|
خلفَ كُلِّ امرئٍ شَّخْص ما
ملاك أشرف
كاتبة ادبية
الحوار المتمدن-العدد: 7257 - 2022 / 5 / 23 - 14:07
المحور:
الادب والفن
نلحظ إن عبارة " وراء كُلّ رجل عظيم امرأة" أو "وراء كُلّ امرأة عظيمة رجل " ماهي إلاّ عباراتٍ ضمن دائرة المُبتذلات والسّطحيات وعليهِ إن لهذهِ العبارات مدى أعمق ممّا هو متداول ويتم الصّراع حولهُ، معنى قريب وآخر بعيد، معنى ظاهريّ والآخر باطنيّ، عند الوقوف مطولًا عند هذه العبارات نلمّحُ مفهومًا في غايةِ الأهمية ومُمكن أن يُعدَ سائد في الذّات البشريّة وهي في حاجة وتطلّع إليهِ على الدّوام ومن المُحال غض النّظر عنه أو تجاوزه باستهجان وهو أن تطوّرَ الذّات لابد أن يتم من خلالِ خطوات ونجد من ضمنِ هذهِ الإجراءات: كتب وأشخاص؛ فلا يتمكّن المرءُ من شقِ طريقهِ بنفسهِ دونَ كتابٍ وشخصٍ ما، يرسمُ لهُ خرائط الإبداع ويرشدهُ إلى طرقٍ واتجاهات، تعد مفتاح للمَلَكَة الحبيسة داخل خزائن، يحاوطها تردد وذُعرْ من المُحدِق والمهيض، وهُنا رُبما يتساءل أحدهم عن ما هو أكثر تأثيرًا وقدرةً على فتح خزنة المواهب وإنطلاق الذّات من دون وجلٍ وتَلَجْلَج، أهي الكتب أم الأشخاص؟ وحيّنها يكون الجواب: كليهما والأكثر والأكبر هو شخصٌ جليل ما، شخصًا أكثر خبرة وتعمق في المُراد الذي يتطلع إليهِ الآخر ويرغب بالوصول بقدرِ المُستطاع، هذا الشّخص البَرّاق الذي قد يكون أي فرد من هذهِ الحياة، بعيدًا عن الجنس واللون والعرق والأديان هو من يمسك بإحدى الأيدي ويضعها في المكان الصّواب فيجتمع الشّخص الصّائب مع المكان السّديد ويحرز المرءُ ما يرغب ويُريد بشكلٍ أوضح وأنفع دونَ تيهٍ وضياعٍ وشجن من التّخبط هُنا وهُناك، جميع ما يقدّمهُ هكذا أشخاص، يُقابل فيما بعد بنكرانٍ ومُحاربةٍ ومحاولة حذف وجودهِ وبعبارةٍ أُخْرى عرقلة إبداعهِ ووضع حواجز مُبرحة للحَدَّ من تقدّمهِ وسعيهِ المتواصل؛ للتَّمركز في الأماكنِ وسمو الذّات على حساب الآخر وعدم الإعتراف بما كانَ يقدمهُ في السّابق. إذ عدنا للوراء سيظهر شَرِيطًا أمامنا، يُعرض خلالهُ كيف كانتْ الأديبة مي زيادة على علاقات برائدات الحركة النّسويَّة في مصر كهدى الشّعراويّ والتي أتخذتْ مِنهُنَّ نموذجًا لطريقها عندما انتقلتْ في القاهرة وظلَّتْ هذه العلاقات قائمةً وتعترف بها مي وتم تسجيلها في سيرتها الذّاتيَّة المُعتادة، ولَمْ تمارسْ الجُحُود والتّقليل من شأن الآخر لتعلو وتبرز وتحط من قيمةِ الآخرِ بل تمكَّنتْ من إقامة صالون أدبي وخالطتْ المُبدعين والعظماء؛ لما لها من تكوين واثق، صلد، لا يهزهُ كُلّ من دب وهب وما نكران المُتفضل سوى دفاعٍ عن النّفسِ والحفاظ على وجودها الهزيل، القابل للزوال بمرورِ الأيام، كذلك نرمقُ أثر ماري هاسكل في جبران خليل جبران ونتج عنهُ سعيًا لتوطيد العلاقة والمُصاحبة طويلة الأمد. نستنبط إن المكوث في مكانٍ ومُحاولة إقناع المُصغي بأن الإبداع والبراعة كانتْ من ذات الفرد ولَمْ يكنْ لشخصٍ ما في إحدى مراحل حياته دور مُعين ولو كانَ بسيطًا فما هو إلاّ خداعًا للنفس ومن ثم المُقابل ولمْ تعد الأُناس تستمع وتُصدق هكذا أوهام بعد الآن فكافة من يرى شخصًا ساحرًا وخلابًا، يسألهُ عن كيفية نيل ما تم تكوينه ونشأته في اللحظة الآنية؛ وعليهِ تم تداول عبارات المُبتغى منها بأن يوجد مَن هو قادر على الإنقاذ وترقية من يُصاحبه فالطبع سراق وفي نهاية المطاف يكون الإنسانَ حسبما يكون رفيقه المُلازم لهُ باِستمرار وحينها نطلقُ عليهِ سمة( المنفتح لُّبًا وفُؤادًا). باستطاعتنا إبدال هذه المقولات المُتداولة والسّائدة اليوم بـ " وراء كُلِّ امرئٍ مُلهم ما" أو " يسندُ كُلّ فرد رفيق بارع ما" ما قالتهُ مي زيادة عن هذا: "ذاتك ترتسم في ذات كلّ منهم، والنّجاح مع الصّداقة أبهر ظهورًا والإخفاق أقلّ مرارة." مع عدم نكران وإلغاء من أسعف يومًا ما، وإيصال رسالة بأن يوجد من ينقذ ويسعف ويشاطر وذلك بالسعي لمُرافقة وإيجاد هكذا نوع من الأشخاص، نتوصل إلى واقعٍ سليمٍ، يخلو من المُحاربات والبحث وراء الآخر لإلغاء وجودهِ والتَّمكُّن من التّغلب عليهِ والإطاحة بهِ أو إهمال ما قامَ بهِ من دورٍ كالملاذِ. ولا نغفلُ عن عبارةِ " خلف كُلّ امرئٍ نفسه" فلا يستطيع المرءُ أن يتطوّرَ ويزدهر بوجود الأشخاص ما لَمْ يتحلى بالإرادةِ وقوة الإصرار، التي تمكّنهُ من السّعي والاكتسابِ وبناء الذّاتِ، فمن لا يسعف نفسهُ ويحاول اكتشافها والغوص فيها أولًا، لا أحد يسعفهُ ويعرف كيف يكتنفهُ.
#ملاك_أشرف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشّوارعُ تُطفئُ الأضواءَ
-
الشاعر الذي لم يتوسل شعره صحيفة
-
بعتُ حياتي
-
أوْرَاق الزَّهْر جَرفها النَّهْر
-
زمنُ الذئابِ
-
أين تُخَلد قصائدي؟
-
يجب أن أعودَ وأغلقُ البابَ
-
خلفَ كُلَّ امرئٍ شَّخْص ما
-
لماذا تواجد الفنّ وأصبحَ جُزءٌ مِن كُلِ إنسانٍ؟
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|