أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - غريب في مدينة أليفة 2














المزيد.....

غريب في مدينة أليفة 2


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7307 - 2022 / 7 / 12 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


هذا الصباح بكرت في الذهاب حيث مكان جلوس بائعة القيمر على رصيف الشارع وضعت لي في صحن بلاستيكي قطعة قيمر ودلتني على أقرب فرن صمون ومقهى جلست على أحد أريكة خشبية
فارغة وإستكان شاي مهيل في هذه الأثناء إقتربت مني قطة تبدو جائعة على حذر ٍ تحدق بي بعينين متوسلتين أشرت لها أن تقفز لتكون قربي على الإريكة أقتطعت لها قطعا ً صغيرة ً من الصمون غمستها بالقيمر ووضعتها أمامي وأنهمكنا معا ً نمضغ الطعام . مرت بائعة ورد أبهجني منظر الورد في يدها أشرت لها بالمجيء قدمت لي وردة ً مع إبتسامة لطيفة سألتها عن سعر الوردة قالت هي هدية وما تعطيه بمثابة هدية أيضا ً . ناولتها خمسة آلاف دينار مغتبطا ً بورد الصباح ما تكاد بائعة الورد تبتيعد بضع خطوات حتى أكتشفت بأن الوردة مصنوعة من البلاستيك الرخيص وأن البنت اللطيفة باعت لي إبتسامتها ليس غير . قلت لنفسي هذا صباح بغدادي جديد لا تفسده في التفكير بالورد البلاستيكي ولا في بائعة الورد يكفيك منها إبتسامتها اللطيفة . يكفي أنك في بغداد حيث مرابع الطفولة تأتيها في زيارة ٍ متسللة وكالغريب تسير في شوارعها لا بيت لك فيها لا بلاد تمنحك سرها ووردتها وشمسها لك منها إبتسامة امرأة عابرة . في شوارع بغداد لفت نظري كثرة الرايات والأعلام وتعدد ألوانها مع طغيان اللون الأسود كذلك صور زعماء المليشيات المنتشرة في الساحات وعلى واجهات المباني والدوائر الحكومية . لم أر َ علم البلاد ولا صورة ولو واحدة لرئيس البلاد فقط صور زعماء وقادة معممين . في ساحة التحريرشاهدت بضعة جنود ودورية شرطة تحتل منتصف الساحة ولا أثر لمتظاهر أوقفت شرطيا ً سألته مازحا ً :
_ هل التظاهر مسموح به وفق القانون ؟
_ ها حجي تريد تتظاهر ؟
_ نعم أود التظاهر ولو منفردا ً ..
_ الساحة لك يابطل أهتف بما تشاء , أشتم لو شئت الحكومة أو البرلمان لا أحد يمنعك من ممارسة حقك أنت في العراق الديمقراطي .
_ هتفت بأعلى ما أملك من صوت يسقط وقبل أن ألفظ الحرف الأخير من الكلمة هرع نحوي الجنود المدججون بالأسلحة عملوا طوقا ً من حولي وتلاقفتني أياد كثيرة تحملني لتضعني في سيارة جيب عسكرية وتنطلق بي إلى جهة ٍ مجهولة . سمعتهم يتحدثون مع الضابط المسؤول ويشرحون له الموقف كان الآخر عبر التلفون يطلق قهقهة ً عالية أمرهم أن يعيدوا بي من حيث جئت ويتركوني حرا ً هناك . بعد أن أطلقوا سراحي تنفست الصعداء أخيرا ً أنا حر بعد إعتقال دام بضعة دقائق فقط !
هذه الدقائق القليلة يحق لي الفخر بها وتأمل جدواها ما أدراني لعل وقت الإعتقال إمتد لبضعة شهور أو سنوات من ناحيتي سجلت هدفا ً ولو صغيرا ً ضد حكومة الفساد . شعراء كبار ومهمين لم يعتقلهم أحد ولو لدقيقة واحدة أصدروا كتبا ً ودواوين شعر جلها تتحدث عن الهواء الخانق بين جدران السجون وكأنهم أمضوا كل حياتهم يستنشقون هواء السجن الفاسد ويشمون روائح الأجساد العطنة . في هذي البلاد حيث لا يشعر الطير بالأمان والقطة بالشبع والإنسان فيها مهان مذلول أشعر برفاهية السير في شوارعها حيث تطل وجوه القتلة عبر صورهم المنتشرة في كل مكان . بحثت عن محل يبيع الزهور فقد قررت إهداء نفسي باقة ً من زهور مختلفة الألوان لعلي أوقف أول عابر سبيل ٍ ألتقيه أهديه باقة الورد يهديها حبيبته أو امرأته المنتظرة . في شوارع وساحات بغداد كنت أبحث عن جدارية أو نصب تذكاري يخلد مجزرة سبايكر لتظل محفورة ً في ذاكرة الأجيال لكن عبثا ً ضاع بحثي لماذا تجاهل فنانو العراق حدثا ً مأساويا ً لا يقل هولا ً ورعبا ً عن مجزرة قرية غرنيكا التي خلدها بيكاسو في لوحته الشهيرة ( غرنيكا ) ؟



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غريب في مدينة أليفة 1
- غريب في مدينة أليفة
- نوم الأحلام
- عاشق وجريمة
- البحر وأنا
- أكتب وأمحو
- الوردة والمرأة
- امرأة الخيال
- جريمة غامضة
- مهندسة ومجنونة
- دمعة على الرصيف
- القرية المهجورة
- مظفر النواب القصيدة والمسرح
- حلمت بأني نهر
- عراق يجوع
- بإنتظار الوقت
- لماذا الورد في حداد ؟
- عراق يدفن تحت الغبار
- ما أحوجنا للحب
- أسئلة


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - غريب في مدينة أليفة 2