|
مصر و عصور إضمحلالها(11)
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7277 - 2022 / 6 / 12 - 10:06
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الجزء الرابع من المقال الثالث .((و إنتصر البدو .. و نهبوا إيجيبت و جعلوا منها مصرا )) . عندما وصلت جنود عمرو بن العاص العريش .. و بدأت غزو إيجيبت .. كانت المواجهه مع قوات هرقل إمبراطور بيزنطة المحتلة و هذه لم تكن جيوش بقدر ما كانت حاميات متفرقة في انحاء البلاد مخصصة لحفظ الامن بين سكان مشاغبين بسبب الإختلافات المذهبية في أساسيات الدين المسيحي من جهه و لقسوة تحصيل الضرائب من جهة أخرى . أما السكان المحليون فلم تكن لديهم قوات عسكرية أو قيادة تجمعهم تدافع عن حدودهم في مواجهة البدو.. أو حتي نظام مليشيات يلتفون حولها ويزعجون المغيرين .. لقد كانوا ناس لا حول لهم و لا قوة أمام الاف من الغزاة الذين يحرقون قراهم و ينهبون خيرهم و يسبون النساء و الأطفال.و يقتلون الرجال. حكايات الغزو ليست سرا .. فهي موجودة في كل الكتب التاريخية المسلمة و القبطية خصوصا كتابى ((فتح العرب لمصر – ألفريد بتلر)) أو أخر لإبن عبد الحكم بنفس العنوان . لقد واجه أشاوسة البدو مجاميع متناثرة من الفلاحين غير المسلحين في قرى مسالمة . و بعض سكان المدن من الحرفيين و مؤدى الخدمات و التجار الذين لا شأن لهم بالقتال .. لذلك كان من السهل علي عناصر بدوية معتادة علي المغامرة التغلب علي هذه القوى غير المنظمة أو المدربة و كسر ما قابلوه منها علي طول طريق - سلكه قبلهم كل من قمبيز والإسكندر- مُجتازًين سيناء مارًين بِالعريش والفرما.. ثُمَّ إلى بلبيس فأم دنين فحصن بابليون ... فهزموا إيجيبت و جعلوا منها مصرا من أمصار عديدة إحتلوها ولازالت تحمل هذا الإسم بعد تغييرات حديثة جعلته عربيا . ( مصر العربية ) الحديث عن تاريخ الزمن المسيحي أو الإسلامي في بلدنا .. حديث محفوف بالمخاطر .. فالقوم .. اليوم.. وصلوا بتعصبهم و جمودهم إلي الحد الأقصي الذى يجعلهم يغتالون.. و يرفعون قضايا الحسبة .. و يحكمون بالسجن علي المفكرين من الذين يأخذون دروبا تخالف دربهم . الكنيسة المصرية و الأزهر يعتبرا أنفسهما المتحدثان المتفردان عن قضايا التاريخ المتصلة بالدين فتحول كل ما يمت بالمسيحية منذ زمن مار مرقص الرسول ..حتي اليوم إلي تابوهات .. لا يمكن المسامحة في الإقتراب منها أو نقدها .. أو سرد رواية غير التي إعتمدتها الكنيسة . نفس الأمر لدى المسلمين .. سيرة أصغر فرد في جيش الغزو .. مباركة .. و كلهم من الأبرار ( صحابة رسول اللة صلعم) الذين ستفتح لهم أبواب الجنة علي مصراعيها ومهما كانت وحشية أفعالهم فيجب أن لا تناقش إلا في إطارمن القداسة حتي لو كان عبد اللة إبن أبي السرح الذى طلب الرسول إعدامة لتلاعبة في نصوص القرآن عندما كان من كتبته . عدد ليس قليل من مسيحي مصر .. و مسلميها .. و كهنتهم .. يريدون ليٌ أحداث التاريخ لتخدم أغراضهم التنافسية .و لذلك يقولون أن الصناديد الذين غزوا المنطقة وجدوا ترحيبا من السكان في الشام و مصر. و فتحت لهم أبواب المدن . و في الحق لو صدق هذا .. فإن عدد من الباحثين يرى أن المسيحيين الشرقيين دعموا عملية الغزو، خصوصًا الغساسنة والمناذرة و السريان، و رحبوا بالقوات الغازية ، بسبب أنه قد تم خداعهم بتصويرأن القادمين لنصرتهم علي ظهور الخيل إنما هم من انصار احد المذاهب المسيحية (المسمي بالاسلام ) التي تتبع تعاليم (النساطرة )او( الاريوسيين).. المؤمنون بالطبيعة (الناسوتية ) الواحدة للمسيح مثلهم .. و أنهم ( أى الغزاة ) مراسيل الدعاة الذين كانوا منتشرين بكثافة في شبه الجزيرة العربية في اواسط القرن السادس الميلادى - هربا من إضطهاد قياصرة القسطنطينية - أرسلوهم لنجدتهم و تحريرهم من أصحاب الطبيعتين المسلمون المعاصرن لا يتصورون بسبب التعصب والإنسياق الديني .. أن الغزاه كانوا يمارسون نفس أفعال النهب و السرقة و الترويع التي قام بها من سبقهم من البدو الرحل مرورا بالهكسوس .. وأصحاب الغارات أو الهجرات التي صدها و أرجعها كل ملوك مصر ..