|
معضلة الإرادة حرة (الحتمية Determinism)
علي الرديني
الحوار المتمدن-العدد: 7235 - 2022 / 5 / 1 - 18:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اعتمد التفكير العلمي في القرن الثامن والتاسع عشر وحتى مطلع القرن العشرين على ميكانيك نيوتن ( الفيزياء الكلاسيكية) في تفسير حركة الاجسام في الكون بقوانين حتمية بحيث يمكن التنبأ بمسار كل جسم وموقعه بدقة عند أي لحظة في المستقبل وهي لا تسمح بوجود إرادة على الإطلاق باعتبار ان الكون عبارة عن آلة ميكانيكية ضخمة مغلقة ويخضع كل مافيه لقوانين فيزيائية ورياضية وما النفس البشرية الا انعكاس للجسم وظاهرة فيسولوجية عصبية يضاف اليها الشعور كما ينضاف الإشعاع الى الفسفور والفعل الانساني ضرورة مرتبة على ما سبقه من احداث ، حتى أتت فيزياء الكم وأبطلت مفعول الحتمية بتفسيرها حركة الجسيمات دون الذرية التي لا تحدد بمسببات حتمية ولا يمكن قياس سرعتها وموقعها بدقة في آن واحد حتى لو كنا نعرف كل شروطها الأولية . يبقى لكل حادثة سبب سواء عرفناه بشكل مؤكد وأمكننا ذلك من التنبا بما سيقع او كان السبب عشوائيا احتماليا فهو بضرورة سيؤدي الى نتيجة ويحددها فكيف تكون الإرادة حرة اذا وهي نتاج سبب او أسباب سابقة عليها؟ هنا يقول العالم الفيزيائي الالماني ماكس بلانك(1858-1947م) 😞 ان الحتمية التي تسود الفيزياء الكمية لا تقل صرامة عن حتمية الفيزياء القديمة، والفارق الوحيد بينهما إنما يرجع الى اختلاف الحساب والرموز في كل منهما). اذا هناك تشكك في ان عدم معرفة المحددات والتعيينات والمسببات بدقة في العالم مادون الذرة لايعاني ان تلك الجسيمات تحرك بحرية بدون علة وان كانت غير قابلة للتميز في الوقت الحاضر فالإمكان تميزها في المستقبل. والحتمية مشتقة من الحتم لغة إيجاب القضاء وإمضاء الامر على التوكيد والإحكام وياتي بمعنى الواجب المعزوم عليه الذي لا بد من فعله ، وقيل الحتم ليس هو الفرض والإيجاب لانهما يكونان في الأوامر والحتم يكون في الأقضية والأحكام واذا قيل للفرض فرض حتم فهو من جهة الاستعارة والمقصود ان حكم الحتم لايرد. وتُعرف الحتمية اصطلاحا بعدة تعريفات مختلفة بحسب تنوع الرؤى والقوالب الفكرية ويمكن ان تُدرج تلك التعريفات بالاتي : ١الحتمية الفلسفية والعلمية : تنص على ان كل مايحدث مقدر الحدوث لأسباب معينة ، فكل حدث هو نتاج مسببات مسبقة فالماضي يحدد المستقبل. او كل حدث او حالة بما فيها الفعل الانساني يكون نتيجة محتومة فكل الظواهر البشرية والأحداث الطبيعية محددة بطرق سببية عن طريق احداث اخرى او قوانين طبيعية منذ بداية الكون عند حدوث الانفجار العظيم وهكذا الى نهاية الزمان. ٢الحتمية الدينية : تنص على ان المستقبل محدد سلفا بواسطة الرب الخالق ولا مجال للإرادة الحرة لان الأفعال قدد حددت مسبقا بالعلم والمشيئة الهية. ٣الحتمية المنطقية: تنص ان كل ما سنفعله في المستقبل هو حتمي لقضايا سواء صحيحة أو خاطئة في الحاضر تحددها عللا منطقية فيلزم عنها نتائج محتومة. ٤الحتمية النفسية : تعني ان الحوادث النفسية والافعال والسلوكيات خاضعة لارتباط العلة بالمعلول او تاريخ النفسي لانسان وما مر به من حوادث منذ ان كان في رحم أمه قد كبتت في جزء اللاواعي من العقل بحيث تكون الدوافع اللاشعورية ذات دور كبير في التاثير على السلوك البشري اضافة الى عوامل اخرى. ٥الحتمية الجغرافية أو البيئية : تعتبر هذه الحتمية أن البيئة الجغرافية من مناخ وتضاريس وتربة وبحار وانهار عوامل رئيسية في تطوير الحضارات والمجتمعات ونمط الثقافات ومزاج الأفراد. ٦الحتمية البيولوجية : تُعرف بانها الحتمية التي تسبب كل الغرائز والرغبات والعقائد والتصرفات على ضوء التركيب الجيني والتفاعلات الكميائية في الجسم ، وقد اشارت دراسات علمية ان الجينات تحدد كيفية عمل الدوائر الكهربائية الدماغ لوجود علاقة بين التغير الذي يحدث في الدماغ والجينات المسؤولة عن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة بسبب وجود خلل في بنية الدماغ ، و إضراب طيف التوحد المرتبط بنمو الدماغ والذي يسبب مشاكل في التفاعل الاجتماعي وتنفيذ المهام اليومية وغير ذلك. ٧الحتمية التاريخية : تشير ان التاريخ البشري يسير باتجاه معين ضمن قواعد وقوانين ثابتة لا يمكن السيطرة عليها وهي من تسير الانسان إذا عُرفت ستمكننا من التنبأ بالمستقبل. ٨ الحتمية اللغوية: تنص على ان اللغة وتركيبها وبنيتها تحدد نمط التصورات والأفكار وتحتم أوجه المعرفة وتشكيلاتها وتاثيرها على نظرة العالم. ٩ الحتمية الاخلاقية : هي التي تحدد افعال الانسان وتدفعه ان يختار الأفضل ويتجنب ما يضره وبحسب سماته الشخصية.
#علي_الرديني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معضلة الإرادة حرة (تعريفها وأنواعها)
-
التنويم الايحائي الذاتي
-
الاحلام حقيقة عالم آخر
المزيد.....
-
وصول سجناء فلسطينيين مفرج عنهم إلى الضفة.. ونقل بعضهم للمستش
...
-
أول تعليق من نتنياهو بعد إطلاق سراح 3 رهائن جدد من غزة
-
سوريا.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب -دوار السفينة- وس
...
-
المرشح الرئاسي في رومانيا يؤكد أن سياسات كييف تؤجج الصراع
-
السودان.. مئات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صابر
...
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يشير إلى ضعف التدريب النفسي ل
...
-
موسكو: من المثير للاستياء أن غوتيريش لم يذكر خسائر الاتحاد ا
...
-
محكمة بريطانية تسمح بمراجعة قرار الحكومة بيع مكونات لمقاتلات
...
-
فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل ف
...
-
دراسة دولية: اتكال ألمانيا على نجاحاتها السابقة أوقعها في مأ
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|