أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسين محمود التلاوي - إضاءات على تاريخ مصر: مصر العثمانية تحت حكم المماليك














المزيد.....

إضاءات على تاريخ مصر: مصر العثمانية تحت حكم المماليك


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 7248 - 2022 / 5 / 14 - 03:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم تكن أحوال المصريين تحت حكم المماليك في ظل الدولة العثمانية بالجيدة؛ فقد فقدت البلاد في ذلك الوقت الكثير من الأبهة التي كانت تعيشها في عصر المماليك؛ وهو ما يرجع إلى عدة عوامل؛ من بينها تراجع عائدات التجارة نتيجة اكتشاف رأس الرجاء الصالح، إلى جانب ضعف الصناعات جراء إهمال السلطة العثمانية لها مع تزايد الضرائب، وهي ما يضاف إليها ابتزاز المماليك للأموال من الفلاحين المصريين، وكان المماليك يعيشون مترفعين عن باقي المجتمع إلا قلة قليلة؛ حيث كانوا يعتبرون المواطنين بمنزلة الخدم، وهم السادة.
وقد كان لكثرة تغيّر الولاة العثمانيين على مصر أثر في ألا يصبح لهم نفوذ بين أوساط المواطنين؛ حيث كان بقاؤهم في الحكم لفترات طويلة يمكن أن يساعدهم في تقوية مراكزهم في البلاد؛ فكان الاتجاه في السلطنة العثمانية بتغييرهم بين فترة وأخرى؛ مما أعاد للماليك نفوذهم الذي كانوا يتمتعون به قبل الغزو العثماني، وإن لم يكن على مستوى الحكم الرسمي حتى إن علي بك الكبير؛ أحد كبار قادة المماليك، وشيخ البلد، أعلن استقلال مصر عن الدولة العثمانية، لكن العثمانيين استطاعوا تأليب مساعده محمد بك أبي الذهب عليه؛ فانتهت حركته الاستقلالية، وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه.
واستمر تعاظم نفوذ المماليك إلى أن وصلت الأمور إلى حد التعارض بين مصالح المماليك ومصالح العثمانيين؛ فبدأ العثمانيون حملة ضد المماليك أيام "مراد بك" و"إبراهيم بك"، لكنهما استطاعا أن يحافظا على نفوذهما، واستمرا في فرض الضرائب الباهظة على المواطنين الذين كانت أوضاعهم المعيشية تعاني في الأصل من الاضطرابات السياسية والمواجهات الحربية المستمرة؛ فقد انخفضت التجارة الخارجية كثيرًا إلى جانب الانخفاض الطبيعي بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح، فيما كانت التجارة الداخلية تعاني السلب والنهب، بل إن المماليك كانوا يجبرون التجار على إقراضهم الأموال بعيدًا عن الأموال التي تجبى بشكل رسمي، وكثر التعدي على التجار الأجانب؛ الأمر الذي دفع هؤلاء التجار إلى الشكوى إلى دولهم في أوروبا؛ الأمر الذي استغلته فرنسا — الطامعة في غزو مصر منذ أمد — كذريعة للتدخل في مصر والعمل على غزوها؛ وهو ما ظهر في الحملة الفرنسية التي بدأت عام 1798، واستمرت لثلاث سنوات تقريبًا لتنتهي عام 1801.
كذلك تراجعت عائدات الزراعة؛ بسبب القوانين الجائرة التي كان يصدرها المماليك وتعديهم على الممتلكات؛ الأمر الذي شغل الناس كثيرًا عن الزراعة، ومما فاقم من الحالة الاقتصادية السيئة تلاعب كبار رجال الحكم بالأسعار عن طريق التلاعب في المعادن، مثل الفضة والذهب؛ حيث كان الغلاء يحدث عندما تقارن أسعار البضائع بأسعار الفضة، بينما كانت الأسعار إذا قورنت بالذهب سوف تكون في المتناول؛ ومن ثم كانت أوضاع المواطن المصري الأمنية والمعيشية بل الثقافية كذلك عرضة للتأثر بالصراعات بين العثمانيين والمماليك من جهة وبين المماليك بعضهم بعضًا من جهة أخرى. وقد كانت الصراعات الداخلية بين المماليك هي الأخطر؛ لأنها كانت خاضعة للأهواء وتبدل الولاءات والأمور الطبيعية مثل وفاة قائد وتنازع معاونيه على النفوذ من بعده.
