|
مصر و عصور إضمحلالها(15)
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7285 - 2022 / 6 / 20 - 08:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ما قبل ختام المقال الثالثِ ( صعود وسقوط الطبقة الوسطي ) في رحلة طويلة منذ عصر ما قبل التاريخ حتي منتصف القرن التاسع عشر ..لم نلحظ أن سكان مصر عاشوا فترات سعادة و تحقق ..حتي فى زمن الملوك العظام كانوا مسلوبي الإرادة مضطهدين .. مغيبين بواسطة طقوس الكهانة و إحتفالاتهم و خرافاتهم. لقد كان هناك دائما مستبد يستهلك طاقتهم و ثرواتهم و يسخرهم لتحقيق أهداف تبعد كثيرا عن صالح الناس و تعليمهم و تنظيمهم وتدريبهم و حصولهم علي فرص متساوية في الحياة .. و كاهن يبررللمؤمنين إستبداد أبناء الألهه هؤلاء . عاش المصرى 8000 سنة يبحث عن العدالة ( ماعت ) فلم يلق من كهنته وحكامه إلا الإحتقار و الإزدراء و التعالي و التلاعب به و بعواطفه .. فكل منهم لم يشغل باله إلا إستمرار السلطة و ما يتبعها من رفاهية و حياة رغدة متميزة له و لأسرته و حاشيته حتي في أحلك الظروف مع إنخساف النيل .. أو تفشي وباء .. أو حدوث مجاعة ..أوعبث محتل . فإذا .. ما غضضنا النظر عن أيام ما قبل الحربين العالميتين علي أساس أن ما حدث للمصرين من حكامهم و مستعمريهم وكهانهم كان من طبيعة الحياة في تلك العصور المظلمة . يصبح علينا أن نتساءل ما الذى أخرنا عن اللحاق بقطار المعاصرة الذى تحرك في بدايات القرن العشرين .بعد أن وعي المصرى أنه من أحفاد شعب ( كيمي ) الذى دون الصفحات الأولي في كتاب الحضارة...وأن هناك بشر يعيشون في ظل (الحرية و الأخاء و المساواة ).. و أحزاب و منظمات عالمية تهتم بتحقيق (العدالة و المحبة و السلام ).. و أن (الديموقراطية والإشتراكية وحقوق الإنسان ) هي أساسات الحرية التي لاغني عنها لتقدم الشعوب. لماذا ظل المصرى يعتبر أن منجزات العصر السياسية و الإجتماعية و الحقوقية بعيدة المنال لا يستحقها..و أن يكون ديكتاتوره عادل هو أقصي درجات أحلامه و أمله . هل هي هزائم الحروب التي خاضها المصريون خلال القرنين التاسع عشر و العشرين و فشل العسكر المستمرفيها و كيف دمرت ثرواتنا و جعلتنا دائما تابعين لقوة عظمي و إنعكاس ذلك علي سكان المكان ليتم شعورهم بالدونية..ويفقدهم الامل في خروجهم من قمقم التخلف و التبعية و السباحة في تيارات البحار العالية كباقي الامم . أم أن تخلفنا إستمر لاننا لا نفرز إلا أبغض الحكام و أكثرهم إنحرافا ومكرا و شرها للسلطة و المال يجبونه قهرا حتي لو إستعانوا علي ذلك بجنود احتلال أو بأجهزة امنية وحقوقية لا تختلف عن المحتل في الظلم أم أن السبب هو تأثير الكهنة السلبي علي العقلية المصرية و تجمدهم العقائدى الذى يعكسونه علي سلوك البشر اليومي. زمن محمد علي و إبنه إبراهيم باشا .. و مض في سماء مصر كبرق خاطف لشهاب باهر الضوء فقد إختلفت فيه العوامل الثلاثة السابقة .. حقق جيش مصرى الجنود و الضباط إنتصارات لم يعرفها منذ نهاية الأسرة التاسعة عشر .. و سعي حاكم علماني لتنمية الشعب وتعليمة و تدريبة وحسنت إدارته للثروة في إتجاه ترقية الزراعة و تكثيف عائدها .. وتحدد دور كهنة الأزهرومنع التحيزوالتعصب الديني ((أنا لا أعتبر نفسي في سياستي مسلما أو مسيحيا ))هكذا قال الباشا . عندما توارت هذه العوامل عادت مصر إلي ظلمات العصور الوسطي لنتعرف علي حكام جهلة مثل عباس حلمي الأول الذى تولي بعد محمد علي و (( لم يكن له شأن في حرب أو سياسة ، و أوقف العمل بجميع الإصلاحات التي تمت قبله)). هذا العباس وصفه اللورد كرومر على أنه أسوأ المستبدين الشرقيين. ثم الباشاوات سعيد و إسماعيل و توفيق الذين إنهارت في زمنهم مصر رغم وفرة إيرادات محاصيل القطن بسبب الاسراف و القروض والإنفاق علي المشاريع غير المجدية التي تسببت في سيطرة صندوق الدين وما تلاه من تحكم الاحتلال البريطاني عام 1882م. ثم تولي الخديوى الشاب عباس حلمي الثاني مع مطلع القرن العشرين فحاول إحداث بعض الاصلاحات و مقاومة الاستعمار البريطاني لصالح السلطان العثماني .. مستغلا شعبية عناصر مثل محمد فريد ومصطفي كامل الذى إشتهر بعد دفاعة عن ضحايا حادث دنشواى في فرنسا .. و لكن لم يطق الانجليز عليه صبرا فعزلوه و نفوه . وخلال القرن العشرين بعد إعلان الحماية البريطانية علي مصر(18 ديسمبر 1914) وخلفا للخديوى المنفي حكم السلطان حسين كامل المختل الطماع الذى صارع البارون إمبان ليأخذ منه قصره الشهير ..ثم تلاه الملوك فؤاد و فاروق وإبنه فؤاد الثاني والرؤساء عبد الناصر و السادات و مبارك و كل منهم لم ينتصر في حرب أو يحدث نهضة حقيقية أو تحولا ثقافيا لشعب يضنيه الخوف من كرابيج السلطة و جباتها ..ومتشبع بأفكار متحفظة لكهنة الديانتين الرئيستين. لقد كانوا جميعا من الهواة العجزه علي مستوى السياسة والإقتصاد و التنمية وأبدوا عدم مرونه و توافق مع التغيرات التي شهدها قرن الحربين العالميتين و عجزا عن حل مشاكل المصريين المزمنة .. أو المستجده مع ظلم و جور و تعسف الإستعمار البريطاني . محمد علي بفكر علماني و بالتعليم و التصنيع و إعادة تنظيم الدوله ..خلق جنين طبقة وسطي لم تكن تعيش في رفاهية الحكام و لم تكن أيضا من الفقراء المستغلين المحتاجين . هذه الطبقة إنكمشت في عهد سلفة عباس، ثم إنتعشت في زمن سعيد بإقرار الملكية الفردية للأراضي الزراعية ، و إزدهرت في زمن إسماعيل بواسطة المهاجرين من الدول المحيطة و الاجانب النازحين خلف الصفقات السهلة ..وقانون حق المصريين في التملك التام للعقارات والأراضي و فرص العمل التي خلقتها قناة السويس . مع الحربين العالميتين توسعت أنشطة هذه الطبقة لخدمة الجيوش المحتلة سواء بالأعمال التجارية أو الصناعية أو الخدمية و أصبحت مصدرا لتقديم كل ما هوجديد لإبتكارات التكنولوجيا العالمية للمصريين..( صور الإسكندرية و القاهرة .. في ذلك الزمن عندما تشاهدها تشعر أنها إلتقطت في مدن أوروبية راقية و نظيفة ) و هكذا الطبقة الوسطي المختلطة من الأجانب و المصريين رغم عددها المحدود إلا أنه كان لها الفضل في الاسراع بتحديث مصر عن طريق تقليد منجزات مثيلتها (البرجوازية ) في الغرب (سكة حديد ، تلغراف ، تليفونات ، طرق أسفلتية ، بناء قصور ومساكن حديثه ، و كبارى و دار للاوبرا و حديقة حيوانات و متحف للأثار وبرلمان) .. و(إنشاء القاهرة الخديوية علي نمط باريس ،مصر الجديدة ،والترام و النقل العام بالاوتوبيسات) ، (تعميم المدارس للصبية و الفتايات و جامعة القاهرة و مدرسة الفنون الجميلة .. و الجرائد و المجلات) .. بالإضافة لخدمات (تنقية مياة الشرب ومعالجة الصرف الصحي و توليد الكهرباء و الغاز للمدن ) مشكلة الطبقة الوسطي ( كما حدد هتلر في كتابه كفاحي ) أنها جبانة مترددة غير ثورية.. فهي تستوعب و تفهم و تقلد و تنمط .. و لكنها لا تبتكر و لا تخترع و لا تطور أدواتها .. و هي طبقة خائفه تحذر من السقوط الطبقي و يسهل إرهابها .. و عندما تنال الفرصة أو الصدفة التي تجعلها في مراكز إتخاذ القرار تتعالي و تصبح أمانية ، فاسدة ،فاشيستية ،قاسية، لعينة تستخدم قوتها العسكرية، الامنية، المالية في الحفاظ علي مكتسباتها وسحق من عداها من طبقات( أعلي أو أقل ) ويتم هذا عادة بقوة قانون مفصل خصيصا من أجل تعظيم مكاسبها .. لذلك لم تلد هذه الفترة التي إزدهرت فيها البلاد بشكل أو أخر ، حلولا جذرية للقضاء علي مشاكل المجتمع خصوصا ما يتصل بتراث السخرة والعبودية و الموروثات العقائدية . ولم ترتق الطبقة بسلوكها حتي المستوى الديموقراطي الذى تطور في العالم خلال القرنين السابقين ولم تستطع أن تمد يد المساعدة للمعدمين و الفقراء إلا في حدود فرص قليلة ( أشبه بالإحسان ) للبعض من النابهين منهم الذين إستطاعوا إختراق أسوارها العالية بالتعليم أو بسلطة المال ثم تمترسوا داخلها متجاهلين أصولهم بل في بعض الاحيان مضادين لهذه الأصول و معاديين لها . الطبقة الوسطى لم تستوعب أو تتوافق مع وثائق حقوق الانسان العالمية .. بل قلدت حلول النظم الشمولية الفاشيستية التي سادت العالم قرب الحرب العالمية الثانية علي أساس أن المصريين غير مستعدين بسبب شدة تخلفهم ..للديموقراطية و حكم أنفسهم .