أو من جاءوا بعدهم من تتار و مغول و عثمانيين . لقد كان غزو العرب لمصر غزوا تقليديا جرى مثلة مئات المرات من قبل و من بعد.. قام به جياع فقراء يريدون أن يحصلوا علي طعام سهل و طقس معتدل غير حارق الشمس و نساء شهيات .. في ظل رماحهم و سيوفهم . بمعني غزو عمرو بن العاص و رجاله لمصر لم يكن بسبب نشر الإسلام كما يتصور الرومانسيون.. فلنقرأ ما دار بين الخليفة عمر و والية عمرو بعد أن تأخر في إرسال الخراج . (( لم اقدمك إلي مصر أجعلها لك طعمة و لا لقومك .. و لكنني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج و حسن سياستك فإذا أتاك كتابي هذا فإحمل الخراج فإنما هو فيء المسلمين و عندى من تعلم قوم محصورون)) ارسل عمرو سريعا الرد قافلة اولها في المدينة و أخرها في الفسطاط تحمل الحبوب و الطعام للجياع المحصورين . لا حديث بينهما عن دين جديد ينتشر بالحكمة و الموعظة الحسنة أو حتي بحد السيف الحرص علي جمع الغنائم بدلا من الدعوة أخر إنتشار الدين و اللغة . بين المصريين . حتي أن المأمون في غزوته الثانية عام 833 م أى بعد قرنين من الإستعمار العربي ..إضطر أن يحضر معه مترجمين من اللغات المختلفة التي كانت منتشرة في مصر ليتفاهم مع أهلها . يقول ( لوتسو تشين ) المفكر الصيني حوالي 1175 م ((التاريخ ليس مجرد جمع للوقائع غير المترابطة بل هو سجل لسير النمو و التحول )) لذلك سأغامر بكتابة .. ما حدث علي هذه الأرض من تحول و نمو خلال 1400 سنة ..كما أفهمة .. و كما قدمته كتب مثل بدائع الزهور في وقائع الدهور أو مروج الذهب و معادن الجوهر في التاريخ أو فتوح مصر و أخبارها أو عجائب الآثار فى التراجم والأخبار ..و كلها أصدرتها المطابع المصرية في زمن سابق كان ممكن فيه مناقشة المتدينين بالعقل و الحجة دون أن تفقد رأسك .
و هكذا نصل إلي أن غزو البدو العرب لمصر لم يكن الأول لقد سبقه محاولات لا حصر لها إستمرت منذ أن إستطاع المصرى ترويض النهر و زراعة ضفافة و تخزين المحاصيل لاستخدامها علي مر شهور العام .. بينما البدو المحيطون يتضورون جوعا و عطشا ويهاجمون القرى لسرقة ثروات اهلها او يسعون خاضعين للتسول من خيراتهم . هذه الغزوات إنتهت بإنتصار نهائي للبدو في أواخر عام 640م عندما تحرك في إتجاه العريش 4000 منهم زادوا إلي 8000 ثم 16000 ف 20000 و إستمرت المعارك حتي 641 م عندما دخلت القوات المعادية للأسكندرية . المنتصرون علي مر سنين تواجدهم ،نهبوا و سرقوا ثروات اهلها و عاثوا فيها فسادا يدمرون قراها و يحرقونها و يهدمون بناياتها ، يسرقون الذهب و الجوهر من الاثار علي اساس انها خبيئة (فرعون وأهله) ،يردمون المصارف لمرور خيلهم فتطبل ارض شرق الدلتا و تملح و تخرج من الانتاج ، يسبون الاطفال و النساء ويبيعونهم في اسواق النخاسة و يرهبون السكان فارضين عليهم العديد من الاتاوات . ثم أنهم بعد أن تمكنوا من اللقحة هاجرت قبائلهم تتحلق حول القرى في تجمعات لا تختلط بالسكان المحليين ولا تعمل إنما تعيش عالة علي الجيران.. ينهبون و يرسلون ما يغنمون للخلفاء في المدينة ثم دمشق ثم بغداد لمدة 337 سنة ثلاثة قرون ونصف فقد فيها المصريون (من الذين إتبعوهم أو الذين إحتفظوا بدينهم) كل ثرواتهم وناتج كدهم أو كما ردعمرو بن العاص علي الخليفة عثمان (( ولكنها أجاعت أبناءها ))عندما قال له (( درت اللقحة بعدك ))..حتي إنهاروا و إنخفضت قدرتهم علي المقاومة فاصبحوا مطمعا لأى عابث قادم من الغرب أو الشرق أو الشمال حتي لوكان عبدا مخضيا فهو يحتل بلادهم دون مقاومة تذكر.و يحكمهم لعشرات السنين ما دام يحمل سيفا .
