أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - الإرهاب الامبراطوري غذائي وأمني وثقافي















المزيد.....


الإرهاب الامبراطوري غذائي وأمني وثقافي


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7289 - 2022 / 6 / 24 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الرأسمالية حرب مستمرة وإن متقطعة. حروب تتوالى أو تتزامن في جميع أنحاء الأرض. لو قُبلت روسيا في التسعينات في القرن الماضي في الحلف الأطلسي لخسرت الامبراطورية عدوا كان يريد أن يصير صديقاً. على روسيا أن تبقى عدواً من أجل أن تبقى الحاجة الى الحلف الأطلسي كحلف أطلسي بغض النظر عن صيرورة أوروبا اتحاداً اقتصادياً ثقافيا. أشد البلدان الأوروبية حماساً ضد روسيا وتأييداً ودعماً لأوكرانيا هي بريطانيا، الجزيرة التي تحيط بها البحار، كما هي الامبراطورية الأميركية ذات الهيمنة على قارة أميركا الشمالية والجنوبية، تحيط بها المحيطات من الشرق والغرب. وعلى كل حال، فعل الأميركيون كل ما بوسعهم لإقناع بوتين بأن امبراطوريته مهددة. ونكثوا وعودهم بعدم توسّع الأطلسي شرقاً، فإذا بهم وحلفهم العسكري على حدود روسيا الغربية والجنوبية في أوكرانيا، بعد اعتلاء البطل الكوميدي زيلينسكي سدة السلطة. لم يدخل في روع بوتين أنه وإن كانت أوكرانيا سلافية ومرتبطة تاريخياً منذ عدة قرون بالامبراطورية الروسية القيصرية، ثم صارت جزءاً من الاتحاد السوفياتي، إلا أنها دولة مستقلة منذ عقود. وهذا كاف لتشكيل قومية ضمن الدولة. والقومية تؤدي الى أمة. وهذه تقاوم مقاومة شرسة عندما تعتبر أن هناك اعتداء عليها من دولة كبرى ولو كان حجمها أكبر بأضعاف. طبعا، يشتد السرور بالمقاومة لدى الأوكرانيين عندما تنهال عليهم المساعدات العسكرية والمالية من أوروبا والولايات المتحدة. هذه الأخيرة لديها المال والسلاح، وبسلاحها تنشب الحرب في أوكرانيا وغيرها. فالسلاح يجر المال بالتي هي أحسن.

تخلت أوروبا عن سياسات بيئية درجت عليها منذ زمن، إذ تعود الى استخدام الوقود من الفحم الحجري. في نفس الوقت تعود الفاشستية الى الظهور في أوروبا ومن ضمنها أوكرانيا، بما يلبي ضرورات الحرب، ويفرج عن القيود التي كانت مفروضة على ألمانيا لمنعها من التسلّح أو التوسّع في صناعة الأسلحة.

ربما كان بوتين قد اعتبر أن الحرب على أوكرانيا ستكون سهلة عندما بدأ حربه، كما كان الأمر في جورجيا وقازاخستان، وربما في سوريا. إذا كان الأمر محرجاً للامبراطورية الأميركية، فهو ليس كذلك بالنسبة لأوروبا، بما فيها أوكرانيا. الخسائر كبيرة والدمار كبير، ناهيك عن الخسائر البشرية، وهجرة حوالي 10 ملايين من سكان أوكرانيا.

