|
سردية روائية: *ماء و حنطة !*
لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 7222 - 2022 / 4 / 18 - 06:09
المحور:
الادب والفن
…رغم استيقاظه باكرا حوالي الساعة السادسة صباحاإلا أنه لم يستطع إكمال عملية حصاد الحبوب من القمح و الحنطة المتبقية من اليوم الذي سبقه .. شارفت الساعة الثانية بعد الزوال و "لامين" الإبن الأصغر للحاج إبراهيم ، عمره أنذاك إثني و عشرين عاما لم يتم بشكل نهائي هذه المهمة التي أوكلت إليه من قبل والده الذي سقط طريح الفراش بسبب حمى مفاجئة في اليوم السابق ، قيل أنه تلقى ضربة شمس قوية … كان حاله على الفراش جد مقلق و مدعاة للخوف ؛ حتى أن بعضهم من الأقارب ظن أنه لن يقوم من هذه السقطة الفجائية !. كان العطل الذي أصاب مكينة الحصاد الضخمة لمدة ساعتين أخّر من حصاد و جمع النّعم من حبوب القمح و الحنطة .. كان "لامين" الإبن المدلل لوالده يستشيط غضبا و في أوجّ الغيظ لما آتاه من تعب مضنٍ تحت هذا القيظ و الشمس تلفحه من كل جانب، و جسده يتصبب عرقا .. كان وجهه ينذر بمدى صعوبة المهمة رفقة بقية العمال الأُجراء الذين قدموا مع طلبية ( مكينة الحصاد ) ، يكسو ملامحه غبار الحقول المثارة بمرور هذه الآلة الضخمة .. كان التبان الصيفي الذي يضعه يبدو كأنه شفافا لشدة امتصاصه عرقه المنساب و كان سرواله على مستوى دبره و فرجه و مفاصله يبدو كأنه تبوّل على نفسه بولا طويلا مبرحا … كان يجمع مع العمّال أكياس الحبوب التي كانت تلك الآلة تلفظها عند امتلائها فيضعها على مركبة جواده و عندما تمتلئ عربة الحصان يعود من الحقول مقتدادا عربته محملا بأكياس النعمة و يبدأ في إدخالها إلى "دار النّعمة" ؛ هكذا كان يسمونها لما ترك عمّار و أسرته هذه الدار و استقرّ في بلدة أوراسية تسمى بـ " الشمرّة".. دار النعمة هذه كانت عندما تدخلها و تفتح بابها تضربكَ روائح النِّعم ، روائح الحبّ المحصود ؛ حيث الاكياس من حبوب القمح الصلب و الحنطة مكدسة بترتيب جيّد و هناك زاوية من الدار مفروشة يوضع عليها الحب من القمح أو الحنطة دون حفظه في أكياس … كان لامين يرفع الأكياس من على عربته و يضعها على كتفه العريض و بعناء يزف الحنطة و القمح إلى مثواهم الأخير كيسا كيسا … ثم عند انتهائه من إفراغ شحنته من على عربته يعود إلى الحقول و يلتحق بالعمّال لمعاودة جمع الغلة .ثالثا و خامسا و سابعا … *** ربيعة إبنة الثالث و الثلاثين ، عزباء ، إبنة عمومة لامين يُعوّل عليها في كثير من الشؤون المنزلية و الرعوية لما كانت في سن الطفولة و المراهقة .. ربيعة البنت الوحيدة من حريم العائلة اللي فاتها قطار الزواج مبكرا على عكس باقي بنات و نساء البادية … كانت ربيعة طويلة القامة ممتلئة الجسد ، صاحبة شعر أسود كثيف و طويل ، عيناها بنيتان كبيرتان و خانة كبيرة سوداء تنقّطُ تاء الجمال و السحر على مهبط ذقنها.. الكل يتساءل عن سبب عزوفها عن الزواج منذ سنوات ، و كلما حاولوا الضغط عليها بفرض زيجة معينة تتمارض أو تهددهم بقتل نفسها ! عقيلة الوحيدة من بنات عمومة "لامين" من تعرف قصّة " ربيعة " و تعرف سرّ هذا الإحجام و الرفض المستميت ؛ لما