|
النظريات المفسرة للتذوق الجمالى والنقد الفنى
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 7278 - 2022 / 6 / 13 - 23:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لقد تعددت النظريات المفسرة لعملية التذوق الجمالى . فــ منها ما ، يعول على البيئة كأساس للتذوق ، ومنها ما يرى أن حياة الإنسان ما هى ، إلا رحلة للتذوق ، ومنها ما ينحى منحاً نفسياً ، فيفسر التذوق ، على أساس سيكولوجى . فالتذوق نوع من التسامى بالطاقة البشرية . وتتعدد وتتنوع ، النظريات المفسرة للتذوق الجمالى ، وكل منها ، يلقى بعضاً من الضوء ، على جوانب العملية التذوقية . وفى هذا السياق ، سوف ألقى الضوء على بعض هذه النظريات ، التى تكشف العديد من الجوانب الهامة ، والتى تعين على فهم عملية التذوق الجمالى بجوانبها المختلفة . النظرية الأولى : البيئة أساس للتذوق و النقد الفنى .................................................................... تؤكد هذه النظرية أن المنظومة البيئية هى أساس فاعلية المتذوق والناقد ، وأن البيئة هى المحرك الأساسى للناقد والمتذوق ، وأن لها دوراً كبيراً فى تحقيق مدى الفاعلية ، وللبيئة أنواع وتنظيمات لها دورها فى مستوى الذوق والنقد . وتقسم البيئة المؤثرة إلى : البيئى The Environment ، ويقصد بها البيئة المادية المحيطة بالناقد والمتذوق ، والتى تمثل منظومة متكاملة ، وهى جميع المدركات المحيطة بالناقد والمتذوق ، وما يتصل بها من مفاهيم ومعلومات ومدركات حسية . وبمعنى آخر إنها البيئة التى يتم من خلالها إستيراد بعض مفردات الطاقة البيئية ، و إعادة صياغتها من جديد ، ثم تحويلها لمخرجات وعلاقات و أنظمة ومضامين وتشكيلات ، يمكن استنتاجها من العمل الفنى ، ثم إعادتها للبيئة مرة ثانية ، وتؤثر هذه البيئة فى الذوق والنقد . النظرية الثانية : نظرية الاتزان النقدى ....................................................... أُشتقت هذه النظرية من نظرية لبياجيه ، عالم النفس السويسرى ، حيث يرى بياجيه ، أن هناك علاقة قوية بين الاتزان العقلى فى مجابهة المشكلات ، وبين المواقف الجديدة التى تُعتبر عمليات نقدية ، وأن النمو فى المواقف النقدية يحدث بسبب عمليتين أطلق عليهما التمثيل Assimilation ، والتوسيع Accomodation ، وأن التمثيل النقدى للفن هو عملية إدماج Incorporation مثير فنى جديد ، فى نظرة الناقد المعرفية ، عن المجال النقدى . والتوسع هو عملية تغيير Changing نظرة الناقد المعرفية ، وسلوكياته ، عندما تتطلب المعلومات الجديدة هذا التغيير . ويشير بياجيه ، إلى وجود توتر Tention دائم بين التمثيل النقدى ، وبين الأفكار القديمة لمقابلة المواقف الجديدة ، ويؤدى حل التوتر النقدى للمشكلة ، إلى إثراء النمو العقلى ، والإبداعى فى عملية النقد . وهذه النظرية ذات اتصال وثيق بالنمو ، ويمكن الخروج منها ببعض الأسس التى تسهم فى إثراء عملية النقد والتذوق وهى : 1- أن النمو العقلى يتصل اتصالاً وثيقاً بالنمو النقدى . 2- أن الاتزان العقلى يحقق اتزاناً نقدياً . 3- أن مستوى العمليات الإدراكية والحسية والشعورية لدى الناقد ، لها أثرها فى عملية النقد . 