عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 9 - 21:05
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
روسيا الدولة الأعظم نوويا، نعم هذا صحيح، لكن قدراتها في الحرب التقليدية، مقارنة بقدرات حلف الناتو محدودة ومتواضعة، وكان يمكن تلافي هذا الضعف بأجراءات إقتصادية تردع بلدان الناتو الأوربية عن تسخير قواها العسكرية التقليدية ضدها في أوكرانيا، لكن بوتين فضل لسبب غير واضح الأستمرار في تلقي العقوبات الأقتصادية الغربية دون رد، منتظرا أنعكاس تلك العقوبات على الغرب، بدلا من التلويح من البداية، بأن رده على أية حرب أقتصادية ضد بلاده، سيكون تدمير أقتصادات أوربا بقطع فوري لأمدادات الغاز والنفط عنها.
تردد بوتين في التلويح بذلك طمأن الغرب إلى استمرار إقتصاداته في النمو، حتى وهو يلقي بكل ثقله العسكري والأقتصادي الى جانب أوكرانيا، أمر كبد ويكبد روسيا أثمانا أقتصادية وعسكرية باهضة، دون دفع ثمن مقابل.
هذا الخطأ الإستراتيجي، الذي لا أحد يعرف خلفياته، أدى كما هو واضح إلى أطالة أمد الحرب وتعاطم كلفتها الأقتصادية، أمر سينعكس بلا ريب على حياة الشعب الروسي، الذي سوف لن تسعده مواصلة الإنخراط في حرب عبثية، لا يمكن التنبؤ بمدياتها ومآلاتها، مع أحتمال تحولها الى حرب استنزاف طويلة الأمد. فحتى لو أوقف بوتين الحرب غذا، ستلقى أوكرانيا تشجيعا على مواصلة حربها الممولة من الغرب أقتصاديا وعسكريا وتقنيا ودبلوماسيا وإعلاميا، من أجل استعادة القرم وكامل الدونباس، باعتبارها مناطق محتلة. وستستمر العقوبات على روسيا ما دامت ترفض الأنسحاب منها، وترفض تقديم تعويضات لأوكرانيا عن الحرب و ((الأحتلال)).
عندها لن ينفع روسيا حتى أقدامها على الخطوة التي تجنبتها، خطوة قطع امدادات الغاز والنفط عن إعدائها، فحينها سيكونوا قد تدبروا أمورهم على نحو ما، فيما ستخنق العقوبات روسيا، وتجبرها على التخلي عن المكاسب التي حققتها عام 2014، وتتحول في حال التوصل الى اتفاق يشبه الأستسلام الى دولة أقليمية، لن ينفعها في شيء سلاحها النووي، وربما سترغم على تدميره. لان المبادرة الى استخدام السلاح النووي، وهي الخيار الذي لا خيار من بعده، خطوة مجنونة، لن تسمح بها حتى القيادات العسكرية الروسية، كونها لا تعني سوى فناء شاملا للحياة على سطح هذا الكوكب.
وهكذا يمكن القول أن المحاولة الأولى باتجاه منظومة عالمية متعددة الأقطاب قد جانبت النجاح، وستكون درسا بليغا ربما يستفيد منه العملاق الصيني المغلول، الذي يشارك روسيا ذات الطموح. والذي سيخسر كثيرا بخسارتها.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