|
رؤية انجلز للظاهرة الدينية
معاذ محمد
الحوار المتمدن-العدد: 7244 - 2022 / 5 / 10 - 18:07
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
¬ رؤية إنجلز للظاهرة الدينية
في حال من التفسخ والانهيار الشامل ، الاقتصادي ، السياسي ، الفكري . تطلع المضطهدين إلي فرار من العالم الخارجي إلي العالم الداخلي ، تطلعوا إلي عزاء علي صعيد الوعي يمكن أن يبعدهم عن يأس كلي ، وكان لابد لهذا العزاء أن يتجلي في صيغة دينية شأن سائر الأفكار التي كتب لها أن تستولي علي الجماهير في تلك المرحلة .. فظهرت المسيحية
ولأن القوي الاجتماعية التي اعتنقت المسيحية ودفعتها إلي المسرح الاجتماعي هي الجماهير الشعبية للإمبراطورية الرومانية ، فقد ضربت المسيحية علي وتر حساس في عدد لا يحصي من تلك القلوب . علي الأنين من شقاء الحياة ، ومن البؤس المادي والمعنوي الشامل .
" كانت المسيحية الأولي عملاً جماهيرياً معبراً عن حركة ثورية جاءت تمرداً علي الفروق الطبقية التي تحكم المجتمع " .. ( 1 )
... برونوباور والمسيحية الأولي : رأي إنجلز بأن ظهور المسيحية شكل نقطة هامة في التاريخ كتجلي غير واعي للصراع الطبقي ، فعلي الرغم من أن المسيحية البدائية لم تكن واعية بذاتها فقد مثلت مع ذلك مرحلة كاملة وجديدة في التطور الديني ، رؤيا طبقية مدعومة لأن تصبح أحد العناصر الأكثر ثورية في تاريخ الفكر البشري
كما أشار إلي أن دائرة الإيمان المسيحي قد اجتذبت جميع العناصر التي كان سير تفسخ العالم القديم قد طردها . فجاء المسيحيون الأوائل بصورة رئيسية من بين الكادحين والرازحين المنتمين إلي أدني شرائح الشعب علي نحو ما ينبغي لعنصر ثوري
" فالمسيحية قد استولت علي الجماهير كما تفعل الاشتراكية الحالية " .. ( 2 )
ويذكر في السمات المشتركة بين الحركتين : - أن كلتا الحركتين لم يصنعهما زعماء و أنبياء – مع أن هذه وتلك لا تخلوان من أنبياء - - أنهما حركتا جماهير ، وكل حركة جماهير تكون في البداية مشوشة و تفتقر إلي الوضوح والتلاحم - أنهما عبرتا عن رفضهما الاضطهاد والمعاناة.وقد لقي أعضاؤهما حتفهم أو نفيهم على أيدي السلطات الحاكمة - تكون العديد من العصب التي تتصارع فيما بينها ، علي الأقل بنفس الضراوة التي تصارع بها العدو المشترك الخارجي
لكن يبقي الفارق الأساسي بينهما الاّن . أنه في حين علقت المسيحية خلاصها بالسماء ، فإن الاشتراكية لازالت تريد صنعه علي الأرض .
...
إسهام في تاريخ المسيحية الأولي : يتتبع إنجلز تفسير رؤيا يوحنا في النقد الألماني لينتهي إلي أن الجماعات المسيحية الأولي كانت تحلم بهدم الإمبراطورية الرومانية و زوال سلطانها . يتضح ذلك فيما تعرضه الرؤيا عن الوحش ذو الرؤوس السبعة ( التلال السبعة ) ، الذي تجلس عليه المراّة / العاهرة الكبيرة .. ذلك الوحش الذي يمضي إلي الهلاك ليس إلا " الهيمنة العالمية لروما " ممثلة بالتتابع في سبعة أباطرة
تلك الجماعات الأولي المقاتلة كان لها إيماناً يختلف اختلافاً تاماً عن إيمان الكنيسة ، إيمان يعترفون فيه بقناعاتهم الثورية أمام القضاة الوثنيين ، وصراعهم الذي لا يكل ضد عدو الخارج والداخل
كما يستشهد إنجلز برواية يعد صاحبها واحد من أفضل المصادر عن أوائل المسيحيين ، فهو منصف لم تكن لديه دوافع بسبب ايمان وثني لمعاملة المسيحيين علي نحو مغاير لمعاملة أية جماعة دينية أخري .. يقول لوقيانوس السميساطي في كتابه ( موت بيريغرينوس ) * :
" أقنعهم ذلك المشرع الأول أنهم جميعاً يصبحون إخوة في اللحظة التي ينكرون فيها الاّلهة اليونانية ، ويبدؤون عبادة السفسطائي المصلوب ، ويعيشون بناء علي قوانينه "
¬¬¬¬¬¬¬اعتقد لوقيان أن سذاجة المسيحيين جعلت منهم فريسة سهلة لمحتال مثل بيريغرينوس ، تلك الحاجة لمشاركة المال ، واحتقاره . التي تسبب بها ايمانهم بأقوال يسوع
" فهم يحتقرون كل الملكيات دونما تمييز ويعتبرونها ملكيات شائعة "
...
إن إنجلز بتحليله الظاهرة الدينية من منظور الصراع الطبقي ، قد أبرز القوة الاحتجاجية للدين وشق الطريق بتناوله العلاقة بين الدين والمجتمع لنهج جديد و متميز عن الفلسفة التنويرية التي ترجع إلي القرن الثامن عشر
فالمسيحية لم تبدو في نظره مثلما كانت تبدو في نظر فيورباخ ، بوصفها "جوهراً " منفصلا عن الزمن، بل هي تبدو بوصفها شكلاً ثقافياً يتعرض لتحولات في العصور التاريخية المختلفة : فهي تبدو في البداية بوصفها ديانة للعبيد، ثم بوصفها أيديولوجيا الإمبراطورية الرومانية ، ثم بوصفها أيديولوجيا ملائمة للهيراركية الإقطاعية وأخيراً بوصفها أيديولوجيا تتميز بالتكيف مع المجتمع البورجوازي
حاول إنجلز فهم وتفسير التجليات الاجتماعية الملموسة للأديان ، " فالدين عنده ظاهرة موضوعية تنتمي إلي الوعي الاجتماعي ، وله القدرة في ظل ظروف محددة أن يلعب دوراً إيجابياً في اتجاه تحرير الإنسان من الاستغلال " .. ( 3 )
وفي وثيقة ( مشروع تبني العقيدة الشيوعية ) يجيب إنجلز عن سؤال : كيف سيتصرف النظام الشيوعي إزاء الأديان القائمة ؟
" إن جميع الأديان المعروفة حتي الاّن كانت تعبيراً عن مراحل من التطور التاريخي لشعوب منفردة أو مجموعات من الشعوب ، غير أن الشيوعية هي تلك المرحلة من التطور التاريخي التي تجعل كافة الأديان القائمة دونما أهمية وتلغيها "
1- مساهمة في تاريخ المسيحية الأولية (حول الدين ) كارل ماركس و فريدريك انجلز .. ت : ياسين الحافظ ، دار الطليعة 2- برونو باور والمسيحية الأولي (حول الدين ) كارل ماركس و فريدريك انجلز .. ت : ياسين الحافظ ، دار الطليعة * - روبرت فان فورست : يسوع خارج العهد الجديد ، مدخل إلى الأدلة القديمة 3- الماركسية والدين : فيصل دراج .. دار الفارابي
#معاذ_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقتحامات المسجد الاقصي وآليات الاستعمار
-
قضية الموت في أدب نجيب محفوظ
-
الدين في أدبيات الحزب الديموقراطي الاشتراكي بألمانيا . بين ر
...
-
المخلص بين الماركسية والدين : لينين و المسيح
-
الماركسية والدين - رؤية فنية
-
إضاءات علي أزمة السد
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|