أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - نجدلُ من السَّعفِ تاجًا للوطن














المزيد.....

نجدلُ من السَّعفِ تاجًا للوطن


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7224 - 2022 / 4 / 20 - 13:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدينُ لله، والوطنُ لَمن يسقي بالحبّ أرضَ الوطن، ويجدلُ من السَّعف تاجًا لمجد الوطن. في طفولتي وفي مثل هذه الأيام الربيعية الجميلة، كنتُ أنا وأطفالُ مدرستي وأطفالُ الجيران في شارعنا نجمعُ عيدانَ السَّعف الخضراء، ونتبارى في جدلها لنصنع أشكالا جميلة نُعلّقُها في غرفنا، حتى تجفَّ ويذهبَ الرِّيُّ عن نُسغها؛ فتتحولُ من الأخضرِ إلى الأصفر الذهبيّ المُشعّ؛ كأنها مرويةٌ بماء الشمس. أجدلُ شرائحَ السَّعف تاجًا لأمي، وخاتمًا لأبي، وأساورَ ولُعبًا لي ولأصدقائي. وكانت أمي تشتري باقةً خضراءَ من سنابل القمح المصري الثمين، وتعلّقها على باب الشقة تيمُّنًا بالبركة والرغد والسلام. وكنتُ أرقبُ السنابل وهي تجفُّ يومًا بعد يوم؛ حتى تتحوّل إلى شعلة من الذهب السحري، تجلبُ الخيرَ إلى بيتنا وتحمي أسرتنا من عيون الحاسدين، كما كان يؤمن أجدادي المصريون القدامى.
ونحن صغار، لم يكن يعنينا إن كان هذا عيدَنا أم عيدَهم! لم تدخل معاجمَنا ضمائرُ الغائبين ولا كلماتُ الفُرقة: عيد المسلمين – عيد المسيحيين. كنّا نفرحُ معًا ونحتفلُ بأعيادنا معًا؛ لأن مصرَ الطيبةَ تجمعُنا معًا، وتعلو بنا معًا، تحت مظلة الإنسانية الواسعة. علّمني أبي وأمي أننا جميعًا نعبدُ إلهًا واحدًا، كلٌّ يراه عبر منظوره، ويعبده وفق طقوسه، لهذا علينا أن نحترم الجميع ونحبَّ الجميع.
في هذه الأيام الطيبة ندعو الَله أن نصطفّ جميعًا، نحن المصريين، قلبًا واحدًا وحُلمًا واحدًا ويدًا واحدة تبني وتكدُّ وتجدُّ، حتى نحملَ أكاليلَ السَّعف لنستقبل بها مصرَ الكريمة رفيعةَ المقام في "الجمهورية الجديدة" التي انبعثت من رقادها وتعلو يومًا بعد يومٍ حتى تصير دُرّةَ تاج العالم؛ كما يليق بها أن تكون. نصطفُّ نحن المصريين على الجانبين لنستقبل مصر البهية حاملين أعلامَ الوطن وسنابلَ القمح، كما اصطفّ أهالي القدس الشريف، منذ ألفي عام، حاملين أغصانَ الزيتون والسعف لاستقبال السيد المسيح، رسول السلام عليه السلام، حين دخل أورشليم القديمة منتصرًا مكللاً بأوراق الغار.
نحن المسلمين صائمون شهرَ رمضان المعظّم، وأشقاؤنا المسيحيون صائمون صيامَهم الكبير، يفطرون في عيد القيامة المجيد، ونفطر في عيد الفطر المبارك. ونرفعُ معًا أيادينا للسماء ضارعين بالدعاء لله أن يحمي مصرَ ونيلَ مصرَ وشعبَ مصرَ وجيش مصر الباسل، ويحفظ رئيس مصر العظيم "عبد الفتاح السيسي" حتى يتممَ نهضتنا المشهودة المنشودة. يجمعنا نحن المصريين حبُّ مصرَ، وتجمعُنا طريقُ الآلام الوعرة التي مشت عليها مصرُ حتى عادت لنا حرّةً من قبضة بني صهيون ومن أنياب بني الإخوان، تمامًا كما سار السيد المسيح، طريقًا وعرة من باب الأسباط حتى كنيسة القيامة، في مثل هذا الأسبوع، أسبوع الآلام، قبل ألفي عام.
بعد أسبوع الآلام هذا، سيحتفلُ أشقائي مسيحيو مصرَ بعيد القيامة، ثم نحتفل بعدهم بعيد الفطر المبارك. كل سنة وأقباط مصر مسلمين ومسيحيين بخير وفرح وأمان ومحبة، ومصر في حرية وتحضّر. كلّ عام ونحن نجدل معًا أغصان السلام والمحبة ونبني مصر العظيمة.
