|
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/13
أحمد عبد العظيم طه
الحوار المتمدن-العدد: 7261 - 2022 / 5 / 27 - 20:21
المحور:
الادب والفن
الجزء الثاني
تغريبة المجنون
بازل متقاربة الألوان، مما يدل على أنها من الأرضية.
وليس ذلك إلا إيذانًا بكتابة أخرى يلاقي بها النثر من الواقع رياحًا قاسية، وتشرذمًا كبيرا. مع الإفادة بأنه لا توجد وشيجة كافية بين ما يُطرح، وبين ما هو مطروح منه، ويُسعدني أن أطلب منك التركيز كثيرًا فيما تعمل عليه هذه الأيام، ومراعاة كتابة الواجب، وتقليم أظافرك بالقصافة – ليس بالمقص الذي تحب طريقته في الحركة – كما يحدوني أملاً قريبًا في الحضور إليك، والإقامة بضيافتكَ لليلة أو ليلتين، علني ألتقي بعضًا من مدرسيك، وأرى تقدمكَ الوحشي – الذي ذكرته بآخر خطاباتك– رأى العين. والسلام ختام .................................................................................. فريد الوهمي
لقد بدأ الأمر بمعسكر الشركة العظيمة، ولكنه لم ينته حتى الآن.. حتى الآن.. حتى الآن.. صدى الصوت.. حتى الآن.. أين الصدى؟.. حتى الآآآن.. الآآآآآآآآآآآآآآآآ.....................
معذرة.. دعونا نتجاوز هذه القطعة ......
*******
- لن نتجاوز عن هذه القطعة.. huh.. ما رأيك! (ماري تتكلم بانفعال مخدر، ونفس حزينة)
- إنها مهمة جدًا في تمييز لون الأرضية يا أخينا. (شوقي النجار ذاهلاً كعادته كلما يُعبِّر رؤيا)
- وبعدين ياريت تراجع نفسك وتشيل الفاصل بين الحوار والكلام اللي قبله. (مي تبرد أظافرها، وتبدو فاهمة لما يحدث رغم عدم جواز ذلك)
- لقد قلت أن اسمها بازل.. لا تلق بالاً لأحد (عبد الحكيم رزق غانم بينما يسحب نفسًا عميقًا من سيجارة عادية)
- كن واقعيًا، ثم افعل ما ترى. أنتَ تكتبُ رواية. (آندي ثم.. hahahha)
- اصمتوا لدقيقة.. دعوه يُفكر. صدقوني سيصل إلى قرارٍ (لا أدري!..)
- سيفكر! ويُقرر! كل من عليها فان ولا حرج في ذلك... (قال الكهل الكسيح ذلك...)
- فكرلك أي تفكير جاهز واخلص.. التفاكير مرطرطة قدامك فـ كل حته وحاجات شيك جدًا فـ لبسها.. يبقى إيه اللي يخليك تروح تجيب قماش انجليزي وتفضل تلف عشان تلاقي ترزي عدل يفصلك المترين.. وبعدين انت جاي تفكرلنا فدماغنا مهو مش عشان بقى يعـ... (لوهلة سأكتشف أن لثرثرته معانٍ تتخطى مُدركاتي بشكل حقيقي)...
- .............................. (شخص ما يمد رسالة مكتوبة على ظهر مظروف فارغ!)...
- ...................... (شخص ما آخر يلوح بيديه صامتًا، فبدا أنه فريح البدوي سائق الجيب)...
- أصل انا احسن منه بصراحه كده/ وانا اكبر منـ.......................... (لغط جماعي مطبق لثوان)...
- أنا بقالي بتاع عشرين سنه وسيط.. بس عشان بختي وحش عمري ماقضيت مصلحه لحديت دلوقتي ودلوقتي يا حضرات أقدر أقولكم ان الحته دي أوريجنال بس تبع العصر العبيط... (هكذا يسمى تجاريًا عصر ما قبل الأسرات، وكان يتكلم متفحصًا القطعة بريبة وتدقيق مبينين)...