الإستعمار العربي الذى إحتل إيجيبت و جعلها مصر .. أسقط عبر 1400 سنة ..أهلها من الداخل ..فتصوروا أن هؤلاء البدو الغزاة أفضل منهم .. و أكثر قداسة ..و حكمة لانهم قادمون من الحجاز أطهر أماكن الأرض لأن الرسول صلعم .. اقام بها و نشر دينه منها هكذا و علي بعد زمني طويل غيرعدد متزايد من المصريين للمرة الثالثة ..دينهم .. و لغتهم .. وولائهم ..و نسوا اليوناني و القبطي .. بنفس الإسلوب الذى نسوا به الديموطيقي من قبل .. و إحتقروا دياناتهم و أربابهم القدماء .. و كسروا معابدهم و تماثيلهم .. و تبرأوا من تاريخ طويل و هزأوا من لغة العصافير ليرددوا بفخر تاريخ الغزاة بتعصب و إنتماء . إنه تكرار يكاد يتطابق .مع الإحتلال الإستيطاني الإغريقي ... الامر بدأ بهجرات من شبه الجزيرة كان لها دورالطابور الخامس كما فعل اليونانيون من قبل .. ثم غزو مسلح و إحتلال .. ثم يصدر عبد الملك بن مروان ( 626 – 705 ) م قرارا بتعريب الدواوين الحكومية .. وأصبح محتما علي المصريين دراسة و كتابة اللغة العربية في حالتنا ساعد الأقباط علي إستكمال إنتشار اللغة المستحدثة بتعريب وثائقهم الدينية .. ثم تلاوة الصلوات بها .. و إدخال الفاظ عربية في اللهجة العامية .. و في زمن الفاطميين قرر الحاكم بأمر الله بقطع لسان من يتكلم لغة غير لغة الحكام حتي لو كانت أم لأطفالها . و كان هذا هو التغييب الأبعد عن المصريين القدماء و لغتهم و تاريخهم السابق .. و إلتصاقهم بثقافة البدو .. يتداولونها كما لو كانت من صنع أجدادهم . و مع ذلك ظلت اللغة العربية لغة أجنبية ( عكس لغة الأم ) في مصر حتي منتصف القرن التاسع عشر تنافسها الجريكية و التركية و الفرنسية و الإنجليزية التي تتحدث بها الأرستقراطية.وإحتفظت أجيال من المصريين بدينهم المسيحي رغم كل العنت .. و الضغوط .. و الإغراءات ..ليسمونهم أقباط مصر. قال بعض المؤرخين (( تولي علي مصر إثنان وسبعون أميرا اولهم عمرو بن العاص وأخرهم أبو الفوارس أحمد الاخشيدى و لم ينفرد بخراجها إلا أحمد بن طولون )). 72واليا عينهم الخلفاء الراشدين و بني أمية و بني عباس خلال 337 سنة اى بمعدل خمس سنوات لكل والي بعضهم لم يكمل شهرا والبعض تولي أكثر من مرة طبقا للحالة المزاجية للخليفة او لرضاه بحجم الاموال التي كان يستقطعها عامله من المصريين. 337 سنة تغيرت فيها عاصمة مصر لتصبح الفسطاط (641 ـ 750 م)،التي بناها عمرو بن العاص ثم العسكر بناها اول والي عباسي (750 ـ 868 م) فالقطائع بناها إبن طولون : (868 ـ 905 م). هؤلاء الولاة لا يهموننا كثيرا .. فكلهم كانوا إما عمرو بن العاص .. أو عبد الله إبن أبي السرح .. دهاء و نعومة في حلب اللقحة من الاول .. أو عنف في إستخلاص الأموال بكل الطرق من الثاني عمرو بن العاص.. عندما إستقر بمصر إستعان بإسلوب الرومان في إدارة البلاد و وضع الاساس الذى سار عليه بعد ذلك أغلب الولاة . وهى أن مال المصريين و ناتج عرقهم ليس لهم و إنما هو فيء للخليفة القابع في مكان ما ينتظر ما يجمعه له عماله من الخراج و الجزية الفردية و الجماعية و اى اموال وجدت بحوزة الاقباط وتم مصادرتها (كغنيمة) و هكذا.. لم تكن من اولوياته هو ومن تلاه خلال ثلاثة قرون ونصف تقديم الاسلام للمصريين كي يعتنقوه او يتبعوه .. لتسقط اى دعاوى تتصل بان الغزو كان بهدف نشر الاسلام و تبقي حقيقة وحيده أن البدو هاجموا مصر كما فعل أجدادهم للحصول علي درها وصرها.. وكما كان الأمر أيام الرومان تعددت أنواع الجبايا . الجزية ما دفعه من لا يدينون بالاسلام من الموالي مقابل حماية ورعاية الدولة لهم وهم على دينهم (او هكذا كان الادعاء) ...و كان يطبق في مصر جزيتان احدهما علي رؤوس الرجال و ألاخرى علي أهل القرية بالتضامن فمن هلك منهم يوزع نصيبه ليدفعه الباقي من سكانها عوضا عن المتوفي ، وظلت هذه الجزية مطبقة في مصر علي من اسلم و من بقي علي دينه أغلب سنين حكم العرب. وكان يضاف لها ما يقال له حق الضيافة و هو حق لكل بدوى يطأ ارض الكفرة من الموالي .. وقد يصل هذا الي إستضافة جيش باكمله كما حدث مع المأمون اثناء إعادة إحتلال مصر . أما الخراج فكان يدفعه المصرى من المال أو المحصول وتم فرضه على إجمالي الأرض الزراعية المصرية علي اساس انه قد تم فتحها عنوة فتصبح بذلك حق لبيت المال البدوى حتي لو اسلم شاغلها فإن ارضه تعتبر كافرة و كانت هذه الارض الكافرة تترك في يد أصحابها يزرعوها ويدفعون خراجها . الفييء بمعني ما أفاء به الله (منحه) على المسلمين دون قتال وما يتصالح به الكفار مع المسلمين من خراج وجزية وتقديم كنوز مخبأة .. فقد امر الخليفة عمر مثلما فعل إوكتافيوس ..