سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 08:54
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
((مابين السطور))
لكي يتم قراءة مسئولية وتداعيات الهجوم على السفارة الأمريكية في ضل انعدام المعطيات المعلنة
وكي يتم تفسير التصريحات الأمريكية مابين الرضا وطلب المزيد ومابينهما من تهديد ووعيد مبطن فلابد من إجراء نظرة سريعة على السياق السياسي كخلفية تفسر السلوك الحالي والقادم:
إن المتتبع لمسيرة المنازلة والمغازلة السياسية والعصا والجزرة بين دمشق وواشنطن يلمس أن العلاقة السورية الأمريكية تأخذ طابع التوتر السياسي وهذا له مايبرره على مقياس الصراع العربي_الإسرائيلي وشروط التسوية الأمريكية الإسرائيلية ولعلي أُعَرِج سريعا على بعض المحطات السياسية الهامة كمثال لاحصر أولها حرب تشرين 1973 والتسوية المتفردة على مستوى الجبهة المصرية_الإسرائيلية كهدف استراتيجي لعزلة العالم العربي بناء على النظرية الإستراتيجية الأمريكية((لاحرب بدون مصر)) وتهميش التسوية الشاملة بالمثل على مستوى الجبهة السورية_الإسرائيلية إلى مرحلة قادمة فرفضت سوريا أي تسويات مالم يتم تعريف ماهية السلام والانسحاب الإسرائيلي الكامل الغير مشروط من هضبة الجولان السورية وقد انسحبت سوريا لاحقا من مهرجان مدريد السياسي دون تحقيق أي تنازل لصالح الكيان الإسرائيلي ودون الدوران في الفلك السياسي الأمريكي ودون أي إشارات مستقبلية لإمكانية الانخراط في المشروع الأمريكي الحديث القديم,كذلك عندما أعلنت الإدارة الأمريكية عن ميلاد نظام عالمي جديد بغزوها للعراق وطُلب من سوريا صراحة أن تحدد موقفها من العدوان على العراق إما الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفها اللاشرعي المنبثق من خارج المظلة الدولية وإما ضد الولايات المتحدة ومع الإرهاب,فأعلنت دمشق على لسان الناطقة باسم الخارجية السورية حينها صراحة أنها تقف بجانب الشعب العراقي(وليس النظام) ضد أي عدوان,عندها لم يتأخر الرد الأمريكي وقد جاء سريعا يحمل التهديد والوعيد المؤجل على لسان وزير الخارجية(كولن باول) بأنه على سوريا أن تجهز نفسها لدفع الثمن بعد الانتهاء من المهمة الأمريكية في العراق!!!
ثم تحول الضغط السياسي الأمريكي على سوريا مرورا بعقوبات اقتصادية 2004 إلى الساحة اللبنانية الإستراتيجية بالتعاون مع الحلف اللبناني_الأمريكي(جماعة 14 آذار) وقد أجبرت سوريا على تنفيذ اتفاق الطائف كما جاء لاحقا بقرار دولي 1559 والجلاء الكامل عن لبنان وتلتها خطوة اشد ضراوة حين اغتيل الرئيس رفيق الحريري ودفع هؤلاء فورا بمسئولية سوريا وأعوانها في لبنان بالوقوف خلف عملية الاغتيال ومن ثم شكلت لجنة(ميلتس) وهي لجان ذات أبعاد سياسية تستهدف النظام كما حدث بالعراق وكان دور اللجنة سياسيا وان بدا للعيان وقصار النظر أنها لجنة مهنية وبدأ التدخل السياسي المعهود والتحقيق مع كل رموز النظام السوري كمتهمين وان اختلفت التسميات حتى وصل الأمر إلى التحقيق مع الرئيس بشار الأسد مما حدا ببعض ذوي العلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة للتدخل من اجل وقف هذا الإجراء وبالمقابل نصيحة النظام السوري بعدم إطلاق العنان لخطاب التحدي السياسي أو السباحة المطلقة ضد التيار الجارف بما قد يتسبب بضرر المصالح السياسية الأمريكية في هذه المنطقة الملتهبة , وأكاد اجزم بان العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان وانشغال إسرائيل وأمريكيا بما هو أهم وصمود حزب الله وتحقيق النصر حال دون ضربة شبة قاضية في خاصرة النظام السوري, والاهم أن الهدف من كل ذلك السلوك هو واحد ذو وجهين إجبار سوريا على توقيع اتفاقية سلام مع الكيان الإسرائيلي على غرار كامب ديفيد والاستعادة الشكلية منقوصة السيادة على غرار عودة سيناء بل بشروط وقيود اكبر حسب خطورة موقع الهضبة وتهديدها للعمق الإسرائيلي.