4- أن كل توتر عقلى له تأثيره على عمليات النقد . النظرية الثالثة : الطاقة أساس أنظمة المستقبلات فى عملية النقد الفنى ......................................................................................... وترى هذه النظرية أن سلامة المعلومات ، التى يمكن استنتاجها واقعيا من الأعمال الفنية ، أساسها سلامة الحواس ، وأنه يحدث استقبال للمعلومات ، إذا تواجد المثير Stimulusالفنى ، أو الجمالى ، أو الموضوعى ، سواء كان من البيئة ، أو من الخيال ، وبعد ذلك ، يتدخل أحد أشكال الطاقة ، التى تؤثر فى الشكل كالضوء ، أو اللون ، أو الحرارة ، حيث تنبعث الموجات من العمل الفنى إلى الناقد فيضعها ، ويحللها ، وترجم ما بها من معلومات ورموز. ويتحقق ذلك ، من خلال توافر أنظمة المستقبلات Receptors فى الجهاز العصبى ، التى تستقبل الموجات ، وترسلها دفعات عصبية Nervous impulses إلى الدماغ Brain ، لترجمتها وتفسيرها ، وأن لكل حاسة قنواتها ومستقبلاتها الخاصة. وهذه النظرية تشير إلى بعض الجوانب الهامة وهى : 1- أن المثيرات هى أساس الاستجابة للنقد الفنى . 2- يُسهم الخيال فى ثراء عملية النقد . 3- ينبغى أن يكون الناقد على درجة من الوعى . 4- ينبغى أن يتوفر الحد الأدنى من الإثارة ، لتحقيق واقعية النقد . 5- ضرورة استمتاع الناقد بصرياً ، وعقلياً ، وثقافياً . النظرية الرابعة : التذوق والنقد بأتيان من الفن وللفن .................................................................................. أظهر بنيامين كونتسانت B. Constant ، أن عمليات التذوق ، تأتى من خلال الاستمتاع بالأعمال الفنية ، وأن هذا الاستمتاع ، ينعكس مرة ثانية على الأعمال الفنية . مضافاً إليها ذاتية الشخص المدرك للفن . وعلى ذلك تكون عملية التذوق ، دائمة ونامية ومتجددة ، بتجدد الرؤية ، والاستمتاع الفنى ، ومن ثم يمكن تحقيق ذلك النمو من خلال التالى : 1- الممارسات الفنية والجمالية . 2- قراءة الأعمال الفنية . 3- زيارة المتاحف والمعارض . 4- المقارنة والمفاضلة بين الأعمال الفنية . 5- المناقشات والمفاضلات . النظرية الخامسة : التذوق والنقد هما الحياة ................................................................. هذه النظرية وضع أساسها شوبنهور Schopenhouer ، وهى تؤكد أن حياة الإنسان ، رحلة للتذوق والنقد ، وما يفعله الإنسان من تعبيرات خلال الفنون ، ماهى إلا ترجمة ، وتنفيس ، لما يشعر به الإنسان ، من تذوق ، للمدركات والقضايا الحياتية ، وأن التذوق والنقد ، هما تاريخ الإنسان ، وأن ما يجابهه الإنسان من مشكلات وبخاصة المأساة ، يعد قيمة الفن ، الذى هو مصدر للتذوق . وهذه النظرية تشير إلى جوانب هامة هى : 1- أن يتعلم الإنسان كيف يبحث عن مواطن الجمال ، و ينقد ما يصادفه بأسلوب علمى . 2- تنمية المتعلم للمدركات الجمالية فى الحياة . 3- استخدام الطرق والأساليب المقصودة ، وغير المقصودة ، لإثراء الذوق والنقد . 4- أن كل موقف فى الحياة هو موقف للتذوق ، ويجب التركيز على كيفية ، وإمكانية الإفادة منه . 5- أن ممارسة الفنون وسيلة للتذوق . 6- أن تعليم قيم الحياة والأخلاق هى أساسيات للتذوق . 7- أن فى مشكلات الحياة جانباً ، لإثراء التذوق والنقد . 