سيماء علي مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 15:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو العنوان غريباً بعض الشئ لكنه واقعاً حتمياً ما سيحدثه المستقبل في فرنسا ويكون سبب اشعال فتيلها ( اليمين المتطرف), لان الضغط الشديد يولد الانفجار من قبل المسلمين ضد من يمانعهم ممارسة شعائرهم ولكون هذا الجيل متمرد حتى على نفسه فمن الصعب جداً الخضوع لمن يقيد حريته.
نبذة تاريخية لتواجد المسلمين في فرنسا
استوطن المسلمون فرنسا في مرحلتين ، إحداهما تتعلق بهجرة، ثم تهجير، مسلمي الأندلس الجارة. وتمتدّ هذه المرحلة من القرن الثامن إلى القرن الخامس عشر الميلادي. أما المرحلة الثانية فتبدأ من الحرب العالمية الأولى في مطلع القرن العشرين إلى يومنا هذا( 1):
المرحلة الاولى: بدأت الغزوات الإسلامية للأراضي الفرنسية في عام 96 هـ، فأرسل (طارق بن زياد) حملة استكشافية إلى طرطوشة وبرشلونة وأربونة (Narbonne) ووصلت إلى بلدة ابنيون (Avignon) على نهر الرادنة (الرون حالياً Rhône). وأرسلت حملة بقيادة (السمح بن مالك الخولاني)، فخرجت من برشلونة واتجهت إلى مدينة طلوشة (Toulouse) وقتل قائدها ورجع الجيش إلى برشلونة. وخرجت حملة فوصلت إلى مدينة نيم (Nîmes) ثم إلى مدينة ليون (Lyon)، ثم مدينة أوتان ووصلت سانس (Sens) على بعد 150 كيلومتر من باريس وهذه أبعد نقطة وصلها المسلمون في فرنسا. وقاد (عبد الرحمن الغافقي) حملة عبر فيها جبال البرانس واتجه إلى مدينة برديل (Bordeaux) وهزم جيش الفرنجه، ثم اتجه إلى بواتيه (Poitiers) وهزم المسلمين في معركة بلاط الشهداء الشهيرة في رمضان سنة 114هـ وقتل الغافقي. وارسلت حملة إلى وادي الرون واستولت على مدينة أرلس (Arles) وسان رمي (Saint-Rémy de Provence) وابنيون وواصلت مسيرتها إلى جبال الألب، غير أن الفرنجة استعادوا الكثير من هذه المدن, وفي القرن الثالث الهجري استطاع البحارة الأندلسيون الاستيلاء على مدينة نيس واستوطنوا الشواطئ الفرنسية الجنوبية ونشأت دولة أندلسية، اسمها فرخشنيط، في جنوب فرنسا ووصلت إلى سويسرا ولم تهزم هذه الدولة إلا بعد 82 عاماً، واحتل الأغالبة جزيرة كورسيكا في عام 191هـ-806م وظلّوا فيها 142 عاماً. لكن؛ الأراضي التي استولى عليها المسلمون في فرنسا لم تدم طويلاً تحت سلطتهم بسبب قلة عددهم وهجوم الفرنجة المتواصل, وفي القرن السادس عشر الميلادي نفت إسبانيا الكاثوليكية الغالبية من الموريسك إلى جنوب فرنسا وقد بلغ عدد هؤلاء المسلمين الذين يبطنون إسلامهم أكثر من 150000 واندمجوا مع تعاقب الأجيال في المجتمع الفرنسي.
المرحلة الثانية: أصل تواجد المسلمين في فرنسا حاليا ليس تَلقائيا بل يعود لأسباب تاريخية وسياسات استعمارية واقتصادية متعدّدة قامت بها فرنسا نفسها، وهذا ما يتناساه بعض الفرنسيين ذوي الميول العنصري، في النقاش الدائر اليوم حول مكانة الإسلام في فرنسا.
ففي بداية القرن العشرين بدأت فرنسا وأرباب الأعمال فيها باستقطاب اليد العاملة من المستعمرة الجزائرية بغية استدراك تأخرها الصناعي مقارنة بإنجلترا وثورتها الصناعية في القرن التاسع عشر. واستطاعت هذه السياسة أن تستجلب حوالي 30000 جزائريا معظمهم من البربر (القبائل). ولم يكونوا عرضة لعنصرية بادية لقلّة عددهم وقلّة اختلاطهم بالمجتمع الفرنسي الذي كان يسمّيهم «turcos» أي الأتراك أو باعة الزّرابي. رغم ذلك تعتبر فرنسا قد فشلت في السياسة استجلاب اليد العاملة الجزئرية لعدم استعداد المسلمين نفسيا وثقافيا آن ذاك لترك بلدهم والهجرة إلى وسط غريب الدين والأخلاق والعادات. وفي ذروة الحرب العالمية الأولى جنّدت فرنسا تجنيدا إجباريا عددا كبيرا من المسلمين من مستعمراتها الجزائر والمغرب وإفريقيا الغربية، فمرسوم 14 أيلول سنة 1916م شديد الوضح: «...القيام بالتشجيع على التشغيل الطوعي وإلا فالتجنيد الإجباري للجزائريين» وبلغ عدد المجنّدين المسلمين للحرب 175000 وقُتل 25000 من الجزائريين حسب الدراسات الدقيقة. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى أصدرت فرنسا قانونا، يعدّ استثناء من علمانيّتها، يمكّنها من بناء مسجد ومعهد إسلامي في عاصمتها لمكافأة المسلمين وعرفانا منها لتضحيتهم في الدّفاع عنها. وقد دشّنت هذه المؤسّسة الدينية في الدائرة الخامسة من باريس في حفل رسمي عالمي سنة 1926م, ولإعادة بناء ما دمّرته الحرب قرّرت فرنسا سنة 1920 المزيد من استجلاب العمّال فوصل عدد المهاجرين المسلمين إلى 70000 جزائريا ونحو عددهم من المغاربة, وما بين عامي 1940 و1945 أرسلت الحكومة الفرنسية إلى كل من والي الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة «تأمرهم» بإرسال (10000) عاملا في كل شهر. لكن استحواذ الحلفاء على شمال إفريقيا علّق هذا الإرسال. وبعد الحرب العالمية الثانية تزايد عدد المسلمين ليبلغ أرقاما هائلة. فبغية إعادة التعمير وتطوير القطاع الصناعي نصّ مخطّط مونيه (Plan Monnet) استقدام (200000) من رعايا المستعمرات في مدّة لا تتجاوز الأربع سنوات. وفي سنة 1952 بلغ عدد المسلمين رقما غير مسبوق، فالمكتب الوطني للهجرة تحدّث رسميا عن 500000 مهاجرا، وقد شكّك بعض المختصّين في هذا الرقم بينما يجمعون كلّهم على أن في خمسينيات القرن العشرين أصبح المسلمون يشكلون في فرنسا جالية محدّدة المعالم وواقعا اجتماعيا وسياسيا بيّن التأثير.
مشكلة الحجاب لفرنسا
غطاء الرأس اصبح عائقاً لفرنسا!, أليست دولة علمانية لا تدخل بشؤون الاديان؟!, ولكون الحجاب جدل لا ينتهي في فرنسا مخافة لما يُعتقد لهم بوجود طرف خفيّ يسعى لتغيير النظم الاجتماعية الغربية عبر فرض الآراء الدينية الإسلامية على فرنسا وأوروبا( 2).
الانتخابات الفرنسية وملف المسلمين
ما أن تبدأ التحضيرات للانتخابات في فرنسا حتى يعود ملف الإسلام والمسلمين إلى الواجهة. ويتزامن التركيز على الموضوع مع تصاعد في خطاب اليمين واليمين المتطرف ضد المسلمين، ويحمل معه تحديات لأكبر جالية مسلمة في أوروبا, ولأن إن سبب تركيزهم يعود لـ "الإسلام الموجود في فرنسا ليس إسلام روحاني فقط، بل إسلام سياسي، لأن حركة الإخوان المسلمين والسلفيين يحتكرون الإسلام الفرنسي والقيادة السياسية الفرنسية لا تفهم الفرق بين جمعيات الإسلام السياسي والإسلام بصفة عامة" رغم إيمان شريحة واسعة من مسلمي فرنسا بأنهم لا يتأثرون بحملات اليمين المتطرف لأن الاقلية المتطرفة لا تؤثر برأي الاغلبية(3 ).
رغم اعداد المسلمين في فرنسا اخذت بالزيادة لتصل مستوى النصف من عدد السكان وهنا من يقول من المعارضين المسلمين اكثر من ذلك رغم التكتم الاعلامي بحجة أنه يؤدي لـ(التفرقة بين المواطنين الفرنسيين!), أما قضية الحجاب وتشويه الاعلام لصورة الاسلام ويوصفوهم بالإرهابين واحيانا يمعنون إقامة شرائعهم عدا تهديدات المرشحين لتواجدهم (أليست تفرقة؟!) , لكن حقيقة لا يمكن انكارها وحتى قالها ماكرون بنفسه لمرشحة اليمن المتطرف(مارين لوبان) عندما اعلنت في حملتها الانتخابية في حال فوزرها بأن(بتجميد جميع مشاريع بناء المساجد- منع ارتداء الحجاب مع فرض غرامة مالية لمخالفيه –منع حمل الرموز الدينية- منع ذبح الحيوانات وفق الشريعة الإسلامية، وبيع اللحم أو تقديمه في المطاعم على أنه "حلال") بأن ذلك يؤدي لحرب أهليه في فرنسا ومن الصعب تهدئتها.
المصادر:
1- الإسلام في فرنسا, نشر على الرابط: https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85_%D9%81%D9%8A_%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7/simplified
2-فاطمة خليفة, جدل الحجاب في فرنسا.. عنصرية "العلمانية الأوروبية", نشر على الرابط: https://www.almayadeen.net/news/politics/
3- هبة الله بيطار, الإسلام والمسلمون في قلب الانتخابات الرئاسية الفرنسية, نشر على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/world-60999312
#سيماء_علي_مهدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