- ما هذا الهراء.. إنكم ثلة من المجرمين والأغبياء. (هكذا صرخت سيرينا بانجليزية لائمة)
- ما جمّع إلا ما وفق. (رائف بوجه خال وحقد دفين)
- الموت للساحر (زعق رمزي بلهجة جاهلية مضحكة)
- تحيا العدل/ تحيا العدل.. (أناس حمر لا أدري عنهم حقيقة هذه المرة...)
- بل الموت للسافر.. هه! (أناس زرق كالمساجين)
- لا..لا..لا... لا هذا ولا ذاك.. بل إنه ما بينهما. (إمعة!)
- صدقتَ. فهو شديد الضلال (الوزير معت؟... ولا أعلم ما الذي أتى به هنا، أيضًا رئيس الحـ...)
- الموت للضال/..... (الجميع في صوت واحد بإيقاع حماسي صاخب)
- ................................. (أناس بعدد النقاط يرتدون الساتان والسموكن تتزين بهم قاعة مسرح البلد، وتأمهم لجنة من بعض الوجوه المعروفة لممثلي مسرح الشريحة)....
- حرق المراحل... (وكان ينفض سيجارته بهدوء مفتعل، وابتسامة أرادها صفراء، لكنها أتت حمراء.. فبدا كأنه يقول شيئًا مهمًا)...
- إحرقوله مراحله.. إحرقوه كله لو أمكن يا عيال... (شخص يعيش بالوهم إلى درجة الخبل، له عيال يعتاش على صحبتهم)..........
- قشطه / مفيش مشاكل/ هوا/ وجب/ عنب/ سيبهولييييي/ أساسي/ دنا اطلـ........... (العيال تجيب)...
- الحق حق وكدهُه..مش في حد يزعل من الحق يا أساتذه. (الشيخ محمود أبو زهرة محاولاً التملص من لهجته الأصلية قدر الإمكان)...
- أنا أيضًا أريده ميتًا. صدقوني. .........(فريد الوهمي....)
لكن أحدًا لم يُصدق يا أخي، فساءني ذلك جد كثير، وقلتُ في نفسي: ما الذي يُبهج أولئك القوم إلى هذه الدرجة، إن هم رأوا مشهد الشظايا الغزيرة تتفصد من القلوب والأعين............
- ............... - جميل جدًا وحاجه آخر مفيش بعد كده.. بس مينفعش كده عمال على بطال يا هندسه.. فين التقليد الحكائي – tax stamp – وجو العصور الوسطى والشغل التقيل دا يا أخي؟.. (وكان ينطق المصطلح الإنجليزي باستهجان واضح...) - لا أستدعيك.. أنت الذي لا تريد نسيانك!.. - التبسيط لازم.. أنا عن نفسي شايفه لازم.. وبيني وبينك مياكلشي تبقى مقضيها سموكن وكرفتات وكل الهدوم اللي فـ الدولاب هدوم عاديه مفهاش ريحة البدل يا أخي!.. - اللعنة... - أيوااان.. كده انت فهمت.. تصبح على وانت من أهله يا أخي... - ......................... *******
انقلب الجو على حين غرة وأمسى شديد البرودة، مصحوبًا بهواءٍ محمل بغبار خفيف، وأناس مسرعة بسيارات، وآخرين على أقدامهم إلى محطة المترو، فبدا الطقس كاملاً كمزيج من الموت والخوف.. وكنا صحبة فريدة نتمشى بوسط البلد – كان من النادر أن ألتقي مثل هذا العدد المتنوع من أصدقاء مارتن بعطلة واحدة – سيرينا، ماري، حاتم، رمزي، رائف، آندي.. كنت أتبادل الرفقة محاذيًا أحدهم كل فترة أثناء التمشية – غير الجماعية لكثرة العدد – فهنئت رائف على ألبوم الكاسيت مرفقاً ذلك بثناء كاذب.. وقلتُ لـ آندي How do you do? محاولاً إظهار درايتي بثقافة اللغة، ذلك أنني لم أسأله How are you? لسطحية المعرفة فيما بيننا.. وتحدثت وسيرينا بشيء من التعثر المشترك – في الإرسال والاستقبال – حول مباراة Barcelona /Arsenal بنهائي أوروبا، وكيف أن الأخير كان يمكنه الفوز لولا التغيير الإجباري عقب إصابة الجناح الأيسر.. كما اطمأننت على صحة ماري بعد نوبة برد كانت ألمت بها خلال عطلتي الفائتة، وبان جدًا أنني أود اختلاق حديث إثر ملاحظتي ابتسامة مارتن اللئيمة.. و.... لكن الآن قد صار التفرق عملاً حتميًا، بعد أن انفلت عيار الجو إلى هذه الدرجة الطائشة، فانطلق كلٌ إلى مواصلته – فرادى – عداي ومارتن ورائف وسيرينا، سلكنا جماعة باتجاه شقة مارتن، مكملين السير في تحدٍ طفولي ساخر لقدرة الطبيعة على الإيذاء، ولسع الوجه بذرات الرمال الطائرة...