8- أن الفن مصدر للتعبير عن الحياة ، التى هى مصدر للذوق . النظرية السادسة : نظرية المعلومات .......................................................... ومضمون هذه النظرية أن التذوق هو عملية اتصال ، ويتوقف الكثير من خصائص هذه النظرية على كمية ، ونوع ، وخصائص المعلومات ، التى يطرحها المثير ، أو الموضوع الفنى ، موضوع التذوق وما يتم خلال العملية من استيعاب ، وإثارة للأفكار ، وإعادة نظر ، ثم المقارنة ، والتفضيل ، بين نفس العمل ، وأعمال أخرى مختزنة ، فى عقل الإنسان . النظرية السابعة : نظرية التحليل النفسى .......................................................... وترى أن التذوق نوع من التسامى بالطاقة البشرية ، نحو نشاط رفيع ، وهو فى نظر البعض نشاط انسحابى . النظرية الثامنة : نظرية القطاع الذهبى ..................................................................... وتشير إلى أن ما يتحكم فى عملية التذوق وخصائصها ، هو ما يطلق عليه اسم القطاع الذهبى فى الشىء موضوع التذوق ، باعتبار أن أى شىء له حجم معين ومساحة معينة . وحين تكون أجزاء هذا الشىء مرتبة وفقاً لنسب معينة ، مثلاً كوجه الإنسان ، حينئذ يرى البعض القطاع الذهبى يتحقق فيه ، حيث تكون المسافة من أسفل الذقن ، حتى أسفل الجبهة ، تساوى ضعف المسافة من أسفل الجبهة إلى منبت شعر الرأس ، وقل نفس الأمر فى أعمال التشكيل كلها . ، فـــ لكل موضوع قطاع ذهبى ، إذا توفر ، كان من الممكن أن ندرك فى الشىء درجة أو أخرى من درجات الجمال . من كتاب : " الآثار النفسية والتلوث البصرى " 2008 ------------------------------------------------------------------------
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر تدعونى للمشاركة فى كتاب الوطن .. كيف لا ألبى ؟!.
-
التذوق الجمالى والتربية الجمالية
-
الطفولة وعلاقتها بالتذوق الجمالى
-
أخلاقيات التقدم
-
أقلام تأكل على كل الموائد
-
الشخصية المصرية بين السلبية والتدين
-
مدام أم أم فلان ؟؟!
-
مأزق الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية
-
رئيسة جمهورية فى الهند وميس حجاب فى مصر
-
الذكور المتحرشون بالنساء من صناعة تفكيرنا وثقافتنا
-
- التبرك - بالعقل و - ارضاع - العدل
-
المناصرون لحزب الله والبحث عن بطل
-
هل جماعة الاخوان - محظورة - حقا ؟؟
-
الانتحار .. صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية
-
جريمة - ختان العقل - فى الصحف الدينية ... نعيش فى عصر - الكف
...
-
- شو - عمرو خالد وغضبة القرضاوى
-
لا مستقبل للاخوان المسلمين على أرض مصر
-
سيدة ليبيريا الحديدية والنموذج الاسلامى للمرأة
-
النساء الكويتيات يحترقن ليضيئن للرجال
-
تجربتى مع أحد التاكسيات الاسلامية
المزيد.....
-
بعد تصريحاته عن -التهجير-.. الملك عبدالله سيلتقي ترامب بواشن
...
-
جورجيا: احتجاجات في تبليسي بعد تشديد العقوبات على عرقلة الطر
...
-
بدل نقل الأسماك.. تحقيق يفضح تهريب بقايا النمور المهددة بالا
...
-
الكبد الدهني.. خضار وفاكهة تساعد في العلاج والوقاية من الإصا
...
-
تحديد هوية المسؤول عن جريمة سودجا
-
غزة.. إسرائيل تخلف معدات عسكرية مدمرة
-
بيان من الرئيس السوري أحمد الشرع بعد لقائه ولي العهد السعود
...
-
أسير إسرائيلي أمريكي محرر يوجه رسالة شكر إلى مقاتلين في -الق
...
-
النيابة الإسرائيلية تفتح تحقيقا جنائيا ضد سارة نتنياهو في أع
...
-
خامنئي: الشعب الإيراني لديه الشجاعة ليقول -الموت لأمريكا-
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|