أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الريكات عبد الغفور - منعطفات هامة في سيرورة تطور الكتابة التاريخية














المزيد.....

منعطفات هامة في سيرورة تطور الكتابة التاريخية


الريكات عبد الغفور

الحوار المتمدن-العدد: 7283 - 2022 / 6 / 18 - 19:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مع اختراع الكتابة بدأت الارهاصات الاولى للتدوين و ذلك بالاعتماد على الرموز و الأسطورة و محاولة فهمهما، على الرغم  من غياب منهج  رصين للكتابة التاريخية انذاك و ارتباطها بما هو مثالي أكثر من الواقع فخصوصية المرحلة فرضت بروز مجموعة من المؤرخين حاولوا تفكيك خيوط متداخلة لوضع مادة تاريخية أولية دون الحاجة لربطها بنزوات أو ميولات ذاتية لكاتبها، حيث حاول المؤرخ الإغريقي توسيديد  في كتابه « تاريخ الحروب البيلوبونيزية » حوالي 403 قبل الميلاد، إخبار القارئ بكل أمانة بمصادر جمع معلوماته حول الحروب دون إبداء مواقف ذاتية .
و رغم التطور التدريجي للكتابة التاريخية، فتعتبر أمهات الكتب أو المصادر التاريخية القديمة  مهمة لكل  شغوف  بفكرة تكوين الحضارة الانسانية، أو الارهاصات الاولى للمجتمع و علاقات الانسان بالسياسة و الاقتصاد و الدين. و بين سطور هذه الكتب متعة ربما لانها لم تخضع لاي سلطة أو أنجزت خارج أي قانون أو منهج علمي يقيد حريتها.
لن تحس و أنت تقرأ عن الحضارات  المتوسطية القديمة بالملل أو الرتابة، بل ستكتشف التاريخ المتسق بالعلوم و الادب و الجغرافيا....
لكن رغم ذلك فما يجمعه بالكتابة التاريخية الوسيطية الاهتمام بالملوك و السلاطين و كل الممتلكين للسلطة السياسية، فخلال العصر الوسيط أصبحت الكتابة تعبر بشكل واضح عن ايديولوجية الدولة و تغلفت بالعصبية و الانتماء القبليين، ما جعلها تدخل مستنقع الرتابة و بخاصة تركيزها على التاريخ السياسي للقابضين على السلطة و التغني بانجازاتهم و حروبهم، فلا تجد الا اشارات قليلة لتاريخ المهمشين أو التاريخ السوسيو- إقتصادي.
و كانت الكتابة التاريخية باوروبا بدورها خاصعة لسلطة الكنيسة، و كذلك الامر في جنوب المتوسط، فتاريخ العصر الوسيط ركز على العصبية القبلية و الوازع الديني. 
و ظهر المؤرخ خلال العصر الوسيط عاجزا عن التمرد على الكتابة التاريخية النمطية، و انتظرنا الى سنة 1377 م، حتى برز كتاب المقدمة لصاحبه إبن خلدون ،  الذي أعطى نفسا جديدا للكتابة التاريخية و ذلك بانفتاحه على باقي العلوم الانسانية. 
لقد عجز المؤرخ طيلة 14 قرنا على إعطاء صورة واضحة عن مجالات الاقتصاد و المجتمع، كما عجز عن ابراز دور الانسان كصانع و فاعل للتاريخ، فبرز هذا الاخير حكرا للمتحكمين في السلطة السياسية.      
كنّا بحاجة ملحة لثورة حقيقية تميط اللثام عن أوضاعه و تكشف المستور بالنسبة لتاريخ الانسان المنسي. لذلك شكلت الثورة الصناعية خلال القرن 18 فرصة سانحة لنفض الغبار عن الكتابة التاريخية و منحت الفرصة للانسان بالمساهمة في نقل التاريخ من المثالية التي ربطت الكتابة التاريخية و قيدتها بفكر الجماعة و أبعدتها نسبيا عن الواقع، الى المادية فالمدرسة الوثائقية  الالمانية من خلال المؤرخ «رانكه» عملت  على ربط التاريخ بالوثيقة (مذكرات، رسائل...) و أضافت اليها المادية التاريخية أو الماركسية الاهتمام بالانسان و علاقات الانتاج، على اعتبار أن تاريخ الانسان هو تاريخ صراع التناقض الدائم و وجود الانسان مرتبط بالحركية الدائمة في اطار انتاج و اعادة انتاج المتطلبات المادية للصراع.
ومع مدرسة الحوليات الفرنسية أعطي بعد آخر للكتابة التاريخية و ذلك من خلال انسجام التاريخ مع باقي العلوم مع الحفاظ على الهوية، فصارت مهمة المؤرخ لا تختلف عن مهمة الباحث في الفلسفة او السياسة او الاقتصاد، و انضافت معه للمؤرخ مهام أخرى و استفاد من تطور باقي العلوم الانسانية و خاصة الفلسفة السياسية مع ألتوسير، ليرقى بالكتابة التاريخية من الاقتصار على منهج جاهز الى منهج علمي يعبر عن مدى تنزيل علم التاريخ كعلم قائم الذات.
و في ظل التحولات الاجتماعية و الاقتصادية و تصاعد وتيرة الصراع الطبقي، فالحتمية تفرض على المؤرخ العضوي و المتمرد على التاريخ الرسمي، أخد مسافة الامان الضرورية ووضع التصور العلمي الدقيق للمرحلة، ولو أنه لن يختلف عن ما يقوم به الصحفي أو المحلل السياسي إلا أن نزعته للتحرر من الأغلال التي تحاول تكبيله و يكون معبّرا عن  قضايا المهمشين .أما صمته أو حياده خلال احتدام الصراع إلا  اصطفافا إلى جانب معسكر التناقض الرئيس.



#الريكات_عبد_الغفور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امتدادات الصراع الروسي الاوكراني
- الأسس المادية لظاهرة الهجرة من المغرب نحو أوروبا
- على مائدة الحوار
- اليوم الأممي للمرأة بالمغرب: التناقض بين الخطاب و الممارسة
- اليوم الأممي للمرأة بالمغرب: بين الخطاب الرسمي و الممارسة ال ...
- من حكومة الذئاب الملحتية، إلى حكومة الباطرونا......ماذا تغيّ ...
- ريان.....و قصة الصمود
- ماذا ربحت الأنظمة من جائحة كورونا
- قضية التعليم قضية طبقية
- أزمة العمل النقابي بالمغرب: السياقات ، المآلات.
- قراءة في كتاب «تاريخ المغرب منذ الاستقلال» بيير فيرموريين.
- الذكرى 55 لاغتيال المهدي بن بركة
- عين على أزمة الماء بالمغرب دوار أولاد يعقوب بإقليم تازة نموذ ...
- في ذكرى 20 فبراير المجيدة
- دفاعا عن الماركسية ، ضد التحريفية
- ما بعد الكولونيالية بالمغرب
- غزة تحت القصف
- جبهة اجتماعية أم جبهة شعبية ؟
- ضرائب ممانعة أمريكا اللاثينية للمد الامبريالي
- إضاءات حول تاريخ مغيب: قبائل الرحامنة


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الريكات عبد الغفور - منعطفات هامة في سيرورة تطور الكتابة التاريخية