علي الجانب الأخر من البحر الأبيض المتوسط ومع إفتتاح القرن العشرين كانت الارستقراطيات الاقطاعية تنزاح بنظامها الاقتصادى والاخلاقي المستند علي تحالف الاقطاع ورجال الدين ، تاركة مكانها للراسمالية بشعابها الثلاث . الراسمالية الصناعية ..والاستعمار الكولوني المسلح( الإمبريالية) .. و البنوك الاوروبية المتنافسة التي بدأت تسيطر علي النظام المالي في العالم من خلال القروض و فوائدها. وهكذا في ظل التنافس القارى الاوروبي الاستعمارى الحاد علي مناطق النفوذ والاسواق و مصادر الخامات خاض العالم حربا (عالمية أولي) غيرت موازين و علاقات عديدة وشكلت البدايات لعالم جديد شهد (أثناء و بعد المعارك) الثورة البلشفية في روسيا وظهور الولايات المتحدة الامريكية كقوة مؤثرة و نمو بذور الفاشيستية الايطالية و النازية الهتلرية وبدايات تجمع الصهيونية العالمية المتجهه الي فلسطين . مع نهاية الحرب عقد مؤتمر صلح في فرساى ((28 يونيو 1919 )) فرض علي المانيا و النمسا وبلغاريا و المجر معاهدات و تعويضات مجحفة مع إقتطاع أجزاء من اراضيها و تحديد عدد افراد جيوشها وتسليحهم ثم ترتب علي هذه المعاهدات تعديلات في البلاد التابعة للمنتصرين وإنشاء عصبة الامم كأول منظمة عالمية للحفاظ على السلم. هكذا كان العالم عندما بدأ تحالف بين اصحاب الصناعة - التي نمت خلال الحرب - من رجال الاعمال المصريين وصغار ملاك الاراضي مع فئات من الطبقة الوسطي المصرية يتململون ويطالبون بالإستقلال عن النفوذ البريطاني..و بدور سياسي و إقتصادى و حقوقي أكبر في المجتمع . خرج الرجال يحملون الهلال مع الصليب و النساء خلعن اليشمك التركي و الطلاب كانوا يهتفون الاستقلال التام او الموت الزؤام .. مطالبين بذهاب وفد منهم الي مؤتمر الصلح في فرساي ثم الي عصبة الامم لعرض قضيتهم الخاصة بجلاء الانجليز بمرور الوقت إرتفع نبض الشارع ليطالب بمطالب إجتماعية وإقتصادية ثم وفي إطار الموجه الوطنية المتصاعدة إرتفع أيضا سقف المطالب إلي الحد من طغيان المصالح الأجنبية على الاقتصاد القومي أيام مجيدة عاشها المصريون في الريف و الحضر تشع بالأمل و الحماس و الرغبة في التغيير و الخروج من القمقم . ثورة 1919 بدأت كسلسلة من الاحتجاجات الشعبية على السياسة البريطانية في مصر ..ثم تطورت بتكوين الوفد المصرى من القاضي سعد زغلول ومجموعة من السياسين المصريين من أبناء الطبقة الوسطي ورجال الاعمال ، لمفاوضة مندوبي الاحتلال البريطاني في إمكانية إلغاء الحماية البريطانية والاحكام العرفية واعادة العمل بالدستور الملغي. . ورغم أنها إستمرت طول القرن الماضي بصورة أو أخرى إلا أنها لم تكتمل و تخقق أهدافها حتي اليوم . بسبب إنهيار التحالف عندما تضاربت المصالح مع إقصاء ملاك الاراضي ثم رجال الاعمال و إنفراد الطبقة الوسطي بالقيادة .. في السنين الأخيرة ..( بعد إنفتاح السادات ) حدث إنقلاب مضاد حيث تميزت طبقة رأسمالية طفيلية من المليارديرات و المليونيرات .. طردت الطبقة الوسطي من كراسي السلطة تدريجيا حتي إستفردت تحكم بعد 2011. . في خيانة كاملة لكل أحلام المصريين خلال القرن العشرين . في المرحلة الاولي من ثورة 1919 كان علي الابناء من الثائرين..خلع ثوب البداوة الذى إعتادوا عليه لقرون .. وكان الخلاف هل نتمسك بالعمة الازهرية ، ام الطربوش التركي أم القبعة الاوروبية ام نسير حاسرى الرؤوس .. لقد أخذ زى الرجال جدلا طويلا إنتهي بخلع سعد زغلول الجبة و القفطان و إرتداء البدلة و الطربوش ثم إستمرت الموجة حتي أصبح كل من يرتدى الملابس الافرنجية من أنصار التقدم و اصبح زى الفقهاء ذو دلالات غير مستحبة . نفس الامر طال النساء .. تخلع اليشمك والبرقع وتهجر الملاية اللف و المنديل ابو قوية لترتدى زيا عصريا قادم من باريس وروما او شبيه له .. ام تحتفظ بهوية إشتهرت بها المرأة المصرية وخلدها الفنانون في سلسلة من اعمال النحت و التصوير الزيتي لازلنا نحتفظ بها في متاحف النهضة الفنية . لم يكن الزى فقط مجال الخلاف و التغيير بل ترتيب السكن و تصميمة ..