حدث عنها لامين "عقيلة " ، على أنه يريد أن يطلب ودها و يصاحبها بغرض بناء علاقة قصد الزواج منها ، فتلعثم وقتها لسانها و تأتأت و ارتبكت و أفشت له بالسرّ و حذّرته من الإقتراب منها إذا كانت نيته هي الزواج منها … و إلا سوف يتحمّل وِزر غيره ! كان السرّ تجاوز الأثنين و كان " لامين" يعرف تفاصيل قصة " ربيعة". *** لما كلفت ربيعة إبنة السادس عشرة من العمر بمرافقة " بوعقلين" الأهبل ، راعي العائلة لمساعدته في رعي الأغنام .. لم يكن "بوعقلين" الأهبل موضع ريبة و لا شكّ بالنسبة للحاج إبراهيم حتى يخاف على شرف إبنة العيلة ، و هتك عرضها من طرف هذا المعتوه ..كانت هذه الاحتمالية بالنسبة للجميع هي ضرب من الجنون؛ آه لو يعلمون "ضرب" الجنون ! كانت ربيعة لم تتصوّر لحظة أنها سوف تجد نفسها طريحة التراب في شعبة من شعاب البادية و "بوعقلين" يستدرك عقل الذكر و يجثم على جسدها و يسمّرها في الأرض إلى درجة أنها كانت تشارف فقد نفسها …ما نفع صراخها فالديار البعيدة و جثة " المجنون" كتمت كل صدى الاستغاثة … لقد تحوّل في لحظة المجنون الأربعيني الأهبل "بوعقلين " من راعٍ إلى حارث صلب مُبين ! ما أخطر الذكر عندما يكون مزود بعقلين و بقلبين ، عقل مجنون و عقل عاقل و قلب طفل و قلب خبيث جشع! كلها اجتمعت في راعي " عمّي الحاج إبراهيم"… لم تستطع ربيعة تفسير ما حصل لها و ما عاشته من لحظات كابوسية في عمرها الزهري ، و لم تستطع نسيان تلك التفاصيل التي اجتمعت في حادث حرثها اغتصابا .. الرائحة الكريهة المنبعثة من جسد " بوعقلين" الأَوذحْ ، راعي الديار .. لم تنس صولاته و جولاته بعضوه و هو كالوحش الكاسر يفض بكارتها و يكتم أنفاسها بيده الوسخة الموذوحة .. لم تنس توعده بذبحها كما تُذبح الشاة لو بلّغت عنه ؛ و ربيعة أدرى بظروف ذبح الشياه، فهي ولدت معها و تعرف قصة كل شاة بيعت أو ذُبحت في مناسبة أو اُهدت كقربان . *** عندما حكت فاجعتها لـ " عقيلة " نصحتها أن تُبلّغ عنه حتى يلقى جزاءه فانتفضت رافضة مذعورة خائفة من ردة فعل الراعي و من موقف أهلها ؛ كانت ترى بإقدامها على فضح الحادثة تنقلب الأمور إلى ما لا يحمد عقباها و تُذبح في كلتا الحالتين و سوف يرفع القلم و تُبعد الشبهة عن الراعي الأبله راعي الديار المسكين !. هكذا استمرّت ربيعة دافنة سرّها في أعماقها ، و كلّما تقدّم شاب لخطبتها كانت تسترجع كل تفاصيل ما حدث لها و تتقزز من شيء إسمه " رجل"! كانت تراهم بحاسة شمها ؛ نتنون ، وسخون …قذارة تنبعث منها روائح البول و الوذح! *** كان لامين تحت لفح الشمس منهمكا في جمع أكياس حصاده على إكراه ، أو هكذا كان وجهه و مزاجه يبديان للعيان … لم يكن ينتبه أن ربيعة كانت ترقب كل حركة يقوم بها عن بعد و هو في هيئة كمن سقط في مسبح ، ثيابه المتسخة العائمة في عرق جرّاء الحر و جهد حصاد الغلة … كأنها تريد تطبيق وصية عمها الحاج إبراهيم بحذافر كل اللغة و مجازها المفتوح؛ و الذي نابت في خدمته منذ أن سقط طريح الفراش لما طلب منها ذلك ؛ أن تهتمّ بكل حاجيات "لامين " في غياب والدته التي لم تعد بعد من زيارة لأهلها في دوار( أولاد سي عمر )… كانت تحركاتها من إلى خارج الديار كمن هي في مناسك الصفا و المروة ، متذرعة بنشر الغسيل على الحبل المثبت بالباحة الكبيرة المفتوحة للديار .. عاد لامين على متن عربته محملا بشحنة من أكياس النّعمة فلم تترك ربيعة فرصة ملاقاته عند وصوله و بدئه في إنزال و حمل الأكياس باتجاه دار (النّعمة).. بادرت و همّت تمدّ يد العون .. - هات نعاونك! ما تعبتيش من الصباح يا ولد عمي .. !؟ - لا..لا ، خلّيني في همّي يا ربيعة ، تعبتْ لكن لازم نخلّص عليّ هذا الهمّ اللي لصقو في بابا ! بقات لي بعض الأكياس كنوبة أخيرة و استريح ، لقد انتهى حصاد الماكينة للحقلين ( القمح و الحنطة ) و العمال تركتهم يتناولون غداءهم، ثم ينتقلون إلى حقول أولاد ( سي عثمان ) لحصد محاصيلهم ، فعليهم الانتهاء قبل مغيب الشمس حسب ما ذكروه لي. - علاه تقول هكذا خليني ؟ و وعلاه تقول يا راجل على النعمة أنها همّ ! استغفر ربك ! هذي نعمة من ربي ، و العام عام صابة ، آه لو كان عمي ابراهيم جا يشوف الخير و النعمة تاع ربي ، يجي يشوف سيد الرجال ولد عمي كيف كان قد المسؤولية و عرقو اللي مكسّيه يساوي جيش رجال ! لا تقل هكذا يا لامين ! - نظر و حملق فيها لامين بشيء بالانبهار و التفاجؤ و هو يسمع إطراءً و ثناءً لم يسمعه قطّ عدا ذلك السُّباب عند الغضب و العتاب : "يا حمار ، يا دابّ، يا بغلْ" المتفوّه من قبل الحاج إبراهيم أثناء فترات تصادمهما بسبب سلوكه الآبق و الثائر في بعض الأحيان … - راك زعفان برك ، لكن ما يعطيكش قلبك تترك عمّي منشغل على ماله و أموره و هو على فراش المرض أدعو له بالشفاء و كل شيءٍ يهون ، هذا هو الأهم ..والله راهو موش مليح ، و حالته تقلق و الحمى لا تكاد أن تبرحه و مع ذلك يسألني عنك في كل ساعة ، والدك لا يكرهك و يريد لك الصلاح و كل الخير أو تشكّ في من يلقبه الجميع ب " سيّدي إبراهيم " حاجّ لبيت الله و حافظ لكتابه .. هوّن عليك و أترك كل شيء و ارتح سوف أحضر لك الأكل ثم عاود شغلك ! - ليس بعد .. ليس بعد ! هل هو نائم الآن ؟ هل أكل شيئا ؟ حدثيني هل لي أن أقلق عليه ؟ - هو نائم و يستيقظ من حين لآخر .. لا اكذب عليك حمته مقلقة ، لكن اعتقد أنه سيتماثل للشفاء .. إطمئن! - عذرا .. سأعود للحفل و أجلب ما تتبقى من حمولة الحصاد و أفرغها في هذه الدار ، بعدها يمكنك إحضار الأكل يا بنت العمّ… - حاضر ، كما تريد يا لامين ، "رحْ ربي يكون في عونك ، هانت ، هاك خلصت تقريبا .. غدوة يوم بلا مشقة جني النّعمة .. " خرج لامين متجها نحو الحقل لجلب أكياسه المتبقية من الحبوب على عربته و هو شارد الذهن و يلتفت بين الفينة و الأخرى خلفه فيجد " ربيعة " تسافر معه تلاحقه بنظراتها و تلويحاتها …و كأن شيئا تحرك فجأة بقوة داخله اتجاهها ، و هو يتذكر حوارهما و عذوبة كلامها معه و اقترابها منه حتى لامسته أنفاسها … يتذكر تنورتها الخفيفة الصيفية المبتلة بماء الغسيل ، النتؤان البارزين بسبب انتصاب حلمتي ثدييها ..فتتداخل تلك اللحظات بالسرّ الذي يعرفه عنها فينشطر بين رغبته فيها و بين ذلك التفصيل الكارثة الذي حدث لإبنة عمه التي كان قد أدرجها ذات تفكير جاد في مشروع علاقة حب كمقدمة للارتباط بها ! -هل تعلم أني أعلم بسرّها ؟ ماذا لو علمت و واجهتها بذلك ؟ كيف ستكون ردة فعلها ؟ هل ستصدم و تكربْ و تنتكس نفسيا و تدرك أن " عقيلة " هي أيضا فقدت عقل الأمانة و أفشت السرّ لعنصر ثالث و هو -أنا-؟ كانت أسئلة كثيرة طرحها و هو متجه إلى مكان مجمع " النعم "… *** فجأة تبدو ربيعة في حال غير حال ، أكثر نشاطا و حيوية و سعادة و هي تحضّر الأكل لإبن عمها في دار النعم ، و هي لا تدري سبب اختيار وضع مائدة الطعام في هذا المكان تحديدا على مقربة من أكياس حبوب القمح و الحنطة الموضوع على فرش بالزاوية الأخرى من الحجرة التي تبدو نصف منيرة أو نصف مضيئة … و قد جهزت له ثيابا نظيفة وضعتها على إحدى أكياس القمح .. لمّا عاد لامين بآخر حمولته ، و دخل عليها حمّالا لكيس من الحبوب و هي لم تنته بعد من ترتيب الطاولة و ملئها بما أعدته من أكل .. كانت تبدو مرتبكة بحضوره و كأنها تراه لأول مرة ! تذهب و تجيئ بأغراضها و هو يواصل تفريغ حمولته إلى أن انتهى ، فوجدها منتظرته عند المائدة .. -يعطيك الصحة يا ولد عمّي ، ربي أعانك و دعوة الوالدين لم تخطئك ، هاكْ خلّصت شغلك ! أقعد تاكل و ارتاح ضركْ … -يسلمكْ! ياه! والله تعبت تعبْ لا تتصوري حجمه! انهال لامين على الطعام المحضّر و يأكل بشكل الجائع الذي لم يأكل لأيام ! و كانت هي ترقبه باستحياء و تسترق النظر إلى وجهه و هو غير مُبالٍ بتلصصها على كل حركة و على هيئته ، ثيابه المتسخة و المبتلة بعرقه. لم تدم طويلا عدم درايته بنظراتها التفصيلية التنقيبية في كل جزء من جسده … -ألا تأكلين ؟ ما لك تنظرين إليّ متفرّجة ، كولي معي يا مخلوقة ! -بالشفاء ليك أنا أكلت مع عمّي ، أنا فقط قاعدة معاك كشما احتجت أي حاجة نجيبهالك ! ياخي ما تقلقكش قعدتي معاك ؟ -بصحتك.. لا أبدا أبقاي على روحك ! بابا كلا شوية ؟ عنده شهية للأكل ؟ لازم عليه ياكل ! موش مليح إذا فقد رغبة الاكل ! -اطمئن! هو ما يحبش ياكل بزاف، و أنا عاندتو و حتمت عليه ياكل شوية ، المهم أكل ما شاء الله ! يا رب يقوم و يرتاح ! الدار ظلمة من غير حركته و صوته و صولاته و جولاته ! -آمييييين من فمّك لربي ! و استمرّ لامين يأكل و علامات الراحة بدأت تعود إليه .. بينما ربيعة تستمرّ في استراق النظر إليه و تحسب أنفاسه و تسافر بنظراتها عشرات المرات بين ثنايا و تفاصيل جسده و هو يجلس أرضا متصدرا مائدة الطعام … ينظر إليها يباغتها متلبسة فيه ، يبتسم دون أن ينبس ببنت شفة .. تتخاطر معه ربيعة بنفس الابتسامة لكن أعرض من ابتسامته الخجولة و دون كلام ! همّ بالوقوف بعد انهائه من الأكل و يريد -بتثاقل لا يعلم مصدره - الإنصراف من تلك الحجرة ، يتقدمّ بخطوة ، تنهض هي بسرعة البرق: -وينْ راكْ رايح ؟! تسأله في تعجّب. -سأذهب لأتفقد بابا ثم أذهب لتغيير ثيابي ، شوفي حالتي تشبه حالة الكلب ! -لا تذهب إليه الآن ! هذا وان نام و محتاج للراحة ، عاود شوفو بعد ما يستيقظ … ثم راحت صوب الكيس الموضوع عليه ثيابه النظيفة و حملت القميص الجديد النظيف و تقدمت نحوه و بجرأة لم يتوقعها لامين أخذت تقتلع من صدره ذلك القميص الذي التحم بجلده من شدة