يقول الخبراء العسكريون أن حرب أوكرانيا ستكون طويلة، وهي تهدد عدة مناطق في العالم بالمجاعات نتيجة انقطاع صادرات أوكرانيا من الحبوب والزيوت الغذائية. غريب أن يقال أن غذاء العالم يعتمد على إنتاج أوكرانيا الزراعي، في الوقت الذي تكفي زراعة الولايات المتحدة لإطعام العالم. وإذا أضيف إليها إنتاج كندا وأوستراليا ونيوزلندا، تكون مشكلة إطعام البشرية محلولة إذا لم يكن النظام العالمي السياسي الرأسمالي يمنع ذلك. والأغرب أن يطلب من الهند تصدير القمح، وهي كانت حتى وقت قريب تعاني من مجاعات نقص الغذاء. على الخبراء أن يشرحوا لنا أسباب التهويل بالمجاعات: هل الأمر مصدره نقص الإنتاج حول العالم أو المشكلة هي في إيصال ما يتوفر من الإنتاج الى من يحتاجه؟ لكن الخبراء تقنيون، يخضعون لضرورات الاقتصاد السياسي. إذ تعبير الاقتصاد وحده لا يفسر كل شيء في السياسة الدولية، ويسمونها الآن جيو-بوليتيك، كي لا يقال اقتصاد سياسي. فاستخدام تعبير سياسي هو أمر مكروه عند الامبراطويرية لأنه يوحي بالنوايا، أو ينبئ عنها، وهذه يراد التعمية عنها.

هو إرهاب غذائي تمارسه الامبراطورية مستخدمة حرب أوكرانيا، لجعله يبدو أمرا موضوعيا غير مفتعل.

في منطقتنا إرهاب نووي مصدره ليس إيران بل إسرائيل مدعومة من الامبريالية الأميركية. ليس مرغوباً لدى كل من لديه عقل وحس إنساني أن يمتلك سلاحاً نووياً. لكن إيران وقّعت اتفاقاً في العام 2016، تخلت بموجبه عن جزء من السيادة كي تسمح لمحاكم التفتيش الامبراطورية، أعني هيئة الطاقة النووية العالمية، بالدخول الى إيران وإجراء مراقبة على الدولة ومجتمعها. الاتفاق مزقه الرئيس ترامب. ثم جاء بايدن لإجراء تفاوض غير مباشر حول الأمر نفسه. ثم تقول الإدارة الأميركية أن إيران لا تلتزم بالاتفاق. والآن يأتي بايدن لزيارة المملكة السعودية بحجة الطلب، بالأحرى الضغط، لخفض أسعار النفط. فكأن المصلحة الأميركية تتنافى مع ارتفاعها والغلاء بشكل عام. لكن الأمر المهم وراء هذه الرحلة هو تجميع بضع دول عربية وإسلامية، الحاضر الغائب فيها إسرائيل، للإخافة من الخطر الإيراني، علما أن السلاح النووي موجود في المكان الذي تعرفه فرنسا التي ساهمت في إطلاقه؛ والآن تدعم وجوده في إسرائيل الامبراطورية الأميركية. وكأن المطلوب هو إبقاء جذوة النار المذهبية والانقسام السني الشيعي في مجال إسلامي ضيق الأفق. الإرهاب النووي، أو بالأحرى خطر سلاح الدمار الشامل على منطقتنا يبقى حتى إشعار آخر من إسرائيل لا إيران.
هذا لا يعني أنه ليس لدينا كعرب مشكلة مع إيران. مشكلتنا مع الدولة الإيرانية هي نفسها مشكلة الشعب الإيراني مع دولته. وهي أن دافعها العصبية القومية بغلاف ديني للتوسّع فيما لا يعنيها، وانفاق مبالغ طائلة على ما لا يعنيها في الوقت الذي يتضوّر شعبها فقرا. مشكلتنا مع إيران هي المشكلة نفسها مع أي نظام ديني سواء كان عربياً أو غيره، وسواء كان إسلامياً أم عربياً، أم غير ذلك.

تدعي إيران أنها تريد تحرير فلسطين دون الأخذ بالاعتبار أن تلك مسألة سوف تتحقق بعد حين عن طريق العرب لا عن طريق غيرهم. أما عن وعود إيران بالتحرير فمن الجدير سؤالهم: من الآن حتى يتحقق الأمر بعد سنوات طويلة، ماذا نفعل كعرب؟ هل نتفرج عليكم أم أن علينا مهام يجب القيام بها وأنتم تقوضون الأسس التي ترتكز عليها هذه المهام؟ لقد سئمنا الكفشلة والخلط في الشعارات المرفوعة والتعمية على الأهداف الحقيقية.