وإسلوب تناول الطعام هل نجلس حول الطبلية و لمبة الجاز ام أمام منضدة الطعام (السفرة ) فوق الكراسي وتحت قناديل الكهرباء. و هل تأكل النساء و الأطفال مع الرجال أم لكل منهم دوره في تناول الطعام . . كلما نظرت خلفي أجد أن التطورخلال أيام حياتي الثمانين مستمر يوما بعد يوم بسبب ما يورده الغرب لنا من تكنولوجيا و نمط حياة .. فتتغير في المجتمع منازله و مدارسه وجامعاته و ملابسه وأدواته و اعماله وشغل وقت فراغ الناس وموسيقاهم واغانيهم وأسواقهم ومسرحياتهم وافلامهم ،في صعود و هبوط متتالي .. إنتهي بأن أصبح المجتمع في نهاية حكم مبارك علي شفا فوضي الإضمحلال الخامس . لقد تدهورت كل مؤشراته تدريحيا .. و أصابة الفساد بالنكوص في أغلب المجالات .. لتتغير القياسات و الموازين لما نحن عليه اليوم من غثاثة و فوضي تعكس فكر و روح أوليجاركية كئيبة جاهلة متحكمه في كل أنشطة المجتمع ..حتي في الأغنية و الكتاب و المسلسلات و الرياضة خصوصا لعبة كرة القدم التي تدهورت بعد صعود بسبب تعصب و ضيق أفق من بيدهم سلطة إتخاذ القرار . طلعت حرب ( في مواجهة البنوك الأجنبية ) كان الاب لاقتصاد بنكي مصرى معاصر و ما تبعه من شركات ومؤسسات لازلنا ننعم ببعض من إنتاجها .. فتمصير الاقتصاد كان الحلم الذى لم تغفل عنه الطبقة المتوسطة قابل محاولات طلعت حرب بعد ذلك نكسات وإنكسارات سواء في زمن التأمييم و القطاع العام و فساد الإدارة .. أوفي زمن إهمال و بيع شركات الحكومة ..حديثإ .. عندما نتأملها لابد أن نحزن بعد أن ضاع جهد و أحلام رواد صناعات الغزل و النسج و السكر والزيوت و العطور و الملابس و تحولت مصر الي سوق يستورد كل إحتياجاته بما في ذلك قمح رغيف العيش و أصبحت البنوك بيوت للربا و تجميع الأموال برفع نسب العائد ( الفائدة ) و بيع الحصيلة للحكومة لسد عجز موازنتها . لا نستطيع أن ننسي طه حسين كرائد مفكر يتبني المنهج الليبرالي و فلسفات (ديكارت) و(فولتير) و يكتب القصة و الرواية الحديثة و يخترق دوائر فكرية محظورة و يطالب بثورة في التعليم أنعم بها علي جيلي . و اليوم عندما ننظر الي ملايين الطالبات و الطلاب لا بد أن نمتن له.. أما عندما نرى مستواهم العلمي و الفكرى فسنحزن علي ذلك الزمن الذى إحتل فية ضابط محدود الذكاء كرسي الموجه و المعلم فسقط بالعلم و المتعلمين ..وعندما تولي تاجر الوزارة جعل التعليم أكثر بند إنفاق يستهلك ميزانية الأسرة المصرية . لا نستطيع أن ننسي محمود مختار المثال الذى قاد مدرسة الفنون الي نهج مصرى كان مثار إعجاب العالم بانتاجه الذى لايقل عي معاصريه من عباقرة اوروبا .. ثم نحزن عندما نرى الاوباش في النهاية يغطون تماثيل مختار علي اساس انها أصنام و يمنعون دروس النحت في كليات الفنون . التذكر و الحزن سيطول الملحن والمغني عبد الوهاب الذى خرج بالموسيقي الي المعاصرة تابعا سيد درويش و متقدما عن ابوبكر خيرت ..و ما نسمعه اليوم من تفاهات. وسيطول ام كلثوم التي جعلت من أغانيها منهجا للجدية و التطور و خرجت من اسر التخت العثماني الى الاوركسترا الغربي ..ثم السقوط المتتالي لفن الغناء .. حتي اصبح الفن الممثل لمصرمنها هي الأغاني الشعبية البدائية . وسيطول توجو مزراحي الذى قدم سينما مصرية نفخر بها و نحزن علي ما وصلت اليه بعد قرن من سينما دعاية إدارة التوجيه المعنوى الفاشلة رغم إنفاق الملايين علي إنتاجها . إن رواد الانتقال من المجتمع المغيب الي نور القرن العشرين لا يمكن حصر جهدهم .. سلامة موسي و مصطفي النحاس و روزاليوسف و إخوان تكلا , يوسف وهبي ومهندسين و اطباء و صيادلة و معلمين و سيدات رائعات من الطبقة الوسطي كان لهم جميعا أدوار يومية خرجت بقافلة الانتلجنسيا المصرية من زمن الغيبوبة الي الوعي المعاصر .. ثم نتساءل ترى عن ما أفرزه مجتمع ما بعد إنقلابات العسكر من الفنانين و المثقفين ..و كيف إحتل كرسي ثروت عكاشة في وزارة الثقافة ..جاهلة .. شبه أمية تتردى بوزارتها إلي الدرك الأسفل من التميع و الهبوط المتوالي علي المستوى الحكومي والشعبي. من واقع مشاهدات من عاش الاحداث يوما بيوم ولازال يعاني من وجوده في دوامة الإضمحلال الخامس. قفزت الطبقة الوسطي المصرية عن بكرة أبيها (بمعني دون الإقطاع و الرأس المال و الفقراء المعدمين ) تهتف وترقص وتغني للضباط الاحرار الذين إنقلبوا علي مولانا الملك المعظم فاروق الاول ملك مصر والسودان ..