|
ذكريات الصبا ..الساطور! .12.
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 7228 - 2022 / 4 / 24 - 15:06
المحور:
الادب والفن
بقي اهالي المحلة ساهرين لما تبقىّ من الظلام، و كان بعضهم رائحاً غاديّاً قلقاً من ان ينشب حريق آخر في بيت آخر لأن اغلبهم لم يعرفون اسباب الحريق، و لأنهم كانوا يعرفوننا و يحبوّنا و كانوا واثقين من اننا لم نسئ لأحد و ليس لدينا عداوات، بل كانوا يثقون بوالدتي و عارفين من تكون و يؤمنون لديها مصوغاتهم الذهبية و المتنوعة و حليهم و حوائجهم الثمينة، في حالات الارتهان . . مع طلوع الفجر جاءت الخالة فائقة تنبأنا بأن ابنها محمد وصل من سفره بسياقته لباص النيرن الكبير، قادماً من الشام . . في زمن كانت الناس فيه تخاف على احباءها من ذلك السفر الشاق لسوء الطريق الذي شهد حوادث مميتة للسائقين و الراكبين، و بسبب كثرة عصابات السلاّبة سواءً كانوا من اهل المدن او من البدو بجِمالهم . . بعد دقائق رأيت محمد ابن الخالة فائقة و هو قادماً بملابس العمل المبقّعة ببقع الزيت المعفّر بأتربة طريق بغداد ـ الشام . . و كان الشرر يتطاير من عينيه. لم ينتبه لي و لا الى بيتنا المحروق الباب و الشبابيك و الذي اسودّت حيطانه، بل ذهب رأساً الى بيت ام سناء و طرق الباب الذي لم يفتحه احد، فرمى بكل ثقله عليه لعدة مرّات و هو الطويل العريض البارز العضلات من تدريبات الملاكمة و رفع الاثقال، حتى خلع الباب و سمعتُ صياح ام سناء و هي تطل برأسها عبر الباب المخلوع : ـ ويلك . . هاي شكو ؟؟ شنو السالفة ؟؟ و صاحت بعلو صوتها : ـ و الله اخبّر عليكم المديرية !! اجابها محمد بصوت متعالي : ـ يلله خبّري المديرية اذا بيج خير !! اريد اشوف ابن اختك السفيه الطايح الحظ . . مو ينام عدكم ؟؟ يمكن ينام بين شكرية و بين زوجها ابو بولة لأن واحد يثق بالآخر و شلون دجاجة و شلون ديج . . و صاح فيها : ـ الأحسن آني اروح اليه . . و دفع ام سناء الشاحبة من المفاجأة دفعة قوية الى جنب، سقطت اثرها على الارض . . و تسلل الى داخل البيت و هو يصيح : ـ وينك لطيف ؟؟ خُفِتْ يامفوض الأمن اللي قبلوك بعد ما شكّوا طيــــــــ..... ـ وينك لطيف ؟؟ نايم بحضن شكرية اللي بقيت لاصق بيها سنين و بالتالي بالت عليك ؟؟ ـ ولج شكرية اتستّري !! صدرج و ... كلّه مبيّن . . اني ماجاي عليج ، جاي على السفيه ابن خالتك . . نظرتُ من شبّاك غرفة ام سناء و انا اتنصّت لما يدور، و لم اكن اعرف ان محمد بذلك الإقدام و بتلك الشجاعة التي اسكتت كل سكنة بيت ام سناء القرج التي اسرعت تعدّ الشاي و هي تتعوّذ من الشيطان و تبسمل و تتلو ما تعرف من كلمات آيات قرآنية . . نسيت حديث برهوم لأخيه محمد و نصيحته ايّاه بترك القاجاغ و تهريب الملاحقين و كيف اجاب برهوم : ـ عزيزي برهوم . . بدون محصول القاجاع لا استطيع اعالة العائلة الكبيرة من الوالدة الى زوجاتي الاثنتين و اولادهما . . و بقيت افكّر . . هل من يقوم بالقاجاغ و التهريب تكون لديه هذه القوة و تهابه الناس ؟؟ هل تهابه من جرأته ام من حاجتها اليه ؟؟ و لماذا كلّ تلك السريّة بتلك الاعمال ؟؟ سمعت صياح محمد و هو يحدّث لطيف قابضاً على ياخة قميص نومه : ـ ويلك ما خبّرك الملازم ان تتركوا بيت ست سعاد الآن، لأني انا المكلّف به الآن ؟؟ . . الم يخبرك انها خالتي ؟؟ ويلك . . خالتي !! ـ هــــــــا ؟؟ نعم !! بس اجانا امر سريع من فوق !! ـ منين ؟؟ ابن القندرة منين جاءكم ؟؟ ـ من الساطور !! ـ و انت تستلم اوامر من الساطور لو من الملازم يامفوّض الامن ؟؟ ـ استلم الاوامر من اللي يصرف لي راتب . . ـ على هالكلام اقدر ارفع دعوة عليك و يرموك بالسجن او يطردوك من وظيفتك . . ـ نعم تقدر . . لكن ارجو ان تصدّق ان الملازم و آمره انفسهم يخافون من الساطور . . و شفنا هذا بعيوننا و عايشناه !! بعد صمت . . ترك محمد ياخته و افلته و توجّه للخروج هو يشتاط غضباً و كان غارقاً بالتفكير، حتى انه لم يتوقف حتى لا إرادياً لرؤية شكرية التي ظهرت من باب غرفة زواجها اثر الصمت الذي حصل، و كانت نصف عارية و تبتسم له، فيما كانت ام سناء تركض ورائه صائحة : ـ استريح ابو المعتز الشاي حضّرناه لك بهالفجر . . نظر محمد اليها نظرة اشمئزاز و حقد قائلاً : ـ لازم اروح الآن !! . . . . . . . . . . وقف محمد امام بيتنا المحترق و هو يتأمّله بصمت مردداً مع نفسه : للاسف هكذا صار حال ابنة الشيخ الكبير فخري الآن . . اولاد الكلاب، حتى لم تفد معهم طيبة ست سعاد و مساعداتها لهم و لأبنائهم، هل يريدون قتلها مع ابنائها ؟؟ ام هي محاولة لايقاع خسائر لاتُعرف حدودها بها و بعائلتها . . و اقترب من باب البيت الخشبية التي كنا انا و مفيد و محمود نحاول تنظيفها من آثار الحروق النافذة، كي نتمكن من اغلاقها و فتحها، و بالتالي من قفلها علينا ليلاً حذراً من اي معتدي يدخل بسهولة عبر باب لا يمكن سدّها او قفلها . . سألنا محمد : ـ هل الوالدة يقضانه و هل استطيع رؤيتها ؟؟ ـ نعم يقضانة و هي لم تنم !! جدّتي معها . . ـ المسكينة . . الله يساعدها !! ولدي خبّروها ، اذا تكدر محمد ابن اختها يريد يتحدث معها . . طفرت دمعة من عينه و هو يشاهد ان نصف اثاث غرفة الضيوف محترق و رائحة الحرق تملأ المكان . . . قبّل يد الوالدة و سلّم على جدّة امينة و هو يردد : ـ الف الحمد الله ع السلامة . . للاسف لم اكن جنبكم حتى ادافع عنكم و اساعدكم . . و الله الآن وصلت من الشام و معذرة على مظهري غير المناسب . . و الله خالتي بذلت جهدي و ايّا هالمجرمين قدر ما استطعت، و للاسف يبيّن لازم تنتقلون، كما عرفت و تأكّدت قبل ايام و اخبرتك . . سأعمل جهدي من جديد و اعطيك خبر . . كانت الوالدة مطرقة تبكي بصمت، و هي تهزّ رأسها له بموافقتها على كلامه، فيما قالت جدة امينة : ـ روح عزيزي حاول، و ما التوفيق الاّ من عند الله ! و مع تلاوة و تجويد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد من مذياع مقهى محمد راغب . . اخذ الزوّار يتقاطرون على البيت . . قائمين بالواجب و عارضين شتى الخدمات لنتائج ما تخرّب في بيت الإبنة الكبرى الاثيرة للشيخ الجليل فخري . . و ذهب محمد شاقّاً انواع الطرق للوصول الى احد ناشطي العالم السفلي المارّ الذكر . . الى ان التقاه في مقهى قذر في الدرابين القديمة لـ (العوينة) احدى محلات (الخلاّني)، و بعد تقديمه هديته الثمينة و بعد احاديث متنوعة سأله : ـ من هو الساطور ؟؟ ـ اووهووو . . هذا يخوّفْ، عندك مشكلة وايّاه ؟؟ ـ لا و الله . . حبيّت اسأله معروف و كم يكلّف آني حاضر !! ـ عزيزي محمد، اولاً اشكرك على كيس التبغ الغالي اللي اهديته لي . . هذا الساطور قاتل محترف و عليه دعوات و دعوات، و يقال و العهدة على الراوي انه احد قتلة ابو الهوب، رِجْل بالحكومة و الشرطة و رِجْل بحزب البعث . . و يقال انه اغتصب اخت زوجته و اغتصب بنت الجيران و هدد ابوها بالقتل ان اشتكى، واحد لاذمة و لاضمير عنده . . عوفك من سالفته احسن اليك. ـ عزيزي حرقوا بيت خالتي اخت اميّ . . ـ احّد مات ؟؟ ـ لا . . بس افتهمت ان الساطور هو اللي ناطي الامر. ـ عوفك من هالسالفة لعد . . لأن ماراح يتغيّر شئ مهما تدفع من تكاليف . . الساطور ينفذ اوامر لو وزير الداخلية لو مدير الأمن العام . . اخبر خالتك ان تنتقل من المحلة، هذا الحريق تره بس انذار بموديل هذا الوقت، و الاّ يقتلوها او يقتلون زوجها او واحد من الولد !! عزيزي محمد خليّ على حائط البيت قطعة (معروض للايجار) . . معناها استلمت الرسالة و ستنتقل حالما تحصّل على مكان !! ـ . . . . ذهب محمد الى المطبعة ليخبر اخاه برهوم ماحصل و الذي كان لم يعرف بعد بحريق البيت، و حدّثه بما جرى و قصة الساطور التي اذهلت برهوم الذي قال انه سيذهب فوراً الى الخالة سعاد، و ما يستطيع فعله لها خاصة و انها لوحدها مع الابناء . . وصل برهوم الى بيتنا بتاكسي على وجه السرعة و قال للوالدة و هو شديد التأثّر : ـ خالتي . . الموضوع جديّ و خطير ! هذوله قتلة و عندهم قتل بني آدم كقتل نملة. لازم تنتقلون الى مكان آخر خارج الأعظمية باسرع وقت، و الاّ فإن المطاردات و التهديدات و الافعال الاجرامية ضدكم لن تنتهي، و لا تستطيع لا الشرطة و لا الحكومة منعهم، لأن رجالها يخافون منهم . . آني و زوجتي غنية و المساعدين المعتمد عليهم عندكم دائماً، و هذا رقم تلفون المطبعة عند الضرورة، لأني بين البيت و المطبعة فقط و ان حصل اي تغيير ساخبرك، اكيد ابو مفيد لايعرف ماحصل . . سأتّصل به حالاً و نشوف اين تذهبون مؤقتاً الى ان تستقروّن. بعدين خالة لا تزعلين انت بقيتي مصرّة على عدم الانتقال رغم محاولات ابو مفيد و محاولات محمد لإقناعكِ بالانتقال من قبل اشهر، الى ان اخبرك محمد بأن لاحلّ آخر قبل ايام، صدّقي بأن جهودنا لم تفيد . . هسّه حضّري ملابسكم و اهم الحاجات في حقائب للانتقال المؤقت السريع و سيبقى مساعديّ في البيت لحماية البيت و ما تبقىّ من الاغراض . . و فيما بقيت الوالدة صامتة حزينة و هي تفكّر بأنها ستترك بيتها الذي بنته بكل جهودها و عواطفها و ستترك اهلها و محلّتها . . خرج برهوم حزيناً على حال خالته التي اعتبرها هي المثال للأم و الأخت و صديقة المحن، و كيف جعلته الأقدار لا حول و لاقوة له لمساعدتها و اقسم