العرق .. لم يحرّك لامين ساكنا و هو يرى ربيعة تخلع عنه قميص التعب وتريد استبداله بقميص نظيف و مريح ! -يا مرا واش قاعدة تديري ، لازم ناخذ حمام و من بعد أغير ثيابي ! -لما خلعت على مرأى عينيه قميصه و رأت صدره متصببا بالعرق و تفاصيل عضلاته تجمّدت يدها الموضوعة على صدره كأنها التصقت به ! تنظر محدقة فيه بشكل اختلّت فيه موازين اللحظات و سلّم تدرّج الأحداث ، اقتربت أكثر ! أنفاسها تهشّ على شعر صدره بلطف.. .. تجمّد هو بمكانه يحملق فيها دون مقاومة ، بدأت تُمسح بيديها على صدره و ترتّل اعترافاتها : -هذا العرق أطهر من أيّ ماء تضعه على جسدك .. أنت سيد الرجال سيدي ولد سيدي الغالي ولد عمّي ، جسمك طهّره شقاؤك و برّك بوالدك .. دعني أرجوك أتفحّص هذا الصدر الكذوب المتظاهر بالقسوة و العقوق و الغضب و هو ألين من الحرير …. اقتربت اكثر و وضعت رأسها على صدره ، رفعت رأسها نحوه ، أخذت تنظر إليه بانصهار ، قبّلها لم تمانع ، بل انضربت بعنف الشوق بشفتيها و لسانها فيه ، كان يتبادلان العناق الحميم .. ثم توقّف بغتة و دفعها قليلا إلى الخلف : -انتظري ، انتظري .. أُريدُ أن أقول لك شيئا مهمّا آمل أن لا تبتئسي أو تصدمي … -هيه! قول! واش تحب تقول ؟ غير الخير !؟ -لعلمك أني أعرف قصتك منذ زمن ؟! -قصتي ؟! -نعم ! قصة اغتصابك من طرف ذاك ( الحيوان المهبول ) تاع الراعي الناتن اللي كان يشتغل عندنا ! تسمّرت في مكانها للحظات و هي تفكّر و علامات الخيبة و الصدمة و الحزن لمعرفتها بأن سرّها و سرّ رفض زواجها يعرفه لامين ! -لماذا أخفيت عنا كل هذا !؟ ما أحمققك يا مرا ! كنت على الأقل أخبرتيني أنا ! لكنتُ تصرّفت و أنصفتك و انتقمت لك .. تعرفيني أنا مجنون و معروف بالتهور و العقوق و العصيان .. والله أعملها و نروح أمسكْ ذلك الراعي ( بوعقلين) و أضع في دبره وتد من حديد جزاء فعلته ! - لو وضعت فيه كل الأوتاد التي تحمل السماء لن تنفعني ! و ماذا بعد ؟ هل تستعيد لي براءتي ، هل تسترجع لي بكارتي و عذريتي و شبابي و أحلامي ؟ كان أفضل إذن تكتمي على المصيبة ! اللي كان كان يا ابن عمّي و اللي يرجع على الجرّه يتعب ،، و أنا من أصله ولدتُ تعبانة فلا تتعبني بهذا الحديث ! -يا خسارة ! هل تعلمي أني فكّرت فيك منذ فترة و أُعجبتُ بك و كنت أودّ الارتباط بك و و و ، لكن لما أخبرتُ و اكتشفت السرّ خارت آمالي! تعرفي جيدا لن استطيع الزواج منك و أنت لست « عذراء » ، فقد أُطرد من العائلة و أُتهم بكل النعوت ! و نصبح أنا و أنت حديث العام و الخاص ، و تفتح علينا مشاكلا لا مقدرة لنا عليها ! -أعرف يا ابن العم ، أنا لم أطلب منك شيئا ، لم أطلب منك الزواج مني ؛ أنا لا استحقك ! و أنا لا استحقني ! أبل قل أنا لا استحق أني وُلدت في بيئة مجحفة تُجرّم الضحيّة و تبرّئ الجاني ! و أيّ جانٍ ؟ معتوه فاقد لعقله ! حتى الله برّأه مما اقترفه في حقي لمن اشتكي إذن! خلي الجرح بحاله يا ابن العمّ! هذا حظي الملعون و علي تقبله لكني لن أرض أن أعيش مع إنسي من جنس ذكر ما حييت ، فليذهب جميعهم للجحيم ! -حقا ليس لدي ما أقوله لك يا بنت العم ! والله اوجعتيلي قلبي ! صح الدنيا كلبة و "الزهار" في بعض الأحيان أسوأ من الدمار ! -لا عليك .. لا عليك ! لست مذنبا في حقي ، و اليوم الذي فاتحتني فيه عقيلة و أخبرتني أنك كنت تريدني ، كبرت في عيني و زادت معزتك عندي ! لا أطلب و لا أطالب بشيء… ما انتهت من إجابتها حتى راحت تعاود الارتماء في حضنه و تقبل صدره برومانسية لم يعهدها لامين في حياته رغم أنه معروف بدنجوانيته ! ثم سطت على شاربيه معانقة ملتحمة به ثم نزعت سرواله و غلّقت باب "دار النّعمة" و دخلا في حالة سكر موازية لعالمهما حيث استسلما لحاجتهما الإنسانية تحت فيء غرفة "النعمة" و تَفَاَخَذَتْ ربيعة معه و بكلها بما يكفيها لنسيان آلامها المكتومة. *** -كانت تقول لي : -دكّني يا ابن العم فأنت الغالي إبن الغاليين و أنا اخترتك اللحظة بمشيئة عاقلة بعقل واحد و بقلب واحد ، دكّني و لا تتوانى.. فلتكتب كل الأقلام السماوية و الوضعية ما شاءت ..يكفيني حظي البائس الذي تعثّر براعٍ معتوه و رُفِعتْ عنه أقلام الله و العادات و الأعراف ..فأنت أحقّ بدكّي و أنا بدكّك لَفَكِهَة و راضية. عندما فتحتُ باب دار " النعمة" و تفشّت أنوار الظهيرة الصيفية إلى الفضاء الداخلي كنا عاريين ننظر إلى بعضينا نظرة القربى / الغرباء / الطُلقاء .. ما شدًني في تلك التجربة أو المغامرة و هي أروع و أول و آخر تجربة في حياتي لا يعادلها شيء رؤية مائي فيها ينساب من فرجها على فخذها محمّلا أو سائقا لحبتين للحنطة ، وقتها أدركت أننا مارسنا الحب بجنون و لم ننتبه أننا افترشنا الحنطة الموضوعة في الزاوية دون أكياس . ضحكنا معا في ذات الوقت لما اكتشفنا أنفسنا بعدها ،فأخذنا ننفض على جسدينا و فرجينا و دبرينا حبّات الحنطة التي طرّزت بقعا من جسدينا. -كان الكلّ يضحك بمرح شديد لقصص لامين على أترابه من الصحبة ذات مساء و مغامراته و قصته مع ربيعة ، بينما أنا كنتُ استمع و أتألّم بعمق لا أدري لماذا !؟
*) فصل من فصول (…) باريس الكبرى جنوبا في 16 أفريل 2022
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة و الرجل: ما مدى مصداقية مفهوم « الصداقة » بينهما ؟!
-
العتمة العملاقة: ماذا سيحدث للعالم و لِ - عَبدة- (الفيس و إخ
...
-
عجائب الخلق..
-
كَشُرْبِ الهِيمْ!
-
حُقنْ -الغيبوبة الإرادية- للمرضى بالحياة !
-
هذه طفولتي التي أخطأتها …
-
*دموع إسطنبولية ! ( سردية واقعية)
-
يولد الشّعر في أيّ مكان شاء .. فكن إنسانا أوّلا يا صاحبي!
-
(قصة.ق): كِظام!
-
* جزائري أنا و افتخر و ليس عندي مركب نقص هَوَيَّاتِي مع با
...
-
أفكار: ماذا لو أحلّ الله لنا قتل أنفسنا ؟ | لمًا تصبح الرواي
...
-
*عن الأدب الجزائري: أوّل رواية في التاريخ لنا .. و نتصدّر ال
...
-
أفكار : صديقي « نيتشه » المُتعب!
-
* النديم ريشة قلبي و لوْ المُمرّد الروح المتصابية لذّة
...
-
وحوش الله*!
-
« الرّاعي الوحيد* »
-
« الرّاعي الوحيد* »
-
فسحة -مقبريّة- في حضرة Père Lachaise : عندما تتعقّد الحياة ي
...
-
أفكار :*1) أفّاكو الكتابة ! 2) غثيان نفسي فكري 3) معضلة الع
...
-
ما ليس لهم ليْ!
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|