|
شيء من التأريخ
حسام علي
الحوار المتمدن-العدد: 7294 - 2022 / 6 / 29 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حرصت بريطانيا منذ البداية على تبادل الموصل مع فرنسا بعد اكتشاف النفط فيها، فكانت بمثابة الخطوة الاولى للامتيازات البريطانية النفطية في العراق. لهذا، جرى تعديل في اتفاقية سايكس بيكو، لأجل المصالح البريطانية، مثلما حصل إزاء المصالح النفطية الامريكية التي ألقت بمرساتها في أرض آل سعود وذلك في الاربعينيات من القرن الماضي. عليه، لم تأت الرياح بما اشتهت سفن الشريف حسين، حين راح يمني النفس بمملكة عربية تعيد له مجداً يخفف من حجم أحلامه الشخصية، ذلك أن بنود سايكس بيكو ووعد بلفور قد أذابا أحلامه في شرك الوهم والخداع، كذلك الحال مع ما فعلته امريكا بعد تعهدات روزفلت للملك السعودي، حين اعترفت واشنطن بالكيان الصهيوني مساء يوم الجمعة في الرابع عشر من مايو. مايس 1948. ولم يكن التعاطف الاميركي مع الحركة الصهيونية وليد الاربعينات، وإن كان الملف قد أخذ يتنقل من لندن الى واشنطن. ذلك ان الاستثناء لمبدأ حق تقرير المصير الذي نادى به الرئيس ولسون 1919، كان موقفه المؤيد لوعد بلفور وللانتداب الفرنسي والبريطاني المتقاسم لسوريا. ويومها لعب القاضي الامريكي اليهودي لويس براندس دوراً مزدوجاً باقناع الرئيس الامريكي بدخول الحرب ومساندة وعد بلفور. لقد كان مد أنابيب النفط لشركة تابلاين أواخر الاربعينات والحصول على الامتيازات النفطية الامريكية في الجزيرة العربية، بداية التزاوج في المصالح بين الكيان الصهيوني وأمريكا. وقد تعزز الملف الصهيوني عند الامريكان بعد العدوان الثلاثي عام 1956. ثم تلى ذلك خلال النصف الاول من الخمسينات تزويد الاستعمار الفرنسي اسرائيل بمكونات القاعدة النووية في ديمونة، يوم كانت فرنسا تخوض حربها الاستعمارية في الجزائر، ومن جهة أخرى تجد مصلحتها في التحالف مع الكيان الصهيوني. لهذا وفي العام 56 أي بعد تأميم قناة السويس، نظم الاستعمار الفرنسي والبريطاني بالتحالف مع الكيان الصهيوني العدوان الثلاثي. بل كانت حرب 67 هي التكريس الفعلي لترسيخ التحالف الصهيوني الامريكي، حين أصبحت بالتزامن منابع النفط في الجزيرة العربية هي الهدف الأغلى. وهذا ما اشار إليه رونالد ريغان في إحدى خطاباته بأن الكيان الصهيوني يشكل بالنسبة لواشنطن الكنز الاستراتيجي لتحقيق المصالح. أما الرئيس جونسون، فقد أدار المعركة السياسية بعد عدوان 67، بحيث أخضع العرب للابتزاز، وكان مندوبه في الامم المتحدة اليهودي غولدبرغ. فربط وقف العدوان بقبولهم بالقرار 242 الذي جعل من الاراضي المحتلة في العام 1967 رهينة للمقايضة، بشرط الاعتراف بالكيان الصهيوني وأمنه، أساساً للسلام. في أواخر الستينات 1968، وضع الاقتصاديان الصهيونيان ميخائيل شيفر وشاوول زراحي، مشروعاً شرق أوسطياً، تؤدي فيه اسرائيل دور القطب الاقتصادي، وتزودها الاقطار العربية بالمواد الخام والقوى العاملة الرخيصة، مع ضمان تنشيط الاسواق الاستهلاكية الواسعة لتصريف نتاجاتها الصناعية. يقول محللون: أنه لولا الجسر الجوي والتدخل الفعال في عام 1973 وخروج السادات من الحرب، ولولا المظلة الامريكية التي مكنته من احداث ثغرة الدفرسوار السياسي والعسكري، لكان الكيان الصهيوني قد مني بهزيمة حقيقية. ثم جاء الاحتضان الامريكي للمشروع الصهيوني أكثر بعد أن تجاوز حد اسقاط الحقوق التاريخية والطبيعية للعرب، مع إسقاط القرارات الدولية لمصلحة مقولة امن العدوان الذي التزمت به امريكا. ليصبح الكيان بترسانته العسكرية متفوقاً نوعياً وكمياً على مجموع القوة العربية مجتمعة. وفي عام 1993 تشكلت لجنة اسرائيلية امريكية خاصة، تعمل من أجل تعديل أو إلغاء قرارات الأمم المتحدة المعادية لاسرائيل. فكانت الشرق أوسطية بمثابة عملية إحلال هوية غير الهوية العربية، لأجل سلب الموارد والارض، كجزء من عملية واسعة رمت وترمي الى تبديل حقيقة الصراع من مواجهة عدوان استيطاني عنصري الى معادلة خلاف بين متساويين. وإذا كان النظام الشرق أوسطي هو جزء ضروري للنظام العالمي تحت رعاية الهيمنة الامريكية، نظراً لوقوع منابع الطاقة النفطية الرئيسة فيه، فإنه في الاساس ملازم للفكرة الصهيونية منذ نشوئها، وللمشروع الصهيوني في مختلف مراحله. على هذا السياق وضمن المشروع الصهيوني، منذ تجلياته الاولى حتى خططه الاخيرة، يتبين أنه هو صاحب المصلحة الحقيقية في قيام السوق الشرق اوسطية وأنه الداعي لهذا الهدف ومؤسسته. لأن الغرض هو تهميش العالم العربي، بمساندة أغبياء العالم العربي. فالسوق الشرق أوسطية لا تطرح في ظل ازدهار النظام العربي وقيام وحدته، أو سوقه المشتركة وجبهته السياسية العسكرية القوية. لذا، نرى اليوم، أزمات خانقة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأخلاقية ودينية، قد أصابت الجسد العربي، بعد أن وضع الكيان الصهيوني مفهوماً للسلام بشرط التطبيع.
*الصهيونية الشرق أوسطية، من هرتزل الى بيريز الى النفق. (بتصرف)
#حسام_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشك واللاأدرية
-
أمريكا وخيانات العرب
-
الجهل وانحدار الحضارات..
-
اليابان.. أمة لا تنام، العراق.. أمة تريد أن تنام
-
إنسان الغرب لا يبيع عالم الدنيا بطموح عالم الآخرة
-
أفول عقول..
-
الصورة الإلهية بنظر الماديين
-
بين مطار الانبار ومطار دبي الدوليين.. مليارات
-
ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية
-
أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
-
من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
-
حكم العسكر وسلطة الجيش
-
دع فاسدون.. دعني أحكم
-
سر لقاء برسي كوكس بالملك فيصل قبل إجراء العملية الجراحية له
...
-
خطبة فيصل الأول يوم تتويجه ملكاً على العراق
-
كم دولة عربية بحاجة الى قيس سعيد؟
-
إرادة الأفراد والإرادات العليا
-
صورتان في عالمنا لا تتغيران - الشرق والغرب-
-
عراقيون فوق القانون
-
دقيقة صمت.. رجاء
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|