غير عالمين أنهم بذلك يقومون بالتمهيد لسيطرة العسكر و سقوط الديموقراطية و بداية قهراوليجاركي طويل لا يتوقف لمدة قرن . كانت مصر في ذلك الوقت تنقسم الي فسطاطين أحدهما يسكنة من يمتلك الثروة والجاه والنفوذ والالقاب والبرلمان بشقيه (النواب والشيوخ) ويلبس الردينجوت والاسموكينج ويتكلم التركية او الانجليزية..و يقضي الصيف في أوروبا .و يعلم أبناؤه في مدارس الخواجات . وفي مواجهته شعب لم تزل علامات كرباج السخرة والترحيلة واضحة علي جلده، جائع، جاهل، تفتك به الانكلستوما و البلهارسيا و الرمد وامراض سوء التغذية حافي لا يرتدى حذاءً، ولا توجد لديه أية حقوق ومع ذلك يحمد المولي ويحرص علي أداء الفروض وزيارة بيوت الاولياء حيث يجود هناك بملاليمه عندما يطلب العون منها أو عندما يحتفل في زفة مولدها. وكان بينهما شريحة حديثة التكوين من أبناء الطبقة الوسطي متطلعة تنظر لأعلي بإعجاب وشبق و تمني ولأسفل بحزن عميق متدثر بفلسفة ميتافيزيقية وخوف من السقوط . أبناء الطبقة الوسطي في أغلبهم كانوا من أصول ريفية (يحملون كل أمراض الريف) بعد أن استطاع أهلهم أو المحسنين ..توفير فرص تعليمهم فحصلوا علي مؤهلات تسمح لهم بأن يشغلوا وظائف عامة كضباط و قضاة ومهندسين وأطباء وصحفيين ورجال أعمال وكتبة ويعيشون (هكذا ) في المدينة يتطلعون . أو كانوا من رؤساء العمال أو صغار التجار والحرفيين والمدرسين و الفنانين أو إجمالا من الذين ليسوا من كبار الملاك أومن القابضين علي مفاتيح الحياة الاقتصادية وفي نفس الوقت لم يكونوا (ايضا) من المعدمين المعتمدين علي إيرادات الترحيلة عندما دفعت الطبقة بوجوه عسكرية شابة جديدة للحكم وضعت لها في سلة التكليف بجوار الامنيات الطيبة مشاكل وتناقضات عديدة .. أهمها التغلب علي ذلك الفارق الحضارى الرهيب بين أهل الريف (من الآباء و الاجداد ) و أهل المدن (المطعمون بالاجانب واليهود). او بالتحديد التغلب علي الانفصام بين ما يتعلمه ابناء الريف في الكتاتيب و مدارس الازهر الدينية و بين ما يتعلمه ابناء الحضر في الليسيه و الانجليش سكوول و فيكتوريا كولدج ومدرسة فاروق الاول الثانوية .. بين ما يتناوله الفقير بالمدينة بسهولة إذا جاع سندوتش فول او طعمية او رغيف ابيض وبيضة مسلوقة.. وما يتناوله الريفي بجهد فعليه النهوض كل صباح مبكرا من أجل اللحاق بالحلب والخبيز .. الكهرباء في المدينة ولمبة الجاز في الريف، المياة النظيفة في المدينة و الطلمبة الحبشي في الريف، الشوارع المسفلته في المدينة والدروب الترابية في الريف، المستشفيات في المدن ..و حلاق الصحة في الريف . الامن المستقر في المدينة وشيخ الغفر الحرامي في الريف .. الدعاة المتعلمون في جوامع المدينة و كسر الفقهاء في زاوية او مصلية القرية.. ..النظافة في المدينة والذباب والناموس وباقي الحشرات والقوارض في الريف .. لذلك كان أول قرارات المنقلبون الذين مازالت أحذيتهم متربة بتراب جرن الوالد .. تدمير منظومة الزراعة مزيحين كبار الملاك من الصورة بتأميم الارض و تحديد الملكية و توزيع فدادين خمسة علي المعدمين وتوسيع مساحة الطبقة المتوسطه الريفية مع السيطرة عليها بواسطة زبانية الجمعيات التعاونية . ولكن ما تبع هذا كان شيء اخر .. لقد نزح أهل الريف هربا من الجوع وقلة الخدمات الي المدينة وعاشوا حولها في عشوائيات يغزونها كل صباح منتشرين في طرقاتها بحثا عن اى عمل وباى اجر ناشرين معهم أسلوب حياتهم في شوارعها و حول مرافقها أو بمعني أخر ( أريفة) المدينة بدلا من( مدينة ) الريف
التكليف الاخر الذى لا يقل أهمية عن الاول كان إزاحة سيطرة الاجانب بعيدا عن مفاصل الحياةالاقتصادية فالاجانب كانوا يسيطرون علي شركات المياة و توليد وتوزيع الكهرباء والغاز و النقل و يديرون السكك الحديدية والتليفونات والرى و قناة السويس .. ويمتلكون منافذ بيع عصرية عملاقة لتجارةالجملة والقطاعي ويوجهون المدارس والبنوك و المستشفيات ومؤسسات المجتمع المدني وكانت هناك حركة سياسية بدأت مع طلعت حرب و إستمرت تدعو الي مواجهة الصناعات الاجنبية بتكتلات محلية (مثل مشروع القرش و شركة بيع المصنوعات المصرية ).. لذلك كان القرار الثاني لرجال الانقلاب هو تمصيرممتلكات الاجانب و التخلص من أغلبهم بما في ذلك من يديرون قناة السويس علي أن يحل محلهم مصريون ظلوا يتخبطون في إدارتهم ولا يتقنون العمل لتتدهور كل المرافق التي تم تأميمها ،وفي مرحلة تالية تلحق بها المصانع فيتم ضمها الي القطاع العام الذى لم يصنع الابرة ولم يطلق الصاروخ
