|
مصر و عصور إضمحلالها(8 )
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7271 - 2022 / 6 / 6 - 11:44
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الجزء الاول من المقال الثالث . (( و كان هروبة نهاية لمصر المستقلة )) ((كان خليقاً بمصر أن تكون أسعد بلدان الأرض قاطبة، لأن النيل يرويها ويغذّيها، ولأنها أكثر بلاد البحر الأبيض المتوسط قدرة على الإكتفاء بخيراتها فهي غنية بالحب والفاكهة، وتنتج أرضها ثلاث غلات في العام، ولم يكُن يعلو عليها بَلَد آخر في صناعاتها، وكانت تصدر الغلات والمصنوعات إلى مائة قطر وقطر، وقلما كان يزعجها ويقلق بالها حرب خارجية أو أهلية. ولكن يبدو أن(المصريين) برغم هذه الأسباب- أو لعلّهم لهذه الأسباب- (لم ينعموا بالحرية يوماً واحداً في تاريخهم كله) على حد قول يوسفوس. ذلك أن ثروتهم كانت تغري بهم الطغاة أو الفاتحين واحداً في إثر واحد مدى خمسين قرناً من الزمان كانوا فيها يستسلمون لأولئك الطغاة والفاتحين )). المقطع أعلاه الذى إستعرته من موسوعة وول ديورانت يعبر عن جانب من الاسباب التي كادت أن تصبح قانونا لما آلت إليه الاوضاع في مصر منذ الغزو الفارسى بقيادة قمبيز .. حتي التحكم العسكرى في الزمن الحالي . ( النهب لثروات البلد .. وتهميش الشعب دون رعاية أو إهتمام بتنميته و تطويره ). هذا هو موضوع اللحن الحزين للمقال الثالث .. سنقتفي اثر المستعمرين و الطغاة .. و نرصد كيف تدهورت قوى الشعب الذى رأيناه في المقالين السابقين .. شجاعا و جسورا و قادراعلي الإبداع ..و العطاء .. و كيف توقف بمرور الزمن و التهميش عن المقاومة .. وسقط تحت سنابك خيول المغيرين..و خداع كهانة و خدمتهم للظالمين . في مايو 525 ق.م ..هزم قمبيز الثاني الفارسي ، بسماتيك الثالث آخر ملوك الأسرة السادسة والعشرين ، في معركة بلوزيوم شرق دلتا النيل بالقرب من بورسعيد الحالية. و قام بحمله إلى سوسا مكبلاً بالسلاسل. سليم حسن في الجزء الثالث عشر من موسوعته ( مصر القديمة ) كتب عن هذا الموضوع ..أن قمبيز عمل جهده لإعداد العدة للغزو .. فقد حصل علي مساعدة بدو خليج السويس لتوفير المياة لجنودة ..و ضمن لنفسة قاعدة قوية ينقض منها علي الحدود المصرية .. و هو بالتصريح لليهود ببناء معبد أورشليم إكتسب إلي جانبه عواطف المرتزقة اليهود الذين يخدمون الملك بسماتيك .. و أن رئيسا من رؤساء الجنود المرتزقة الذين في خدمة جيش مصر إنضم إلي معسكر قمبيز و أطلعه علي أسرار كل الترتيبات التي وضعها المصريون لمقاومتهم بعد الهزيمة إنتهي حكم الملوك المصريين حتي زمن عبد الناصر .. و بدأ الملوك الفرس المستعمرين يحكمون لزمن طال لمدة 124 سنة ... فيما عرف بالأسرة السابعة و العشرين ( قمبيز، داريوس الأول ،خشابارشا الأول ،اردشيرالأول ، خشابارشا الثاني ،داريوس الثاني، أردشير الثاني ). حكام الفرس الأوائل (مثلما فعل الهكسوس و الليبيون والأشوريون و الكوشيون و حاول بعد ذلك الإسكندر و نابليون..) أعلنوا انفسهم أبناء للربة نيت ... و بذلك لقب قمبيز الذى غزا مصر .. بالألقاب المصرية القديمة مثل ملك الشمال والجنوب وابن رع واتخذ لنفسه لقب حورس موحد الأرضين ليعطى لحكمه أمام الشعب صبغة مصرية يحيطها كهنة هليوبليس و منف بكل إجلال و تقديس .. وخداع . اتسم حكم قمبيز في مصر بالوحشية ونهب المعابد والسخرية من الآلهة المحلية وتدنيس المقابر الملكية .