أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد عيسى - كيف حوّل الانهيار اللبنانيين من -لاحمين- إلى -نباتيين-














المزيد.....


كيف حوّل الانهيار اللبنانيين من -لاحمين- إلى -نباتيين-


سعيد عيسى
كاتب - باحث

(Said Issa)


الحوار المتمدن-العدد: 7277 - 2022 / 6 / 12 - 16:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تقريبا، قبل نحو نصف قرن من اليوم، لم يكن غالبية اللبنانيون واللبنانيات "لاحمين" (أكلة اللحوم)، إلا من كان منهم مقتدرا. كانوا في غالبتيهم أبناء أرياف، يقتنون الماعز والأغنام والأبقار، ليستفيدوا من حليبها في صنع الألبان والأجبان والشنكليش... وكانوا يقتنون الدجاج ليستفيدوا من بيضه، أو ليستخدموا بعضها في أعمال الزراعة كالأبقار على سبيل المثال. كانت هذه الحيوانات عزيزة عليهم، فإذا مرضت مرضوا معها، وإذا نفقت لسبب ما، أصابهم الحزن.
كانوا في القرى فقراء، اعتمادهم الأساسي على الأرض والزراعة وما تنتجه، واعتمادهم في غذائهم على الحبوب والنبات، ومطبخهم يقوم على هذه الثنائية. لم تكن اللحوم أساسية في غذائهم، وإن تناولوه فليس منفردا، إنما يدخل مع مكونات محددة من الطبخات، وبالطبع ليس في فصل الصيف، إنما في الشتاء، كان في غالبه على شكل "قاورما"، وهي لحم مقلي، مملّح، غني بالتوابل، يحفظ لفترات طويلة في دهن الغنم المذوّب، وكانوا يحضّرونه في فصل الصيف ويستخدمونه في الشتاء لتحضير الأطباق المحشوة من الخضروات أو يقلون به البيض، ويمكن ان يضيفوه إلى الكشك أو الحساء. كانوا يتناولون اللحم في المناسبات وهي قليلة جدا، إلا لمن كان ذو غنى ومقتدرا وهم قلّة قليلة.
مع نزوحهم ووفودهم إلى المدن، الساحلية أو الداخلية، واختلاطهم بسكانها، تغيرت عاداتهم المطبخية، مترافقة بتغيّر في أحوالهم المعيشية وفي مستوى مداخيلهم. بالطبع لم يصبحوا بين ليلة وضحاها أغنياء، لكن أصبح بإمكان مداخيلهم أن تغطي لهم أكلة لحم على الأقل في الأسبوع الواحد. كان يمكن أن تشتري العائلة أوقية من اللحم "الزور" وهو مزيج من الهبرة والدهن المفروم فرما ناعما أو خشنا ولكن القسم الأكبر منه دهن، وهو رخيص الثمن نسبة لباقي الأنواع التي تستخدم للشوي وغيرها. ومع الوقت تحولوا للحم المشوي والطاووق.
مع مرور الزمن، وارتفاع مداخيل العائلات، والهجرة، والاغتراب، والعولمة، ومع تعاقب الأجيال، تحوّل اللبنانيين من غالبية عظمى نباتية، إلى غالبية عظمى لاحمة، وراجت المشاوي على أنواعها، والهامبرغر وتشيزبرغر واللحوم البيضاء واللحوم البحرية والمرتديلا والجامبون...
اليوم في زمن الانهيار الذي نحن في خضمّه، عاد اللبنانيون في غالبيتهم إلى البداية، أي تحولوا في غالبيتهم العظمى من لاحمين إلى نباتيين. وعاد المطبخ إلى النبات والحبوب والمعكرونة. وهذه المرة ليس طواعية إنما قسرا.
صار المطبخ اليوم يعبر عن الانقسام اللبناني بين فئة عليا استمرت على ما كان عليه الوضع قبل الانهيار وكأنّ شيئا لم يكن وفئة تحوّلت قسرا نحو النبات نتيجة الانهيار.
سعيد عيسى
12-6-2022



#سعيد_عيسى (هاشتاغ)       Said_Issa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2021 إيديولوجيا البقاء على قيد الحياة
- ملخص تنفيذي لدراسة -واقع الحماية الاجتماعية للعمال أثر الانه ...
- قرأة نقدية لسياسات الحماية الاجتماعية للسلطة اللبنانية
- محسن إبراهيم…متعة اللقاء والموقف
- قدرة الشباب الفلسطيني على الفعل في عالم متغيّر
- لماذا يقبل الناس بالانصياع؟
- إذا الشرطية.. وخمول العامة وتكاسلهم
- شيزوفرينيا
- لمن يشتكي العمال في عيدهم
- المرأة من منظور الاقتصاد غير الرسمي
- دمج المصارف بين المضمر والمعلن...لعب الطوائف على أطراف الهاو ...
- التصوّرات المجتمعية لفيروس كورونا
- الكورونا: قِسمَة العالم إلى فسطاطين، بريطانيا والولايات المت ...
- الصراخ في الشوارع مفيد لإسماع الصوت، لكنّ للفوز شروطاً
- الّلعب على الوقت
- السّلطة تراجع أوراقها فقط: كلام الانهيار لا يعنيها
- الديمقراطيّة التي لم تغيّر شيئا
- نقاش جديّ في اقتحام المصارف اللبنانيّة
- في الطريق نحو أتون المعركة: أسئلة لا بدّ منها
- الثقة هي من يوقف الاحتجاجات في الشوارع


المزيد.....




- كان محكومًا بالسجن مدى الحياة.. لحظة لقاء فلسطيني بزوجته في ...
- لافروف وفيدان يناقشان الوضع في سوريا والقضايا الإقليمية
- كيف تصادمت طائرتان في أجواء واشنطن؟ تفاصيل غريبة عن حادث مطا ...
- -نقوم بالكثير من أجلهما-...ترامب يصر على استقبال مصر والأردن ...
- مظاهرة حاشدة لأنصار عمدة مدينة اسطنبول أثناء مثوله أمام القض ...
- فرقة البيتلز تعود بالذكاء الاصطناعي وتترشح لنيل جائزة غرامي ...
- الشرع رئيساً.. بداية لإرساء منطق الدولة أم خطوة نحو المجهول؟ ...
- الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي في منطقة ز ...
- هيئة الأركان العامة الأوكرانية تعترف بوضع قواتها المعقد على ...
- شبكة -NBC- تكشف تفاصيل جديدة حول حادث تصادم الطائرتين في مطا ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد عيسى - كيف حوّل الانهيار اللبنانيين من -لاحمين- إلى -نباتيين-