أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - قراءة في رواية ابتهال كسار (تشرين الغريب)















المزيد.....

قراءة في رواية ابتهال كسار (تشرين الغريب)


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 2 - 17:09
المحور: الادب والفن
    


كل رواية أو كتاب اطالعه يزيدني معلومة أو جملة جميلة، أو حكمة اتعلمها من خلال تلك القراءات، ورواية (تشرين الغريب) للروائية ابتهال كسار هو الدرس الذي أفدته من خلال مطالعتي تلك الرواية، والرواية هي تعديل وإضافة معرفية مدعومة بحقائق وقرائن في مجال احداث تظاهرات تشرين عام 2019م. ما يدهشنا في شخصيات الرواية البراءة والبوح وشدَّة المعاناة، فشخصيات الرواية معذبة تكاد تنفلق على نفسها لحدة صراعها مع واقع العراق المؤلم وما يحدث من سطوة القوى الغير منتمية للوطن، همّها الأول المناصب والامتيازات وسرقة المال العام.
على الرغم من الوضع المضطرب الذي يعيشه العراق اليوم، ومن غير الممكن اغفال منجزات شباب شباط وشبات تشرين في تظاهراتهم اليومية التي حققت جزءاً من أهدافهم المعلنة، ومن خلال الدعوة لتغيير حكومة عادل عبد المهدي وقد فعلتها، تلك الحكومة التي استخدمت السلاح وقنابل الغازات المسيلة للدموع ضد المتظاهرين، من خلال قواتها الأمنية وعناصر الميليشيا الموالية لها، فاستخدمت جميع صنوف الاضطهاد من قتل وخطف وتغييب واعتقال داخل أوكارهم السرية. وقد وثَقَّ الكثير من الأدباء والباحثين تلك التظاهرات ومنها كتابي الموسوم (يوميات الانتفاضات الشعبية في بابل "2011-2021" دراسة ميدانية)، ورواية الأديبة ابتهال كسار الموسومة (تشرين الغريب) الصادرة عن مؤسسة ابجد للترجمة والنشر والتوزيع في بابل لهذا العام وبواقع (235) صفحة من الحجم المتوسط ذات الطباعة الراقية والغلاف الجميل والورق الناصع (شامو)، تلك الرواية التي حصلت عليها من الصديق حسين نهابة رئيس مؤسسة أبجد، إلا أن كل منجز لا يكتمل إذا ما لم تصيبهُ بعض الهنّات، اتمنى أن تعالجها مستقبلاً الروائية، منها: الاهتمام بالفارزة بين الجملة، والنقطة في نهاية السطر، ونقص نقاط الشارحة، وتحتاج بعض الجمل إلى إعادة صياغة بشكل افضل. مع هذا الرواية جميلة ومفعمة بالأحداث والتوثيق لتظاهرات تشرين 2019م، والأجمل تسلسل الاحداث والتنقل بين ساحة التحرير وجسر الزيتون في الناصرية وساحات التظاهرات في مدن الفرات الأوسط والمدن الجنوبية.
وتكشف هذه الرواية على مستوى رائع من حضور الشخصيات وفكرة ومضمون ما حدث. إذ تتحدث الروائية كسار عن فصول يوميات انتفاضة تشرين ومشاركة بطلتها مها، مهندسة الحاسوب ذات (29) عاماً مع اخوتها في تلك التظاهرات. كما تنقلنا الروائية كسار بين عناوين فصول الرواية التي تجاوزت (40) عنواناً، بين يوم الجمعة، وعاشق بغداد، وساحة التحرير وزيارتها الأولى للساحة، وما يحدث في منزلها من احوال، وعدم رغبة والدتها للمشاركة في التظاهرات، وتشرين الأبيض، وجسر الزيتون في الناصرية، الطرق المقطوعة، والموصل أم الربيعين، والكثير من عناوين الرواية.
في بداية الرواية هناك حوار بين مها وأمها، وهناك حوار آخر بين مها وزميلتها رزان، وهناك حوار لمها واخوتها (روان، مصطفى، أحمد) حول اهمية مشاهدتهم لأفلام الكارتون عبر التلفاز واختيار الافضل، فتتحدث الروائية في ص19 عن معنى كلمة (كبرت) في مجتمعاتنا أي تقول بمعنى (العمر البايولوجي سوف يمضي، لا تسمح لروحك أن تمضي معه لأنها لن تعود). وفي ص20 تؤكد الروائية على الوضع العام في مركز العاصمة بغداد، من تقطيعها بالحواجز الكونكريتية، وكثرة نقاط التفتيش العسكرية، ووضع المطبات الصناعية، وهذا حال جميع مدننا العراقية، ففي الرواية توثق الروائية هذا الواقع المر لما تمر به مدننا الحزينة الكئيبة.