وشهد عهده انخفاضا كبيرا للموارد المالية المخصصة للمعابد المصرية. أحد مراسيمه، مكتوب على بردية بالخط الديموطقي .. أمر بوضع حدعلى النفقات لكل المعابد المصرية، باستثناء (منف) و( أون ) .. و كلاهما كان تحت سيطرة كهنة (رع ) الذين رحبوا بالغازى ..تخلصا من نفوذ كهنة أمون ..فنالوا رضاه و هباته. غادر قمبيز مصر مع مطلع عام 522 ق.م.، ليموت في طريقه إلى فارس، ثم خلفه داريوس الأول . أمضى داريوس معظم وقته في إخماد التمردات في أرجاء الامبراطورية. وفي أواخر عام 522 ق.م. أو مطلع 521 ق.م. قاد أمير محلي مصري تمرداً وأعلن نفسه الفرعون بتوباستيس الثالث. السبب الرئيسي لهذا التمرد .. كان الضرائب الباهظة المفروضة علي المصريين ( و هو السبب الوحيد الذى يجعل المصرى يثور علي مستبدية عبر العصور ) .. داريوس زحف بنفسه على مصر، ليصلها أثناء فترة حداد على وفاة الثور المقدس (رسول بتاح.) فأصدر إعلاناً أنه سوف يمنح مكافأة قدرها مائة تالنت للشخص الذي يمكنه جلب رسول جديد، .. مما ترك أثراً طيباً في نفوس المصريين لتقواه، حتى أنهم انضموا زرافات لجانبه، لينتهي التمرد.. ( وهكذا المصرييون دائما ينسون سوط الضرائب الباهظة ..إذا ما أبدى المستبد تقوى ما أو تعاطفا دينيا ) . أولى داريوس اهتماماً كبيراً للشئون الداخلية لمصر، أكثر من قمبيز. فشرّع قوانين ، وأكمل حفر نظام قنوات في السويس، يسمح للسفن بالمرور من البحيرات المرة إلى البحر الأحمر، وهو مسار أفضل من سلوك الطريق البري. هذا الانجاز سمح لداريوس باستيراد العمال المهرة والحرفيين المصريين لتشييد قصوره في فارس. و قد أبدى إهتماما أكبر بدعم المعابد المصرية عن قمبيز، مما أضفى عليه سمعة التسامح الديني. توفي داريوس في 486 ق.م.، وخلـَفه خشايارشا الأول... وبمجرد ارتقاء العرش، تمردت مصر هذه المرة بقيادة بسماتيك الرابع. سرعان ما أخمد خشايارشا التمرد، وأنهي الوضع التفضيلي لمصر في عهد داريوس، ورفع قيمة الجزية الواجب تحصيلها ، بالاضافة لذلك روّج للإله الزرادشتي أهورا مزدا على حساب الآلهة المصرية التقليدية، وأوقف إلى الأبد تمويل إنشاء تماثيل . وقد أغتيل خشايارشا في 465 ق.م. على يد أرتابانوس، ليبدأ صراع في الأسرة الحاكمة انتهى بتتويج أردشير الأول ملكاً في 460 ق.م. نشب تمرد مصري آخر، بقيادة زعيم ليبي اسمه إيناروس الثاني، بمساعدة أثينية يونانية . وقد ألحق إيناروس الهزيمة بجيش يقوده أخيمينس، واستولى على منف، ثم أصبح مسيطراً على أجزاء شاسعة من مصر. إيناروس وحلفاؤه الأثينيون انهزموا بعد ذلك أمام جيش فارسي بقيادة الجنرال مغابيزوس في 454 ق.م. وبالتالي تقهقر. وقد وعد مغابيزوس إيناروس ألا يلحق به ضررا إذا ما استسلم للسلطات الفارسية، إلا أنه غدر به وسرعان ما أعدمه ، أردشير توفي في 424 ق.م. خليفتة خشايارشا الثاني حكم فقط لمدة خمساً وأربعين يوماً، إذ قتله شقيقه صغديانوس. إلا أن صغديانوس بدوره أغتيل على يد شقيقه أوخوس، الذي أصبح داريوس الثاني. حكم داريوس الثاني من 423 ق.م. إلى 404 ق.م.، وبالقرب من نهاية عهده حول 411 ق.م نشب تمرد مصرى بقيادة أميرتي. .. وفي 405 ق.م. قام أميرتي، بمساعدة من مرتزقة كريتيين، بطرد الفرس من منف، معلناً نفسه فرعوناً منهيا الأسرة السابعة والعشرين. الأسرة الثامنة والعشرون : من 404 إلي 398 ق. م ملك مصري واحد من سايس ( أمريتي ) كافح خلال ست سنوات تمكن من انتزاع السلطة من الفرس و أن يشعل الثورة ضدهم عند وفاة داريوس الثاني... لم يعثر على تماثيل من عصره، ولا يُعرف الكثير عن حكمه.