التكليف الثالث كان الاستقلال التام او الموت الزؤام والذى ضحت من أجلة الجماهير بالعشرات بل بالمئات من الفدائيين والمتظاهرين والمقاطعين للعمل في معسكرات الانجليز ..و تزايدت موجات مقاومة معسكرات الإستعمار في عامي 51 و52 بدأت مفاوضات الجلاء فورا ثم إنتهت عام 1954 بفصل السودان عن مصر وتقديم ضمانات وتعهدات(مصرية ) لتنظيم حماية الملاحة في القناة جعلت الانجليز يحتفظون بمخازن معداتهم لا تمس لاستخدامها في حالة الرجوع لتأمين المنطقة و الدفاع عنها . و هو ما حدث فعلا ففي نفس السنة التي غادرفيها الانجليز بورسعيد عادوا ومعهم فرنسا و إسرائيل لتبدأ معارك كر وفر.. وتنقطع الملاحة بالقناة وتحبس سيناء عن الوادى ..ثم يتكرر هذا في 67 و 73 و لا زال الأمن غير مستقر في هذه المنطقة رغم معاهدة السلام و مشاريع التعمير الفعلية و المستهدفة . .
التكليف الرابع كان تكوين جيش قوى حديث يعيد أمجاد ابراهيم باشا (دون هزائمه ) و يحمي ارض مصر من عدوان (عصابات الدولة المزعومة ) و لكن كان هذا يستلزم إعادة تسليح القوات المسلحة ، الذى فشلت مفاوضاته غربا فإتجهت الطبقة العسكرية الحاكمة شرقا لتكون جيشا (شرقيا )خاض خمسة حروب (56، اليمن، 67 ثم الاستنزاف، 73 ) لم يحقق فيها نصرا .علي العدو.. بقدر إنتصاراته الإقتصادية اللاحقة في الداخل ..و قيادة قافلة المشاريع التي تنفذها الدولة و ترعاها .. و تزويد المصريين باللحمة و الخضار و اللبن والسمك بأسعار أقل من السوق .
بقي من سلسلة التكليفات إقامة حياة ديموقراطية سليمة.. وكان تصور ابناء الطبقة الوسطي الحاكمة ( بسبب عجز كوادرهم الحزبية المدربة ومحدودية خبرتهم )هو تقليد ما طبقه (ستالين ) كديموقراطية مركزية مسيطره بواسطة حزب واحد علي مقدرات الجميع .. وأن تحالف قوى الشعب العامل سيكون الأداة المناسبة للبناء ..وحلا يتناسب مع طبيعة شعبنا التي لا تقبل صراعات ديموقراطية الغرب. ثم اثبتت الايام والليالي ان التحالف كان بين عناصرالانتهازية غير العاملة و المتفرغة للتسلق ونهب الاموال وتسليم الشرفاء لاجهزة الامن التي لها سجون ومعتقلات أكثر من المدارس و المستشفيات. الديموقراطية .بعد زمن السادات .إنتهت بشنطة تحتوى علي زجاجة زيت و كيس مكرونة.. كحوافز للناخبين ليقولوا نعم في إستفتاءات الحكومة و إنتخاباتها . اما العدالة الاجتماعية فقد كانت تعني في تصور الحكام إفقارالاغنياء وضرب حلفاء الماضي من رجال الصناعة والزراعة و الاستيراد والتصدير بتأميمهم ليتساوى الجميع (عدا سعداء الحظ من رجال الاتحاد الاشتراكي ) في الوقوف داخل طوابير الجمعية لشراء دجاجة بالبطاقة.. لقد فشلت الأوليجاركية العسكرية في أن تحقق المهام الموكلة إليها خلال 60 سنة حكم حتي ملامح تحرر المرأة ومساواتها مع الرجل التي ظهرت في المدارس و الجامعات و مجلس الشعب و اماكن العمل نتيجة لكفاح خاضته الجدات منذ ثورة 19 تقلص وترك مكانه لميكانيكا التحرش الذى ساد بين الجميع خصوصا بين الراقصة والسياسي و مفاهيم المواطنة المتساوية الحقوق و الواجبات بين اصحاب الديانات المختلفة تحولت لتعصب وكوته منحطة مذلة للطرفين الطالب و المانح والفن الراقي الذى بني اساساته ثروت عكاشة تحول الي رقاعة لا تتم الا في الكباريهات .. والتعليم المجاني أصبح أكثر أنواع التعليم في العالم كلفة وأقلها فائدة .. هل نكمل أم نعرف جميعا ما حدث ويحدث حولنا منذ ستة عقود ( 1952- 2011 ) حكمت فيها مصر الأوليجاركية العسكرية . أسباب هذا تعود الي منابع الفكر الذى إستقي منه أبناء الطبقة المتوسطة مبادئ سلوكهم وسياستهم. فثقافة ابناء الطبقة الوسطي وتوجهاتها وأمانيها وحلولها كانت في غالبها مستوردة ولهذا مبررات منطقية أولها ذاتي ، بمعني أن هذه الطبقة بحكم أصول نشأتها ارتبطت بالاستعمار الاوروبي وضمت العديد من المهاجرين المتمصرين الذين متــَّنوا من قوى هذا الارتباط فجاءت طبقة عقيمة غير قادرة علي الابتكار ومراكمة الخبرة (كما جرى في اليابان والهند والصين ) بل حرصت علي التقليد والنقل (فيما نسميه عقدة الخواجة) والثاني خارجي فالتغيرات التي شهدها العالم من حولها كانت جذرية وعميقة وكان من الصعب علي طبقة هشة مثلها حديثة التكوين تعتمد في الاساس علي السلطة التي يمنحها لها كرسي الوظيفة ،الفكاك من هذه التغيرات فدارت في فلكها و لازالت تدور . وهكذا عندما إنتهت الحرب العالمية كانت هناك أربعة تيارات ثقافية رئيسية تحكم فكر وتوجهات الطبقة الوسطي المصرية وكلها دون استثناء رحبت بإنقلاب الضباط . التوجه الكاسح الذى ساد بين أفراد الطبقة .. كانت الافكار القومية الاشتراكية ( الفاشيستية ) سواء مصرية (مرتبطة بتاريخ تعرفوا عليه حديثا بعد فك طلاسم اللغة القديمة ) أو عربية (نقلا عن مثقفي الشام والعراق الذين عانوا من الاستعمارالعثماني وسحق الهوية فإخترعوا في مواجهتها القومية العربية ) أو بسبب أن الصعود المذهل لتركيا الفتاة والفاشيست الطليان والقومية الاشتراكية الالمانية (النازية ) رسب في فكر وقناعة شباب الطبقة أن مقاومة الاستعمار والتغلب علية والابحار الي المياة الدولية العميقة يرتبط بسيادة فكر وأسلوب التنظيمات الفاشيستية كاحزاب (مصر الفتاة) او (الاخوان المسلمين) أو ( الوطني القديم لفتحي رضوان ) وكل منها كانت له مليشياته وتنظيماته داخل الجيش والشرطة يستعرضها ويرهب بها الآخرين . التيار الآخر الأقل في قوته كان الإشتراكية الماركسية أو الشيوعية الأممية المرتبطة (بستالين) الذى حقق إنتصارا ساحقا علي الالمان وظل يطاردهم حتي دخل برلين . لقد كانت هناك أحزاب شيوعية لها خلاياها علي أرض الواقع تؤمن بان (علي عمال العالم أن يتحدوا) ورغم مطاردة الملك لهم والانجليز الا أنهم كانوا يأملون أن يبنوا وطنا علي شاكلة سوفيتات (ستالين) ويحققون مثل إنتصاراته علي الامبريالية العالمية ولكنهم للاسف لم ينجحوا الا في تقليد هيئته وزيه وأسلوبه في التعالي علي الامبرياليين و نشر الفلسفة المادية الجدلية بين المثقفين .. وإنتهي الامر بهم بناء علي توجيهات خورشتشيف إلى الاندماج في الاتحاد الاشتراكي والتنظير له . التيار الثالث كان تيارا سلفيا مسيحيا و اخر إسلاميا .. يرى كل منهما أنه علينا الحذر من الغرب و تبعيته وأن علينا أن نقيم مجتمعا له خصوصية (يراها كل تيار بتصوره ) المسيحيون يرون انهم اقباط وعليهم التمسك بكنيسة تضم عشرة اوعشرين مليونا و تجنب أن تبتلعهم التي تضم المليارات فتقوقعوا علي ذاتهم حول كنيستهم متجنبين التطورات التي تحدث بين الأخرين. اما المسلمون فقد كان تيارهم السلفي ضعيف الصوت مرتبط بافكار قادمة من الخارج يروجها المسلمون الهنود (الباكستان ) والافغان ويرعاها (ابناء عبد الوهاب ) في الجزيرة العربية ولا تجد الا الشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة لينتشر بينها فكر للإخوان المسلمين .. و الشبان المسلمين و الجماعات السنية مسيطرا علي أفرادها بواسطة المساعدات الاقتصادية والاجتماعية . اما التيار الليبرالي الذى تبناه حزب (الوفد) و رواد مثل شبل شميل وسلامة موسي وطه حسين ولويس عوض .. فلقد كان الجميع ينظرون إليه بارتياب علي اساس انه (خصوصا بعد تضخيم أحداث 4 فبراير 1942 الشهيرة ) يتوافق مع الاستعمار و أعوانه و فلسفاته و حرياته المشكوك في صلاحيتها ( في تصورهم ) لمجتمع مغلق لم يشف بعد .. الوفد بليبراليته البريطانية إتخذ موقفا منكمشا من الاحداث ثم إنتهي الي حزب له عنوان الوفد ولكن ينقصه قيادة آخر الزعماء الشعبيين مصطفي النحاس . ومع ذلك ورغم أن الضباط بدأوا تاريخهم بتعطيل الدستور والحياة البرلمانية والسياسية وحل الاحزاب وتجريمها وشنق بعض العناصر العمالية الا أن الجميع صفقوا بشدة لقوانين الاصلاح الزراعي(الذى كان قد تم إعداده من قبل بواسطة حكومة الوفد ) و تأميم ممتلكات الاجانب و تمصير البنوك والتجارة والصناعة و الخدمات( التي كانت معدة ايضا من قبل بواسطة رجال الغرف التجارية ) وكانوا مستعدين (رغم الاخفاق المستمر في حل المشاكل المزمنة التي كلفتهم بها طبقتهم يوم تنصيبهم حكاما ) منذ 52 وحتي 2011 لاعتبار الضباط الوجه المناسب الذى تقدمه الطبقة الوسطي للحكم .. أو كما كتب أنور عبد الملك ((مصر مجتمع جديد يبنيه العسكريون)) .
