أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - من حكاوى الرحيل إتْرُكْها لِلْصُدَفْ














المزيد.....

من حكاوى الرحيل إتْرُكْها لِلْصُدَفْ


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 7271 - 2022 / 6 / 6 - 04:35
المحور: الادب والفن
    


من حكاوى الرحيل
إتْرُكْها لِلْصُدَفْ
قبل ان ألتَقيها كنتُ قد سمعتُ عنها الكثير. وقرأتُ لها وعنها الأكثر.عصرَ يومٍ ذهبتُ إلى لقاءها في دارتِها، المُطِلَّةِ ببذخٍ على مشارفِ فلسطينَ المحتلة . كنتً قبل أنْ أُدْخَلَ إليها قد وقَفتً في بهوِ بيتِها، متأملاً لوحةً زيتيةً ضخمةً لها، تُزيِّنُ صدرَ البهوً. بَهوٌكلُّ ما فيه يَشي بِبَحبوحةٍ، تليقُ بالكثيرِ مِمَّا كنتُ قد سمِعتْ.
شدَّني في اللوحةِ وجهٌ صبوحُ، تُزَيِّنُه شامةُ أنيقةٌ، تتربعُ على يسارِ الشّفةِ العليا، وغمازةٌ في صحنِ الخدِّ الأيمن. وإنتبهتُ إلى حَزَنٍ نبيلٍ يشوبه. حَزَنٌ تُجيدُهُ العينان وكلُّ تضاريسِ الوجه. تتجسدُ أحرفُه على الشفتين وفي سواد العينين. كِدتُ أنْ أمدّ كَفِّي لإلتقاطِ شئٍ من الحَزَنِ أمامي لوضوحِهِ، وخوفي عليهِ من التساقُطِ أرضاً، لولا أن جاء من يطلبُ مني مُرافَقَتَهُ إلى حيثُ تَجْلِسْ.
ما أن دخَلْتُ صومَعتَها حتى صدَمني جمالها الطاغي، فأنكسر نظري عنها بإتجاه الفراغ الذي بيننا. سألتني مُستغربةُ لماذا أنظرُ إلى أسفلٍ ؟ تهرَّبتُ مُتَأتِأ بما لَمْ أتبين، ثم ، بلسانٍ فصيحٍ استكملت ما بَسْمَلَتْ به تأتآتي قائلا : مع هذا الجمال يا سيدتي لا ينفع قول. فهو مما لابد أن تراه لتسمع حكاويه.
كانت قويّةَ الشخصيّةِ وطاغيةَ الحضور، غيّرتْ جلْسَتها وإنتَصَبَتْ، وقالت بنبرةٍ مُحَيِّرَةٍ : قالوا أنَّكَ خَطِرٌ، إلا أنَّك على ما يبدو أكثرَ مما قالوا. لذا سأتولى بنفسي مقارَعَتَك.
قبل أن أغادِرَ مَدّت لي بطاقةً عليها عنوان، وحددت لي ساعة. وعندما وصَلْتُ في اليوم التالي إلى هناك، وجدتُها في منظرٍ لا يمكن أن أنساه، بهيةً مُترفةً بأُنوثةٍ مُتزنة، واقفة بِنُبلٍ لا تُخطؤه عين بصير، تنتظرني تحت ظلال أشجارٍ مُتعانِقةٍ من السَّرْوٍ ومن الخروب والبلوط. صَعَدَتْ إلى سيارتي، أدرتُ المحرك، ومع صوتِه تناهى إلينا من المذياع صوت الست تُكملُ ما ابتدأت من رائعتِها شمسُ الأصيل، وسألتها مُبتسما: إلى أين تُريدينا أن نذهبْ ؟
قالت: أُخْرُج بِنا من المدينة، إذا أردتَ أنْ تستمتع فلا تُخطط، إترُكْها لِلصُّدَف.
إستمرّ التلقي، وتواصَلَتْ جُرُعات الإدمانِ المُتَمَدِّدِ. كنا نخرج معا في سيارتها، بغرض الفُسحة دون أن أسألها إلى أين، مُلتَزِماً بِناموسِها: إتركها للصدف. مكثْتُ في أطُرِها، تعرفْتُ على كلّ مُقيمٍ فيها وعابر. أصْبَحْنا لِساناً وشَفَتَيْن دون أن يحصلَ ما لا يليق.
تَتزاحمُ عليّ الذكريات، ولم أعُدْ أعرفُ من أين ابدأ، ولا أين أقف، في الأقصر، في النيل والغردقه ،أمْ في وادي شعيب وظلال توتِه ، او في طلة الفحيص البهية ، أُمْ قيس في عليائِها ، أوقرية المخيبة المُرْخِيَةِ شيئا من جدائلها فيما تبقى من مياه نهر الأردن المُتَصَحِّر؟! كلها أماكنٌ لها وقعٌ غير عادي. كلما مررتُ بأيٍّ منها تأخذني إليها، أقف فيها عِزَّةً وتُقى، لا تُخَيَبُ ظني، فهي ما تزال ترتل الكثير من هواجس لُغتنا.
في عالمٍ يَتغير مع كل دقةِ ساعةٍ، تتزاحمُ الذكريات ومداعباتُها، فلا أعود أميز الأقرب مني أو إليها. ومع ذلك لم يدر بِخَلَدي يوماً أنني سأتعرض لإنكسارٍ أفظعَ من رحيلٍ، إعتصرَ البعضَ بَمرارةِ سَيْروراتِه.
مع كلِّ نورٍ، عَتمةٌ كان أو ضِياء، أعود اليها في سرير الشفاء، فتتزاحم عليّ آهاتها وآهاني، فلا أعود عارفاً أين أقف. أنظرُإلى ضفافِ عينيها الحزينتين ، أدلفُ في معارج صراعها مع المرض اللعين، يهب علي الأسى ويغمرني وجعها، فيتزاحمُ خليطُ آهاتنا مُتضرعا للشافي المعافي ، سائلا لها الشفاء التام والعاجل، فالله سبحانه قريب ولا مثيل لقربه، يجيب دعوة الداعي.
الاردن – 4/6/2022



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا ترسم خرائط جديدة لعالم، متحرر من التبعية الامريكية
- يا ابا الهول ، حاورني عشوائيات في الحب
- والسَّعدُ يَرْحل- لبنان بلا حريرية زيارة جديدة للمشهد في لبن ...
- لكل المؤمنين العاملين للصالحات.. أقول عن مواسم اعياد إخوتنا ...
- أدْنُ مِنِّي في حوار معها
- - السلف الصالح - و- نحن - وبعد، مقاربة نقدية للموروث البشري ...
- سُبْحانَكَ رَبَّي، أقِمْ قيامَتَك إضاءة على المشهد في بلاد ا ...
- لبنان عالمكشوف، قراءة في الصراع
- شويكه سيدة الحكايات – 8 تضاريس التربية والتعليم
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء السادس ذاكرة المياه
- الجزء الخامس الذاكرة الزراعية
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع المشهد الزراعي – ذاكرة ال ...
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثالث الاصول والمنابت
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثاني معالمها ،ثوابتها ورواسيها ...
- شويكه سيدة الحكايات الجزء الاول من نوافذ على ما قد مضى من ال ...
- إنهم مرة أخرى، يقتلون ناجي العلي، إضاءة على تُجّار وفُجّار أ ...
- لِمَنْ أذهب بشوقي؟!!! ثرثرة خاصة في الحب
- فائضُ حُزْنٍ في برزخ الظن ثرثرات في الحب
- صاروخ ديمونا ردٌّ نوعي إضاءة على المشهد العربي
- التداوي بالعقل - الخُرافاتِ المُهَيِّجَة رمضانيات – النص الث ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - من حكاوى الرحيل إتْرُكْها لِلْصُدَفْ