- رائف شكله مزبط الحرمه دي.. صح؟... (هكذا زعقت بأذن مارتن بينما رائف يتأبط سيرينا على مبعدة ويقاومان الريح في ضحك...) - ميش اعرف كتير.. باس مومكين صح... - ................... - ..................
........ شاهقًا فوق أحد البنايات الشاهقة، كان إعلانًا ضوئيًا كبيرًا، يحتوي وجه امرأة وهمية، وكانت تبتسم كالحلم في أوله...................
*******
متن الغرابة ............................ وهو ضربٌ من المغالاة في افتعال الغرابة أمام الناس، ولربما يكون الأمر برمته راجعًا إلى حدة الملل، ورتابة الحياة، أو أنه أيًا كان السبب الذي سيدفعك لتسأل هذا السؤال: كــــيـــف يــــمـــكن أنــ أجـــــــــــــــــــــن؟...
بداية أود طمأنتكَ، والشد على يديكَ – كي تنحني– مؤكِدًا لأنكَ أبعد ما تكون عن ذلك المرض العقلي الباهر. بل وإنكَ أعقلُ العاقلين. غير أنك تعاني شيئًا من الاكتئاب الذي يدعو إلى بعض المغامرة، أو تغييرًا للجو، بحسب المتاح أمامكَ من الأبواب المغلقة، أوالمواربة، أو نافذة الزنزانة إذا كنت سجينًا.. ولكنني لا أنصحك بمضادات الاكتئاب فهي تزيد الحالة سوءًا إضافة إلى سوءها الأساسي.
فإذا قرأت على سبيل المثال، النشرة المصاحبة للـ سيجرال، ستجد أن الغرض الرئيسي من المستحضر ليس يتعلق بالمعالجة، وإنما هو المساعدة والإسراع بتدهور حالتكَ الاكتئابية، عن طريق محاصرة الـ سيراتونين بتلافيف عقلك، واستنزافه قطرة فقطرة، حتى يتخثر عن آخره. وبالتالي ستجد أن مقاومتك –التي كنت تعول عليها كلية – تنخ شيئًا فشيئًا إلى أن تنتهي تمامًا.. حينئذٍ أعدك أنك أنت شخصيًا/ ستقرر/ أنت شخصيًا/ مغادرة الاكتئاب، كنوعٍ من غريزة البقاء، وستَكره نفسكَ التي تميل إلى الكآبة، بينما تحب نفسكَ التي أخرجتكَ منها.
