شهود يهوه وتهمة الصهيونية ‏

ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)

الحوار المتمدن-العدد: 7293 - 2022 / 6 / 28 - 15:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من السهل علينا تكرار الشعارات التى تدعو إلى الحب والتسامح وأن عقائدنا الدينية تؤمن بالتعددية الدينية، بل وتأكيد ‏حرية الإنسان بالإيمان بأى دين يختاره ويرضاه لنفسه أو لأسرته، كلام جميل وصادق لكنه يصطدم بالواقع الذى لا يمكن ‏معه إمكانية التطبيق بل وعدم تنفيذ القانون، فى هذا المقال سأتناول بالشرح التعريف بجماعة شهود يهوه المسيحية ومن ‏الذى أطلق عليها تهمة الصهيونية ومن الذى يمنعهم من ممارسة عقائدهم بحرية: الدولة أم الكنيسة الأرثوذكسية، مع ‏إنهم فئة قليلة من الأفراد قد لا تتعدى بضعة آلاف. ‏

نشأت هذه الجماعة أو الطائفة فى الولايات المتحدة وكانت القاعدة الإساسية لهم وما تزال هى دراسة الكتاب المقدس فقط، ‏والتبشير على مثال المسيح عندما أرسل تلاميذه أثنين اثنين للتبشير والكرازة بأسمه وإعلان مقاصد يهوه المفرحة للجنس ‏البشرى، والتبشير هو عمل تطوعى يقوم به الأفراد غير مجبرين على القيام به، ويعقدون إجتماعاتهم فى قاعات عادية ‏يدرسون فيها تعاليم يهوه الله والسيد المسيح ويختمون إجتماعاتهم بالترانيم وصلاة قصيرة، وتقام هذه الإجتماعات جزء ‏منها خلال أيام الأسبوع العادية وعادةً تكون مساءً والجزء الآخر من الإجتماعات تتم مساء يوم السبت ويوم الأحد صباحاً.‏

شهود يهوه هم جماعة أو طائفة مسيحية تؤمن بالله يهوه الإله الواحد الحقيقى وتؤمن بأن المسيح هو ابن الله الكلمة ‏المتجسد أى كان له جسداً كاملاً من رحم مريم، ولا يؤمنون بعقيدة الثالوث التى تؤمن بها كنائس مسيحية كثيرة لذلك لا ‏يؤمنون بأن يسوع المسيح هو جزء أو أقنوم من ثالوث، والأنجيل لم يتحدث إطلاقاً عن عقيدة الثالوث التى نشرتها ‏الكنائس المسيحية ورسخوها فى المجامع المسكونية وآخرها مجمع نيقية الذى أقر أن كل من يخالف عقيدتهم يطرد من ‏الكنيسة ويصبج هرطوقياً أى كافراً مثل أريوس ونسطور وغيرهم الذين لم يؤمنوا بإتحاد طبيعة المسيح الناسوتية أى ‏الجسدية والإلهية معاً.‏

كان شهود يهوه يمارسون ديانتهم المسيحية مثل بقية الطوائف فى مصر ويتمتعون بحريتهم فى العبادة حتى الستينات، إلا ‏أن الكنيسة الأرثوذكسية ولأنها أكبر الطوائف المسيحية فى مصر والعالم العربى، بدأت فى إضطهادهم وبقية الطوائف ‏لأنهم لا يؤمنون بالثالوث وبقية عقائدهم المخالفة لهم، رغم أنهم أقلية أى بضعة آلاف، لكن تخاف منهم الكنيسة وإرضاء ‏لها بناء على طلباتها قامت الدولة بمنعهم من الإجتماعات الحرة، لكنهم أخيراً وفى عهد الرئيس السيسى منحهم حرية ‏الإجتماع والصلاة فى بيوتهم بأعداد محدودة.‏