بعدم توزيعه علي الغزاة وبان يذهب كله الي بيت المال. هو و كل ما (إغتنمه ) البدو في الحرب من الأعداء سواء كانوا أسرى ( من الرجال المقاتلين)اوسبى (من النساء والأطفال) أوأراضي وأموال لقد كان الخليفة مثل القيصر يولي مصر لمن يلتزم بتوريد قدر معلوم من الاموال لبيت المال و كان الوالي يقسم مصر الي مناطق يقطع كل منها الي ملتزم و كان الملتزمون يجتمعون في جامع عمرو فينادى عليهم ((صفقات صفقات )) و تتم مزايدة لالتزام مدتة اربع سنوات و من يرسو عليه المزاد يتولي تحصيل الخراج من المزارعين علي أقساط تغطي (( نفقاته و أرباحه ونفقات الوالي و جنوده و عماله و ارباحه و تسدد ما إلتزم به للخليفة )) وهكذا كان الولاة عندما يتم تعينهم ((يطلق عليهم عمال الخراج ويشترط عليهم الخلفاء في كتب تقليدهم المال الذى يلتزمون به و عليهم الهدايا و التقادم من الخيل العربية والبغال الحبشية والجمال الباجوية و الثياب الديبيقية ومقاطع الشرب الاسكندرانية والطرز البهناسوية و إجلال الخيل و الستور الفيومية و عسل النحل المصرى البنهاوى وغير ذلك من أصناف لا توجد الا بمصر )). لقد كان علي المصرى أن يدفع دينارين عن كل رأس ثم زادها معاوية الي ثلاثة هي كل ما يمكن للفقير إدخاره في عام ..سواء كانت الايام أيام رخاء او كانت أيام قحط او طاعون او حروب التي كان المزارع و البيوت و الاجران فيها تصبح عرضة لنهب جماعات البدو المتحلقة حولها و كانت النساء و الاطفال عرضة للسبي و الخطف و البيع في أسواق النخاسة . عندما عين الخليفة (المستعين بالله العباسي )أحمد بن طولون واليا علي مصر عام 868م ((كان ضيق الحال يحتقره من يراه وكان بمصر شخص من الاعيان يقال له علي بن معبد البغدادى فلما رأه في ضيق بعث اليه عشرة الاف دينار صدقة فقبلها منه ..)) عندما مات احمد بن طولون بعد 16 سنة حكم ((خلف من الذهب العين عشرة الاف الف الف دينار (عشرة مليارات ) و من المماليك سبعة الاف و من العبيد الزنج اربعة و عشرون الف عبد و من الخيول سبعة الاف و من البغال ستة الاف و الجمال عشرة الاف و من الفصوص و الجواهر مائة صندوق هذا غير الضياع و الاملاك و البساتين )). لم يكن إبن طولون حالة خاصة فالزبير ابن العوام ترك بعد موته أيضا ثروة عظيمة وقصور بالبصرة و الكوفة و الفسطاط و الاسكندرية وعبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص لقد كان البعض يوهب كامل خراج الاقليم مثلما حدث لابن العاص عندما إستخلص مصر من العلويين فوهبها له معاوية لمدة خمس سنوات وترك يوم وفاته حقيبة مصنوعة من جلد ثور كامل مملوءه بالذهب من أين جاءت كل هذه الأموال ..!! ((ثم أن عمرو عندما إستقر في مدينة الفسطاط جمع القبط وقال لهم من كان عنده كنز وكتمه عني ضربت عنقه )) ... (( فوجد مخبأة أسفل الفسقية فيها ذهب دنانير مسبوكة فنقله بالقفاف الي داره ثم إكتال الربع فإذا هو إثنان و خمسين اردبا )) ... (( ثم أن عمرو احضر بطرسا بين يديه وضرب عنقه بحضور جماعة من القبط فلما راوا ذلك كل من كان عنده كنز احضره بين يدى عمرو )). وهكذا كان الولاة جميعا يحضرون الي مصر بهدف واحد أن ينهبونها لانفسهم و للخليفة و لباقي أفراد الإحتلال بما في ذلك المأمون الذى عندما أعاد إحتلالها بعد ثورة البشموريين في شرق الدلتا بسبب عسف الولاة في تحصيل الخراج و الغرامات ..رجع ومعه لكل جندى من جنودة ملء كفيه دنانير ذهب نهبت من مصر و اهل مصر . البدو المحتلين ميزوا أنفسهم علي المصريين و كانوا يحددون لهم بصلف نوع ملابسهم وحجم عمامتهم و وسائل انتقالهم مانعين اعيانهم من ركوب الخيل والافراس محددين ما يقومون به من إحتفالات محرمين شرب النبيذ في عيد النيروز . الحديث طويل و محزن .. فلم يصب المصريون خلال ايام الإحتلال أى تقدم أو تحسن حالهم بخروج القوات البيزنطية .. .. نختمه بقصة وردت في كتب العرب تدعو للتأمل و التفكير . (عبيد الله بن مروان الحمار )اخر خلفاء بني امية .. عندما طارده (عبد الله بن علي ) باوامر من (عبد الله السفاح ) اول خلفاء بني عباس لجأ لمصر و منها الي النوبة عام 750 م طالبا الحماية من ملكها الاسود الذى لا يتحدث العربية . فقال له من خلال مترجم : ((قل له أنتم تلوذون الي نبيكم بقرابة و أنتم تشربون ما حرم عليكم من الخمر .. وتلبسون الديباج و هو محرم عليكم و تركبون في السروج الذهب و الفضة وهي محرمة عليكم و لم يفعل نبيكم شيئا من هذا ؟ و بلغنا عنك لما وليت مصر كنت تخرج للصيد وتكلف أهل القرى .. وكل هذا من أجل كركي تصيده قيمته سبعة أنصاف وهذه بدع إخترعتموها من أنفسكم)) ..... (( ولما إستحللتم ما حرم الله عليكم سلبتم ملككم و أوقع الله بكم نقمة لم تبلغ غايتها بعد .. وانا أخاف علي نفسي إن أنزلتك عندى أن تحل بي تلك النقمة التي حلت عليكم .. و لكن إرحل عن أرضي بعد ثلاثة أيام و إلا أخذت ما معك من أموال و قتلتك )) .