أما في حال قراءتكَ لنشرة الـ افرونيل، فستكتشفُ أنك غافل كبير– بأنك اشتريته – ولأن شركات الأدوية تأكل الشهد من وراء أمثالكَ الغافلين.. ذوي الاكتئاب المهرطق، وليس المكتئبين المحترمين كالأستاذ في اكتئابه المحترم، كما هو أستاذ بالرياضيات.. الأستاذ/ شاهر عدي. فالمستحضر يعتمد على إدخالك إلى حالة من العته المؤقت، تؤدي – فيما تؤدي إليه – إلى حالة من الغفوة المريرة، وهي ليست غفوة بالمعنى المتداول للنوم تكون.. فلا أنت نائم، ولا أنت مستيقظ، ولكن المادة الفعالة "؟؟" تسري بدمكَ واصلة إلى النيورونات المكونة لهلام مخك، مما يصيبها بالشلل الهزاز، أي أن الصورة الواحدة تتكرر في تفكيرك آلاف المرات– آلاف المرات يا أخي!– وتسمع الأصوات قادمة من بعيد لكأن النداهة تندهك، غير أنه ولا حتى "أم الحنة" بذات نفسها ستقدر على جعلك تلتفت إليها.. إذ أنتَ تسبح بالفراغ والوحدة وحدك، وتضيق بهما لأنهما يتكرران آلاف المرات – آلاف المرات يا أخي يا أخي يا أخي يا أخـ...– وليتك ستفهم حاجة في حاجةٍ – من قسوة الإفراط بالجمل الاعتراضية – أنت لا تفهم. كهذا يكون الـ افرونيل. وثمة أنه قد تأتي للـ ميراجات كثيرة الأسماء، فإنها لتتلخص في تحول جهازك العصبي إلى وهم محسوس. أنت تمسك السيجارة بين سبابتك ووسطاك بطريقة وهمية، تتحرك بطريقة وهمية، تأكل، تشرب، تتكلم، بطريقة وهمية. مما سيُهيئكَ جيدًا للانفراد بذاتك. فإما قاتلاً وإما مقتولاً، هذا أنك من الجائز بشدة أن تقول للرجل المبتسم أمامك – مصافحًا إياك– أن أسنانه قذرة جدًا، مع العلم أنك لا تعرف عنه بتاتاً، سوى أنه قريبٌ لصديقك الذي وقف ليصافحك في الشارع سائلاً عن أخبارك وأين كنت غائبًا لثلاثة أشهر تقريبًا.. قطعًا أنت لاتقصد إهانة الرجل، ولكن تقصد لفت انتباهه أن هكذا لا ينفع، وأن أسنانه صدأة جدًا كصفيح المعلبات القديمة الفارغة.
أحوال حرجة ستضعك بها مضادات الاكتئاب، وعليها من أيام غابرة بالمعسكر، إذ كنت تجرش بالأربعة والخمسة أقراص، فيغيم وجهك في الموت، وترفُ روحك فوق المركب الغرقانة يا أخي.
- وكم كنتَ غامضًا، صامتًا، كسولاً.. تجاه الجميع كنتَ هكذا. فلم تكن اجتماعيًا بالمرة، كسمكةٍ قُذفتْ من البحر إلى البحيرة، فاستغربتْ السمكة أترابها الجدد، فهم لا يُشبهون القدامى تمام الشبه. إنهم راكدون، رتيبون.. محليون.. ومكررون جدًا. - لقد نصح الماوردي في أدب الدنيا والدين، بالابتعاد عنهم. عدا الذين تصطفيهم الروح........ - فريد الوهمي........ - الشطحان رايح معاك بكتير كده يا أخي؟ خلاص بقيت بتكلم نفسك زي المجانين!... - ................................. *******
- Where are you going? (إلى أين ذاهبة؟) - Laundry (المغسلة) - Wait please Well.. (حسنًا.. انتظري من فضلك)
بعض القطع كانت قد اتسخت، وأفكر بينما أجمعها أنه من قلة الذوق أن أرفقها طي ماري للمرة الثانية على التوالي، حتى وإن كان هذا الخمول الذي يكتنفني يحضني على ذلك...