ثم تؤكد الروائية في ص21 من الرواية حول حبها وعشقها للعاصمة بغداد قائلة: (ملعون من سرق بريقك بغدادي، لا أسكنه الله فسيح جنانه؛ من العصور الغابرة إلى يومنا الحاضر). هذه اللعنة قد وجهها جميع الشرفاء الذين يدعون بها لما حلَّ بمدننا من بؤس وخراب وتدمير.
اعتقد الرواية هي عبارة عن سيرة ذاتية للروائية، فتذكر الروائية في بداية صفحاتها كيفية التحاقها بالمتظاهرين ومخيمات المتظاهرين في ساحة التحرير دون علم أهلها، وتحدد الروائية ذلك في بداية تشرين الأول من عام 2019م، وهو تاريخ انطلاق التظاهرات المنادية بهتافات المتظاهرين (نريد وطن)، أي نريد أن يعود وطننا المسروق من قبل قوى الإسلام السياسي بدعم أمريكي ودول الجوار.
وتعلق الروائية عن اعتزازها بنهر دجلة وماؤه في ص22 تقول (لم يكن من عادتي ولم يعجبني ابداً أن ارمي بالحصى على هذا النهر العاشق الوديع المسالم، برغم من حبي للحلقات الاهتزازية التي تتشكل من ارتطام الحصى بسطح النهر). وقد وصفت الروائية في ص25 ساحة التحرير بشكل مفصّل، وما حدث بين المتظاهرين من تآلف وتعاون وانسجام، وتوفير ربات البيوت الطعام لهم. وفي ص26 تذكر الروائية تفصيل جميل لنصب الحرية وهو من اعمال الفنان جواد سليم، وماذا يعني كل جزء من النصب.
وفي ص27 توثق الروائية الهتافات التي ارتفعت عبرَّ حناجرهم في ساحات التظاهرات والحراك الشعبي في العاصمة بغداد والنجف والناصرية والمحافظات الجنوبية. فضلاً عن دور الاسعافات الأولية والطبابة والأطباء والممرضين المتطوعين لإسعاف المتظاهرين المصابين، وتوصف الروائية موقف قوات مكافحة الشغب في الساحة واطلاقهم الرصاص المطاطي وقنال الغازات المسيلة للدموع في ساعات الصباح الأولى، فضلاً عن كيفية معالجة الشباب لتلك القنابل والغازات السامة من خلال مزج الخميرة والماء وغسل العيون.
اجمل ما في الرواية الحوار الذي دار بين مها وبين امرأة خمسينية ترتدي غطاء الرأس الشيلة السوداء، فذكرت الحوار في ص30 وما بعدها. فضلاً عن الوصف الدقيق للمسعفات وطرق معالجتهن للمصابين، ووصف ما يدور في الخيم من تقديم الطعام والشراب والراحة للمتظاهرين من قبل النساء. أما دور وسائل الاعلام والمصورين فتؤكد الروائية على دورهم المهم في نقل المعلومة الصادقة عدا وسائل الاعلام الحكومية ومن تبعها. كما تنقل بشكل مفصل لقاءات هذه الوسائل الاعلامية بالناشطين في التظاهرات ومطالبهم ومواقفهم من حكومة عادل عبد المهدي. اضافة إلى الوصف الجميل لتشييع أحد شهداء تظاهرات تشرين من خلال نقله بسيارة كوستر ليمر بالمكان الذي سقط فيه شهيداً وهذه وصيته.
وقد تميزت فصول الرواية بملامح جعلتها تختلف عن ما طالعته من روايات؛ بدءاً بتطور لغة الروائية التي مالت إلى التركيز والابتعاد عن الانشائية، كما يتجلى هذا التطور في استخدام الرواية ابتهال كسار للهجة العراقية العامية في الحوار لبعض النصوص، مما اضفى على الرواية جواً محلياً متميزاً زاد من أثرها على القارئ، كما فاقت الرواية من بعض الجملة التي تعتبر من الحكمة، حيث التركيز والتحليل، واعتقد الرواية هي سيرة حياة الروائية ودورها في انتفاضة تشرين كما ذكرت ذلك سابقاً، والتي تنتمي لعائلة بغدادية شديدة التعلق بأفرادها، والقارئ للرواية يجد آثار الكُتّاب الواقعيين الاجتماعيين، والتي ترى في البيئة والمجتمع عاملين هامين في تحديد تطلعات الإنسان وتفكيره لمستقبل البلد.