عام 979 م كان النهاية لحكم ولاة البدو لمصر إذ تغيرت وجوه المستعمرين وجنودهم وعمالهم لتصبح مغربية الشكل عجمية اللغة مختلة السلوك و الطابع بعد أن ازاح مائة الف فارس من أبناء المعز لدين الله الفاطمي(الشيعيي المذهب) بقيادة خصي صقلي .. من تبقي من شراذم جنود الخليفة العباسي السني استولوا علي مصر بعد معارك محدوده و دون عناء يذكر ليحكمونها لمدة قرنين من الزمان .. كان الشعب فيها علي دين خلفاءه من الشيعة يحترم الي حد التقديس اهل البيت و يدعو لهم صباحا ويذكرهم مساءا في إحتفاليات وموالد مازلنا محتفظين بها نزاولها . لمدة قرنين حكمت أسرة من الشيعة المنطقة ( شمال إفريقيا و سوريا و الحجاز )..((من 972م حتي 1171م )) و أثرت علي تطورها و نموها .. و ثقافتها .. و عقيدتها . و قهرت شعبا مبتليا بكونه دائم الترحيب بالغزاة و المستعمرين كما لو كانوا ضيوفا أعزاء و ليسوا مستغلين إرهابيين . أو كما أورد المقريزى في كتابه ((اتعاظ الحنفا في ذكر الأئمة الفاطميين الخلف)).. (( خرج كبار رجال مصر، والأشراف والقضاة والعلماء وكبار التجار والشعب إلى منطقة الجيزة غرب النيل، وعندما اكتمل العدد وأصبح كبيرًا .. جاء جوهر الصقلي وسط مائة ألف جندي من الفاطميين الذين دخلوا مصر بدون أية مقاومة تذكر، وتقدم كبار رجال مصر حينها والحشود الموجود واحدًا واحدًا للسلام على جوهر الصقلي ومبايعته والترحيب به، وبعد أن انتهوا عادوا مرة أخرى إلى منطقة الفسطاط.)). يا صلاة النبي ..ترحيب و مبايعة ..للغزاة .. يا حوش . عدد الخلفاء الفاطميين الذين تولوا الحكم من القاهرة (11) خليفة .. أحدهم دام حكمة لمدة 60 سنة ( المستنصر باللة ) و أقلهم حكم لمدة 5 سنوات (الفائز بنصر اللة) ... و هم : ((المعز لدين الله ـ العزيز بالله ـ الحاكم بأمر الله ـ الظاهر لإعزاز الدين - المستنصر بالله ـ المستعلى بالله ـ الآمر بأحكام الله ـ الحافظ لدين الله ـ الظافربأمر الله ـ الفائز بنصر الله ـ العاضد لدين لله)). وكلها ألقاب أملاها المعز عندما طلب منه بعض العلماء تزويدهم بألقاب تصلح للخلافة (( فإذا ما تولى أحدهم لقب بها)). معظم هؤلاء الخلفاء بدأوا الحكم وهم شباب في سن حول العشرين ( 20 و 21 و 22 و أكبرهم 29 سنة الامر بأحكام اللة ) .. والبعض تولى .. صبيا حتى أن أحدهم كان عمره خمس سنوات ( الفائز بنصر اللة ) و أخرون كانت أعمارهم (7 و 8 و9 و11 و 16 و 17سنة ) عندما بايعوهم على الخلافة و هكذا ((كان يدير المملكة الأوصياء من الوزراء)) حتي يصل الخليفة لسن تؤهله للحكم .. إلا في حالة (الظاهر لإعزاز الدين) و كان عمرة 16 سنة فقد أدارت عمته (ست الملك) البلاد بعد إختفاء والدة (الحاكم بأمر اللة) و إستمرت في ذلك ..حتي رحيلها. أغلب هؤلاء الخلفاء مات مقتولا .. وعدد منهم كان مختل عقليا حتى أن أحدهم ادعى الألوهية وطلب من الرعية الركوع له وأخرفقد حياته لهيامه بابن ( ليس ابنه ) وزيره.. و مع ذلك لم يثر عليهم المصريون و أطاعوا و لم يشتكوا . الفاطميون..اسسوا سنه 909 م دوله فى تونس عاصمتها (القيروان ).. في مواجهه لدولة العباسيين في بغداد . ثم غزوا مصر و إنتقلوا إليها بعد ثلاث محاولات فاشلة فاستقلوا بها ( خلفا للإخشيدية ) بعد وفاة (كافور) و تولي أبو الفوارس حفيد الإخشيد و كان عمرة 11 سنة . الفاطميون بنوا عاصمة جديدة بمصر و سموها (( القاهرة )) إستقروا فيها و حكموا منها لمدة قرنين .. شمال إفريقيا بالكامل و مصر و الشام و صقلية..و جزء من شبه الجزيرة العربية المطل علي البحر الأحمر بعد انتهاء مراسم إستقبال الغزاة .. يذكر المقريزي أن ((جوهر الصقلي وجيوشه توجهوا إلى شمال الفسطاط في المنطقة التي كانت تسمى ((المناخ)) أي مناخ الإبل، وكانوا يحملون معهم صناديق من المال على البغال بلغ عددها ألف وخمسمائة صندوق.)). جوهر الصقلى بعد استقراره فى مصر أمر المؤذنين أن يجهروا فى الأذان (( بحى على خير العمل )) والدعاء لعلى وفاطمة والحسن والحسين و آل المعز لدين الله قائد الإيمان .. إعلانا على تحول مصر من المذهب السنى الى المذهب الشيعى . وأسس ( مدينة محصنة لسكني المعز ) قرب العواصم السابقة ( الفسطاط والعسكر والقطائع ) لتكون قريبة منها فتستفيد من الخدمات .. و مستقلة عنها محمية من الغزوات. كانت مصر خلال هذه الفترة تمر بمرحلة عصيبة، فالأزمة الاقتصادية تعصف بها والخلافة العباسية التي تتبعها عاجزة عن فرض حمايتها بعد أن أصبحت أسيرة لنفوذ البويهيين الشيعة. بدأ الفاطميون سنة (966م) استعدادهم للانتقال إلى مصر، واتخاذ الإجراءات التي تعينهم على ذلك، فأمر المعز بحفر الآبار في الطريق إليها ، وبناء الاستراحات على طوال المسار ، وعهد إلى ابنه (تميم) بالإشراف على هذه الأعمال. كان أمل الفاطميين التوسع شرقا ومجابهة الخلافة العباسية للقضاء عليها، وإذا كانت دعوتهم قد أقاموها في أطراف العالم الإسلامي حتى تكون بعيدة عن العباسيين، فإن ذلك لم يعد مقبولا عندهم بعد أن قويت شوكتهم واتسع نفوذهم، وأصبحت الفرصة مواتية لتحقيق الحلم المنشود، والتواجد في قلب