الأسرة التاسعة والعشرون : من 398 إلي 380 ق. م بعد الإطاحة بـ أميرتي ، في معركة مفتوحة عام 398 ، ق.م تأسست على يد نفريتس الأول. لم يتمكن نفريتس من التوسع في آسيا، أو إنقاذ يهوذا ، إلا أنه بالمقابل استطاع حماية الأراضي المصرية من الإنتهاكات وجعلها تتمتع بنفوذها وهيبتها. بعد وفاة نفريتس الأول ، تقاتل فصيلان متنافسان على العرش: أحدهما كان يدعم ابنه موثيس والآخر يدعم مغتصب بساموثيس . وعلى الرغم من نجاح بساموثيس في هذا الصراع، إلا أنه لم يحكم لأكثر من عام واحد فقط. حيث أطيح به من قبل هاكور، الذي ادعى أنه حفيد نفريتس الأول. وقاوم بنجاح المحاولات الفارسية لاحتلال مصر ثانيا ، بعد أن حصل على الدعم من أثينا ومن ملك قبرص (إيفاغوراس الأول). نفريتس الثاني ..ابنه ..أصبح ملكًا بعد وفاته، إلا أنه لم يكن قادرًا على الاحتفاظ بالعرش.
الأسرة الثلاثون : من 378 إلي 341 ق.:( نخت انبو الاول ، تيوس ، نخت انبو الثاني) إنشئت بعد أن سيطر نخت أنبو على مصر في نوفمبر 380 ق.م، و قضى معظم فترة حكمه يدافع عن مملكته بدعم أثينا ..ضد محاولات الفرس لاعادة غزو مصر حاول خليفته تيوس غزو بلاد الشام التي كانت تحت الاحتلال الفارسي. أما حفيده نخت انبو الثاني فقد عاصر محاولات الفرس إعادة احتلال مصر، التي اعتبروها محمية متمردة، تفادى نخت انبو الثاني تفادى في اول عشر سنين من حكمه الغزو الفارسي لأن الملك أرتخشاشا الثالث كان مشغولاً بتوطيد حكمه. وبعدها قام بمحاولة فاشلة لغزو مصر في شتاء عام 351/350 ق.م، لكنه جهز جيشه مرة أخرى ونجح في المرة الثانية في الغزو وأجبر نخت انبو الثاني على التقهقر بدفاعاته من الدلتا إلى منف ومنها هرب إلي النوبة ..واختفى تماماً. نخت انبو الثاني بذلك يعتبر آخر ملوك مصر القديمة ، وهروبه مثّل نهاية مصر المستقلة.
الأسرة الحادية والثلاثون : من 341 إلي 333 ق. م ( اوخوس ،ارسيس،دار يوس الثالث ) و كان ملوك هذة الأسرة يتبعون للإمبراطورية الأخمينية الفارسية .. وتم القضاء عليهم عندما غزا الإسكندر الأكبر مصر.. ( نكمل حديثنا في الجزء الثاني من المقال الثالث .. قريبا ).
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر و عصور إضمحلالها(7)
-
مصر و عصور إضمحلالها(6 )
-
مصر و عصور إضمحلالها( 5)
-
مصر و عصور إضمحلالها(4).
-
مصر و عصور إضمحلالها(3)
-
مصر و عصور إضمحلالها.(2)
-
مصر و عصور إضمحلالها. (1)
-
كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو
-
أحزان ما بعد الماتش .
-
عقل جامح و فكر غير معتاد
-
الموازنة .. عجز وقروض وضرائب.
-
الحوار -غير- المتمدن في مصر .
-
أمركة المجتمع بعد فشل الهبة
-
لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .
-
الوقوع في مصيدة التفاهه
-
زوار من الفضاء Ancient Alien
-
علي مقاعد المعارضة مكاني .
-
البرازيت و العائل إنها قسمة ضيزي .
-
في البحث عن يقظة ما بعد الإستسلام .
-
سينساكم الأبناء كما نسينا الأجداد
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|