لذلك اتسمت الرواية بالواقعية، عبرَّ نقل الواقع بفعل تأثر الروائية بالواقع السياسي والاجتماعي، منطلقة من اتجاه علماني يقترح الحلول في معالجة ما يحدث من فساد وسرقة للمال العام وانتشار البطالة بين الشباب. كما ترى الروائية في الاخلاص للوطن حلاً لمشاكل البلد.
وتنقلنا الروائية في ص68 إلى موقف المرأة العراقية الداعم للتظاهرات مادياً ومعنوياً، فضلاً عن أن هناك اشخاص غير جادين في دعم التظاهرات. اضافة إلى الضغوط التي مارستها الجهات السياسية والميليشياوية لهجرة وتهجير بعض الشباب إلى خارج العراق بسبب التهديد والوعيد لهم عبر وسائلهم الخاصة. ومن خلال الحوار الذي دار بين بطلة الرواية مها وزميلتها أو صديقتها رزان حول هجرة صديقتها ندى بسبب التهديد الذي وصلها، فتذكر الروائية ذلك قائلة: (في الظاهر العالم يتقدم، وفي الباطن تراجع انساني فضيع وبشع، لقد فاقوا كل المحتلين، استقبلت رزان الخبر بدموع لم تتوقف منذ البارحة، بعد أن اخبرتها أن زائر الليل الشاب مجهول الاسم والهوية قد غادر أيضاً، اختار منفاه بنفسه من قساوة الأقدار).
من هذا نجد الروائية ابتهال كسار قد كتبت روايتها بضمير المتكلم، وهو الضمير ذو السيادة المطلقة في منجزها (تشرين غريب)، وتعبر فيها عن دور الشباب في الانتفاضات الشعبية والتظاهرات، وتعني في نهاية الرواية إلى هجرة الأحبة خسارة كبيرة للأصدقاء والوطن، وتوصف بقسوة الانسان وتوحشه، فمعاناة الروائية في روايتها يمكن أن تعاني منها أي شابة أو شاب عراقي عاش في العراق بعد عام 2003م، في ظل التدهور الاقتصادي والاجتماعي والامني، واستشراء الفساد وسرقة المال العام. لكن الروائية تتحدث عن رحمٍ دامٍ بعيد هو الوطن؛ هو العراق، وكوننا متلقين عراقيين مما تجعلنا الروائية أن ندرك أننا نتقلب في بلدٍ عبارة عن فوضى، لم يحقق الشباب فيه احلامهم بين الاستقرار والعمل والأمان والانتماء، كل ذلك يؤكد على خسارة المستقبل في بلادك بأكمله وإلى الابد.
لكن معضلة الروائية الاساسية المستعصية على كل حال هي معاناتها الموجودة التي لا تنقطع، مراهنة على قبضة الطغيان المتمثل بالأحزاب الحاكمة، ليحظى من تبقى بفرص العيش المنعَّم والسلام والطمأنينة.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحنين إلى نجمة وتمائم حميد سعيد
- نصير الحسيني سيرة وشواهد في دروب الإبداع
- أحمد سالار أيقونة المسرح الكُردي
- أحمد الناجي وبواكير النهضة النسوية في العراق
- الحياة الثقيلة التي ادركت الروائي سلام إبراهيم منتصف العمر
- قراء في كتاب نصير الحسيني (سلسال الكلام)
- صور ناطقة
- علي الحسيني أديباً وباحثاُ
- تاريخ الصحافة في محافظة الديوانية 1920-2010م
- العلاقة الجديلة بين الزمن والوعي الإنساني
- المسرح العراقي في وثائق دائرة السينما والمسرح
- في ذمة الله مؤلف تاريخ الحوزة العلمية في الحلة
- قراءة في كتاب الناقد التشكيلي صلاح عباس (بشير مهدي فن اللوعة ...
- البسطيات والباعة المتجولين في مدينة الديوانية
- كتابي الصادر بعنوان (المسيحيون في العراق بين عراقة التاريخ و ...
- ما هكذا تورد الإبل يا سلمان
- عطشان ضيول ودوره في تنظيمات القوات المسلحة (الحلقة الثالثة)
- عطشان ضيول ودوره في تنظيمات القوات المسلحة (الحلقة الثانية)
- عطشان ضيول ودوره في تنظيمات القوات المسلحة (1-3) (الحلقة الأ ...
- قائد الأمة الكوردية الملا مصطفى البرزاني


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - قراءة في رواية ابتهال كسار (تشرين الغريب)