الكاتب بوصف انفعالات الشخصيات وحركاتها مع الحوار الخاص بها. وهذا إنما يقصده الكاتب عامدا لأنه يعد هذا العمل الروائي قريب الشكل من المسرحية.
ثم يعود للسرد مرة أخرى في الفصل الرابع بعد الانتهاء من قصة العالية و الخليفة الآمر بأحكام الله، وينتقل إلى قصة شهر زاد و سهر مع فتحي.
لجأ الكاتب إلى السرد فيما يتعلق بالأحداث التاريخية، فلم ترد الأحداث والوقائع التاريخية من خلال الحوار – إلا فيما كان من صراع درامي في قصة حرب عمانويل واعتزامه غزو القاهرة- أما كل ما يتصل بصلاح الدين فإن الكاتب اعتمد فيه على السرد التاريخي، الذي يأتي على لسان رواية التاريخ في هذا العمل وهي شهرزاد.
لكن في بعض المواضع في المسرواية يأتي الحوار ليكمل به الكاتب قص الأحداث التاريخية، ولكن هذا لا يلغي أن الكاتب يطيل في القص بأسلوب السرد.
لا يفضل الكاتب في سرده أحداث عمله الوصف المفصل للمكان وطبيعته إلا ما ندر مثال وصفه الصالة في منزل فتحي ليدل من خلال وصفه على تنوع مصادر الحياة وأثاث المنزل ومكوناته، وثراء الحياة المادية هناك (الزمان : مشهد نهار /داخلي
المكان : منزل فتحي /الصالة
درجة الحرارة 27° داخل الحجرة مع التكييف
الصالة ممتدة 12 متر في 5 امتار بها صالون أنيق صناعة الهند وستائر فخمة من إيطاليا.. هكذا الخليج أما السجاد فهو صناعة صينية تقلد الصناعة الإيرانية مع وجود إضاءة فاخرة في كل مكان في أرجاء الصالة.. مناضد مختلفة الأشكال مع باقة من الورود على السفرة ليست صناعية.)( ) والكاتب في أغلب الأحيان يكتفي بذكر اسم المكان مع درجة الحرارة. لما لدرجة الحرارة والرطوبة في الجو من علاقة بتطور الأحداث.
أما عن السرد والحوار فيما يتصل بالقص التاريخي والوقائع التاريخية في العمل، تلك التي ترد على لسان الراوية "شهرزاد" فإنه يعتمد على السرد في أغلبه، حيث يكاد ينعدم الحوار إلا فيما ندر، لذا يأتي الحوار شبيها بالسرد لحقائق ليس فيها جدال أو نقاش رغم .أن هذه القضايا تعد مثار جدل، وليست حقيقة، فكل واقعة تاريخية تروى من وجهة نظر راويها وميوله ومعتقداته، وكان من الأفضل أن يرد هذا النقاش والجدال على لسان أبطال العمل، وحين يأتي بها الكاتب بهذا الأسلوب فإنه يبدو كمن يرى أنها ثابتة ولا جدال فيها.
إذا كان السرد التاريخي يأتي على لسان شهرزاد الراوية، فإن لهذا العمل الأدبي راويا آخر يسرد الأحداث ويرويها بلسان المتكلم لأنه بطل مشارك في الأحداث، مثل معظم الروايات التي يكون البطل هو الراوي وهو في نفس الوقت المؤلف، هذا البطل هو فتحي رضوان؛ الذي يبدو من اسمه دلالتان وهما الفتح الذي يقصده الكاتب من سرده التاريخ ورغبته في تصحيح بعض ما غمض أو أغلق على الناس وتم تزويره وتزييفه كما يقول في بداية عمله. أما رضوان فهو اسم حارس أحد أبواب الجنة التي يحلم بها المؤمنون ويعملون للوصول إليها. وهذا ما لا يتسق مع شخصية فتحي الذي يعيش الصراع بين الحلال والحرام والحب والواجب، وهو يصرح بهذا في إحدى منولوجاته التي يكتبها في صورة "همس الروح" حيث يقول(أنا لا أكتب بالحروف بل بدموع المقدس والمدنّس وصوت زلزال الضمير وأنات تاريخ بلادي المزور أكتب بدقات قلوب رجال شرفاء حرق الوطن جثثهم أحياء جوعا وتهميشا وسوء تقدير ونفاهم في الذاكرة وهم أموات.. أنا لا اكتب بالحروف بل بالشمس والخسوف والمد والجذر وبدموع امرأه تعشقني دون حد ولاتخبرني ولاتخبر أحدا أكتب بمداد الواحد الأحد. شاغلتنى حاورتني دللتها تلك الحروف.. وحين اختليت بها.. قالت هيت لك" وحين هممت بضمها تحولت إلى قصيدة وحروف من نور فانكشف الساتر والمستور...
