|
هل سيحتفظ قيس سعيد بالسلطة ؟
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 7276 - 2022 / 6 / 11 - 14:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُجمع قًوى جبهة 24 جويلية على أن نهاية قيس سعيد قد اقتربت ، بل انها تجمع ملفات محاكمته وتعد العدة للإعلان عن حكومة موازية وإعادة الروح الى البرلمان المنحل ، ولها ثقة كبيرة في النفس ، مع غرور لافت . والسؤال هو ما مصدر كل ذلك ؟ هل هو الدعم الداخلي أو الخارجي أم الاثنين معا ؟ اذا نظرنا الى الدعم الداخلي نلاحظ أنه غائب ، وقد ثبت هذا بالوقائع ، فحركة النهضة التي جمع شيخها عشرات الآلاف قبل أشهر في شارع محمد الخامس بالعاصمة لا يمكنها الآن جمع غير العشرات ، بل ان ذلك الدعم مفقود حتى في الداخل الحزبي ، فبعض جنرالات الغنوشي تركوه لتأسيس حزب منافس ، أما نجيب الشابي فقد افتك منه أخاه حزبه ، بينما هاجر منصف المرزوقي واستقر بعيدا عن الهرج التونسي ، بعد أن تفتت حزبه الى شظايا ، مكتفيا بالتعبير عن أمانيه ، مترددا بيت ترك السياسة وراءه واستقبالها أمامه . أما الدعم الخارجي فموجود ، و هو ملموس وقابل للمعاينة ، ولا يكاد يمر يوم دون استقبال سفير هنا وسفير هناك، فضلا عن تصريحات وزراء دول طامعة وحملات صحفية وبيانات جمعيات ومنظمات مُزكية . تُدرك جبهة 24 جويلية أن الشعب يكرهها ،وهو ما تؤكده أرقام مؤسسات سبر الآراء ، فقد عيل صبرها وهي تخطب وده ، ولكنه تجاهلها، لهذا تلجأ الى الخداع والتضليل والاتكاء على الأجنبي الطامع ، ناشرة الخوف و الهلع بين صفوفه ، فالوضع مٌعقد وعلى شفا هاوية ، مُظهرة نفسها باعتبارها تمثل الحكمة لذلك يجب الاصغاء الى ما تقوله . و لكنها عندما تجود علي الشعب بنصائحها ووعودها ، فإنها لا تقدم سوى المخاتلة ، فمالك الحزين عندما ينصح الأسماك بنقلها بين منقاره لبركة ماء أخرى بها خير عميم وتصدقه فإن الهلاك مصيرها، لذلك تراهن على تصدعات في جبهة 25 جويلية ، وخاصة دق إسفين بين الاتحاد العام التونسي للشغل و رئاسة الجمهورية ، وترك قيس سعيد يغرق في ملفات القضاء والحوار الوطني والعلاقات الخارجية والغلاء والتضخم ، دون المجازفة بخوض معركة باسمها قد تزهق روحها . و اذا علمنا أن التناقضات التي فجرت انتفاضة 17 ديسمبر لا تزال في أغلبها دون حل ، وأن العامل الخارجي ظل حتى الآن يتمتع بدور كبير في هندسة المشهد السياسي التونسي ، فإن فرضية عودة جبهة 24 ديسمبر ليست مستبعدة . ولكنها حتى لو عادت الى حكم فإنها مهزومة لا محالة ، لأن انتصارها سيكون بقدرة الأجنبي وحده ، وهذا ما لن يسكت عليه التونسيون طويلا ، وسيكون يوم عودتها بداية أخرى لمسيرة رحيل مأساوي المرة القادمة ، فالانتفاضة لا يمكنها التخلص من أعدائها دفعة واحدة ، لذلك هي معنية بقضمهم الواحد تلو الاخر، وخلال مواعيد متلاحقة ، وهي اليوم في حالة ضعف تجاه عدوها الخارجي خاصة ، ولكن ساعدها يشتد مع مرور الوقت . في المقابل فإن جبهة 25 جويلية تبدو مفتتة تنظيميا ، فلا قواها الحزبية متحدة ، ولا الرئيس أنشأ قوة سياسية فاعلة ، وجاء الخلاف حول الحوار الوطني ليوجه لها ضربة موجعة ، كما تعاني من غياب الداعم الخارجي بعد التردد الجزائري والصمت المصري .ولكنها لا تزال قوية بزخمها الشعبي الذي يدور غالبا حول الرئيس ، الذي يداوي بين الفينة والأخرى الأزمة بالصدمة ، مما يساهم في زيادة شعبيته . وتلك القوة ستترسخ في حال النجاح في تنظيم صفوفها ، بما في ذلك بناء " حزب " الرئيس ، وهو ما ينبغي أن يسبق الاستفتاء ، أو في أقصى الحالات الانتخابات القادمة . وهذا من شأنه أن يؤدي الى نشأة سلطة متجانسة سياسيا ، متنوعة أيديولوجيا ، تضع حدا لحالة الجلوس بين كرسيين ، كرسي تونس القديمة وكرسي تونس الجديدة . أما اذا غاب ذلك فمن المرجح هزيمة قيس سعيد وخسرانه الحكم ، ولن يكون ذلك لبطولة وشجاعة وحكمة أعدائه ، بقدر ما سيكون لعجزه وعجز حلفائه عن حل تلك المعضلات.
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليقات على تطورات الحرب في أوكرانيا.
-
حوار حول مسائل شخصية .
-
حلاق حي الملاسين .
-
تونس : أبواب التطبيع مُغلقة.
-
التدخل الخارجي .
-
عشر ملاحظات حول مسيرة يوم 10 أكتوبر 2021
-
تونس : الفرز
-
خطان متضادان في السياسة التونسية ..
-
الاغتيال السياسي.
-
صاعقة في سماء صافية .
-
بيان للحمقى والمغفلين .
-
نصر للأخلاق وهزيمة للسياسة !
-
حنا مينه والعالم الذي يموج .
-
دروس أفغانية .
-
خطة الرئيس .
-
تونس: حول 25 جويلية 2021 وقرارات رئيس الجمهورية
-
. لوحة تونسية : حمة الهمامي .
-
اليوم الذي هز تونس .
-
محمد سبيلا : أفكاره ستظل حية طالما هناك عربي يقرأ.
-
تونس : حركة النهضة والتمكين قطرة قطرة .
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|