العالم الإسلامي بعد أربع سنوات من وصولة مصر رأى جوهر الصقلي أن الوقت قد حان لحضور الخليفة المعز بنفسه وأن الظروف مهيأة لاستقباله في عاصمته الجديدة فكتب إليه يدعوه إلى الحضور وتسلم زمام الحكم فخرج المعز من المنصورية عاصمته وكانت تتصل بالقيروان في 5 من أغسطس 972م .. و كان عمرة 22 سنة .. وحمل معه كل ذخائره وأمواله حتى توابيت آبائه حملها معه وهو في طريقه إليها واستخلف على المغرب أسرة بربرية محلية هي أسرة بني زيري. كان هذا يعني أن الفاطميين قد عزموا على الاستقرار في القاهرة، وأن غزوهم لها لم يكن لكسب أراضٍ جديدة لدولتهم، وإنما لتكون مستقرا لهم ومركزا يهددون منه الخلافة العباسية. . فأصبحت مصر منذ ذلك الحين مقرا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية السنية.. و ولاتها . وصل المعز إلى القاهرة في 11 يونيو 972م، وأقام في القصر الذي بني له، وفي اليوم الثاني خرج لاستقبال مهنئيه .. وعندما سأله ابن طبا طبا العلوى عن نسبه جذب نصف سيفه من غمده وقال ((هذا نسبى)) ثم أحضر أكياسا فيها ذهب وفرقه على الجند وقال وهذا ((حسبى )) ومنذ ذلك اليوم صارت مثلا يقتدى به حكام مصر من الاشاوس .. (( سيف المعز وذهبه)). . قضى المعز لدين الله القسم الأكبر من خلافته في المغرب، ولم يبق في مصر إلا نحو 3 سنوات، ولكنها كانت ذات تأثير في حياة دولته، فقد نجح في نقل مركزها إلى القاهرة، وأقام حكومة قوية أحدثت انقلابا في المظاهر الدينية والثقافية والاجتماعية في مصر، ولا تزال بعض آثاره تطل علينا حتى الآن، وجعل من مصر قلبا للعالم الإسلامي ومركزا لنشر دعوته الإسماعيلية والتطلع إلى التوسع وبسط النفوذ. صاحب هذا زيادة عدد المصريين الذين دخلوا الدين الإسلامي و تحدثوا بالعربية المعز بعد أن استقر فى مصر هاجمه الحسن بن أحمد القرمطى من الخوارج بجيش كثيف من العساكر .. وكان معه الأمير حسان بن الجراح الطائى .. الذى رشاه المعز بمائة ألف دينار فانسحب أثناء المعركة مظهرا أنه انكسر فضعفت شوكة عسكر الحسن بن أحمد وانهزم ..وولوا مدبرين , قال بعض المؤرخين إن ((ذلك الذهب الذى أرسله المعز لحسان كان زغلا أى نحاس ملبس بالذهب فجعل الخالص فوق الأكياس والذهب النحاس أسفله)) . و لقد إستمر في قتال القرامطة وجرّد لهم الجيوش إلى أن استطاع إبعادهم عن مكة وجوارها إلى شرق الجزيرة العربية . .و كان يسب العباسيين حتى فى خطبه من على المنبر ((نحن أفضل من خلفاء بنى العباس لأننا من ولد فاطمة بنت الرسول)). . (( ومنع القبط مما كان يعمل فى يوم النيروز من صب المياه على الناس فى الطرقات ووقود النار فى تلك الليلة ومنعهم أيضا مما كان يعمل فى ليل الغطاس من نزول المراكب وضرب الخيام على شاطئ النيل قبالة المقياس...وهدد من يفعل ذلك بالشنق)) و مع ذلك كان مهتما بالعلم .. ((كان للمعز لدين الله إلى جانب اهتمامه بالعقيدة والفلسفة والأدب اهتمامات علمية جعلت مجلسه يعجّ بالعلماء والأطباء والفنانين. )) وفي أيامة ((خرج بنو هلال على الحجاج فقتلوا منهم خلقا كثيرة وكان بنو سالم قد قطعوا الطريق من قبل على الحجاج و اخذوا منهم عشرين ألف بعير محملة قماش وبضائع ومال و أسروا الرجال والنساء)) فارسل لهم حملات التأديب حملة خلف الأخرى حتي قومهم و سكنوا وأرسل ((جيشه بقيادة جوهر الصقلي في حروب ضد قبائل المغرب وأمويي الأندلس. كما أكدت غاراته على إيطاليا سيادة الفاطميين على البحر المتوسط على حساب البيزنطيين.)) وتوفي المعز لدين الله .. بالقاهرة .. في 23 ديسمبر 975م. خليفة المعز الأمير العزيز بالله اتخذ لنفسه أول وزير من النصارى يدعى نسطورس على مصر و أول وزير من اليهود يدعى منشاه على الشام فكتبوا له (( بالذى أعز النصارى بنسطورس و أعز اليهود بمنشاه و أذل المسلمين بك الا رحمتهم و أزلت عنهم هذه المظالم ))؟ . ماذا فعل العزيز ؟ (( أمر بشنق الوزير نسطورس فشنق على باب قصر الزمرد فى ذلك اليوم ثم أرسل الى الشام بشنق اليهودى منشاه فشنق على باب قلعة الشام )).. . ألم أقل انهم كانوا خلفاء مختلى العقل . الحاكم بأمر الله الخليفة الثالث كان عمرة 11 سنة عندما تولي ..و هو نموذج للحاكم المخبول (( صار يفعل أشياء لا تقع إلا من المجانين الذين فى عقلهم خلل فمن ذلك منع النساء من الخروج الى الطرقات ومن التطلع من الطاقات والطلوع على الأسطح ومنع الخفافين من عمل الأخفاف لهن ومنع سائر النساء من الدخول الى الحمامات... فمر يوما بحمام فسمع ضجيج النساء فأمر بأن يسد عليهن باب الحمام فسدوه عليهن من الوقت والساعة وهو واقف عليه فأقمن داخل الحمام حتى متن به . وهو قد منع بيع الزبيب و أمر بحرق الكروم ومنع بيع العسل الأسود كذلك منع زراعة الملوخية لأن عائشة كانت تميل إليها والقرع لأن أبو بكر كان يميل إليه .. ثم نهى عن أكل الرطب وزرع الترمس ثم أمر بقتل الكلاب فقتل منهم نحو ثلاثين ألف كلب . ثم أمر الناس بأن يغلقوا الأسواق بالنهار ويفتحوها بالليل وجعل الليل مقام النهار فى جميع أحوال الناس كلها فامتثلوا لذلك واستمروا عليه دهرا طويلا)) .
