|
لمحة عن الوضع بتونس، بعد أكثر من عقد
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 7223 - 2022 / 4 / 19 - 01:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلنت وزارة التجارة التونسية عن اتصالها ب550 تَظَلُّمًا متعلّقًا بالغِشّ ورَفْع الأسعار، خلال النصف الأول من شهر رمضان 2022، ونشرت الوزارة أخبارًا عن "تراجع أسعار" الخُضار والفواكه واللُحوم والزيوت النباتية وغيرها من المواد الغذائية، وهي أخبار مُخالفة لما تنقله وسائل الإعلام عن ارتفاعات مُشطّة في أسعار كافة المواد الغذائية، سواء كانت مُسْتَوْرَدَة أو مُنْتَجَة محلِّيًّا، وأسعار قطاعات الملابس والجِلْد ولُعب الأطفال والحلويات وعبوات غاز الطّهْي... عَبَّرَت نقابة أرباب العمل المعروفة باسم "كونكت"، عن مشاغل الأثرياء وأصحاب المِهَن "الحُرّة"، التي تُطالب "بتمديد فترة الإعفاء من تسديد الضرائب" المُستحَقَّة، خلافًا للمواطنين الذي لم تُعْفِهِم الحكومة من أداء هذا الواجب، إذ تصل حصّتهم إلى 80% من إيرادات الدّولة من الجباية، فيما لا تتجاوز حصة الأثرياء 20% بفضل المُحامين والمُستشارين ومراقبي الحسابات الذين يتقنون تطويع القوانين لصالح الأثرياء، وطلب اتحاد أصحاب الشركات ("كونكت") "مزيدًا من المُرُونة، وتأجيل دفع الديون الجبائية" واستمرار الإنتفاع بالعفو الجبائي الذي يُضاعف الضّغط على الأُجَراء والفُقراء والكادحين، ويحرم خزينة الدولة من مبالغ حان وقتُ تحصيلها، وكان الإخوان المُسلمون والدّساترة بتونس (وكذلك بمصر والمغرب) قد أقرُّوا سنة 2013 "مُصالحة جبائية" مع الأثرياء المُتهَرّبِين من الضّرائب، وتكرّر الأمر سنة 2020، عند انتشار وباء "كوفيد-19"، فيما أهملت أجهزة الدّولة الإهتمام ببقية المواطنين... بعد أكثر من عقد على الإنتفاضة، ورغم خطاب الحُكُومة المُتفائل، أعلن البنك العالمي يوم الخميس 14 نيسان/ابريل 2022، مُراجَعَة توقعاته لنمو الإقتصاد التونسي خلال سنة 2022، من 3,5% إلى 3%، وهي نسبة مُنخفِضَة في اقتصاد لا يعتمد على قطاعات ذات قيمة زائدة مُرتفعة، بل يعتمد على تصدير المواد الخام وعلى الفلاحة التقليدية وعلى السياحة وتحويلات العمال المهاجرين، وعلى الإستثمارلات الأجنبية في قطاعات الطاقة والصناعات ذات المستوى التكنولوجي المُتَدَنِّي (المنسوجات والتركيب وبعض فروع الكيمياء )، وتوقع البنك العالمي ارتفاع نسبة التضخم إلى 6,5% ومُعدّلات الفقر إلى ما بين 18% و 19% سنتي 2022 و 2023 وقد يستمر تراجُعث الإقتصاد سنة 2024، بسبب ضبابية الآفاق الاقتصادية لتونس، والمخاوف من العجز عن سداد الديون ومن ارتفاع عجز الميزانية، وارتفاع الأسعار العالمية للحبوب والغذاء والطاقة بفعل انعكسات الحرب الروسية الأوكرانية... أُضِيفَت إلى هذه الهُمُوم، غرق سفينة مشبوهة مُحَمّلة ب750 طنا من النفط، يوم السّبت 16 نيسان/ابريل 2022، قُرْب خليج قابس (جنوب) الذي تَضَرّر سابقًا من حوادث مماثلة، ويبدو أن النّفط مُهَرّبٌ من ليبيا باتجاه مالطا أو إيطاليا، ونجح طاقم قيادة السفينة (التي قد تكون غير صالحة للملاحة) في طَمْس أثَرِ تنقلاتها بين ميناء "دمياط" بمصر ومالطا وتونس، بين الثاني والسادس عشر من نيسان 2022، وإتلاف وثائق مَسار الرّحلة وشحن البضاعة وحركة المحرّكات، ما يُشير إلى أن البضاعة مهرّبة، وقد يكون تم إغراقها عمدا بهدف الحصول على تعويضات التّأمين، وهذه احتمالات يضطر المرء إلى طَرْحِها في غياب الشفافية والأخبار المُؤَكَّدَة، وعلى أي حال فهي "جريمة بحرية" بحسب تصريح أحد الباحثين التونسيين في مجال الشؤون الجيوسياسية، يوم الإثنين 18 نيسان/أفريل 2022، بخصوص الفوضى التي نتجت عن الوضع في تونس