أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7274 - 2022 / 6 / 9 - 16:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.. بعد عقود من مطالبة العرب بالديموقراطية ، وبحكومات سياسية حزبية ، تمارس السياسة كما شاهدوها وقرأوا عنها في الغرب ، وعندما وصلت إلينا تلك الديموقراطية وجربناها ، أصبحت الدول العربية التي جربتها هي نفسها من تستغيث منها !! وتنادي بحكومات تكنوقراط ليس لها علاقة بالسياسة !! .. فهل الدول العربية مارست ديموقراطية مزيفة ، لها شكل الديموقراطية وصورتها بدون جوهرها ؟ أغلب الظن أن الجواب هو نعم ..
والخلاصة .. أن هناك شروطا جوهرية لقيام ديموقراطية حقيقية وقابلة للحياة وهي :
١ - وجود دولة قوية ومستقرة ، وتمارس سيادتها كاملة علي كامل أراضيها ، وليس بها جماعات وتنظيمات تناوئ الدولة فى وظائفها ، وتنافسها في بسط كلمتها علي ترابها الوطني ، فبدون دولة قوية ومستقرة لن يوجد المكان الذي سيمارس فيه الشعب حقوقه ، وتقول فيه الديموقراطية كلمتها ..
٢ - ليس للنفوذ الأجنبي مكان في تلك الدولة ، وإلا أصبحت الديموقراطية مجرد مسرحية يمارس فيها السياسيين المحليين أدوارهم علي خشبة المسرح ، بينما منتج العرض ومؤلفه ومخرجه هناك في دول أجنبية قريبة أو بعيدة ..
٣ - لابد أن تكون الدولة قد حسمت قبل الديموقراطية الأسئلة الكبري في حياتها ، والتي لا تنفع الديموقراطية في حسمها ، بل قد تصبح الديموقراطية عندئذ أداة إلي تفكيك الدول نفسها وتقسيمها أو علي الأقل في ضعفها الشديد ..
وأهم تلك الأسئلة الكبري :
ما هو مدي وحدود تدخل الدين في الحياة السياسية ، وما هي درجة وحدود وجود الجيش في الحياة السياسية ، ورأيي أن الأمر الثاني ( وجود الجيش في الحياة السياسية ) رد فعل علي عدم حسم الأمر الأول ( وجود تنظيمات ترفع راية الدين في السياسة ) ، وإنهاء حالة وجود تنظيمات أممية غير مؤمنة بفكرة الدولة الوطنية ، ولها أحلام في إنشاء كيانات عابرة للدول تحت اسم الخلافة !!
لقد جاءت الديموقراطية إلي العرب في أسوأ لحظاتهم ، حيث بلغ تدخل الدول الأجنبية في شئونهم حدا غير مسبوق منذ عصور الاستعمار ، كما أن تدخل جيرانهم ( تركيا وإيران ) في شئونهم بلغ مستوي يوشك أن يجعل الحرب الأهلية هي قصة كل بلد عربي .. وأصبحت التنظيمات الدينية التي تساعدها تلك الدول علي وشك تفجير العالم العربي من داخله ، وتحول " فكرة الدولة " فيه نتيجة لهذه العوامل إلي سراب ، ما يجعل المطالبة بالديمقراطية أو ممارستها أضحوكة ونكتة سخيفة ، ويجعل الشعوب التي طالما حلمت بها أول من يفر منها .. والدول حولنا تعطي دروس لمن لا يريد أن يستوعب أو أن يفهم ..
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