الحاكم هذا هو (( الذى أمر اليهود بأن يعملوا فى أعناقهم إذا خرجوا الى الأسواق قرامى خشب وزن كل قرمة خمسة أرطال و أمر النصارى بأن يضعوا فى أعناقهم صلبانا من الحديد قدر كل صليب ذراع ... )) و((لقد كان يسير فى الأسواق ومعه عبد أسود طويل عريض فإذا وجد أحدا من السوقة غش فى بضاعته أمر العبد مسعود بأن يفعل به الفاحشة العظمى وهى اللواط فيفعل به على دكانه والناس ينظرون إليه حتى يفرغ منه والحاكم واقف على رأسه وقد سار مسعود هذا مثلا عند أهل مصر إذا خرج بعضهم مع بعض يقولون (( أحضر له مسعود )) . الحاكم فى النهاية ادعى الربوبية من دون الله تعالى فكان إذا مر فى الطرقات يسجدون له ويقولون (( يا محى يا مميت )).. ومن لم يفعل ذلك يضرب عنقه وفى النهاية إختفي فى 1020 م .. بعد 25 سنة حكم .
الظاهر لإعزاز دين الله .. تولى وعمره 16 سنة فتولت عمته ست الملك الوصاية علية ..وأعادت ما كان يعمل فى ليلة الغطاس وان أمرت ألا يختلط فى هذا العيد النصارى مع المسلمين عند الغطاس . ومما يحكى عن الخليفة الظاهر ((جمع كل الجوارى حتى لم يبق بمصر والقاهرة جارية وبعد أن لبسن أحسن الأثواب الفاخرة أمر أن يجعلن فى مجلس ويسد عليهن باب المجلس فبنى عليهن أبواب المجلس وتركهن ستة أشهر ثم بعد ذلك أضرم عليهن النار حتى أحرقهن عن أخرهن وكان عدتهن ألفين وستمائة وستين جارية )) ومن شابه أباه فما ظلم . المستنصر بالله الخليفة الخامس تولي و عمرة 7 سنوات و حكم لستين سنة ..و اشتهر بالشدة المستنصرية سنة 1049 م .. (عن ابن أبى حجله فى كتاب السكردان ) (( انهبطت مياه النيل فشرقت البلاد وحصل على الناس ما لا خير فيه ووقع الغلاء العظيم سبع سنين متوالية فأكلت الناس بعضها بعضا و أكلت الناس الميتة والكلاب والقطط حتى قيل أن بيع كل كلب بخمسة دنانير وكل قط بثلاثة دنانير .. ثم اشتد الأمر حتى صار الرجل يأخذ ابن جاره ويذبحه ويأكله ولا ينكر عليه ذلك بين الناس ثم اشتد الأمر حتى صار الناس إذا مروا فى الطرقات وقوى القوى على الضعيف فيذبحه ويأكله جهارا)) وكفى هذا من يريد المزيد فليطلع على كتاب ابن اياس صفحة 217 ليعرف أن ثلث أهل مصر فنى حتى اضطر الجنود أن يزرعوا بأنفسهم وذلك لعدم وجود الفلاحين . هذا الزمن ادعى الكورانى أنه المهدى وكان له أتباع و ادعت زوجته أن جنينها يتكلم فى بطنها 1056 م .
