|
تأثر الكاتب العراقي بأساليب مسرح الغرب!
سامي عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 00:01
المحور:
الادب والفن
في الستينات من القرن الماضي اطلع كتاب المسرحية العراقيين على مختلف أساليب الكتابة في الغرب وذلك عن طريق مجلة المسرح المصرية وهي دورية متخصصة وعن طريق سلسلة المسرحيات المترجمة التي كانت ترد من مصر، وأخذوا يطورون كتاباتهم بأمل ان تصل الى مستوى تلك المسرحيات الأجنبية التي قرأوها لأبرز المؤلفين المسرحيين في العالم ومن مراحل تاريخية مختلفة، و قبل ذلك الحين لم تكن هناك مسرحية يعجب بها احد من المخرجين المسرحيين المجددين امثال (جاسم العبودي وإبراهيم جلال وجعفر السعدي وبدري حسون فريد وانا) ولكن الكتابات الجديدة التي قدمها كل من (عادل كاظم) و(يوسف العاني) و(نور الدين فارس) و(طه سالم) أثارت اولئك المخرجين ووجدوا فيها ضالتهم ووجدوا فيها بديلاً عن المسرحيات المترجمة. من الاساليب الكتابية الجديدة التي اطلع عليها الكتاب العراقيون، أسلوب المسرح الملحمي البريختي فراح البعض منهم يحاكي ذلك الاسلوب في كتاباته كما حدث مع عادل كاظم في مسرحيته (الحصار) التي اخرجها (بدري حسون فريد)، ومع يوسف العاني في مسرحيته (المفتاح) التي اخرجتها انا لفرقة المسرح الفني الحديث. اطلع المؤلف العراقي على اسلوب المسرح السياسي الوثائقي فحاكاه في عدد من المسرحيات نذكر منها (الخرابة) ليوسف العاني والتي اخرجتها انا لفرقة المسرح الحديث ومسرحية (انا ضمير المتكلم) لقاسم محمد التي اخرجها للفرقة تلك نفسها. كان مسرح اللامعقول قد أثار اهتمام المسرحيين العراقيين في تلك المرحلة، أقصد الستينات، وخصوصاً بعدما اخرجت انا مسرحيتين من هذا النوع من انتاج الجمعية البغدادية وهما (رقابة عليا) لجان جينيه و(في انتظار غودو) لساموتيل بيكيت والتي ترجمها الى العامية العراقية الأديب والناقد الراحل (جبرا ابراهيم جبرا)... وحاول البعض من طلبة معهد الفنون الجميلة ان يجربوا حظوظهم مع أسلوب ذلك المسرح الجديد والمعقد، فقام (أحمد فياض المفرجي) بإخراج واحدة من مسرحيات بيكيت ولكنها لم تلفت الانتباه ولكن عندما اخرج محسن العزاوي مسرحية طه سالم المعنونة (طنطل) دهش الكثير من الدارسين والمتفرجين بذلك الأسلوب الغريب الذي كتبت به المسرحية، ودار نقاش قوي وطويل حول طبيعتها وحول ملائمتها لذائقة العراقيين، وقد تأكد لبعض النقاد ان المسرحية تنتمي الى مسرح اللامعقول حيث اتصفت بالعديد من صفات ذلك المسرح الطليعي الذي تبناه كل من الايرلندي (صاموئيل بيكيت) والروماني يوجن يونسكو والفرنسي جان جينيه واللبناني الاصل (جورج شحاده) والاميركي إدوارد آلبي، وقد اكد (طه سالم) تأثره باسلوب مسرح اللامعقول عندما كتب مسرحية اخرى هي (ورد جهنمي) والتي تناولت موضوعا مشابها لموضوعة (طنطل) الا وهو وجود شيطان او شرير في المدينة يجب الخلاص منه، ثم كتب مسرحية (ما معقولة) التي أخرجتها انا لطلبة أكاديمية الفنون اوائل السبعينات وهي تتطرق الى موضوعة تحوّل الانسان الى ما يشبه الالة في هذا الزمن حيث تسيطر الالة على حياة الانسان، وافترض (طه سالم) في تلك المسرحية ان شخصياتها عبارة عن سجلات تسطر فيها الاوامر والتعليمات وليقوم بتنفيذها الاخرون من غير نقاش او تساؤل او تبرير. رغم تزايد الرغبة في التجديد لدى المسرحيين العراقيين خلال السنوات الاخيرة من القرن العشرين وتصاعد الحماسية للبحث عن اساليب اخرى مبتكرة يخوضون تجربتهم معها الا ان لغة التقليد والالتزام بالاعراف السائدة، فمسرحية تاريخية مثل (تموز يقرع الناقوس) لعادل كاظم التزمت بقواعد المسرح التقليدي ومسرحية (الشريعة) ليوسف العاني هي الاخرى، كانت ملتزمة بها ومسرحية (ننوس) لقاسم محمد فعلت كذلك، كما ان المخرجين المختلفين لم يتخلوا عن اخراج المسرحيات المترجمة كما فعل بهنام ميخائيل مع مسرحية (رسالة مفقودة) للروماني كارجيان، واخراج (جعفر السعدي) مسرحية شكسبير (بوليوس قيصر) مع شيء من التجديد في اسلوب اخراجها، واخرجت انا مسرحية كوكتو التقليدية في بنائها (النسر له رأسان) واخراج محسن العزاوي مسرحية شكسبير (روميو وجوليت) واخراج ابراهيم جلال مسرحية احمد شوقي (مصرع كليوباترا) واخراج عبد الرسول الزيدي مسرحية شكسبير (ماكبث). واليوم وقد تعرف شباب المسرح العراقي على نوع جديد من المسرح (الرقص الدرامي) أو (دراما الجسد) عن طريق شاب عراقي مغترب هو (طلعت السماوي) زار بغداد وقدم نموذجاً لهذا النوع من المسرحيات، قام عدد كبير من اولئك الشباب محاكاة ما قدمه طلعت واعتبره البعض انه هو المسرح البديل من غير ان ينتبهوا الى كون هذا النوع من العروض المسرحية يدخل في خانة هامش المسرح، وهنا نشير الى ان الرقص الدرامي او الدراما الراقصة او دراما الجسد في العراق تحتاج الى مزيد من الوقت ومزيد من الجهد ومزيد من التقنيات ومزيد من المعرفة لكي يصبح صيغة مؤثرة على النطاق الواسع.
#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخلاف بشأن المسرح الشعبي
-
الخلاف بشأن المسرح الشعبي 2
-
الدراما الوثائقية
-
أهمية إحياء الفرق المسرحية الخاصة
-
المسرح والتداخل الثقافي بين الأمم! 2
-
المسرح والتداخل الثقافي بين الأمم! 3
-
تطورات الميلودراما والمونودراما والميتادراما والسايكودراما
-
تطورات الميلودراما والمونودراما والميتادراما والسايكودراما 2
-
لغة المسرحية بين الفصحى والعامية!
-
سوء استخدام المصطلح المسرحي!
-
معنى الإخراج المسرحي!
-
هل تكفي الموهبة لتحقيق منجز فنّي راسخ؟!
-
عن المسرح الوطني البريطاني
-
أيريان منوشكين ومسرح الشمس
-
غياب المسرحية الموسيقية! 2
-
كيف يطوّر الفنان المسرحي عمله؟
-
يوجين أونيل في بغداد! 2
-
الفرقة القومية للتمثيل.. وتناسي تعليمات تنظيم عملها
-
جان جينيه في بغداد!
-
ماذا أعددنا للاحتفال بيوم المسرح العالمي؟
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|