حروب إرهاب أميركي في أوروبا أدت الى التخلي عن سياسات بيئية كانت ضرورية لتعكس التغيّر المناخي وما يؤدي الى وضع لا يؤدي إلا الى ضرب المصير البشري. أحلاف إسلام سياسي سني في المشرق العربي لا تفيد منها إلا الغطرسة القومية الإيرانية.

في العام 1929 حصل إنهيار مالي اقتصادي مركزه الولايات المتحدة التي لم تتخلص منه إلا بعد العام 1939، ونشوب الحرب العالمية الثانية، وازدهار تجارة السلاح واقتصاد الأمر الذي تولته حكومة الدولة الأميركية.

تحتاج الرأسمالية العالمية، ومركزها الولايات المتحدة، بسياساتها الامبريالية لحل أزماتها المتكررة كل عقد أو عقدين من الزمن. والآن صارت الأزمة مستمرة. يفشل بالمقابل كل مشروع إنساني لإنقاذ البشرية. وكان الاتحاد السوفياتي خيبة أمل كبيرة، هي سبب تراجع اليسار في العالم وصعود النيوليبرالية، التي يدخل في صلب ايديولوجيتها تدمير الدول فيما كان يسمى العالم الثالث، والآن أوروبا. يلام بوتين ليس لأنه يواجه السياسة الامبراطورية، سياسة القطب الواحد، بل لأنه يشن حرباً توختها الامبراطورية، وافتعلت كل الأسباب لإشعالها. إن الاعتراض على بوتين هو أيضاً اعتراض الشعب، أو الشعوب الروسية عليه، بسبب الحروب التي يشنها. إذا كانت الامبراطورية العظمى تريد الحرب لأسباب تتعلّق بالمال والسلاح، فإن شعوبنا تريد غير ذلك.

حتى لو انتصر بوتين في أوكرانيا، والانتصار لن يكون باهراً، فإنه يكون قد حقق الهدف الأميركي في بقاء القطب الواحد مميزاً. الوجه الآخر لهذا التميّز يظهر في منطقتنا حيث يعقد مؤتمر لدول عربية وإسلامية تحضره الولايات المتحدة وتغيب عنه إسرائيل، مع حضور شبحها.

إرهاب تمارسه الامبريالية الأميركية يؤدي الى إرهاب دولنا وإخضاع شعوبنا وجرها الى منازعات وحروب تؤدي الى مزيد من الخراب والدمار والقتل والتشريد. معارضة هذا الإرهاب والنضال ضده غير كافيين حتى الآن. تنجح الامبريالية ونفشل نحن.



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد السياسي للبترول
- الاقتصاد السياسي للمال في لبنان
- مشكلة حزب الله في المواجهة مع الولايات المتحدة
- التحليل الطبقي وتحليل التشكيلات الاجتماعية
- الانتخابات في شرح قصيدة دريد بن الصمة
- دعوية الحزب الديني تميزه عن الحزب الطائفي
- الحزب الشيوعي اللبناني: أوهام جديدة بخطاب قديم
- الإرادة فعل ومعرفة
- المؤتمر الخامس للمنظمة الشيوعية سابقاً اليسارية حالياً نقد و ...
- كسب الحرب وخسارة النتائج السياسية
- هستيريا الحرب بعد الكورونا
- انتصار ثقافة العمامة على ثقافة الحداثة عندنا
- أوكرانيا: أنذال يأخذون قرار الحرب أو اللاحرب. وفي الحالتين ا ...
- الثورة بحدوثها، بنتائجها أو أسبابها
- دفاعا عن المجتمع المفتوح
- الوباء وتهميش الإنسان
- كيف يقبض العرب على زمام التاريخ
- أحزان مواجهة الامبراطورية العظمى
- أحزان الامبراطورية
- التحوّل من دولة فاشلة الى مجتمع فاشل


المزيد.....




- الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب ...
- منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي ...
- إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي ...
- ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد ...
- إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
- شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
- السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل ...
- الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين ...
- الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
- -حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفضل شلق - الإرهاب الامبراطوري غذائي وأمني وثقافي