أما على الناحية الثقافية؛ فقد كان هناك اهتمام بطلب العلم، لكنه لم يكن العلم الأصيل للقرون السابقة، ولا العلم المقتبس من النهضة العلمية في أوروبا، بل كان العلوم اللسانية والرياضية النظرية، وأدت الاضطرابات والقلاقل السياسية إلى قتل الإبداع من ضمن الآثار السلبية التي تركتها على المجتمع المصري في تلك الفترة؛ فلم يبرز من الشعراء أو الأدباء الكثير، لكن ما ساعد مصر على أن تحافظ على اللسان العربي من التتريك هو وجود لجامع الأزهر، على الرغم من أن التعليم فيه كان مكرسًا — في الإجمال — للعلوم الدينية واللسانية في غيبة من العلوم الرياضية والطبيعية؛ مثل الهندسة والطب الذي كان يمارس في المستشفيات التي كان يُطلق عليها في تلك الفترة "بيمارستانات"؛ مثل البيمارستان المنصوري الذي تأسس أيام المماليك.
للمزيد انظر:
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر، عمر الإسكندري، سليم حسن، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2014، القاهرة، ص ص 65، 69، 81-86،
مصر العثمانية، جورجي زيدان، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2012، ص 129-150.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الجبرتي، والأهلي والزمالك، وما قد يكون أصابع الفتنة الإنج ...
- بعض عناصر عرقلة نمو المجتمعات
- بعض عوامل تقدم المجتمع الإنساني
- في انهيار ثقافة المجتمع أو تغيرها
- الآليات التي يضعها المجتمع من أجل تنظيم شؤونه - 3 - المجال ا ...
- الآليات التي يضعها المجتمع من أجل تنظيم شؤونه - 2 - المجال ا ...
- الآليات التي يضعها المجتمع من أجل تنظيم شؤونه - 1- انتقال ال ...
- مجتمع المدينة الفاضلة.. على سبيل التبسيط
- نظرة في أصل المفاهيم... العلاقة بين الحضارة والثقافة
- نظرة في أصل المفاهيم... الرومانسية
- الرجل الذي لَم يَنَمْ جيدًا
- الرجل الذي لَم يَنَمْ جيدًا (1) رواية قصيرة مسلسلة
- عبد الناصر ورأسمالية الدولة... فرصة الاشتراكية المهدَرة
- الماركسية والخيال العلمي... خطأ في النظرية؟! أم حملة رأسمالي ...
- كاوتسكي والمشهد في مصر... بين التنظيرات الماركسية والوقائع ا ...
- إلى بيروت.. هل ما زالت حقًّا سِتَّ الدُّنيا؟!
- أطفال روسيا... لماذا تجاهلهم -الضمير- الأمريكي؟!
- حصاد الربيع (لمحة من ماضٍ لا يزال يطبع الحاضر)
- لقاء في فارسكور
- إلى حين...


المزيد.....




- إسرائيل تلغي جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية قبي ...
- -البنتاغون- لـCNN: إرسال طائرات إضافية إلى الشرق الأوسط
- موسكو لواشنطن.. قوات كييف تقصف محطات الطاقة الروسية
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة في رفح
- تصعيد روسي في خاركيف: هجمات جديدة تخلّف إصابات ودمارًا واسعً ...
- -صدمة الأربعاء-.. ترقب عالمي لرسوم ترامب الجمركية
- بيليفيلد يطيح بباير ليفركوزن من نصف نهائي كأس ألمانيا
- نتنياهو يعيد النظر بمرشحه لرئاسة الشاباك
- لوبان: الحكم الصادر بحقي مسيس
- خطة أوروبية لمواجهة الرسوم الجمركية


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسين محمود التلاوي - إضاءات على تاريخ مصر: مصر العثمانية تحت حكم المماليك