حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 7224 - 2022 / 4 / 20 - 14:47
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في أكثر من موضع في رواية «سكون البراكين» نشعر بأننا نقرأ رواية بوليسية، كأنها واحدة من روايات آجاثا كريستي، ولن يغادرنا هذا الشعور الملتبس حتى ونحن نبلغ نهايتها، حيث تغلق كاتبتها الأقواس التي فتحتها في مطلع الرواية أو في ثناياها.
وكما لدى آجاثا كريستي، فإن الخاتمة تكشف عن قاتل أو قتلة آخرين غير أولئك الذين توقعنا أن يكونوا، لنُصاب بما يشبه الصدمة حيث تخيب توقعاتنا ويأتي الأمر على خلافها تماماً.
لكن عليّ أن أسارع إلى تبديد الانطباع الذي أحدثته في نفوسكم السطور أعلاه، فلسنا إزاء رواية بوليسية حتى لو كان في حبكتها شيء من ذلك، فالرواية على صغر حجمها تطواف في تناقضات المجتمع في بلد عربي هو المغرب، وتحولاته المجتمعية، ولكننا لا نقرأ هذا على لسان كاتب من المغرب ذاته، وإنما من كاتبة ألمانية تقيم فيه، أو لنقل كاتبة مغربية من أصول ألمانية، فلعلّ ذلك أدق.
حسب البيانات المدوّنة على الغلاف الخلفي للرواية والتي نقرأها عن الكاتبة، سنعلم أن سابين فولبريخت، مؤلفة الرواية، ولدت عام 1947 في ألمانيا، ومنذ العام 1976 استقرت في المغرب حيث تعمل الآن أستاذة بالرباط، وسبق لها أن أصدرت رواية أخرى ومجموعة قصص، وتسهم بالكتابة في دوريات مغربية. وترجم الرواية، الصادرة عن دار توبقال، إلى العربية إسماعيل أزيات، ولا نعلم ما إذا كانت الكاتبة قد وضعتها أساساً بالألمانية، أو أن الترجمة جاءت عن الفرنسية.
أفلحت الكاتبة على الرغم من كونها أجنبية الأصل في ألاَّ تجعل القارئ يشعر بأنه يطوف في مجتمع المغرب بهذه الإحاطة والمعرفة بعيون غير مغربية، لشدة ما أظهرته من توغل في ثنايا المجتمع والتقاط تفاصيل بيئات مختلفة فيه، وهي ترصد الصراع الخفي بين النزوع الحداثي من جهة، وميول التشدد «الإسلاموي» من جهة أخرى، حتى إن الرواية تنتهي بحادث الاعتداء المروع الذي هزّ مقهى بالدار البيضاء في 16 مايو/أيار 2003، والذي اقترفه الإرهابيون وأودى بحياة أكثر من خمسين قتيلاً وقتيلة.
تحضر المرأة بقوة في الرواية، فكاتبتها امرأة، وبطلتها امرأة هي كريتا مارتان الرسامة الألمانية التي استقرت في فيلا أنيقة بالرباط، بعد أن انفصلت عن زوجها المغربي، تتنقل بين عوالم نساء أخريات انتهى الأمر ببعضهن قتيلات، وتجمعت خيوط مصائرهن بيديها.
وحتى أهم أحد رجلين في الرواية حين رغب في سرد أسراره لم يجد سوى أن يكتب لكريتا؛ لأن النساء كما يقول "هن اللواتي قررن كل شيء" في حياته.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