وفي نهاية المطاف تعلم الولايات المتحدة الأمريكية حسب إستراتيجيتها ذات بعدي الحرب والسلام فكما (لاحرب بدون مصر) (فلا سلام بدون سوريا) وبالتأكيد هناك إستراتيجية أصيلة يتم تجاوزها عبثا أو جعلها تابعا عند الهروب للأمام انه لاسلام ولا استقرار للشرق الأوسط والعالم دون حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وما تلك الإستراتيجية الأمريكية ببعديها الا تابع لهذه الإستراتيجية العالمية.
وما حدث من هجوم فاشل على السفارة الأمريكية في دمشق لايمكن فصله عن هذا السياق ولا يستطيع احد التكهن بحقيقة وأهداف الهجوم فقد أصبح تفسير الفرضيات يتبع الأجواء السياسية والأحداث متشابهة وبالإمكان أن تتلاعب الدولة بغض الطرف عن نشاطات بعض المجموعات المناوئة للسياسة الأمريكية العدوانية في العالمين العربي والإسلامي طالما أن صناعة الكراهية والدموية والعدوان أصبح حكرا أمريكيا , فما الغرابة إذن أن يحدث مثل هذا الهجوم على أهداف أمريكية في سوريا,الأردن,مصر,السعودية,اليمن,المغرب وحتى في فلسطين!!! وما الفرق بين أن ينفذ هذا الهجوم قاعدة أو وسط أو قمة تنتهج راديكالية المقاومة في وجه العدوان؟؟؟!!!
وربما تكون الدولة المستهدفة لها ذراع في خلق مثل تلك الهجمات من اجل تحقيق أهداف سياسية في زمن ذروة الضغط السياسي على سوريا فكل سيء مازال ضبابيا وكل احتمال وفرضية غير مستبعدة سواء على مستوى قضية اغتيال رفيق الحريري وانبراء الولايات المتحدة لتولي إدارة هذا الملف وإلقاء الكرة حيثما تشاء أو على مستوى الهجوم الأخير على السفارة الأمريكية بدمشق كأفعال تكتيكية يمكن استثمارها استراتيجيا...فالسياسة بمجملها لعبة قذرة كل شيء أصبح فيها متوقع وتبيحه الغايات السياسية الإستراتيجية!!!!
وحتى لو كانت القاعدة تقف خلف هذا الهجوم ونجح الأمن السوري بإجهاض العملية بأقل الخسائر فهذا لن يخفف الضغط الأمريكي السياسي عن سوريا بشكل بياني حاد وربما تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس لها دلالات سياسية بهذا الاتجاه((الامتنان إلى سوريا لكنها أردفت قائلة لازال من المبكر جدا معرفة من يكون مسئولا عن الهجوم؟؟!! ومازال من المبكر جدا التكهن بأسباب الهجوم وما يعنيه بالنسبة إلى سوريا ؟؟!!)) وهنا بيت القصيد فيمكن أن يبقى الإعلان عن مسئولية الهجوم مجهولا ويمكن الاعتراف باسم مجموعات ضبابية يمكن أن يستثمرها كل طرف لصالح أهدافه السياسية لكن المطلوب من دمشق اكبر بكثير من لعبة التكهن والمسئولية وليس مستبعدا وسط هذه الضبابية أن يُحمل النظام السوري المسئولية عن هذا السيناريو بالمسئولية التضامنية غير المباشرة مع المناوئين للسياسة الأمريكية ولا يستبعد أن يتم توجيه حركة الكرة الملتهبة المتدحرجة باتجاه الجماعات الفلسطينية الأصولية وحتى العلمانية المعارضة التي تحتضنها سوريا وتناصب العداء المعلن للولايات المتحدة وإسرائيل وتحرض على مقاومة الاحتلال والعدوان الإسرائيلي ومن يقف خلف إسرائيل؟؟!!
إن المستفيد الأكبر في هذا التوقيت بالذات جراء الهجوم على السفارة والسيادة الأمريكية بسوريا هي الولايات المتحدة الأمريكية متناغمة مع إستراتيجية الحرب على الإرهاب وتبرير أسباب التحرك العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وذلك بواسطة ملاحقة الإرهاب في مواطنة واجتثاثه من جذوره وتوفير الدعم السياسي والمالي من قبل(الكابتول هيل) الأمريكي وبالطبع واهممن يعتقد أن دمشق مستفيد من هذا الهجوم سواء أحبطته أو لم تحبطه فإسرائيل للنظام السوري بالمرصاد وان تغيرت اللغة والخطاب من حين لأخر بين اللين والحدة فكلها تدور في سياق المنازلة والمغازلة وتدعي إسرائيل باستمرار أن دمشق حاضنة الإرهاب خاصة الأصولي الفلسطيني والعملية برمتها تتبع الاستقطاب السياسي لعملية سلام قهري لصالح الكيان الإسرائيلي!!!!
حتى وقتنا هذا لا اعتقد أن هناك ربط مباشر بين تصريحات الشيخ أيمن الظواهري الرجل الثاني لتنظيم القاعدة بان ضربات القاعدة ستوجه في المنطقة العربية للأهداف الأمريكية والصهيونية فلا يستطيع احد الجزم جزافا بان هذه أول عملية لترجمة تصريح وتهديد الأمس القريب خاصة وان العملية بدت ضعيفة للغاية وغير مخطط لها بإعداد جيد كأسلوب القاعدة المعروف وليس بهذه البساطة مافشلت بتفاديه المخابرات المركزية الأمريكية أو ربما تغاضت عن إحباطه في 11 سبتمبر أن يحبط بهذه السهولة من قبل الأمن السوري بدليل وقوع العملية ولم تحبط بمفهوم وقوع الهجوم وكانت أضراره لاتتجاوز أي عملية فدائية عشوائية تقليدية فما حقيقة الهدف؟؟؟!!!
الأيام أو الشهور القليلة القادمة ستجيب على مالا يمكن تحليلة بسبب الشيء ونقيضه ونقص بل انعدام المعطيات الرسمية ولنا أن لانتعجل الحكم ونرقب عن كثب السلوك الأمريكي والإسرائيلي لكيفية تبرير أو ترجمة أسباب وأهداف والجهة التي تقف خلف هذا الهجوم!!!
بالمجمل لا اعتقد أن هذا الهجوم سيسهم في تحسين العلاقات السورية الأمريكية وكما يقول المثل العامي(( لو أشعلت سوريا أصابعها الخمسة شموع)) لن تقبل الولايات المتحدة الأمريكية اقل من سقف عقد اتفاقية صلح مع إسرائيل والابتعاد عن الحليف الإيراني في مواجهة زحف المشروع الشرق الأوسطي الكبير والتي تعتقد أمريكيا واهمة أن انخراط سوريا في الفلك الأمريكي سيؤدي إلى سقوط أخر قلاع القومية العربية وتتناسى أمريكيا والغرب وربيبتهم الإسرائيلية وحلفائهم من الأنظمة العربية الرسمية ان نتيجة سلوكها العدواني تُسقط قلاعا قومية عربية هشة ساعدت في بنائها وفي قمعها لشعوبها وتبنى قلاع عربية وإسلامية فولاذية كحاضنة للمقاومة لإسقاط مشاريع الهيمنة الأمريكية!!!!
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