- I will come with you (أنا سوف آتي معكِ) - If you tired y… (إذا كنتَ متعبًا يمـ...) - No، No.. I come (لا لا.. أنا سآتي)
لم تكن المغسلة بعيدة كما اعتقدت، فهي تقع بمنطقة البازارات ولا تحتاج إلى ركوب مواصلة.. بالقرب من الباب جلس كهل ذو عوينات سميكة إلى مكتب صغير، وحين تقترب ستكتشف أنه كسيح على كرسي متحرك، يتحدث الإنجليزية جيدًا وببطء غير مقصود، لكنه– البطء – يشعرك بدناءة العنصر التي يتمتع بها ذلك الكيان العليل... كان قد لاحظ تفحصي في حين يتناول النقود – والتي خرجت من جيبي ملتصقة بدفتر بفرة منسي – فقطع الإيصال وأدار وجهه ناحيتي قائلاً بذات البطء: منين اخويا؟
- من أي حته تخطر على بالك - شكلك صعيدي... - فرعوووني.. ينفع!.. - هاهاهـ.. ينفع.. مع إنه خلاص.. بح.. مفيش.. مفيش بقى سجارة دخان لاخوك الكبير يا فرعوني؟ - كان في وخلص يا كبير.. معاد استلام الهدوم إمتى؟ - مكتوب عندك في الوصل...
نغادر المكان وأنا على علم بأن عينيه الحقودتين جدًا قد كادتا تفقآن، جراء معاملته بذلك الغباء الشديد.. لم أكن أهدف إلى تحقيره، فقط قصدت إشعاره بألا يضع الناس كلهم في سلة واحدة.. *******
كان الناس يضربون بحجر واحد – مؤبدون – حتى جئت أنا فرأيت بقية الجبل.
*******
أن تتقمص الناس/ "من حفل تنكر مي"
كانت ولابد أن تُفعّل خاصية التقمص قيد ذلك الجو التنكري المُطبق، فها أنا أخرج من هنا إلى هنا دون تمييز مُيسر فيما بين نظرة وأخرى، ولن يجدي اعتماد نتائج الأعين كلية – كلما سنح تحديق متكرر – فلا مر عابر دون قناع، حتى أولئك – موحدو الزي – أفراد الأمن الداخلي، التابعين للشركة الخاصة للتوريدات والأمن، والمنتشرين كالهوام خلال الحديقة. أيضاً ها هي فرقة الأكروبات الروسية – كما قال مقدم الحفل – تعتلي المسرح المعدني ذا الديكور المبهر – وجميعهم يرتدون أقنعة الدببة الجليدية البيضاء، يتوافدون متدافعين بارتقاء جماعي صاعد، متفرع – يشكلون شيئا ما بالفراغ – فيما بدا أنه يعد استهلالاً قويًا للحفل، لكنه كذلك يشي باستمرارية هذا الجو التنكري المقبض، دون أدنى فسحة من مجال للقياس الطبيعي الحر، حتى أنه لمـ..........................
- ..............................
- أن تتقمص الناس، يعني أن تتوهم لنظرك، وتلقي بعزيمة داخلية شديدة، حاجبة للذات، مفزعة لك، غامضة لغيرك – فلا تُحتمل إلا لمن هو كان يحمل بفكره جينات وهمية من البدء، وليس لمن تعلمها على اغترار – هكذا يمكن تفسير الأمر فنيًا في بضع عبارات مفصولة، تنتهي بجملة اعتراضية طويلة................... فريد
- ولكن ليتها الأمور كانت بهذه البساطة الساحرة يا أخي، فما كان للعظماء – السحريون جدًا– مكاناً أفضل مما يشتمل على بارمان، أو فرد أمن، أو راقصة موالد، أو مطربة تركية ترتدي وجه داليدا، أو موظف الاستقبال بكوخ المأكولات الإفريقية، والذي كان يرتدي قناعًا مضحكاً لإيدي ميرفي...
- أما في حال إيثار الشروح المعقدة للأحوال الأكثر تعقيدًا– والأحوال لا يُقصد بها جمع الحال، إذ أنها حالة محددة، ومطلقة – متعددة– رغم ذلك بآن واحد، ولكنها ما استعصت على الحل، وما حولها كان لا يعدو كونه كائنًا من كان؟ فذاكرتي شاملة إلى هذه الدرجة... من كان؟ من كانت؟ من كانوا! من هؤلاء! من أولئك؟!.. من أنتم...؟؟؟؟؟ .......... فريد الوهمي...