بدأت العثرات الاولي مع الهزائم العسكرية في معارك ضد الصهاينة المحتلين فلسطين منذ 1947 ( وإعتبر الشعب أن الذى هزم هو الملك وأسلحته ) ثم هزيمة أخرى في بورسعيد عام 1956 ( وإعتبرها الشعب إنتصارا بعد تهديد بولجانين وأوامر أيزنهاور وإنسحاب العدوان ) .. ولكن مع عام 67 وهزيمتين في اليمن و سيناء و إلاستسلام لأمريكا و إسرائيل ..إنتهت علاقة الطبقة الوسطي الطيبة بعسكر الانقلاب . لتسقط ممثليها (من الناصريين بتوجهاتهم الفاشيستية) وتبحث عن وجوه أخرى(تتوافق مع السيد الجديد الامريكي ) لديها القدرة علي أن تحتفظ للطبقة بمكاسبها منذ أيام إسماعيل حتي أيام الفاروق ولكن للاسف، كما تفسد السمكة من الرأس أفسد الوجه الآخرللطبقة المتوسطة المهزومة مجتمعها إفسادا كاملا كان من الصعب أن يقوم به أعدى أعداء الوطن . بكلمات أخرى عندما تجد الطبقة المتوسطة الحاكمة أن الجماهير علي وشك الكفر بقياداتها تقدم عبد الناصر بدلا من فاروق الفاسد .. والسادات بديلا لعبد الناصر المهزوم .. والمبارك العسكرى البطل بعد إغتيال الخائن .. ليحافظ الأخيرعلي مصالحها بركود المجتمع وتحوله إلى بحيرة آسنة تمتلئ بأسماك القرش من المليونيرات الفسدة وعندما ينتهي صبر الشعب من سوء الاحوال تقدم الطبقة له طنطاوى وشلته كوجوه عسكرية جديدة لتستبدل فورا بالمرشد و منتفعيه على أمل أن يكون ممثل زقاق الاسلامجية في الشارع السياسي المصرى أكثر مهارة وقبولا . وعندما يحدث العكس وتقوم القيامة ضد سياسته الرجعية المتحجرة تقدم الطبقة وجه قاضي مبتسم ورئيس وزراء من الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف . لنعيش فترة إنتقالية تتحول مصر فيها إلي مرحلة الإضمحلال الخامسة بعد أن تزيح طبقة جديدة من الضباط المليارديرات و المليونيرات .. الطبقة الوسطي من الحكم .. .و تستسلم لتعليمات صندوق النقد و تدخلات إسرائيل و الخليج .. و تؤكد التبعية لأمريكا .. و تسحق المواطنين بكل معاني كلمة سحق . (نكمل أحاديثنا .. بالمقال الأخير)
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر و عصور إضمحلالها( 14)
-
مصر و عصور إضمحلالها (13 )
-
مصر و عصور إضمحلالها (12 )
-
مصر و عصور إضمحلالها(11)
-
مصر و عصور إضمحلالها(10)
-
مصر و عصور إضمحلالها(9)
-
مصر و عصور إضمحلالها(8 )
-
مصر و عصور إضمحلالها(7)
-
مصر و عصور إضمحلالها(6 )
-
مصر و عصور إضمحلالها( 5)
-
مصر و عصور إضمحلالها(4).
-
مصر و عصور إضمحلالها(3)
-
مصر و عصور إضمحلالها.(2)
-
مصر و عصور إضمحلالها. (1)
-
كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو
-
أحزان ما بعد الماتش .
-
عقل جامح و فكر غير معتاد
-
الموازنة .. عجز وقروض وضرائب.
-
الحوار -غير- المتمدن في مصر .
-
أمركة المجتمع بعد فشل الهبة
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|