ما الذي أضطر أمريكا لمواجهة روسيا ؟

طاهر مسلم البكاء

الحوار المتمدن-العدد: 7270 - 2022 / 6 / 5 - 01:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

صحيح ان المواجهة بين الدولتين الكبيرتين لاتزال عن طريق طرف أخر ،وليست مواجهة مباشرة ولكنها على أي حال تؤشر كأول مواجهة كبرى تضطر الولايات المتحدة الأمريكية وصنيعتها بريطانيا لخوضها منذ تصدر أمريكا العالم عام 1991 ،بعد أنزال العلم الأحمر من الكرملين وتفكيك الأتحاد السوفيتي .
لو أخذنا نظرة بسيطة على الأحداث القريبة التي رافقت فترة تصدر أمريكا العالم سنجد انها كانت تقف على ارض صلبة وتختار فرائس من الدول المنهكة والتي تتسلح بسلاح قديم تجاوزه الزمن كالعراق وافغانستان وسوريا وغيرها ،وكانت تنظر الى هذه الدول على انها ليست من عدادها عسكريا ً وهي التي تملك أحدث ترسانة من السلاح الحديث ،وبالمقابل كانت تهادن الدول العظمى الموجودة على الساحة الدولية مقابل سكوتها عما يحصل من فضائع وجرائم حرب يندى لها جبين الأنسانية .
الدوافع الى المواجهة الحالية مع الروس :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اذا كانت امريكا وحلفها الأطلسي قد ابتزت العالم طيلة هذه السنين من عام 1991 م والى العام الحالي 2022 م وأظهرت قوتها بأفتراس دول ضعيفة وليس من عدادها عسكريا ،وفوق كل ذلك فأن النتائج النهائية لمواجهاتها تلك انتهت بنهايات بائسة وبهزائم وفضائح وخسائر فادحة سيكشف عنها التاريخ لاحقا ً ،وخاصة في العراق وافغانستان وسوريا ، وهذا موضوع يحتاج بحث خاص لتناوله ، حيث ان موضوعنا الآن هو اذا كان هذا حال أمريكا فما الذي اضطرها لتخوض مواجهة كبيرة مع الروس ،وهم الدولة الكبرى في التسليح والمواجهة وأمتلاك الموارد الهائلة التي تتحكم فيها بالكثير من الدول الأوربية المنضوية تحت مظلة الحلف الأطلسي،كما أن الأمريكان يفهمون جيدا ً ان حالهم في انحدار بعد صعود نجم الصين الحليف القوي لروسيا ؟!
ورب مجيب ان أمريكا اليوم لاتواجه الروس مباشرة ً ،وهي تخوض حربا ً ضدهم من وراء الستار .
وقد يكون هذا صحيحا ً ،ولكن الحرب أسوء مافيها انك تستطيع ان تعلنها بسهولة ولكن من الصعوبة ان تنهيها وفق ماتحب وتشاء ،وقد تتطور في أي لحظة الى حرب كونية تأكل الأخضر واليابس " ولات حين مندم " ،فالخصم ليس كالدول السابقة " يعدم الوسيلة " فهو يخزن آلاف الرؤوس النووية المعدة والجاهزة للأنطلاق ،ولن يقبل بالهزيمة أبدا ً ،وعلى أمريكا وحلفائها الذين يشددون الحصارات على روسيا فترتد على دولهم ،ان يفقهوا ان حصارهم ليس على دول صغيرة كما حصل عندما استفردوا بالعراق ، واذا كان هناك عقلاء عليهم ان يقلبوا الأمور جيدا ً حيث ان مستقبل البشرية وبضمنها شعوبهم طبعا ً على كف عفريت !
اذن ماالذي يدفع بأمريكا المترنحة تحت ضغط التضخم والبطالة والهزائم المتلاحقة الى هذه المواجهة ؟
نعتقد انها تستشعر النهاية لها كدولة متصدرة ،وان العالم بدأ يسأم حصاراتها وحروبها ونفاقها ودولارها أيضا ً وهو من الأمور المهمة التي قاتلت من أجله الكثيرين ،فصدام فقد حياته بعد ان حاول استبدال الدولار باليورو ، والقذافي حصل له نفس الشئ عندما حاول اصدار دينار أفريقي ذهبي ،وآه كل الآه من الصين التي تطرح اليوان الصيني بديلا ً ومنافسا ً للدولار تساندها في ذلك روسيا ،هادفين الى اسقاط التنين الأمريكي الذي يلف أذرعه على خناق العالم .
أوكرانيا فرصة أمريكية :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعتقدت أمريكا ان أوكرانيا يمكن ان تصبح الوسيلة التي تقص فيها أضافر روسيا أو على الأقل تقلمها ، فقد أصبح من المكشوف على المستوى العالمي تكاتف روسيا والصين في العمل على أنزال أمريكا عن العرش العالمي ، وتبوء الصين مكانها ،رغم ان الصين تعمل بحنكة وصبر مركزة على الجوانب الأقتصادية دون ان تميل لنهج سبل المواجهة العسكرية ،دون ان تهمل زيادة قوتها العسكرية وتحديث سلاحها ، ولاتزال حتى الساعة تحاول معالجة مسألة تايوان بالطرق الدبلوماسية وتذكير أمريكا بتعداتها في هذا السياق .
من الخطأ مواجهة روسيا :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ادركت أمريكا ومن وراءها الحلف الأطلسي خطأ مواجهة روسيا في أوكرانيا ،وقد حملت المشورة الأمريكية والغربية للأوكران الدمار وتخريب البلاد ومئات القتلى وملايين المهجرين ،دون أي مساعدة أمريكية واقعية ،ولو كان الرئيس الأوكراني حكيما ً لفهم مقدار الدمار الذي تعرضت له بلاده ،ولهادن روسيا بدلا ً من التمسك بالأحلام الوردية الأمريكية ،التي لم يقبض منها أحد من قبله شيئا ً ,
والأمر المهم ان كلا ً من أمريكا والدول الغربية أقتنعت بفداحة الخسائر في كل الأحوال ،سواء بتطور الحرب الى مواجهة عالمية أو ببقائها بالشكل الحالي التي حملت على أظهرهم ثقل أقتصادي وتحدي لم يتعرضوا له من قبل ،وظهر ان من الأفضل لهم ان يتركوا النفاق في التباكي على أوكرانيا ،ويبحثوا عن سبل لأنهاء النزاع بالطرق الدبلوماسية ،لئلا ينكشف المزيد من ضعف أحوالهم فروسيا ليست كدول العالم الثالث الي لعبوا بساحتها بملئ حريتهم .

#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات