|
الحرب العالميّة الثالثة و البلاهة الخطيرة
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7239 - 2022 / 5 / 5 - 12:29
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بوب أفاكيان 28 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 748 https://revcom.us/en/bob_avakian/world-war-3-and-dangerous-idiocy
في عدد من كتاباتيّ الحديثة ، خاصة في مقال هام حديث ( أوكرانيا : الحرب العالميّة الثالثة – خطر حقيقيّ و لن تكون تكرارا للحرب العالمية الثانية " ) ، تكلّمت عن الأكاذيب و التشويهات المتّصلين بالحرب في أوكرانيا – و بالخصوص منها تلك التي تخدم أهداف حكّام هذا البلد الإمبريالي في الحرب في أوكرانيا – و كيف أنّ هذه الأكاذيب و التشويهات تساهم في تشديد خطر حرب عالميّة ثالثة ، شاملة مواجهة عسكريّة مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا و من المحتمل إستخدام أسلحة نوويّة في هكذا مواجهة بنتائج مدمّلرة كامنة و بحتّى إمكانيّةى حقيقيّة لتدمير الحضارة الإنسانيّة. (1) و هنا لن أحاول تكرار كلّ ما قيل في ذلك المقال بمعنى التحليل الهام و المفصّل جدّا لما يجرى عمليّا في تلك الحرب في أوكرانيا و أهداف الإمبرياليّين من الطرفين المتعارضين و الأخطار الجدّية جدّا التي ينطوى عليها ذلك و حاجة الجماهير الشعبيّة في جميع أنحاء العالم إلى التحرّك من أجل مصالحها الخاصة ، في تناقض مع مصالح الإمبرياليّين من كلا الجانبين. و ما سأتطرّق له هنا هو أصناف محدّدة من البلاهة التي تتجاهل أو تستهين بالمخاطر الفظيعة الناجمة عن مواجهة عسكريّة مباشرة ممكنة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا . هناك حجّة أنّ حربا بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا في الأساس " ليست قضيّة كبرى " لأنّ الولايات المتّحدة أقوى بكثير و بوسعها بسهولة و بصفة حاسمة أن تلحق الهزيمة بروسيا دون دفع ثمن باهض – على القلّ بالنسبة " لأمريكيّى الولايات المتّحدة " . و كما أشرت إلى ذلك ، ضمن بعض أوساط الشوفينيّين الأمريكيّين السكارى بفكرة القوّة العسكريّة التي لا تقهر للولايات المتّحدة ، الذهاب إلى الإعتقاد في أنّ الحرب ضد روسيا " ليست قضيّة كبرى " إعتقاد سخيف و شنيع حقّا قد شجّعت عليه على ما يبدو الصعوبات التي تعرّضت لها القوّات الروسيّة إلى حدّ الآن على الأقلّ في تحقيقها لأهدافها في أوكرانيا – نظرا في جزء كبير من ذلك إلى الذخيرة الكبيرة من الأسلحة التي مدّت بها الولايات المتّحدة / الناتو الحكومة في أوكرانيا . (2) لكن هناك واقع حيويّ في علاقة بكلّ هذا : في هذه الحرب حيث غزى الإمبرياليّون الروس أوكرانيا من جهة و من الجهة الأخرى ، يدعم الإمبرياليّون الأمريكان ( و "حلفاؤهم " من الناتو ) و يسلّحون تسليحا ثقيلا أوكرانيا – كلا الجانبان بعمق على " الكسب " في هذا الوضع . فمن ناحية ، الإمبرياليّون الأمريكان هدفهم و ما يعنيه " الكسب " الضروريّ بالنسبة إليهم هو إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا و بالتالى بدرجة معبّ{ة إضعاف روسيا و قدرتها على تحدّى المكانة الهيمنيّة للإمبرياليّة الأمريكيّة في العالم . و بالنسبة إلى الإمبرياليّين الروس ، هدفهم هو تحديدا تحدّى هيمنة الولايات المتّحدة و هدفهم المفتاح و المباشر هو منع أوكرانيا من الإلتحاق بالناتو و ضمان أن لا تصبح أوكرانيا جزءا من " حصار " الولايات المتّحدة / الناتو لروسيا القائم بقدر كبير ( بعدد من البلدان القريبة من أو عمليّا موجودة على حدود روسيا أعضاء في الناتو ). و كلّ طرف من الطرفين مصمّم بجدّية على تحقيق أهدافه و قد إنخرط الطرفان بجديّة في حرب بحثا عن تحقيق تلك الأهداف ، (بروسيا تخوض مباشرة حربا في أوكرانيا و الولايات المتّحدة / الناتو الآن و بصفة غير مباشرة تشارك في هذه الحرب ) . و هذا يعنى أنّه طالما أنّ هؤلاء الإمبرياليّين المتنازعين هم الذين يحدّدون الإطار ، ما من طرف منهما بوسعه التراجع ( مجدّدا ، طالما أنّ هؤلاء الإمبرياليّين المتنازعين ، و طالما لم تتحرّك الشعوب في أنحاء العالم بفعاليّة جماهيريّا بما من شأنه أن يدفع الأشياء نحو إطار مختلف يمثّلأ مصالحها هي في تعارض مع مصالح هؤلاء الإمبرياليّين من الجانبين ) . إن لم يتراجع أيّ طرف من الطرفين ، مذا سيحصل حينها ؟ إن لم يرجّح أيّ طرف من الطرفين في هذا النزاع بين الإمبرياليّين التراجع و القبول بالهزيمة ، ماذا ستكون تبعات ذلك – و بالأخصّ ، ماذا سينجم عمليّا عن تحوّل الولايات المتّحدة / الناتو إلى المشاركة المباشرة في هذه الحرب مع روسيا ، هل سيؤدّى إلى قيام روسيا بتراجعات جدّية ؟ هل سيقول بوتن / الإمبرياليّون الروس ببساطة " حسنا ، كسبتم ، نستسلم و نعود أدراجنا و ننسحب منهزمين إلى روسيا " ؟ هل يرجّح ايّ شخص يفكّر تفكيرا جيّدا حقّا أن يحصل هذا تماما ؟ لا ، في هكذا وضع ، من المرجّح أكثر بكثير أن يصعّد بوتن / الإمبرياليّون الروس الحرب و من الممكن جدّا مستخدمين في ذلك الأسلحة النوويّة . و من المرجّح أكثر ( و أوّلا ) أن يستعلموا القنابل النوويّة الأشدّ فتكا إلى جانب " الأسلحة النوويّة التكتيكيّة " و قد لا يستخدمونها في أوكرانيا فحسب بل أيضا في أراضي بلدان تابعة للناتو تشترك في الحرب ( و لا يستبعد أن لا تشمل البلدان القريبة من أوكرانيا فقط بل كذلك البلدان الأوروبيّة الغربيّة كفرنسا وألمانيا و المملكة المتّحدة ). هذا من ناحية ، و من الناحية ألخرى ، ماذا لو – على عكس توقّعات الشوفينيّن الأمريكان – ماذا لو تبيّن أنّه في الحرب المباشرة مع روسيا ( و لجوء روسيا حينها إلى التعويل على كمّ أكبر بكثير من قوّاتها في هذا النزاع ) لم تُبلى الولايات المتّحدة / الناتو البلاء الحسن و على ألقّل تحبط مساعيهما بلإلحاق الهزيمة الحيويّة بالقوّأت الروسيّة ، أو يعرفان حتّى تراجعات جدّية هما نفسهما ؟ هل سيعترف الحكّام الإمبرياليّون لهذه البلاد – و هذه البلاد هي البلاد الوحيدة التي إستعملت عمليّا الأسلحة النوويّة و لم تقرّ أبدا بانّه كان من الخطأ القيام بذلك – هل سيعترفون ببساطة بانّهم أخفقوا في هزم روسيا و يقبلون بنهاية تعكس ذلك ؟ هل يرجّح أيّ شخص أنّ الأمر سيكون كذلك ؟ لا ، " ديناميكيّة " الحرب المباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا ستؤدّى على ألرجح إلى سيرورة يتواصل خلالها التصعيد و كلا الطرفان لا ينويان -أو حقّا لا يقدران على – التراجع حين يواجه هذا الطرف أو ذاك بأفق هزيمة ما في هذه الحرب . الحرب النوويّة " قضيّة كبرى " أفق فظيع حقّا و بهذا نبلغ أصنافا أخرى من البلاهة ( و عمليّا الجنون الخطير ) بشأن أفق حرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا : الفكرة الشيطانيّة حقّا القائلة بأنّه إذا جدّ تبادل هجمات نوويّة بين الطرفين المتنازعين في هذه الحرب ، فإنّ ذلك لن يكون " قضيّة كبرى " – أو على الأقلّ سيكون ذلك منحصرا في " الأسلحة النوويّة التكتيكيّة " التي أجل ستتسبّب في أضرار فعليّة لكن ليس في شيء فظيع يحذّر منه " الجزوعون " ( و هذه الحجّة تقدّم عمليّا بعض الناس المجانين بجدّية و الذين على ما يبدو " قد فقدوا عقولهم " ! ). أوّلا و قبل كلّ شيء ، حتّى الأسلحة النوويّة التكتيكيّة نفسها ستتسبّب في دمار هائل ليس للمقاتلين على أرض المعركة وحسب و إنّما أيضا و بصورة أوسع بكثير ستتسبّب في عذابات إنسانيّة رهيبة و في دمار البيئة . و أبعد من ذلك ، للأسباب المتحدّث عنها أعلاه ، ذات الديناميكيّة التي ستؤدّى إلى إستخدام الأسلحة النوويّة التكتيكيّة في المصاف الأوّل ستؤدّى عندئذ على ألرجح لإستخدام أسلحة نوويّة أقوى حتّى - و حتّى