بأنه لابد ان يجد ردّاً على مايحصل او يجد وسيلة لإعلان مايحصل . . و بعد اتصاله بالوالد و ترتيب امراً معه، بقي تلك الليلة يعاني الأرق و الافكار تتصارع في ذهنه الى ان توصّل بأن يكتب شيئاً يروي فيه ما كان يحصل و ينشره، و انغمر في كتابة مقال الى صحيفة (المبدأ) التي كانت تقوم بدور صحيفة اليسار بعد اغلاق صحف : اتحاد الشعب، الشبيبة، 14 تموز، صوت الاحرار . . . و غيرها التي كانت تتبادل الدور كلّما أُغلقت احداها بتهم التحريض ضد (حكومة الثورة) او باتهامات بانواع التهم الهدّامة، و كأنه عودة لدور السلطات السعيدية في خنق حرية الصحافة اليسارية، في حين كانت الصحف القومية و البعثية و الاسلاموية لا سلطة عليها !! فنشرت صحيفة (المبدأ) اليسارية مقال برهوم في صفحتها الاولى و بإسم مستعار للكاتب و الذي كان (مراقب)، و اثار المقال ضجة كبرى في الحياة اليومية و احدث هزّة و تساؤلات في الاوساط التقدمية في بغداد . . . و قد ورد فيه : " اذا كانت اعمال التهجير في الأقطاعيات القروسطية القديمة تتم بحق رافضي سلطة (سيد العبيد)، الأقطاعي او (السلطة العشائرية الأبوية القائمة) او بحق رافضي تنفيذ اوامر السيد ورغباته، تلك الاعمال التي كانت تنفذها شلّة مسلّحي السيد، و التي مع تلك الروابط و درجات الوعي كانت ايضاً تلقى مقاومة من عدد من ابناء العشيرة ذاتها تضامناً مع الرافض . . لأسباب عائلية او دينية او عشائرية دعت للاخوّة و وصل الأرحام و الرأفة و الإحسان . . فانها في المدن وخاصة في العاصمة بغداد التي تضم اناساً من مختلف القوميات والأعراق والعشائر والأديان . . وممن يحملون انواع المعارف و الأجتهادات والقناعات، فإن اعمال التهجير و الحرق والطرد من محلات بعينها، قد خبر اهالي بغداد مصادرها و اهداف التحريض عليها . . بكونها كانت في اكثر الأحيان تبدأ من عدد متنفذ في الحكومة، او من موظفين رسميين فيها، او ان تتم بشكل آخر شبه رسمي الاّ انه علني تقوم و تحرّض به صحف، و يتحدث و يحرّض به مختارو محلاّت و مفوضو شرطة. او ان تتم بشكل ليس علني . . ليس نقصاً في قوة او قدرة تلك الاوساط، وانما غالباً ماكانت تُشكّل بتكرارها و تراكمها، مقدمات لصناعة فتن و صناعة أحداث مكروهة كبرى من قبل رجال متنفذين في الحكومة ذاتها . . او من قبل ذوي نفوذ اجتماعي، مالي او اقتصادي او ديني و طائفي يخدم ارادة او يخدم وجهة غير معلنة بعد لقوى خارجية اقليمية او دولية كبرى، و لتنفيذ خططها . . وهي وعلى تنوّعها و تتاليها . . لم تؤدّ يوماً مهما هللت و ادّعت، لم تؤدّ الى وضع حلول لمشاكل التآخي و التعايش معاً او لحسمها ، وانما اتبعت كسياسة وكاسلوب عمل عنيف و متوحش لقوى نافذة تريد لتلك المشاكل البقاء و الديمومة او لزيادتها، بزيادة التوترات توتراً، لأن الجهة المحَرّضة عليها و البادئة بها اضافة الى الأضرار المباشرة التي تتسبب بها بحق المتضررين . . فانها ستخلق ردود افعال معاكسة ضد الفاعلين، ردود افعال قد تكون اشد بأساً و هولاً من قبل المتضررين بحق من ارتكبوا تلك الاعمال المنافية