|
هل الغباء موهبة عند زيلينسكي ؟
كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 7222 - 2022 / 4 / 18 - 15:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعتقد انكم تشطروننا الرأي بالأفعال " الغبية " التي يذكرها الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي ، في خطاباته الفيديوية اليومية ، تلكم الشخصية التي جاءت من وراء المسارح الثقافية ، التي كانت له كساحة يستعرض فيها حركاته " البهلوانية " ، ورقصه وغنائه " وتهريجه " ، وهو ينتقد حالات اجتماعية تجري في البلاد ، ويتقبلها الناس ، والحاضرين لعروضه ، باعتبار ان ما يقوله " يدغدغ " مشاعرهم ، والمتنفس الذي من خلاله الاستماع الى ما يجول بخاطرهم من انتقادات لا يمكنهم البوح بها إلا في الحمام وحدهم ، وكي لا يسمعهم أحد ، ويكونون عرضة للأساليب القمعية التي تمارسها السلطات الحكومية للمنتقدين لعمل الحكومة ونشاطاتها ، وكما هو الحال في جميع الدول في العالم ، وحتى تلك التي تدعي الديمقراطية . واليوم تَكَشَفَ للجميع كيف فاز زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد ، بأغلبية الأصوات عن بقية المرشحين ، على الرغم من ان هؤلاء البقية ، " ضخوا " أموالا طائلة في حملاتهم الإنتخابية ، للظفر بكرسي الرئاسة ، ليجد زيلينسكي نفسه في ليلة وضحاها من " مهرج " على خشبة المسرح ، الى سدة الحكم لبلاد تلعب محورا جيوسياسيا مهما في العلاقات بين روسيا والغرب ، وجميعنا ، شاهدنا الرئيس " المهرج " وهو " يتنطط " فرحا وسط جموع مؤيديه الذي وقفوا لتحيته على " انتصاره " ، حتى ان الجميع اندهشوا لتصرفاته التي عكست حالته الطبيعية في عدم التصديق لما حصل ، وسط ذهول كبير لمن عرف هذه الشخصية ، التي لا يمكن أن تكون إلا " مهرجا " لا " رئيسا " . ومع مرور الأيام ، بدأ " المهرج " حياته على المسرح السياسي ، غير آبه بأن هناك فرق كبير بينه وبين المسارح الثقافية ، والمسارح السياسية ، والأخيرة تحتاج الى الخبرة ، والى الثقافة ، وهنا نقصد الثقافة السياسية الدولية ، والحنكة في التعامل مع الدول وفقا لمصالح بلاده الحالية والمستقبلية ، وعدم " اللهث " وراء مصالح خيال " المآته " التي لا تسدي نفعا ، كذلك احترام الاتفاقات الدولية ، ومعالجة القضايا الداخلية بحكمة " الاب " الذي يخاف على ابناءه ومراعاة حس الجوار التي تعطي لبلاده الاستقرار والأمان ، وفق علاقات تستند الى مراعاة المصالح المشتركة بينهما عبر التاريخ ، واحترام الاتفاقات والمواثيق الدولية التي عقدتها بلاده قبل تنصيبه . والملاحظ أن " المهرج" ولكونه قليل الخبرة في ما ذكرناه ، فإن أول ما أصطدم به ، هو قطع علاقاته مع " زملاءه " في المهنة في روسيا ، رغم ارتباطه بالكثير منهم بعلاقات ودية واسعة وحميمية ، ليس فقط بحكم عمله فحسب ، وانما بحكم التاريخ الذي جمع بلديهما طوال الفترات الماضية ، حتى صار هذا " التنكر " من قبل الرئيس " المهرج " محل إنتقاد وسائل الاعلام الروسية ، التي تفاجأت هي الأخرى بخطوته هذه ، رغم محاولة أصدقاءه الاتصال به مرارا ، على الرغم من انه كان لن يمر أسبوع واحد حتى يقوم بزيارتهم او بالعكس. الخطوة الثانية للرئيس " المهرج " ، وكأن هناك من يدفعه ويوجهه في مثل هذه التحركات ، فإنه بدأ في المراوغة والمماطلة في تنفيذ قرار لمجلس الامن الدولي ، الذي أيد اتفاق مجموعة مينسك ، لحل الازمة في جنوب أوكرانيا ، والتي تم الاتفاق عليها في العاصمة البيلاروسية بحضور رؤساء روسيا وأوكرانيا والمستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي ، لا لشيء سوى أن " المهرج " لا يحب هذه الفقرة او تلك ، وكأنه يتعامل في سوق الخضار ، يرغب لتلك الفاكهة ويرفض غيرها ، حتى أعلن بعدها بأنه غير ملزم بتنفيذ هذه الاتفاقية ، وإنه وإن لزم الأمر سيتوجه للحل العسكري لحل الازمة ، وسط صمت أوربي " مطبق " ، وأعتراض روسي ، من مخاطر هذا الرفض . بعد ذلك بدأت الأمور تتكشف شيء فشيء ، وكُشفَ عن الدور الذي أعطي " للمهرج " لتنفيذه ، وهنا بدأ الرئيس الاوكراني بإظهار " غباءه " ، ونسيَ ، وكما قلنا ، ان مسرح السياسة ليس كمسرح " التهريج " المبني على الايماءات الجسمانية والحركات البهلوانية لإرضاء شريحة من الجمهور الحضور مقابل مبلغ مالي ، وبدأ لعبة كبيرة ، عُرٍفَ فيها بأنه ليس هو من يقود البلاد ، وانما أولئك الذين انتشلوه من " التهريج المسرحي " ونقلوه الى تهريج أكبر هو " التهريج السياسي " ، ودعموه في الانتخابات الرئاسية ، ليكون في خط المواجهة الرئيسية لهم مع روسيا ، دون دراية منه ، لأن خيوط تحركاته باتت في أيديهم ، ويحركونها في الاتجاه الذي يرونها " هم " مناسبا . وما ان بدأت العمليات العسكرية الروسية الخاصة ، وتكشف المستور ، بعثور هذه القوات على مختبرات بيولوجية أمريكية والمانية منتشرة في أوكرانيا ، والحبل على الجرار ان كانت هناك دول أخرى لها مثل هذه المختبرات لصنع أسلحة دمار شامل ، تستهدف روسيا بالأساس ، وقد كتبنا في هذا الموضوع مقالين منفصلين ، بالإمكان الرجوع اليهما ، وهنا بات اللعب مع الغرب على " المكشوف " ، وأيضا بدون علم الرئيس " المهرج " ، الذي يلعب فيه الفريق الغربي ، ويوجهه في الاتجاهات التي يريدها لكسب معركته لا بالصدام المباشر مع روسيا ، وإنما لتكون بأيدي أوكرانية خالصة ، ودون أن تسال قطرة دم غربية واحدة ، وكل هذا وسيادة الرئيس " المهرج " نائم في العسل ، فالغرب يقول له انه لن يدخل في صرع عسكري مباشر مع روسيا ، ولا يعمل منطقة حظر جوي ، لأن ذلك يعني التصادم مع الطائرات الروسية ، ومثل هكذا أمر لا يرغبون به ، وكل هذا ولازال السيد الرئيس غافلا عما يجري . واعترف " المهرج " بنفسه ، برسائله التي بات الغرب يمل منها ، بأنه أتصل ب 27 رئيسا أوربيا ليقفوا الى جانبه ضد روسيا ، وقال الجميع " خائفون " !! ، ونكثوا عهدهم له ، وابلغوه بعدم قبول بلاده في الاتحاد الأوربي او حلف شمالي الأطلسي ( الناتو ) ، ولن يرسلوا له الطائرات التي طلبها من بولندا ، التي هي الأخرى أرادت " التهرب " من المسئولية امام روسيا ، بعد ان هددت الأخيرة بضرب البلدان التي تتدخل في الحرب ضدها ، ووافقت على ارسال الطائرات الى القاعدة الامريكية في المانيا ، وعلى الامريكان التصرف بها ، لكن الأخيرين رفضوا ذلك ، وكل هذا على مرأى ومسمع السيد الرئيس " المهرج " . والأكثر من ذلك، فإن معظم الأسلحة الغربية المرسلة ، تذكرنا بالاية الكريمة (24) من سورة المائدة في القرآن الكريم " قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" ، هي أسلحة سوفيتية قديمة ، تمتلكها " جِراءُ " الاتحاد الأوربي ( وهي دول أوربا الشرقية سابقا )، وتريد الاستغناء عنها مقابل وعود أمريكية وبريطانية بتزويدهم بأسلحة حديثة ، حتى ان القادة الاوكرانيون اشتكوا من نوعية الاسلحة التي ترسل اليهم وبطئ وصوله ، وشكوى مستشار الرئاسة الأوكرانية، ميخائيل بودولياك، من سلطات الاتحاد الأوروبي ومن نوعية المساعدة العسكرية التي تقدمها لبلاده ، و"يرسلون (الاتحاد الأوروبي) إلينا أسلحة خاطئة مختلفة عن تلك التي طلبناها، ويستغرق تسليمها وقتا طويلا" ، وطالبهم بتزويد كييف بالأسلحة اللازمة "الآن وليس خلال شهر". رسائل السيد الرئيس " المهرج " اليومية لم تعد تنفعه في اليوم الأسود، بل على العكس باتت اليوم نقمة عليه، بسبب الانتقادات الشعبية لشخصيته التي يظهر فيها، تارة وكأنه يتعاطى مواد مخدرة، وأخرى وكأنه مدمن للخمر ( وآخر مقطع فيديو له ، والذي يظهر فيه الرئيس الأوكراني وهو في حالة من السكر، متاحا على صفحته الرسمية في مواقع "إنستغرام") ، والحركات التي يقوم بها في هذه الفيديوهات تؤكد حنينه الى " التهريج المسرحي " ، لأنه وبلا فخر قد فشل فشلا ذريعا في " التهريج السياسي " وكما يقول المثل المصري الشعبي " من ترك كاروا ، تقلّ مقداره " .
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شر البلية ما يضحك مع الغرب
-
الاتحاد الأوربي وأجواء الغضب والجنون
-
بوتين لم يتركوا لنا خيار
-
هل تنجح النمسا دور الوسيط الموثوق مع روسيا
-
واشنطن و حفلة زفاف -الكلاب -
-
النفط والغاز بالروبل والبقية تأتي لاحقا
-
هل موسكو وكييف على موعد تحقيق سلام قريب ؟
-
وثائق تكشف ضلوع - هانتر - بالمختبرات الامريكية البيولوجية
-
أيها المُعيّب لا تُعيّب ، فإن العَيبَ فيك
-
الهجوم الروسي المقابل
-
هل يأخذ زيلينسكي بنصيحة لوكاشينكو
-
بوتين لن ننهار ، ولن نتراجع
-
أوكرانيا بين النموذج -الفنلندي- و -الفيدرالية-
-
روسيا وأوكرانيا وين .. وبايدن وين !!
-
لماذا فشل أجتماع لافروف وكوليبا في انطاليا ؟
-
أمريكا وصناعة الموت الجماعي في أوكرانيا
-
الجميع تنصل من معرفته ب - فتحي - !!
-
أيها الغرب لا تعيب ، فإن العيب فيك !!
-
زيلينسكي ان كنت تدري فتلك مصيبة ، وان كنت لاتدري ؟
-
كيف ستواجه روسيا العقوبات الغربية
المزيد.....
-
على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا
...
-
في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ
...
-
بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل
...
-
هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
-
مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ
...
-
مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
-
حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
-
دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با
...
-
كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو
...
-
طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|