يؤمنون بأن الله واحد أحد أسمه يهوه وذلك عندما كان النبى موسى يتكلم مع الله وهذا الحوار نجده فى سفر الخروج ‏الإصحاح الثالث الذى يرسل فيها الله موسى إلى شعب بنى إسرائيل وعندما قال له موسى: وإذا سألونى ما أسم هذا الإله ‏‏.. فقال لموسى هكذا تقول لبنى اسرائيل يهوه إله آبائكم.. أرسلنى إليكم، هذا اسمى الى الأبد. وبقية التفاصيل فى هذا ‏الإصحاح، أما فى بقية أسفار العهد القديم سواء التوراة أو الزبور أى المزامير التى كتبها داود وأسفار الأنبياء والشريعة ‏أزال اليهود أسم يهوه ووضعوا بدلاً منه الحروف الأربعة التيتراجرام أو يضعون كلمة الرب أو إيلوهيم أدوناى أو شدّاى، ‏والسبب هو نتيجة وجود الوصية التى تقول: " لا تنطق بِاسْمِ يهوه إِلهِكَ باطلاً. سفر الخروج 20: 7 ". فخافوا من الوقوع ‏فى الخطأ وكسر الوصية وأستمر المسيحيون فى نفس التقليد ولم يعيدوا أسم يهوه إلى مكانه الصحيح رغم أن يسوع ‏المسيح عندما كان يخاطب يهوه الله قال: أنا أظهرت أسمك للناس... وقد عرفتهم بأسمك وسأعرفهم به. أنجيل يوحنا 17‏
‎"‎‏ قال له يسوع إذهب ياشيطان. لأنه مكتوب ليهوه إلهك تسجد وإياه وحده تعبد‏‎" ‎‏ إنجيل متى 4: 10.‏
‎" ‎‏ اسمع ياإسرائيل يهوه إلهنا يهوه واحد‏‎".‎‏ سفر التثنية 6: 4 .‏
أحد اليهود سأل المسيح‎ " ‎أية وصية هي أول الكل فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي اسمع يا‎ ‎إسرائيل يهوه إلهنا يهوه ‏واحد. إنجيل مرقس 12: 28 .‏‎ ‎

يعتقدون فى أن الله يهوه وعد المؤمنين به الذين ينفذون مشيئته الصالحة جزء منهم يسمى القطيع الصغير وعدده 144 ‏ألف مائة وأربعة وأربعين ألفاً ممسوحين بالروح القدس سيذهبون إلى السماء فى ملكوت يهوه، أما الجمع الكثير أو الخراف ‏الأخر كما قال المسيح هؤلاء يمثلون بقية المؤمنين بيهوه الله الذين لن يذهبوا إلى السماء بل سيعيشون على الأرض ‏حسب النبوات يوحنا‎ 29:5‎‏ فيخرجون: الذين‏‎ ‎فعلوا الصالحات‎ ‎إلى قيامة للحياة، والذين‎ ‎عملوا السيئات‎ ‎إلى قيامة للدينونة.‏
‏
الجنة أو الفردوس فى الأرض أم فى السماء؟
‏«الصدِّيقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد».‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٩‏)‏
قال يسوع المسيح في موعظته الشهيرة على الجبل:‏ «سعداء هم الودعاء،‏ فإنهم يرثون الارض‏».‏ (‏متى ٥:‏٥‏)‏ وَلَقَدْ كَتَبْنَا ‏فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ سورة الأنبياء اية 105 .‏
يؤمنون بأنه لا توجد هاوية أو جحيم أو نار جهنم سيتعذب فيها الذين لم يعبدوا الله وأرتكبوا خطايا كثيرة، لأن الأنجيل ‏يقول: أن أجرة الخطية هى موت أى فناء الإنسان بموته ولن يرجع إلى الحياة مرة أخرى.‏

لا يعتقدون فى وجود القديسين ولا فى التماثيل أو الصور والأيقونات ولا يعتقدون فى الكهنوت ولا الرهبنة وغيرها من ‏معتقدات الكنائس التى يرون أنها من صنع البشر ولا علاقة لها بالمسيح ولا بيهوه الله.‏

ملحوظة لابد منها:‏
فى قراءاتى لكتب المسيحيون التى تدافع عن إيمان كنائسهم ضد إيمان شهود يهوه، فإن رجال الكنائس يقولون كلام كثير ‏خاطئ ويضعونه على لسان شهود يهوه أو الإدعاء أنه منقول من كتبهم ومطبوعاتهم، لكن الحقيقة ليست كذلك هناك ‏تعاليم كاذبة لم يقولها شهود يهوه لكنها جزء من الحملة التى تقودها الكنائس العربية والمصرية خاصة ضدهم لتشويه ‏صورتهم.‏

أسئلة منطقية تلخيصية:‏
هل من حق أى طائفة الأختلاف فى إيمانها عن بقية الطوائف؟
ج: بالطبع نعم وإلا ما كانت توجد كل هذه الطوائف والجماعات فى المسيحية وغيرها فى كل أنحاء العالم، فالطائفة ‏الأنجيلية تختلف عن الأرذوكسية وعن الكاثوليك وبنفس المنطق الذى يختلفون فيه هؤلاء لا يشاركون بعضهم فى إيمانهم ‏بعقائدهم، وهكذا شهود يهوه يختلفون عن عقائد غيرهم لكنهم لا يهينون ولا يتهمون الطوائف الأخرى مثلما يفعل رجال ‏الطوائف معهم، لذلك ليس من حق أحد التدخل فى عقائدهم بقصد تكفيرهم أو أنهم هراطقة لأن حرية الدين مكفولة ‏للجميع.‏