وأسأل نفسي كثيرا من أنا..)( )
يلتزم الكاتب في الحوار بين شخصيات روايته التاريخية باللغة العربية الفصحى، إلا في بعض المواضع، يتجاوز الفصحى إلى العامية القريبة من الفصحى؛ مثل: الحوار بين مصباح وشعبان الذي أتى متخفيا في زي امرأة يريد من مصباح أن يخبئ، فيقول له مصباح (لا الوحيد الذي يستطيع أن يحميك يعقوب في حارة اليهود.
وديني عنده.
ما تروح أنت ؟)
ثم يستمر الحوار بينهما فيقول مصباح لشعبان (والله أنت مشكلة أنا هاوريك بيته وامشي
ماشي..
طول ما انت بتجري وراء النسوان ياما هتشوف..)86 حيث يمزج بين الفصحى والعامية.

ويأتي الحوار باللهجة الخليجية بين شهرزاد وسهر، مثال: (أنت جنيتي يابنت؟
شو فيه؟
جبتي فتحي الدار هون؟
هون فين ؟
أنا شفته بسيارته الحمد لله حامد ماشافه كنا رحنا كلنا في داهية)
تتراوح العامية في الحوار بين عامية الشارع المصري ، وعامية أهل الخليج و الشام، ثم يعود الكاتب إلى الفصحى كلما عاد الحوار إلى فئة المثقفين، مثال الحوار بين فتحي وناجح (أنت مش ناصرى .
- نعم أرى الناصرية فى تشابك مع فكرة حزب البعث فى الحرية والاشتراكية والوحدة.
- هذه أمة بنيت على العبودية والسيد والعبد والكرباج يارجل انتبه.. لن تتخلى الأمة عن سيدها وشيخ قبيلتها وشيخها الدينى ولا عن العبودية المختارة..
- دعنى أتفاءل ياناجح.. دعنى أشعر أن هناك أمل ما.. ومستقبل ما.. السادات ترك مبارك والدولة ليست على مايرام نحن نذهب إلى جحيم مجهول
- أنتم المصريون تبحثون عن زعيم.
- نبحث عن فرعون تعودنا عليه 7 ألاف سنة.
- شوف ما أريدك أن تذهب إلى العراق صدام جيد ولكن الحزب صعب.
- لا أريد إلا الأمان ماذا يريد الكاتب من المجتمع إلا الحب والبيت والصحة والوظيفة) 146
فنجد الحوار هنا يمزج بين العامية الخليجية وأحيانا المصرية، واللغة العربية الفصحى، لغة الثقافة والمثقفين.
وفي مواقف أخرى يبدو الحوار بين الشخصيات المثقفة - خاصة فتحي وزملاءه في الجريدة- باللغة العربية الفصحى، لكنها الفصحى السهلة التي تشبه العامية أو تكاد تقترب منها مثال الحوار بين عبد اللطيف الأشمر وفتحي في مدخل الجريدة :
(انتبهت على صوت عبد اللطيف الأشمر:
- ايه أنت نسيت أنت وصلت الجريدة انزل شوف شغلك
- حاضر.
- ما بك؟
- لا شيء.
- أنت عندك شغل كتير عاوزين ملحق فنى عن اليمن .
- حاضر.
- أحمد فتحى هنا المطرب اليمنى.
- جيد..
نزلت إلى مكتبى.)( )
في بعض مواضع السرد التي تشبه الخواطر حيث يصب الكاتب فيها رؤيا ما لموقف أو للواقع، واقع الوطن وواقع التاريخ، وحين نتوقف عند نموذج من هذه الخواطر حيث يصف القاهرة ليلا في بداية عهد صلاح الدين: (الحواري في الليل أشبه بتوابيت يعيش فيها بشر يتنفسون.. الضوء شحيح في الحارات والأزقة قناديل قليلة مضيئة والباقى مظلم.. على ناصية الشارع يتمدد كلب بادية عليه ملامح الإرهاق والخمول لايبالي بالمارة الغرباء ولا ينبح فيهم..أمامه قطة منشغلة ببرتقالة جافة صغيرة ملقاة بجانبها.. على قارعة الطريق فأر يتحرك يمينا ويسارا أمام القطة والكلب.. توليفة غريبة بينهم تكشف رتابة الحياة وثقل الليالي... هنا القاهرة.)( ) هذه المكونات الغريبة التي تتآلف فيها المتناقضات وتكون الصحبة بين الأعداء مثال القط والكلب والفأر. وهذا يحمل دلالة هذا الوطن الذي يتسع لكل المتناقضات.