- للمرة الأولى سأتعلم أن كائنات/ من تكوّن يا إلهي ومولاي وسندي لا إله إلاك يا خالقي وهبتني عقلاً وأوجدتني بالحياة، وأعنتني بالرزق والحب والمعرفة.
- إذن.. أن تتقمص الناس يعني أن تكون من هنا بمكان، حاضرًا في غيابك، غائبًا في حضورك، وأنت الجميع، والجميع أنت، في حين أنك أنتَ أنتَ، وأنهم كل واحدٍ كما يكون.. ولا شيء غير الحقيقة في الحقيقة.. في الواقع لا شيء غير الحقيقة في الحقيقة.
- ولئن تفوهت هرطقة فإنها مهمة رغمًا عنكِ يا شديدة الأهمية، ذلك أنني من أكتب – لكأنني أداخلكِ يا سيدة فريال– وإنك لن تستطيعي أن تخلصي إلى ما تفكرين به الآن... حالاً........ الآآآآآآآآآآآآن........ أوترين سحرًا؟ أم لغة تتكلم، نافذة، ثقيلة على الأنفس، كالأيام تمضي فلا ترجع؟ أم أنك عمياء بالثلث؟؟ هه؟ قولي: هه؟ هه!......
- ................................
- ...........................................
- أظن كنت فاكر هتفلت بعملتك السوده! هه؟؟.. مش السيده فريال يا حبيبي اللي تترمي فـ قبو محدش يعرف عنها حاجه مع واحد غلبان زي ده... (وتقدم آندي من ظلمة الحديقة مبتسمًا، ومحتضنًا لقناع نيكولاس كيدج بسعادة كبيرة)...
- ........ـعتيني يا ميـ............................... - .......... ماسمهاش مي.. اسمها جلنار...............
- صه جيدًا.. أصخ سمعك.. إن كل ما سبق بهذه الفقرة بدءًا من العنوان مرورًا بما هو مكتوبٌ، وصولاً إلى هنا/ ليس مجانيًا. بل إنه مدفوع الأجر إلى درجة دامية.. فاغمس كفيك من الدم واضربهما فوق باب بيتك، أعلى العين السحرية.. فقط كي تبتعد الأرواح الشريرة.. هكذا بلا كلام كثير......
*******
كتابة جديدة
لم يكن السائب في السائب، بل كان الرباط كخيط العنكبوت لا يُرى من بعيد، ولكنه مجدول بالعناية المكفولة لجدل حبل مشنقة – لا تقتل – هكذا أردتها – غير قاتلة – فقط كرامة لمن حُكم عليه بلا ذنب غير التفاته إلى ما لا يعنيه في شيء – وهو ذنب متداول كما تعلم سيادتكم، وحيث أن الـ................
وإن هذا النوع من التفكير الانفجاري – أي الذي ينفجر مثاله بالمحيطين به – لن تنفع معه نسبة الـ 50 % عمال وفلاحين، طبقاً لما أدلى به سيادة القنصل في حديث قصير للمجلة، أجري معه عقب تظاهرة حاشدة بإحدى الجُمع الرئيسية.. أيضًا أشار سيادته إلى جبرية الاجتماع بالخبراء القانونيين، وكتبة الدساتير، وذوي الأيادي البيضاء من الساسة السابقين، وذلك لطرح الموضوع ومناقشته بعدالة، تمهيدًا لاستخراج قانون جديد للانتخاب الطبيعي الحر، بما يقصره على الصفوة الممتازة من عينات التصدير إلى الخارج.. والتي نشأت بالخلاء الدستوري الذي أعقب الثورة مبتسرة الرأس...
- لم أكن أسعى إلى ذلك كله - ولم يكن التنظير في نيتي فاعلاً - فأنا محدود بالمدى - المدى حدود - أنا جاهل يا أخي/ صدقني. - لكن أحدًا لم يُصدق يا أخي!..