هل هى طائفة عنصرية أو صهيونية أو ماسونية أو لها طموح سياسى؟
نظراً لأن شهود يهوه بدأوا من خلال دراسة التوراة والأنجيل أى العهد القديم والعهد الجديد، ونظراً لأنهم أتخذوا من أسم الله ‏الأعظم " يهوه" أسماً يميزهم فى معتقداتهم وفى الوقت نفسه لتقديس وتمجيد وإعلان أن أسم الله هو يهوه، فى السنوات ‏الماضية وبداية الحرب الفلسطينية الإسرائيلية أستغلت الكنائس المسيحية المصرية الكراهية المتزايدة لإسرائيل فرصة ‏إلصاق تهمة اليهودية والصهيونية بشهود يهوه لأستخدامهم التوراه فى عقائدهم سواء أسم يهوه أو وصية تحريم الدم ‏المذكورة فى سفر اللاويين وأعمال الرسل، والأستشهاد بأقوال لأنبياء العهد القديم عن اليوم الأخير أو نهاية هذا العالم ‏وحلول عالم جديد على الأرض، لأنهم كما ذكرت فى سفر المزامير يقول الوحى: أن الصالحون يرثون الأرض وهى نفس ‏الآية التى ذكرها بعد ذلك القرآن.‏

إذن شهود يهوه ليست لهم أى علاقة مادية أو معنوية وليسوا عنصريين لأن أفرادها من جميع الأجناس والأعراق وليس ‏هناك أبيض أو أصفر أو أسمر أفضل من غيره، الكل سواء أمام أعينهم لكن الدينونة هى ليهوه الله فى اليوم الأخير، لكنهم ‏يؤمنون بالحياد السياسى أى لا يتدخلون فى السياسة والأحزاب والنظام الحاكم، لذلك يرفض شهود يهوه الإنضمام إلى ‏الجيش لأنهم يرفضون الحروب والعنف ولا يحبون إيذاء الآخرين، من أجل هذا لا يتعلمون أعمال العنف والكراهية ‏ويبشرون بالحب والسلام والعدل كما بشر يسوع المسيح وتلاميذه.‏

ما طبيعة أجتماعاتهم هل هى سرية أم علنية؟
يتم عقد أجتماعاتهم فى قاعات خالية من الصور الدينية، لديهم أجتماعين أسبوعيين الأول خلال الأسبوع الأربعاء أو ‏الخميس مساءً ومحتوياته تعليمية وتدريبية للأخوة والأخوات على إقامة الدروس للأفراد الذين يقابلونهم أثناء كرازتهم ‏وتبشيرهم ويقبلون معرفة أكثر عن تعاليم يهوه والمسيح، ثم الإجتماع الإسبوعى الثانى سواء السبت أو الأحد وهو عظة ‏روحية ثم درس لمجلة برج المراقبة التى تحتوى على تعاليم الكتاب المقدس وتطبيقها على حياتهم.‏
هذه الإجتماعات علنية مفتوحة لكل إنسان يريد الدخول وحضورها والأستماع لكل ما يقال، لأن أعمالهم يراعون أن تلتزم ‏بالقوانين فى كل شئ يفعلونه ويقومون به، وينفذون بكل دقة وصية السيد المسيح: أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله.‏

ملحوظة أخيرة:‏
المعلومات أعلاه التى أحتوى عليها المقال يمكنكم التأكد منها والتعمق أكثر فى تفاصيلها والبحث عن بقية عقائدهم ‏ومقاصدهم المسيحية بالرجوع إلى الموقع الوحيد لهيئة شهود يهوه على الأنترنت: ‏www.jw.org/ar/‎
ويحتوى الموقع على موضوعات مكتوبة ومسموعة وفيديو، فى كل المجالات للأطفال والشباب والكبار، كل ما يهمك معرفته ‏من إجابات لأسئلتك المختلفة والمتنوعة وكل ما هو جديد فى الموقع، والشئ المهم أنه فى إمكان الجميع تحميل وتنزيل ‏الكتب والنبذات الكثيرة بلغات كثيرة ومنها العربية للتأكد من معتقداتهم.‏‎ ‎

#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين