محمد محضار
كاتب وأديب
(Mhammed Mahdar)
الحوار المتمدن-العدد: 7282 - 2022 / 6 / 17 - 23:03
المحور:
الادب والفن
أحس بصمت رهيب يغشاه ،وهو يتلمس خطاه بين السابلة دون هدف أو غاية ، حياته تفتقد هذه الأيام إلى المعنى فهي شاحبة ذابلة ولا شيء يمكن أن يغير طعمها الناشز ، هناك أشياء كثيرة حدثت في أزمنة مختلفة وغيرت العديد من مجريات هذه الحياة ، وأكسبتها هذه المرارة التي يَتذوقُها بمفرده.
كان الناس يسيرون في اتجاهات مُتباينة، كان هو بينهم رقما ضائعا سُرقت منه هويته ، وتُركَ لِحاله هائما على وجهه في هذه المدينة اللّئيمة التي تُبجل المُخنّثين، وتفتح فخديها لتَتَلقّف قمامة التفهاء القادمين من جزيرة الغربان ، منذ يومين طرد من الفندق المِخملي الذي كان يشتغل به ، لأنه ضرب أحد غربان الجزيرة بقوة على مؤخرته بعد أن تجرأ ونعته بابن العاهرة بسبب تأخره في تقديم زجاجة شمبانيا له.
" الكرامة هي الإنسان ، وحين يفقد الإنسان كرامته في وطنه فالموت أهون بالنسبة له" بهذه العبارة رد عليه ثم نفذ فيه شريعة الرجال دون هوادة أو تردد ، ولم يفلح حرس الأمن الخاص، في إيقاف جنونه فقد كان هائجا كثور ثائر.
أن يفرغ زجاجة الشمبانيا في اِست الغراب وفعل. أقسم
لا تَهُمّه الآن الأحكام التي تَنْتظره ، ولا دُريهمات الحقارة التي يحصل عليها من شُغله في فندق الوضاعة فكرامته تاج على رأسه.
كان قد قطع مسافة طويلة ، دون أن يُحِسّ ، وعندما تاب إلى نَفسه اِكتشف أنه بالكورنيش ، تسربت إلى خياشيمه نَسمات رِيحٍ رَطْبة
وتهادى إلى أسماعه هدير الموج قويًّا ، يُضاهي ذَلك الهدير المُدَوِّي في أعماقه ،في تلك اللّحظة تَذكّر أمه وخُبزها السّاخن ،وأحس بِحنين لا لاِبتسامات والده وهو يقدم البَرسيم لبَقرتِهم الوحيدة ،وتمنَّى لو أنه طَار إلى قريته الأطلسية في هذه اللحظة.
محمد محضار :12دجنبر 2015
#محمد_محضار (هاشتاغ)
Mhammed_Mahdar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