******* الكتابة الحقيقية
...، مع العلم بأنه كون الكتابة – يقصد السرد بالكتابة – حقيقية، ليس له أي دخل بقيمتها على المستوى الإبداعي لشيء ما، ذلك أن عملية التقييم تلقائيًا تجيء خاضعة لمعيار الفن – المحدد تراكميًا سلفاً – وليس لمعايير غيره من الوسائط المتعددة – الدين على سبيل المثال – لكن الفكرة الارتكازية تكمن في أنه غالبًا ما تنزع الكتابة الاعتيادية، إلى المبالغة في تسميك هذا الإطار المعدني المتوهم للفن – الحبكة على سبيل المثال – ولقد يكون الأمر برمته راجعًا إلى ذلك التقديس الأعمى للشكل المجرد، والمفصول عما يحتويه بطريقة صبيانية مضحكة – في بعض الأوقات – لهذا يكون المعنى هو السيد على الشكل في كل العصور. حتى إذا اندمج الشكل بالمعنى – أي أن يقتطع الإطار من الصورة – قال: من أنت؟ قلت: قتيل. فبكى قليلاً، ثم مضيت ميتًا...
*******
عبده النحلة
هو مندوب التوريدات الأشهر في دهب. وقال لي حسن بسطان – عقب المشادة الكلامية – أن الكثيرين من بين المشتغلين بكار المعمار– هنا – يعتمدون عليه في جلب الخامات اللازمة من تحت – أي ما عدا سيناء من النواحي والبلاد – وأنه قد اشتهر بهذا اللقب، تبعًا لنشاطه الزائد في التنقيب عن الأعمال الدائرة بالجوار، وليس لكونه أرزقيًا كما ظننتُ بالبداية.
- نحله.. (تحية مختصرة تعود تبعاتها إلى رصيد صاحبها من المودة عند الآخر...) - أستاذ.. (رد مختصر ينم عن فهم جيد لأنواع التحايا، فليس ثمة إلحاق بمساء الفل أو أخبارك...) - حمد الله عـ السلامه.. وحشتنا غدراتك يا حته... (الغدر إحدى تطبيقات لعبة الجوكر) - متشوفشي وحش.. نشوفك الليله عـ القهوه بقى.. متزوغشي وتنفض كالعاده... - هحاول عشان خاطرك يا حته... - إنما قواعد الحمام الغريبه اللي في المخزن دي جايبها لمين يا نحله؟... (يسأل حسن بسطان النحلة) - عاصم راجي.. الواد الاصفراني المقاول انت عارفه - عارفه عارفه.. دا معاه شغل لصاحبة الأستاذ... (بافتخار يراوح حسن بسطان نظره بين النحلة وبيني) - يا راجل!.. هي هي دي؟... (يتوجه إلي بما يبدو أقرب إلى الانبهار عن كونه سؤالاً)... - .... (أومأت للنحلة بلامبالاة بينما أتصفح كتالوجًا حديثاً لأنواع السيراميك).. - واقع واقف يا أستاذ.. دي بتعمل حتة دين فيلا عـ البحر.. وهم الوهم... أكيد شوفتها طبعًا... - أكيد. - متعرفشي عاصم حاسبلها الأسمنت المائي بكام؟... - سدقني معرفش أي تفاصيل - تلقاه عامل مصلحه موت ابن الـ... - ازاي يعني؟.... - لا لا ميعنيش.. أنا قصدي في المصنعيه.. مصنعية المائي بتبقى غاليه غاليه صراحه، يعني في خلاطة يوميتها لواحدها بـ......... - .................................. - ..............................
#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/12
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/11
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/10
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/9
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/8
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/7
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/6
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/5
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/4
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/3
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/2
-
بازل لزهرة الخشخاش - رواية - 30/1
-
00
-
كتاب التبيُّن
-
كتاب الخواطر
-
الصورة الكاملة -فصل من رواية-
-
ديوان تشوه لا إرادي - 8/8
-
ديوان تشوه لا إرادي - 8/7
-
ديوان تشوه لا إرادي - 8/6
-
ديوان تشوه لا إرادي - 8/5
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|