للاعراف و القيم الاجتماعية و للدين الصحيح . . وهي ان حُلّت و انتهت في اماكن اثارتها كما يتراءى للبعض، الاّ انها ستترك ندوباً وآلاماً في البلاد كلها، لن تمّحي بسهولة، و هو مايريده القائمين بها و يسعون الى ادامتها كوسيلة من وسائل التحريك والتحريض لبلوغ اهداف سوداء ارادوها لركوب نتائجها . . لتبقى احدى الوسائل الهامة لضبط سير البلاد في الأتجاه الذي شاركوا في رسمه و تحديده لها في مرحلة تأريخية سابقة يريدوها ان تستمرفي مسارح حياتها و حياة رجالها . . مقابل اموالٍ او حصص في ارباح. " بعد يومين و في ساعات الفجر الاولى توقفت سيارة مدنية سوداء و سيارتان مسلّحتان للانضباط العسكري في باب بيت برهوم في الدهدوينة و طرقوا الباب طرقات عنيفة ايقضت الجيران الذين تجمهروا خلف سياجات سطوحهم لرؤية مايدور خاصة و ان العسكريين كانوا يصيحون بأعلى اصواتهم : ـ هذا بيت صحافي الرياضة برهوم ؟؟ ـ انا برهوم . . ماذا تريدون ؟؟ آمر المفرزة : ـ انجب ولك . . تريدون تسوون انقلاب على القروسطية ؟؟؟ و استدار على مساعده قائلاً بصوت خفيض : القروسطية هو كتب مو ؟؟ ـ نعم سيدي ـ اي انقلاب و اي قروسطية عزيزي ؟؟ ـ لاتسويّ نفسك ماتعرف او مخبول . . امشي و ايّانا هسه فوراً ببجامتك هاي . . و انتم ولد الخايبة فتّشوا البيت على سلاح او على جهاز او اي شئ غريب تشوفوه بالبيت !! و بينما اصعدوا برهوم الى السيارة المدنية السوداء و اجلسوه مكبّلاً بين عسكريّين بلباس مدني في الحوض الخلفي للسيارة، خرج العسكريون بعدئذ من البيت بعد تفتيشه و هم يحملون ترانزستوراً (كانت الترانزستورات قليلة جداً و غير معروفة بعد في الحياة العامة آنذاك) و جهازاً موضوعاً على علبته الفارغة قائلين انهم وجدوا هذا الجهاز الذي يمكن ان يكون جهاز تجسسي على الاكثر، كما قالوا ! و انهم لم يجدوا اسلحة سوى سكاكين المطبخ حملوا سكيّنتين طويلتين منها، و ان في البيت تلفون . . كانت رئيسة الممرضات غنية زوجة برهوم تصيح خلفهم و هي متأكدة من سلامة زوجها : ـ يابه ديروا بالكم ع الجهاز رجاءً . . هذا جهاز تخطيط قلب غالي الثمن يعود لرئيس شعبة القلب في المستشفى الجمهوري د. الجوربجي كان قد ارسله معي لضبط بطاريته عند محل الكهربائيين بالنزيزة خلفنا . . صاح آمر المفرزة : ـ ضعوا الجهاز في علبته و احملوه بعناية ، فعلاً يمكن جهاز تجسسي دقيق غالي الثمن . . و انت لكْ (متكلماً مع جندي كان يحمل سجل و كان جاهزاً للتسجيل) سجّلْ المبرزات الجرمية التي وجدت . . في الاستمارة ! و هكذا ساقوا برهوم مكبّلاً الى بناية (الحاكم العسكري العام) و اودعوه ببيجامته في غرفة بقضبان حديدية و حملوا مانقلوه من البيت الى غرفة اخرى، في وقت كان فيه الضابط الخفر و هو من ضباط العاب الجيش، مستمراً بواجبه و استلم ماكُتب بحق الموقوف (الخطير) كما وُصف في أمر اعتقاله و جاء لرؤيته . . و تفاجأ به قائلاً : ـ هاي شنو ؟؟ الموقوف الخطير برهوم ؟؟ ايش جابك هنا ؟؟ هههههههههههههه و بعد فرح برهوم بلقاء صديق طفولته عبوّد الذي استمرّ على صداقته في الملاعب و التحقيقات و التحليلات الرياضية ، قال : ـ جاءوا فجر اليوم و اعتقلوني و اللي سمعته من آمر المفرزة فقط اني (متّهم بالقيام بانقلاب على القروسطية) . . ـ هههههههههههههههه ـ ههههههههه ـ يا اخي فوز فريق القوة الجويّة على الشرطة كان رائع و ما كتبته انت عنه كان اروع . . برهوم عزيزي لاتدير بال (تحصل باحسن العائلات) على كولة الافلام المصرية . . يا اخي آني ماشايف اثول مثل ثولان آمر المفرزة هذا اللي التقيت به بالخفارة . . احسن شئ تعال نشرب شاي بغرفتي و انت غسّل و رتّب نفسك و عندي بدلة مدنية احتياط بالدولاب متأكّد تجي على مقاسك . . بعد ان اغتسل برهوم و حلق ذقنه و تعطّر بعطر الضابط الخفر عبوّد و غيّر ملابسه، جلس لشرب الشاي و ابتدآ بالحديث و كانت الاغراض موضوعة على الطاولة . . ـ صدك هذا اثول . . الادوات الجرمية : ترانزستور، سكاكين مطبخ . . و جهاز يمكن يكون تجسسي ؟؟؟ ههههههههه بس صدك شنو هذا الجهاز ؟؟ ـ جهاز تخطيط قلب كان بالتصليح و و . . . ـ ههههههههههههه و الله حسب البرقيات المسجلة بحقّك انه، انت كاتب مقال تدعو فيه للثورة و الانتقام و ان مايجري حتى في القرون الوسطى (القروسطية) لم يجرِ . . ـ عزيزي عبود آني تألّمت على حال خالتي ابنة الشيخ فخري و و و ـ الله يرحم الشيخ فخري لولا مساعدته المالية لوالدي، ما كان صرت ضابط . . الف رحمه و نور على روحه و اصدق تحياتي للست سعاد و اخبرها آني مستعد للمساعدة بأي شئ اقدر عليه . . عيني برهوم آني افتهمك بس اكو اجراءات لازم نعملها لأن هناك برقيات و اوامر رسمية و داخلة بالسجلات و جرى اعتقالك و ثُبّت ذلك رسمياً . . اخلّص خفارتي و انقلك معي بالسيارة العسكرية على مسؤوليتي الى بيتك يمكن الظهر لأن تكون الشوارع خالية بمحلّتكم، او تحب بالليل ؟ حتى لا تكون هناك ضجة، و آني اكمّل كل الإجراءات الاصولية من كتابة تحقيق و تدقيق لماحمله هذا الاثول و انزله في السجل الرسمي، و الاغراض ترجع للبيت معاك، هي و الجهاز اللي يمكن ان يكون تجسسي ههههههههه . (يتبع)
24 /4 / 2022 ، مهند البراك
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب في اوكرانيا . . و منطقتنا ! .4.
-
الحرب في اوكرانيا . . و منطقتنا .3.
-
الحرب في اوكرانيا و منطقتنا . . .2.
-
الحرب في اوكرانيا . . و منطقتنا .1.
-
ذكريات الصبا.. و حرقوا البيت! .11.
-
ذكريات الصبا .. الإغتيال .10.
-
ذكريات الصبا.عفا الله عما سلف.9.
-
ذكريات الصبا..اعتداءات و آراء .8.
-
ذكريات الصبا..زمن الاغتيالات .7.
-
ذكريات الصبا..اعتداءات و تشريد .6.
-
ذكريات الصبا..اول ايار 1959 .5.
-
ذكريات الصبا.. ابو الهوب .4.
-
ذكريات الصبا..الملا مصطفى .3.
-
ذكريات الصبا الخال مزهر.2.
-
ذكريات الصبا..14 تموز .1.
-
ذكريات طفولة..مظاهرات قلبت موازين .16.
-
ذكريات طفولة.. قصر الرحاب 15
-
ذكريات طفولة..اخافة الوصي .14.
-
مذكرات طفولة.. العراق المنصدك .13.
-
ذكريات طفولة..السجن ليس لنا .12.
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|