نحن المصريين نعرفُ كيف نحبُّ. ولا نسمحُ لأحد بأن ينتزعَ المحبةَ من قلوبنا ليزرع مكانها بذرة البغضاء والشقاق والطائفية. غيابُ الحبّ أصلُ كلّ شرور العالم. فاجلسْ الآن إلى طاولتك واجدلْ شيئًا من السعف لمن تحبّ. ثم افحصْ قلبَك. قلبك يخفق؟ إذن أنت بخير، ولا خوفٌ عليك. أنت بخير حين تتيقّن أن قلبك مازال قادرًا على الحب، رغم ما تصادفه في حياتك من قبح. الحبُّ نعمةٌ هائلة لا يدرك معناها إلا ذوو القلوب النظيفة الخافقة. أما ذوو البلادة القلبية فليس لهم إلا الشفقة والدعاء لهم بأن يتعلّموا كيف أحبّنا الله، ولم يطلب منّا سوى أن نحبه ونحب خلقَه فنُعمّر الكون بالرغد والسلام. أنت تحب، إذن أنت إنسانٌ سويّ. أحببْ حبيبتك، أحببْ أخاك، أحببْ جارك، أحببْ عدوك، أحب الحيوانَ والطير والشجر. أحب الكون، فتكون بهذا مُحبًّا لله. “الدينُ لله، والوطن لمن يسقي بالحبّ أرضَ الوطن.”
عيدانُ السعف الخضراء مع الباعة في كل مكان، تنتظر أن يجدلها الجادلون. عزيزي القارئ الجميل، ابتسم في وجه الصبايا يعتمرن على رؤوسهن التيجان المجدولة من السعف، ويضعن الخواتمَ والأساورَ وزهراتِ اللوتس، ثم لوّح لهنّ من سيارتك مبتسمًا وأنت تقول: "كل سنة وأنتم طيبين يا حبايبي، وكل حد زعف وأنتم بخير وفرح.” اركن السيارة جانبًا وانزل لتشتري بعض عيدان السعف لأطفالك حتى يجدلوها، ثم يهدونها إلى أصحابهم المسيحيين، كما كنا نفعل في طفولتنا. إن كنت قد فعلت هذا بالأمس في "أحد الشعانين"، فأنت إنسان نقيٌّ نظيفُ القلب غير مُدنّس الروح. كل عام ومصرُ جميلة بأبنائها.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشويهُ حائطٍ … بكلماتٍ عظيمة!
- الإفطارُ الرمضاني على المائدة الإنجيلية
- الأُسطى إسلام … عظمةُ امرأة مصرية
- رمضان كريم … والهدرُ غيرُ كريم
- رمضان كريم … في بلادي الجميلة
- الرئيس السيسي: المرأةُ المصرية … مفتاحُ حياة
- في حضرة الطيبات والطيبين ... المنسيين!
- ما هديتُك في عيد الأم؟
- الستّ نعيمة … مبسوطة جديدة ...تحسبُهم أغنياءَ!
- الشيخ طنطاوي … البابا شنودة … ذكرى طيبة
- ماعت المصرية … على منصّة القضاء
- جائزة صموئيل حبيب … سمفونية العطاء
- خرافةٌ اسمُها: قبولُ الآخر!
- معجزاتُ أجدادي
- نسورٌ كثيرةٌ … وفريسة!
- محمود أمين العالم… أمي خائفةٌ منك!
- أكاذيبُ زجاج الشرفة
- هابي فالنتين
- ياسر رزق … وسنوات الخماسين
- إصبعُك والثعبان … أصحاب ولا أعز


المزيد.....




- الفاتيكان يحظر الوشم على العاملين بأكبر الكاتدرائيات
- مفتي داغستان يصدر فتوى بشأن النقاب خلال الأيام المقبلة
- الإسلام السياسي وحرب غزة.. التأثيرات الإقليمية وتحولات المست ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على القمر الصناعي النايل سا ...
- إعلامية مصرية ترد على رقصها داخل حرم المسجد
- إيهود أولمرت لـCNN عن دعوة الكونغرس لنتنياهو: تتناقض تماما م ...
- اليهود المتشددون في إسرائيل يحتجون ضد الخدمة العسكرية الإلزا ...
- الإلحاد في الأديان
- اليهود الحريديم يتظاهرون مجددا ضد قرار تجنيدهم بجيش الاحتلال ...
- ماما جابت بيبي ياولاد.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024و أه ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - نجدلُ من السَّعفِ تاجًا للوطن