الإمكانيّة الحقيقيّة لهكذا هجمات نوويّة الموجّهة ضد " البلدان المنبع " إلى المنافسين الأساسيّين في هذا النزاع ، روسيا و الولايات المتّحدة . إذا شعُر أحد الجانبين أو الجانبان في هذا النزاع أن اللجوء إلى ألسلحة النوويّة التكتيكيّة ضروريّ تكسب ميزة حاسمة في هذه الحرب – أو لمنع تراجع غير مقبول أو هزيمة فعليّة – عندئذ المنطق نفسه يمكن أن يدفع الأشياء إلى أبعد من مجرّد الأسلحة النوويّة التكتيكيّة ، بإتّجاه إستخدام أتمّ للأسلحة النوويّة الإستراتيجيّة ، و حتّى لإمكانيّة هجمات نوويّة مباشرة ضد " البلدان المنبع " للمتنازعين الأساسيّين ( بكلمات أخرى ، تبادل الهجمات النوويّة بين الولايات المتّحدة و روسيا مستهدفين مباشرة كلّ واحدة منهما " وطن " الأخرى ) ، و هذا بدماره و إشعاعاته النوويّة الشاملة " عرضيّا " للعالم قاطبة قد يفضى إلى دمار الحضارة الإنسانيّة . هذه الديناميكيّة بأكملها يجب تغييرها راديكاليّا بصفة إستعجاليّة – خدمة لمصلحة الإنسانيّة و ليس مصلحة الإمبرياليّين المتنازعين و المتصارعين . و كلّ هذا يشدّد على لماذا هو ذو أهمّية حيويّة بالنسبة للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في غيرها من البلدان المتحالفة معها – و كذلك في روسيا – بالنسبة إلى الشعوب في كلّ أنحاء العالم – أن تستيقظ في النهاية و تماما و تقرّ بالتحدّيات الحقيقيّة و الثقيلة بعمق المعنيّة و تتصرّف وفق مصالحنا الفعليّة – مصالح الإنسانيّة قاطبة : مطالبة بأن تتوقّف هذه الحرب في أوكرانيا و أن تتوقّف مشاركة الإمبرياليّين ( مباشرة أو بصفة غير مباشرة ) من كلا الجانبين في هذه الحرب قبل أن تتسبّب في عذابات حتّى أكبر ليس لشعب أوكرانيا فحسب بل قبل أن تتصاعد بصورة ممكنة لتصبح نزاعا رهيبا أكثر يفرز دمارا و موتا شاملين على مستوى جديد كلّيا و قد تمثّل تهديدا للإنسانيّة ذاتها في وجودها عينه . هوامش المقال : 1. The major article “Ukraine: World War 3 Is the Real Danger, Not a Repeat of World War 2” is available at revcom.us. 2. See, in addition to the above-mentioned article, “Sean Penn’s Delirious Madness And the Danger of Nuclear War,” which is also available at revcom.us. +++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرّة ماي 2022 ثوريّة أمميّة
-
نحتاج إلى ثورة ولا شيء أقلّ من ذلك ! الانتخابات في ظلّ هذا ا
...
-
أوكرانيا : حرب عالميّة ثالثة خطر حقيقيّ و ليست تكرارا للحرب
...
-
- عصابة صعاليك شرعيّين - ، صعاليك يملكون أسلحة نوويّة
-
- موجة الإرهاب - الحقيقيّة في إسرائيل : تفاقم قمع الميز العن
...
-
وحوش البيت الأبيض و تجويع الأطفال في أفغانستان : إدارة بيدن
...
-
شغل الأطفال و تدمير البيئة بالكونغو ... و السرّ الصغير القذر
...
-
ضباب الحرب و وضوحها
-
الطفيليّة الإمبرياليّة و تأثيراتها الرهيبة على الجماهير القا
...
-
قوى إضطهاد وحشيّ و إعتذارات منافقة للقتلة المقترفين للإبادات
...
-
رسالة من الحركة الشيوعيّة الجديدة بأفغانستان ( JAKNA ) إلى ا
...
-
بوب أفاكيان : بصدد دوافع أعمالي و كيف يرتبط هذا بالأهداف و ا
...
-
مقدّمة الكتاب 41 - مقالات بوب أفاكيان 2020 و 2021
-
بوب أفاكيان يتكلّم عن - عبادة الفرد - : تهمة سخيفة و جاهلة و
...
-
بوب أفاكيان يفضح المتقدّمين لخدمة هذا النظام الإضطهاديّ
-
تقرير هام للأمم المتّحدة عن تأثيرات التغيّر المناخي – 3.3 مل
...
-
تقرير هام جديد للأمم المتّحدة حول تأثيرات التغيّر المناخيّ –
...
-
كشف الأكاذيب و التعمّق إلى ما تحت السطح – الديناميكيّة الأوس
...
-
الطفيليّة الإمبرياليّة و - الديمقراطيّة - : لماذا يساند عدد
...
-
مبدأ أساسي بشأن الحرب في أوكرانيا
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|