بعد المستنصر جاء المستعلى بالله و كان عمره 8 سنوات وفى زمنه استولى الفرنج على بيت المقدس وملكوه وقتلوا جماعة كثيرة من أهل القدس وأقاموا مالكين بيت المقدس نحو ثلاث سنين . الآمر بأحكام الله ابن المستعلى كان عمرة 29 سنة و مع ذلك ((كان طائش العقل تجاهر بالمنكرات واشتغل بسماع الزمور وشرب الخمور ...... وصار الناس مثل الغنم بلا راع فاضطربت الأحوال )) الفرنج فى ذلك العهد استولوا على مدينة عكا وطرابلس ونابلس و أشرف ملك فرنسا ـ بردويل ـ على أخذ مصر فوصل الى العريش ولكنه توفى هناك . .. الآمر بأحكام الله مات مقتولا ... أما الحافظ الخليفة الثامن تولي و عمرة 20 سنة و مع ذلك خلاف لسيرة عائلته (( كان حليما لين الجانب قليل الأذى فطمعت فيه الرعية و اضطربت الأحوال فى أيامه واستولى الفرنج على أغلب البلاد وطمع الفلاحون من أهل مصر و امتنعوا عن وزن الخراج)) . الظافر بالله الخليفة التاسع تولي و عمرة 17 سنة ..و دفع حياته ثمنا لهيامه بابن وزيره عباس (( لما كثر الكلام فى حقه بسبب ابنه نصر)) الفائز تولى الحكم بعد مقتل أبيه وعمره خمس سنوات وفى عصره حدث الطاعون أفنى ثمانية عشر قرية. العاضد بالله أبى محمد عبد الله كان آخر الخلفاء الفاطميين وفى عهده ((استولى الفرنج على ثغر دمياط ونهبوا أسواقها وقتلوا أهلها ثم زحفوا على الضياع و أكثروا القتل والسبى ثم وصلوا الى بلبيس وكسروا عساكر الفسطاط ودخلوا القاهرة من خلف السور من عند البرقية ثم توجهوا الى بركة الحبش وصاروا يقتلون من وجدوه من المسلمين وقرروا على أهل مصر والقاهرة أموالا جزيلة و أخذوا فى أسباب جبايتها)) . (( الوزير شاور أشار على العاضد بحرق الفسطاط خوفا من الفرنج أن يملكوها فأذن لهم فى حرقها فأقامت النار عماله فيها نحو شهرين وكان يرى دخانها من مسيرة ثلاثة أيام.)). ((العاضد استجار بنور الدين الشهيد صاحب دمشق فأرسل له أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين ومعهما العسكر فخاف الفرنج ورحلوا الى بلادهم)). و كالمستجير من الرمضاء بالنار ...((أسد الدين شريكوه شنق الوزير شاور بتهمة التخابر مع الأعداء واستقر فى مصر وزيرا للعاضد لمدة شهرين وخمسة أيام مات بعدها ليحل محله صلاح الدين الأيوبى)) صلاح الدين أبطل أن يقال فى الأذان (( حى على خير العمل )) والدعاء لعلى وفاطمة والحسن والحسين وعزل قضاة مصر كلهم لأنهم كانوا شيعة معلنا عودة السنية الشافعية (( وأقام مجد الشافعية دون غيرهم من المذاهب )).. ثم أن صلاح الدين (( قويت شوكته حتى أصبح العاضد كالمحجور عليه لا يتصرف فى شئ من أمور المملكة حتى يعرضها على صلاح الدين )). انتهى الأمر بقطع الدعاء للعاضد والدعاء للخليفة المستضيئ بالله العباسى (( فلم يتكلم أحد من الناس و لا أنكر عليه فى ذلك )). . لما حدث هذا ((ابتلع العاضد فص من الماس فمات فى ليلته .. وانتهى حكم الفاطميين بعد ما حكمت مصر حوالى قرنين في الحق لا أستطيع تصديق صاحب بدائع الزهور و أتصور انها دعاية سنية ضد الشيعة .. ولكن حتي بفرض هذا فكيف تحمل المصريون حكم هؤلاء لقرنين مرت في بؤس و فاقة وتخلف يزداد مع الزمن شخصية الغاصب الفاطمي المحتل لعرش مصر وسلوكه(الذى عرفناه) تقدم منهجا واضحا و صريحا لكيفية كسرالشعب من داخله والاستمرار في حكمه لقرون حتي يأتي من بعدك من يزيحك بنفس المنطق و قد يستخدم نفس الالفاظ تعديل هوية شعب مصر لثلاث او اربع مرات خلال مدة محدودة نسبيا يجب أن يدعو للتساؤل ، فالمصرى إستسلم للهجرة اليونانية والاستلاب البطلسي و هجر الهته الي الهه (هجين )بين الديانتين المحلية و المستوردة مع القادمين من البحر و هجر لغته الي لغة غير مفهومة بدون مترجم ثم يكرر هذا مرتين مع الاستعمار اللاتيني فالبدوى .. ويتنازل عن دينه ليصير قبطيا ثم مسلما سنيا فشيعيا و يسلم لكل غاصب ما بيده دون مقاومة ليصبح في النهاية هدفا لكل مغامر و لاى مغتصب يدعي أنه قادم بامر الله ليحكم الدهماء . وتستمر الرحلة و كما اسقط المعز الخلافة العباسية باسم الدين مدعيا أنه الاحق بها لانه قريب بنت سيد الخلق .. سقط العاضد بالله أبي أحمد محمد محمد عبد اللة 1193 م بواسطة صلاح الدين الايوبي لتبدأ أزمنة من احط ايام مصر عندما حكمها العبيد المجلوبين بواسطة النخاسين ثم أطلقوا علي أنفسهم ملوكا وسلاطين . ( نكمل حديثنا في الجزء الخامس من المقال الثالث )
.
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر و عصور إضمحلالها(10)
-
مصر و عصور إضمحلالها(9)
-
مصر و عصور إضمحلالها(8 )
-
مصر و عصور إضمحلالها(7)
-
مصر و عصور إضمحلالها(6 )
-
مصر و عصور إضمحلالها( 5)
-
مصر و عصور إضمحلالها(4).
-
مصر و عصور إضمحلالها(3)
-
مصر و عصور إضمحلالها.(2)
-
مصر و عصور إضمحلالها. (1)
-
كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو
-
أحزان ما بعد الماتش .
-
عقل جامح و فكر غير معتاد
-
الموازنة .. عجز وقروض وضرائب.
-
الحوار -غير- المتمدن في مصر .
-
أمركة المجتمع بعد فشل الهبة
-
لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .
-
الوقوع في مصيدة التفاهه
-
زوار من الفضاء Ancient Alien
-
علي مقاعد المعارضة مكاني .
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|