|
ما بعد الحرب على لبنان قلق أسئلة لآفاق قادمة
محمد زكريا السقال
الحوار المتمدن-العدد: 1674 - 2006 / 9 / 15 - 03:07
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أثار الصمود المدهش الذي حققه حزب الله في مواجهته للهمجية الصهيونية ، أسئلة على كل قوى التغيير في المنطقة العربية ، ولسوف يترتب على ضوء مناقشتها والتعامل معها معالم ومستقبل المنطقة . من الواضح أن كتابات وملاحظات كثير ممن تناولوا العدوان على لبنان والمقاومة الباسلة لحزب الله ، كانت في جزء منها إما ناقدة من زاوية رؤى ايديولوجية محدودة الآفاق ، أو من زاوية برامج مصلحية لا تجد بالمقاومة إلا معطل لها ولمشاريعها المستقبلية . ومما لا شك فيه اننا في الساحة العربية ما زلنا أمام مرحلة قراءة واستشفاف الرؤى للمستقبل الذي لا بد سيحمل معه إصطفافات جديدة للنخب السياسية والثقافية على ضوء المتغيرات في منطقتنا. ومن الواضح الى الآن أن بعض نخبنا السياسية والثقافية لم تحدث مجريات الأحداث والنتائج تغييرا جذريا في وعيها وانها مازالت أسيرة عقلية الثقافة القديمة ، ثقافة الهزيمة وثقافة التسوية. وهما محددان سادا المنطقة العربية منذ فترة قاربت الخمسة عقود ، لم يخترقهما سوى هذه المقاومة التي انتجها لبنان وقد استطاعت أن تقول الكثير . من أهم الأشياء التي قالتها المقاومة امكانية الانتصار وامكانية مجابهة المشروع وأحد أهم الأسئلة التي كانت تجابه كل قوى التغيير تمت الاجابة علية بطريقة عملية خلال الحرب الأخيرة على لبنان . عبر السنوات الماضية كنا نعرف المشروع و فتحنا أعيننا على مواجهته ويتحدد في تقسيم الوطن العربي ، وزرع الكيان الصهيوني كثكنة لتصدير الثورة المضادة ، ونهب ثروات المنطقة والحفاظ على التخلف والتبعية . لكنا عبر تربيتنا في مدارسنا النضالية ، قومية كانت أم يسارية ، ام دينية ، هزمنا بآليات عملنا السابقة ، ومازلنا مهزومين أمام تحدي المواجهة ، إلى أن انتصر لبنان من خلال مقاومته وآلية عمله والروح التي زرعها. الانتصار هنا نسبي وسيبقى نسبي ومعرض للهزيمة إن لم يأخذ في حناياه غاية أساسية ألا وهو الانسان وكرامته. لأن الغاية بالنهاية هو انتصار مشروع الحياة الحرة الكريمة التي تسودها العدالة والقانون والدستور الذي يعطي المواطنة حقوقها ، ويحدد انسانيتها ، وهذا لن يكون إلا بدحر المشروع كهجمة خارجية ، ودحر أدواته الداخلية والتي يشكل النظام العربي ركيزتها الأساسية . هنا تبرز إشكالية قوى التغيير في الوطن العربي والمقاومة في لبنان على حد سواء ، هنا يتحدد جوهر الدروس وضرورة هضمها . في البدء كان الانسان وكرامته وهنا السؤال الذي يجب أن نعمل على تحديد معالمه وكيفية أن يكون هذا هو الشاغل الأساسي والمنطلق لكل القوى والأحزاب والمهتمين بالتغيير والشأن العام ، كون أن هذا الموضوع في جوهر مقاومة الهجمة الخارجية على المنطقة وأدواته الداخلية . علينا أن نطرحه بشكل جاد ونثيره كمفصل أساسي لتقف أمامه قوى التغيير في المنطقة العربية ، لتقف وتقدم رؤى ناضجة وغير مستلبة لتطرح إنطلاقاً منه آليات عملها للمستقبل أولاً كي تتمكن من وقف حالة التدهور والاستباحة التي يتعرض لها انسانها ومواطنها من كل صوب. نعاود هنا طرح سؤال آخر من زاوية أخرى ، كيف تسنى للبنان هذا البلد الجميل والصغير ، أن ينتج مقاومة استطاعت الصمود و تحرير بلدها من احتلال الثكنة الصهيونية بالوقت الذي عجزت فيه أنظمة عربية قوية بل وتعتبر من أهم الحلقات المركزية في الوطن العربي عن تحرير أراضيها ( استعادت مصر أراضيها باتفاقات مهينة ومذلة مازالت تدفع ثمنها تبعية وفقر وابعاد عن شؤون المنطقة وكذلك الأردن عبر اتفاقات طوبت كل مقدراته وكرست تبعيته الكاملة، ناهيك عن أوسلو وتبعاتها الحاضرة ) ماهو دور الهامش الديمقراطي الداخلي في خلق وانتاج هذه المقاومة في لبنان؟ من الأسئلة المهمة التي قالتها الحرب ، أن مقاومة ممتازة وذات خبرة بإمكانها تحقيق نصر استراتيجي على الثكنة الصهيونية ، رغم انه ليس مطلوب من لبنان وحده تحقيق هذا النصر ،إذ يكفي لبنان أن يحقق استقلاله وسيادته ،شرط أن يرفد استنهاض مشروع تحرري للمنطقة. السيد حسن نصرالله حدد في مقابلة مع الجزيرة أن الحزب ، المقاومة بصدد مراجعة شاملة لمسيرته ، ومن منطق الحرص على التجربة تتزاحم أيضاً هنا الأسئلة ومن أجل التذكير بأهمية النقاش بها . على ماذا سيرتكز برنامج الشراكة المطروح مع الدولة؟ ما هو شكل الدولة ذات السيادة ، القوية والعادلة والقادرة وما هو دور المقاومة فيها ؟ هل يرى دور للمقاومة مثلاً في المساهمة بإعادة استنهاض المنطقة؟ هل هناك امكانية لعمل سياسي برنامجي جوهره الخروج من الأيديولوجيا ؟ هل تجد المقاومة قوة في بناء جبهة مع العلمانيين تمنع اسقاطها في فخ الصراعات والخلافات المذهبية ؟ هل بإمكان هكذا جبهة من حفظ و الاستجابة لحقوق الشركاء ؟ للبنان خيارات واضحة ومحددة فلا يمكن لطائفة واحدة ان تقوده وتسوده، لبنان بلد تشكل الطوائف فيه مرجعية أساسية ، ومن هنا أهمية طرح سؤال العلمانية السياسية في البرنامج هل يصح طرحها مع اطار مثل حزب الله في مواجهة الطائفية السياسية ؟ ما هي العوامل التي ستساعد في وضع برنامج بناء دولة وطنية قوية وعادلة وذات إنتماء عربي؟ التحالفات هذا السؤال من أدق الأسئلة التي تواجه حزب الله بالذات مع المحيط العربي ، ومع القراءة لوضع الأنظمة العربية ودورها ، فهل تنسجم وتتناسب بعض التحالفات مع ما يراه ويأمل الحزب به ؟ كيف لنا أن نستسيغ علاقة حزب الله التحالفية مع نظام أمني قائم على أجهزة القمع والاعتقال بحق مواطنيه ؟ وهذا من الأسئلة الشائكة التي قد لا يتمكن حزب الله في هذه المرحلة من تقديم الأجوبة حولها ( لعلها ضرورات) . تكمن أهمية الإجابة هنا رغم تعقيدها أن جزء كبير من جمهور المقاومة والذي يهتف قلبه وعقله لكل انتصار ولكل أمل يلوح لها ، هذا الجمهور يرقب هذه العلاقة ويجد فيها تناقضاً فجماهير الحليف هم الحاضنة الحالية والمستقبلية للمقاومة ، وهي عمق يجب على حزب الله العمل عليه عدم خسارته. فالمقاومة وحزب الله مطالب في المستقبل من أجل تحقيق أهدافه ان يبحث عن عمقه العربي من خلال ممثلين حقيقيين لهذا العمق وهذا مطلب أساسي للمراجعة التي نأمل من الحزب ان يتطرق لها في مراجعته . بالوقت الذي تتنطح به أسئلة كثيرة نوجهها لحزب المقاومة ، إلا ان الأسئلة المطروحة علينا لاتقل أهمية وجدية من الأسئلة التي نطرحها على الحزب ومن هذه الأسئلة هي الدين والسياسة والتي يجب علينا ان نطرحها بشفافية وصدق ولا نكتفي بطرحها بل نمتلك الجرأة لأن نتقدم بمبادرات عملية تشكل مجسا حقيقيا لممارستنا وأفكارنا التي لن يكتشف صدقها من دجلها، صحتها من أخطائها إلا بالواقع المعاش .هل يمكن لنا أن نتعايش ونتكاتف كعلمانيين وديمقراطيين ، ومتدينين ، اسلامين ومسيحين . الديمقراطية والوطنية ، وهي مسألة جعلت كثير من النخب العربية تقف امام الصمود الذي حققته المقاومة بارتباك وحيرة وعجز عن حالة جدل وترابط دقيقة بين التصدي والانخراط بالمسألة الوطنية وبين تحقيق الديمقراطية ، وهي علاقة يجب الخروج من تشويهات الاستبداد والقمع لها ، فتوزيع النيران على جبهات الاستبداد وانتزاع المهمات التي تخدم المسألة الوطنية والديمقراطية هو المحك على قدرتنا على استنباط الحلول للمواقف الطارئة التي يجب أن لا تشلنا وتجعلنا عاجزين أن نضع أقدامنا حيث المصلحة الأساسية لشعوبنا في بناء وطن السيادة والحرية والكرامة .
#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذكرى الخامسة للحادي عشر من سبتمبر
-
لاصدر إلاك
-
عندما يبكي لبنان
-
مشروع ايراني ..أين المشروع العربي؟
-
السيف أصدق أنباء
-
غزة والطلقة الأخيرة
-
على ضفاف المدن الغريبة - إلى صديقي فاتح جاموس والمستقبل الذي
...
-
الوطن العمارة
-
الأمن اختصاص وطني غبر قابل للتصدير
-
الشعر والانتصار على الحياة
-
رحلة مع نزار قباني
-
الإخوان المسلمون في سوريا والحوار المطلوب
-
أي سياق تسلك المعارضة في خطابها
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|