|
مَن وراء الهجوم على السفارة الأميركية في سوريا ؟
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1673 - 2006 / 9 / 14 - 11:09
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كتابة : جو كاي ترجمة وإعداد : سعدي يوسف
أحبط السوريون يوم الثلاثاء 12 أيلول هجوماً على السفارة الأميركية بدمشق . قُتِلَ ثلاثةٌ من المهاجمين بالرصاص ، وقُبِضَ على الرابع . قُتِلَ واحدٌ من الحراس السوريين ، وجُرِح اثنان ، إلى جانب عشرة مدنيين ودبلوماسيّ صينيّ . وقد أشار السوريون منذ البداية إلى جماعة ليست معروفة تدعى " جُند الشام " ، وهي منظمة يقال إن لها صلةً بـ " القاعدة " ، وأسامة بن لادن . في قراءة حادث مثل هذا الهجوم الفاشل على سفارة الولايات المتحدة في دمشق ، من الضروري أوّلاً ، السؤالُ : مَن المستفيد ؟ - أو في الحال الراهن - : مَن كان يمكن أن يستفيد ؟ مَن يمكن أن تكون له مصلحةٌ في مهاجمة السفارة الأميركية ؟ لقد فشل الهجوم بسبب تدخّل القوات السورية ، إضافةً إلى الطبيعـة البدائية للـمتفجرات التي اســتخدمها المهاجمون . لو نجح الهجوم فإن نتائجه كانت ستستخدَم في زيادة الضغط على سوريا من جانب حكومة الولايات المتحدة . وهذا ما سينتفع به أناسٌ في الإدارة الأميركية يدعون إلى أعمالٍ عسكرية ضد سوريا و/ أو إيران . في مقال بمجلة " تايم " نُشر أمس ، لاحظ سكوت ماكليود أن النظام السوري بالرغم من صدامه مع الولايات المتحدة ، إلاّ أنه ليس من مصلحته أن يُنَفّذَ مثل هذا الهجوم ، الذي سيهيئ ذريعةً كبرى لضربة عسكرية أميركية ضد سوريا . العلاقات متوترة منذ سنين ، وقد استدعت الولايات المتحدة سفيرها في دمشق بعد مقتل رفيق الحريري في شباط 2005 ، متّهمةً دمشق بالتورّط في الأمر ، بينما تحيط الشكوك بقضية مقتل الحريري ، وليس من الممكن استبعاد تورّط إسرائيل أو الولايات المتحدة أيضاً . يبدو الاحتمال قليلاً في أن الهجوم على السفارة كان مجرد فعلٍ من جانب أفرادٍ مدفوعين فقط بكرههم الولايات المتحدة والسياسة الأميركية . بالطبع لا يمكن اسـتبعاد هذا ، نهائياً ، كاحتمالٍ ، إذ أنه من طبيـعة مـنظــمات مثل " جُند الشام " ، مخترَقةٍ بكثافة ٍ ، وقابلة تماماً لأن تستخدمها هذه الجهة الأجنبية أو تلك . لأجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية ، معاً ، تاريخ طويل في استخدام هذه الجماعات . تأسست " جند الشام " بالتحالف مع أبو مصعب الزرقاوي بتمويل من أسامة بن لادن في أفغانستان ، في العام 1999 . في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة لا تزال تعقد صفقات مع الطالبان والأصوليين المسلمين في أفغانستان كجزء من جهودها في تأمين سلامة أنبوب الغاز عبر أفغانستان . منظمة " جند الشام " ، منذ تأسيسها ، أبدت اهتماماً قليلاً بالولايات المتحدة ، مكرِّسةً هجماتها ضد الحكومة السورية بسبب توجهها العلماني . كما استهدفت حليف سوريا ، حزب الله . الآن حدث هجوم في سوريا ، نظّمته الجهاتُ المريبةُ نفسُها ذات العلاقة بـ" بن لادن " . والهجوم يأتي في وقتٍ تزداد فيه الأزمة داخل المؤسسة السياسية الأميركية . احتلال العراق في أزمة . ويدعو المعلِّقون السياسيون الديموقراطيون والجمهوريون ، معاً ، إلى استخدام مزيد من القوات الأميركية للتعامل مع ميليشيا الشيعة في الجنوب ، والمنظمات السنّية في الغرب العراقي . والغزو الإسرائيلي للبنان كان ورطـةً ، ولم ينجح إلاّ في تقوية حزب الله ، وإعلاء شأنه ، وتقوية دور إيران في المنطقة . خلافاتٌ كبرى بدأت تظهر على السطح بين أوربا والولايات المتحدة بصدد السياسة الإيرانية . أوربا تريد أن تتفاهم بطريقتها مع إيران ، كما بدأ الناس في الولايات المتحدة يشككون في " الحرب على الإرهاب " ويرفضونها . هنالك قسمٌ هامٌّ من النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة ، يرى " الحل " الوحيد لهذه المشكلات ، في تصعيدٍ كبيرٍ للعدوان الأميركي – وبضمن ذلك الهجوم على إيران وسوريا ، والعسكرة الكاملة للمجتمع الأميركي . ولتحقيق هذا ، يكون الهجوم على السفارة الأميركية بدمشق ، ممتازاً تماماً . لا أعني هنا ، أن مهاجِمي يوم الثلاثاء كانوا هم ، بأنفسهم ، يعملون لصالح أقسامٍ من الاستخبارات الأميركية . ربما كانوا أفراداً دفعهم كره التدخل الأميركي في الشرق الأوسط ، ممزوجاً بالإيديولوجيا الرجعية للأصولية . أعمالٌ كهذه تنظَّم بصورة عرَضية ، والأفرادُ المتورطون فيها مباشرةً ، ليست لديهم فكرةٌ عمّن استخدمَهم . الطابع المرتبك جداً للعملية - التي أخفقت حتى في اختراق أسوار السفارة - يوحي بأن المتورطين مباشرة في التخطيط كانوا غير ذوي خبرة . سواءٌ هيّـأ الحادث ذريعةً للهجوم على سوريا ، حتى في إخفاقه ، أو لم يهيّْْ ، فإنه سمح للإدارة أن تظل في دعواها حول استمرار الحرب ضد الإرهاب ، وكذلك في تصعيد الضغط على سوريا . في ما عدا الملحوظات التي لا بدّ منها ، في امتداح الجهد السوري في إحباط الهجوم ، فإن النغمة الرئيسة في تعليقات الإدارة كانت من قَبيل : " أوقفوا إيواء المجموعات الإرهابية ، توقّفوا عن كونكم عاملاً في تشجيع الإرهاب " كما قال الناطق الرسمي في البيت الأبيض توني سنــو . ، أو " العمل معنا في مكافحة الإرهاب ، مثل ما فعلت ليبيا ، هذه هي الخطوة التالية لسوريا " . قالت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إن الهجمات تعني أن الإرهابيين لا يزالون قادرين على مهاجمة البعثات الدبلوماسية ، بالرغم من " الجهد الخارق " لمنعهم . ليس بالإمكان استبعادُ إمكانات أخرى للتورّط الأميركي ، وهي كثيرة . لكن المرء يظل في حدود التكهّن ، في حالاتٍ كهذه .
لندن 13.9.2006
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ارتِباكٌ
-
ابنُ عُمان وأميرُها
-
الجيش الأميركي يصعِّد المواجهة مع الميليشيا الشيعية
-
الشيوعيّ الأخير يشعل عودَ ثقّابٍ
-
هل تخطط الولايات المتحدة لانقلابٍ في العراق ؟
-
حفْرُ البئرِ المطويّة
-
حوار مع الشاعر العراقي: سعدي يوسف - وليد الزريبي
-
الشيوعيّ الأخير يدخلُ في النفَق
-
قرنٌ أم نصفُ قَرنٍ ؟
-
العودة إلى عصور الظلام
-
الشيوعيّ الأخير يتعلّم الهبوطَ بالمظلّة
-
الشيوعيُّ الأخيرُ يَخرج متظاهراً
-
طيور عَمّان وأشكالُها
-
الشيوعيّ الأخير يرفضُ عملاً
-
الشيوعيّ الأخير لا يعملُ مترجِماً
-
الشيوعيّ الأخير يتطوّعُ ...
-
الشيوعيّ الأخير يسبح في خليج عدن
-
الشيوعيّ الأخير ينتظرُ الحافلةَ
-
الشيوعيّ الأخير يشتري قميصاً
-
قتْلُ الفلسطينيين
المزيد.....
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
-
ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|