وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)
الحوار المتمدن-العدد: 7300 - 2022 / 7 / 5 - 15:53
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تختلف تمثلات الموتى من قبيلة وأخرى في إفريقيا، وهي تتباين باختلاف الجغرافيا الثقافية (معتقدات، أساطير، قصص، مرويات، وأمثال...) والمكانية، لأن التغير المكاني له أثر في ذهن الإنسان، بحيث لو انتقلت سردية ما إلى مكان معين جديد، فإنها لكي تعيش يجب أن تخضع للترهين أو التبيئة الجغرافية المكانية بحسب ذلك المكان. إن للموت حضور في الحياة اليومية للإفريقي، لذا أغلب الإيديولوجيات التي تحاول تطويعه لصالحها تأتي من هذا المدخل، وتصنع له المتاهة.
تعتقد قبائل "ايفا" أن الموتى يعيشون في باطن الأرض أو في قرص الشمس. وقد تظهر أشباحهم للأحياء. والذي يموت منهم قبل أوانه بفعل الساحر يمكن أن يتقمص جسم إنسان أو حيوان. وتعتقد قبائل "الأوبانجي" أن أرواح الموتى يمكن أن تظل في المكان الذي توفي فيه الشخص. فإذا مات غرقاً ظلت روحه إلى جانب النهر، إلا أن غالبية الأرواح تسبح تائهة في أنحاء الأجمات والغابات، حيث تسكن في الأحجار أو في أعالي الأشجار. ويعتقد "الباندا" أن جلود الموتى مبيضة اللون وهذا يفسر اعتقاد بعض القبائل أن الرجل الأبيض من أسلافهم.
وتتصور قبائل "المانجا" موتاهم في هيئة مفزعة، فيتخيلون أن لهم أجسادا مغطاة بشعر طويل، أبيض اللون، وأن لهم رؤوسا لا تزيد على قبضة اليد، وليس لهم أسنان، وأن عيونهم تتوسط صدورهم وأجباههم، وفي أصواتهم نخيف، وللبعض منهم ساق واحدة، والبعض الآخر يسير بغير رأس ويعرفهم الناس من سماهم في ظلال الليل. فإذا رآهم أحد رؤية العين حل به الموت.
وتعتقد قبائل "أوفمبودو" في أنغولا البرتغالية أن أشباح الموتى قد تجتاح في الليل أزقة القرى في جلبة وصياح، لتسرق الماشية والطيور، وعندئذ تختار لنفسها بيتاً، فيكون ذلك نذيرا بالمرض لساكنيه. ولا تنصرف هذه الأشباح إلا بتقديم القرابين ترضية لها ومع ذلك فإنها على طول الأمد تعود مسالمة. وعند قبائل "الدنكا" من قبائل أعالي النيل أن الموتى يفقدون قواهم كلما تقدم عليهم الزمن، إلا أنهم يعوضون عن ذلك برفع مراتبهم في عالم الأموات بفضل أقدميتهم. وعند قبائل "النوير" أن من يموت في الأدغال أو تقتله الصواعق لهم قدرة ممتازة، إذ تصعد أرواحهم للسماء وقد تتسلط أرواحهم على الأحياء. أما في "روديسيا" فلأرواح الموتى حق الخيار في أن تحل في ذكر أو أنثى، وبذلك يشبعون بعد الموت رغبتهم الجنسية المكبوتة أبان حياتهم. (هوبير ديشان. الديانات في أفريقيا السوداء، ص 22.23).
#وديع_بكيطة (هاشتاغ)
Bekkita_Ouadie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