وليبيا، ومنها ارتفاع حجم عمليات تهريب المحروقات والسّلع والأشخاص، وقَدّرَ حجم التهريب بما لا يقل عن 120 ألف برميل نفط يوميا من ليبيا في اتجاه الدول الأوروبية، عبر المُثَلّث الإجرامي وهو الحَيّز البحري الواقع بين ليبيا وتونس ومالطا، لتمويل الحرب وتقسيم البلاد. أمّا الشبكة التونسية للشفافية في مجال الطاقة والمناجم فأصدرت بيانا بخصوص غرق سفينة الشحن التجارية ( XELO ) على بعد حوالي سبعة كيلومترات من خليج "قابس" واعتبرته كارثة بيئية جديدة لمنطقة قابس وتصرفًا غير مسؤول" قد يؤدّي إلى تسرب النفط وإلحاق الضرر بالحياة البحرية... في الأثناء، تواصل قيادات الإخوان المسلمين (حزب النّهضة) التي تمت إزاحتها من قمة السّلطة، مناوراتها والإستنجاد بالقوى الخارجية، وزكانت زيارة وفد برلماني أوروبي ( يوم الإربعاء 13 نيسان/ابريل 2022 ) مناسبةً للزّج بالقوى الخارجية، منها الإتحاد الأوروبي الذي "استنطَقَ" بعض الأحزاب والمنظمات حول الشؤون الدّاخلية التُّونسيّة، التي يُفتَرَضُ أن تكون حكْرًا على الشّعب التونسي، ضمن حَقِّهِ في تقرير مَصِيرِهِ، بعيدًا عن التدخّلات الإمبريالية والقوى التي تدعم الكيان الصهيوني، وتنتهز الصعوبات الإقتصادية لبسْط هيمنتها على البلدان والشعوب، وهذا لا يُعْتَبَرُ دعمًا للحكومة التونسية التي لم تُعلِنْ برنامجًا مُخْتَلِفًا عن الدّساترة أو الإخوان المسلمين، ولم يكن تعاطيها مُختلفًا مع الوضع الإقتصادي للبلاد وللأُجراء والكادحين والفُقراء، بل استمر النهج الليبرالي في ظل حكومة "قيس سعيد" مُتجَلِّيًا في ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية الأساسية من غذاء وطاقة وأدوية، واستمر معه تدهور دَخْل المواطنين، ما قد يؤدّي إلى انفجار الوضع مُجَدّدًا وفق تقرير البنك العالمي المُشار إليه... تدَهْوَرَ الوضع بعد الإنتفاضة التي كانت تفتقر إلى البرنامج وإلى القيادة، فتمكّنت قُوى رجعية وانتهازية وعميلة للقوى الأجنبية من السيطرة على دواليب الحُكم، لتتغَيَّرَ بعض الأسْماء، في أعلى هرم السُّلْطة، وتبقى مُمارسات القَمْع والرقابة والفساد والرّشوة وسرقة المال العام سائدة، لأن التحالف الطّبقي الحاكم لم يَكُن يُعَبِّرُ عن مطالب المُنْتَفِضِين من الفُقراء والمُعَطّلين عن العمل ومن سُكّان الأحياء الشعبية والمناطق الدّاخلية، خصوصا بوسط وغربي البلاد، بعيدًا عن المناطق الحَضَرِيّة السّاحلية، بل كان تعبيرًا عن مصالح التّجّار ووُكَلاء الشركات العابرة للقارات والسماسرة والمُضارِبين بقوت الشعب، من الإسلام السياسي (النهضة) والدّساترة ورجال الأعمال الفاسدين واللُّصُوص...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب الروسية الأوكرانية ومخاطر التّبَعِيّة الغذائية العربية
-
سريلانكا - التأثيرات الجانبية لكوفيد 19، وللحرب بين روسيا وأ
...
-
باكستان - انقلاب أمريكي/سعودي
-
هوامش من الإنتخابات الرئاسية الفرنسية
-
الحرب كوسيلة لحل أزمات النظام الرأسمالي
-
تونس- تَبَعِيّة اقتصادية مُسْتَمِرّة
-
رأس المال مُضِرٌّ بالصّحّة
-
ثلاثة عُقُود من الحُرُوب الأمريكية المثستمرة
-
السجون الأمريكية، اضطهاد عرقي واستغلال طبقي
-
أسعار الغذاء المُلتهبة
-
الهيمنة عبر الإقتصاد- نموذج فلسطين
-
الحرب مُتعدّدة الأشكال
-
السيادة الغذائية العربية على ضوء حرب أوكرانيا
-
السياق التاريخي لحرب أوكرانيا
-
ضرورة المطالبة بإلغاء الدّيون
-
مجموعة مقالات عن الحرب الروسية الأوكرانية
-
عن الحرب في أوكرانيا
-
دروس وعِبَر من أمريكا الجنوبية
-
نَبْشٌ في الذّاكرة
-
السيادة الغذائية، خطوة على طريق الإستقلال الحقيقي
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|