ينجح الكاتب في تصوير الحال التي وصلت لها البلاد، على لسان ديمتري قائد عمانويل أثناء حوارهما معا بعد السيطرة على عكا و طرابلس و نابلس، فحين يقول (وسأجعل الجنود يفتكون بنساء القاهرة في الليل ويستحمون في النيل (يضحكان)
عمانويل : وسنذبح الآن المصريين ونلقي بهم للكلاب (يضحكان)( )
فتبدو مدى المهانة التي لحقت بكل الحرمات من الاعتداء على النساء إلى الاعتداء على نهر النيل وتدنيس مياهه.
أما عن الإخراج والمشاهد التي تحول الرواية إلى مسرحية فإن الكاتب ينهج في الفصل الأخير أسلوب الإخراج المسرحي؛ حيث يلعب بالألوان والضوء، هذه الأدوات الفنية التي تؤدي دورا هاما في دلالة المشاهد، مثال مشهد وصف حرق قراقوش الكتب الذي يقول فيه الكاتب – وهو صاحب فكر ورؤى ولابد أن يتسق المشهد ودلالته مع ما يؤمن به من قيمة الفكر والكتابة والكتب (عندما يهان الكتاب ويلقى في النار وتحرق الأفكار فعلى الدنيا السلام.) ثم يأتي المشهد بعد حوارات مع ضوء المكان وزنبيل وابن مماتي رمز العلم وإدراك قيمة الكتاب وحاميه، فينتقل إلى قراقوش: (ضوء على قراقوش) أحرقوا بيوت الكفار والملحدين الشيعة وأصحاب الأفكار الهدامة في مصر المحروسة.. وابنو سوراً كبيراً يضم مصر والقاهرة.. واهدموا المساجد التي تحمل الفتنة واهدموا الأهرامات الصغيرة في الجيزة.. لا أريد تماثيل وأهرامات وأثاراً بالية تقف في عرض الطريق.. وأحرقوا قصور العاضد بالله.والفاطميين كلها.
(إظلام ))( )
فيبدأ المشهد بتسليط الضوء على قراقوش نظرا لأهميته ومكانته في الدولة، وبعد الانتهاء من كلمة قراقوش التي يأمر فيها بحرق الكتب وهدم المساجد والبيوت والأهرامات الصغيرة، ونتيجة الظلام الذي يحل بالمكان ترتبا على القهر وسوء الولاية وعقم الفكر. يختم الكاتب المشهد بالظلام.
ثم يعود إلى الإظلام مرة أخرى بعد تسليط الضوء على القاضي الفاضل- الذي يحمل نور الحق وينطق به معترضا على ما يحدث وما يرتكبه قراقوش من جرائم في حق العلم والمعرفة- وينهي مشهد صلاح الدين بالإظلام من جديد لأنه يترك ما يفعله قراقوش في البلاد والعباد ويتجه إلى الصليبيين:
القاضي الفاضل: (ضوء عليه) يا ناس حرام.. المسلم يحرق المسلم.. والأهرامات الصغيرة تهدم والآثار والمساجد والقبور..عمرو بن العاص لم يهدم تمثالا وأنتم تهدمون ارحمونا من قراقوش.. أين أنت يا صلاح الدين.. أين أنت يا سلطان المسلمين؟.
صلاح الدين : إن المعركة الأساسية هى الوحدة العربية أولاً ثم الوحدة الإسلامية ثانياً ثم تحرير القدس وهزيمة الصليبيين. ( إظلام)
ويرى الكاتب من خلال هذه المشاهد أن اهتمام الحاكم بالسياسة الخارجية وبانتصاراتها فيها ليست بالضرورة كدلالة على نجاحه لأنه في المقابل يترك السياسة الداخلية وشئون البلاد والعباد في أيدي الظلمة الفاسدين من أمثال قراقوش الذي ضرب به المصريون الأمثال في الجور والظلم والقهر في حكمه المصريين.
ويمثل ابن مماتى بصفته وحرصه على العلم وكتب مصدر النور والضياء: (في ركن اليسار تظهر بقعة ضوء.. يظهر فيها ابن مماتى وهو يقرأ الرسالة)( )
د. أفكار احمد زكى
القاهرة



#أحمد_محمد_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (1) - -حتىّ يطمئن ق ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد محمد الشريف - سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (2)- قراءة نقدية في رواية حتى يطمئن قلبي